الربط الروسي فقد أعطى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الضوء الأخضر يوم الجمعة لنشر ما يصل إلى 16 ألف متطوع من الشرق الأوسط للقتال في أوكرانيا، وذلك تعليقاً على إعلان وزير دفاعه سيرغي شويغو وجود هذا العدد من المقاتلين الذين يريدون القدوم للقتال إلى جانبهم، وذلك خلال اجتماع مجلس الأمن القومي الروسي.
ومن المؤكد أن الجزء الأكبر من هؤلاء المرتزقة سيكون من السوريين، إذا تتواتر الأخبار والمعلومات عن بدء الروس، عبر شركة الخدمات الأمنية فاغنر، بالتجهيز لعمليات تجنيد العناصر الذين يمتلكون خبرة في قتال المدن وحروب العصابات، والتي اكتسبوها عبر مشاركتهم إلى جانب قوات النظام في حربها ضد السوريين.
ويقول في تصريح لـ"أورينت نت": هذا التوجه على دلالاته العسكرية المهمة والتي يمكن اختصارها بأن الجيش الروسي يعاني في العمليات العسكرية، إلا أن له دلالات سياسية عديدة، على رأسها تكريس الشمولية السياسية التي يعتمدها بوتين ونظامه في الدبلوماسية الخارجية، حيث يوظف كل الملفات التي تؤثر فيها موسكو أو تمتلكها لخدمة كل الملفات الأخرى وبوقت متزامن.
لكن العكيدي، وهو عقيد منشق عن جيش النظام، يستدرك بالقول: "إن موسكو ربما تكون ارتكبت خطأ فادحاً حين بادرت للربط بين ملفي سوريا وأوكرانيا، لأن ذلك سيشجع الولايات المتحدة والغرب، أو هكذا يجب، على إعادة النظر بموقفهم من القضية السورية، والانتقال من إستراتيجية فرض الجمود إلى التنشيط، وقد يشمل ذلك تقديم الدعم لفصائل المعارضة من أجل استئناف القتال ضد النظام وحلفائه، بما فيهم الروس.
ويؤيد العكيدي فيما يذهب إليه الكاتبُ والمحلل السياسي باسل معراوي الذي يرى أن تصويت نظام أسد لصالح تأييد الغزو الروسي في الجمعية العامة، يكرّس حقيقته كذراع لروسيا، ما سيجعل الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي يعيدون النظر في التوجه نحو الانفتاح عليه والسماح بإعادة التطبيع معه.
ويشير معراوي في حديث لـ"أورينت نت" إلى أن الاهتمام الأمريكي والدولي سبق ذلك بالأصل، وتزامن مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث شهدنا إعلان السفارة الأمريكية بدمشق أن شهر آذار هو شهر تفعيل المحاسبة ضد نظام أسد، وتم قبل أيام إعادة تفعيل ملف الأسلحة الكيماوية واتهام النظام بعدم الوفاء بالتزاماته على هذا الصعيد، مع طلب زيارة تفتيشية لموقعي جمرايا وبرزة في محيط العاصمة دمشق.
إلا أنه ينبّه إلى أن من ربط الملف هم الروس أنفسهم عندما حضر وزير دفاعهم سيرغي شويغو إلى سوريا لإطلاق مناورات بحرية قبل بدء الحرب بيومين، لتوجيه رسالة للناتو أننا حاضرون في خاصرتكم.
وفيما يتعلق بإمكانية استئناف الدعم العسكري للمعارضة فإن معراوي يرى أن الحديث عن هذا الخيار سابق لأوانه الآن "لأن ذلك متعلق بمسارات الحرب الاوكرانية وتداعياتها ومفاجآتها".
ومن الواضح أن كييف تسعى لإلحاق المتاعب بروسيا في كل مكان وعلى مختلف الصعد من أجل تخفيف الضغط عليها وإشغال النظام الروسي بمشكلات تساهم في جسر هوة الفوارق بين الجانبين.
ولذلك "فإن من صالح أوكرانيا بالتأكيد استئناف القتال في سوريا التي تعتبر ثاني أهم مكان بالنسبة لروسيا حالياً" كما يقول عبد الجبار العكيدي.
ويضيف: “لكن على أرض الواقع لا يبدو أن هناك من يستجيب لهذه المساعي، إلا أن الضغط على روسيا في الملف السوري يمكن أن يكون في ميادين أخرى غير عسكرية، مثل تشديد العقوبات على النظام، واستئناف عملية عزله، والبدء بإجراءات نقل ملف جرائمه للمحاسبة بالفعل، ما سيعني خسارة روسيا لفاعلية أحد أذرعها المهمة”.
ولا يبدو أن ذلك غير مفيد بالنسبة للأوكرانيين الذين ركزوا طيلة الوقت الماضي على الربط بين ما يرتكبه الجيش الروسي من جرائم في بلادهم مع ما ارتكبه في سوريا، حيث شدّد زيلينيسكي على أن روسيا تكرر ما فعلته في حلب وغيرها بمدن بلاده، مطالباً باتخاذ إجراءات فعالة ضد ذلك، كما لم يتوانَ الإعلام الأوكراني في عرض أسماء وصور قتلى من ضباط الجيش الروسي سقطوا في أوكرانيا بعد أن سبق لهم القتال في سوريا.
ويبدو ذلك، من وجهة نظر العكيدي، دغدغة إضافية لمشاعر السوريين الحاقدين على نظام بوتين، ويفتح الباب لاستقطابهم من أجل التصدي للقوات الروسية في أوكرانيا، وهنا "فمقابل كل مرتزق سوري يذهب للقتال إلى جانب الجيش الروسي سيوجد مئة مقاتل سوري جاهزين للتطوع بدون مقابل من أجل الانتقام من جرائم هذا الجيش وما فعله بأهله في سوريا" يقول العكيدي.
ولا ينحصر ذلك بالمجال العسكري بطبيعة الحال، بل يشمل، حسب المراقبين، ميادين الدبلوماسية والاقتصاد والحقوق، وقبل ذلك والأهم، عودة القضية السورية للحضور على طاولة الاهتمام الدولي بعد أن غابت أو خَفَت ظهورها خلال السنوات الأخيرة الماضية، وهو ما يجب على قوى المعارضة استغلاله على أكمل وجه.
وهنا يرى معراوي أن "الحدث الأوكراني جعل نظام أسد ليس معزولاً دولياً فحسب، بل إن حليفيه الصلبين، إيران وروسيا الذين يرزحان تحت العقوبات القصوى ويوجد بينهما خلاف عميق حالياً بسبب عرقلة روسيا للاتفاق النووي ورغبة إيران بالتوقيع بأسرع وقت ممكن، أمر سيضعفه أكثر.
ويقول بهذا الصدد: "ما يتوجب على المعارضة السورية فعله حالياً هو تكثيف الاتصالات الدولية وتقديم القضية السورية كقضية شعب يطالب بالحرية وطرد المحتل نفسه الذي يحتل الأراضي الأوكرانية ويرتكب المجازر التي ارتكب أضعافها في سوريا.
ويضيف: إن اظهار الانحياز الإعلامي والمبدئي طبعاً لقضية الشعب الأوكراني مفيد جداً الآن، لأن القضية الأوكرانية تلقى تعاطفاً شعبياً ورسمياً عالمياً، وهذا سيدمّر الدعاية التي حاول النظام الروسي وحلفاؤه تقديم الثورة السورية من خلالها كمجموعات إرهابية جاء لمحاربتها.
من جانبه يرى العكيدي، أنه وبالإضافة إلى ما ذكره معراوي، فإن أهم ما كسبه السوريون من الحدث الأوكراني هو فتح عيون العالم وخاصة الغرب على أهمية موقع سوريا الجيوستراتيجي من جديد، بعد أن اعتقدوا أنها لا تعنيهم، وارتكبوا خطأ فادحاً في التخلّي عنها لصالح روسيا التي باتت تبتزّهم فيها وتستفيد بشكل كبير من سيطرتها على أكثر من سبعين بالمئة من مساحتها التي عادت للنظام بعد تدخلها العسكري المباشر إلى جانبه.
وعليه يعتقد أن من واجب قوى المعارضة العسكرية أن تعيد ترتيب صفوفها بشكل جدّي ومنظم هذه المرة استعداداً لكل الاحتمالات، لأن الروس إذا هُزموا في أوكرانيا فسيحاولون رد اعتبارهم بسوريا، وإذا انتصروا فسيكون لديهم حماسة لاستئناف عملياتهم أيضاً، ففي كلتا الحالتين من المرجح أن تشتعل الجبهة السورية بشرارة من موسكو، وعندها لن يبقى الموقف الغربي ولا حتى التركي كما هو عليه الآن، لذا يجب أن نكون مستعدين عسكرياً.
----------
اورينت نت
ومن المؤكد أن الجزء الأكبر من هؤلاء المرتزقة سيكون من السوريين، إذا تتواتر الأخبار والمعلومات عن بدء الروس، عبر شركة الخدمات الأمنية فاغنر، بالتجهيز لعمليات تجنيد العناصر الذين يمتلكون خبرة في قتال المدن وحروب العصابات، والتي اكتسبوها عبر مشاركتهم إلى جانب قوات النظام في حربها ضد السوريين.
ويرى المحلل العسكري والإستراتيجي عبد الجبار العكيدي أن إعلان موسكو استقدام مرتزقة للقتال إلى جانب الجيش الروسي في أوكرانيا من الشرق الأوسط، وتحديداً من سوريا، يعني بشكل غير مباشر القول إن ملف البلدين باتا في درج واحد يمتلك بوتين مفتاحه.
ويقول في تصريح لـ"أورينت نت": هذا التوجه على دلالاته العسكرية المهمة والتي يمكن اختصارها بأن الجيش الروسي يعاني في العمليات العسكرية، إلا أن له دلالات سياسية عديدة، على رأسها تكريس الشمولية السياسية التي يعتمدها بوتين ونظامه في الدبلوماسية الخارجية، حيث يوظف كل الملفات التي تؤثر فيها موسكو أو تمتلكها لخدمة كل الملفات الأخرى وبوقت متزامن.
لكن العكيدي، وهو عقيد منشق عن جيش النظام، يستدرك بالقول: "إن موسكو ربما تكون ارتكبت خطأ فادحاً حين بادرت للربط بين ملفي سوريا وأوكرانيا، لأن ذلك سيشجع الولايات المتحدة والغرب، أو هكذا يجب، على إعادة النظر بموقفهم من القضية السورية، والانتقال من إستراتيجية فرض الجمود إلى التنشيط، وقد يشمل ذلك تقديم الدعم لفصائل المعارضة من أجل استئناف القتال ضد النظام وحلفائه، بما فيهم الروس.
ويؤيد العكيدي فيما يذهب إليه الكاتبُ والمحلل السياسي باسل معراوي الذي يرى أن تصويت نظام أسد لصالح تأييد الغزو الروسي في الجمعية العامة، يكرّس حقيقته كذراع لروسيا، ما سيجعل الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي يعيدون النظر في التوجه نحو الانفتاح عليه والسماح بإعادة التطبيع معه.
ويشير معراوي في حديث لـ"أورينت نت" إلى أن الاهتمام الأمريكي والدولي سبق ذلك بالأصل، وتزامن مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث شهدنا إعلان السفارة الأمريكية بدمشق أن شهر آذار هو شهر تفعيل المحاسبة ضد نظام أسد، وتم قبل أيام إعادة تفعيل ملف الأسلحة الكيماوية واتهام النظام بعدم الوفاء بالتزاماته على هذا الصعيد، مع طلب زيارة تفتيشية لموقعي جمرايا وبرزة في محيط العاصمة دمشق.
إلا أنه ينبّه إلى أن من ربط الملف هم الروس أنفسهم عندما حضر وزير دفاعهم سيرغي شويغو إلى سوريا لإطلاق مناورات بحرية قبل بدء الحرب بيومين، لتوجيه رسالة للناتو أننا حاضرون في خاصرتكم.
وفيما يتعلق بإمكانية استئناف الدعم العسكري للمعارضة فإن معراوي يرى أن الحديث عن هذا الخيار سابق لأوانه الآن "لأن ذلك متعلق بمسارات الحرب الاوكرانية وتداعياتها ومفاجآتها".
الربط الأوكراني
تتفق وجهات النظر إذن على أن موسكو أخطأت التقدير في لجوئها إلى الربط الفجّ بين الجبهتين السورية والأوكرانية، مع عدم إغفال أن الروس يعوّلون بالتأكيد على اتفاقاتهم وتفاهماتهم المسبقة مع تركيا، وموقف أنقرة غير التصعيدي ضدهم حتى الآن من أجل الحفاظ على الميدان هادئاً حتى لو امتلك الغرب خططاً مغايرة، وهنا يبدو أن القيادية الأوكرانية تحاول تغيير المعطيات.ومن الواضح أن كييف تسعى لإلحاق المتاعب بروسيا في كل مكان وعلى مختلف الصعد من أجل تخفيف الضغط عليها وإشغال النظام الروسي بمشكلات تساهم في جسر هوة الفوارق بين الجانبين.
ولذلك "فإن من صالح أوكرانيا بالتأكيد استئناف القتال في سوريا التي تعتبر ثاني أهم مكان بالنسبة لروسيا حالياً" كما يقول عبد الجبار العكيدي.
ويضيف: “لكن على أرض الواقع لا يبدو أن هناك من يستجيب لهذه المساعي، إلا أن الضغط على روسيا في الملف السوري يمكن أن يكون في ميادين أخرى غير عسكرية، مثل تشديد العقوبات على النظام، واستئناف عملية عزله، والبدء بإجراءات نقل ملف جرائمه للمحاسبة بالفعل، ما سيعني خسارة روسيا لفاعلية أحد أذرعها المهمة”.
ولا يبدو أن ذلك غير مفيد بالنسبة للأوكرانيين الذين ركزوا طيلة الوقت الماضي على الربط بين ما يرتكبه الجيش الروسي من جرائم في بلادهم مع ما ارتكبه في سوريا، حيث شدّد زيلينيسكي على أن روسيا تكرر ما فعلته في حلب وغيرها بمدن بلاده، مطالباً باتخاذ إجراءات فعالة ضد ذلك، كما لم يتوانَ الإعلام الأوكراني في عرض أسماء وصور قتلى من ضباط الجيش الروسي سقطوا في أوكرانيا بعد أن سبق لهم القتال في سوريا.
ويبدو ذلك، من وجهة نظر العكيدي، دغدغة إضافية لمشاعر السوريين الحاقدين على نظام بوتين، ويفتح الباب لاستقطابهم من أجل التصدي للقوات الروسية في أوكرانيا، وهنا "فمقابل كل مرتزق سوري يذهب للقتال إلى جانب الجيش الروسي سيوجد مئة مقاتل سوري جاهزين للتطوع بدون مقابل من أجل الانتقام من جرائم هذا الجيش وما فعله بأهله في سوريا" يقول العكيدي.
انعكاسات الربط
وإذا كانت الآراء تتفق على أن روسيا أخطأت غالباً في ربطها بين الملفين السوري والأوكراني على هذا النحو، فإن مجالات الاستفادة التي يمكن أن يجنيها السوريون من هذا الواقع الإستراتيجي الجديد تبدو واسعة بالفعل.ولا ينحصر ذلك بالمجال العسكري بطبيعة الحال، بل يشمل، حسب المراقبين، ميادين الدبلوماسية والاقتصاد والحقوق، وقبل ذلك والأهم، عودة القضية السورية للحضور على طاولة الاهتمام الدولي بعد أن غابت أو خَفَت ظهورها خلال السنوات الأخيرة الماضية، وهو ما يجب على قوى المعارضة استغلاله على أكمل وجه.
وهنا يرى معراوي أن "الحدث الأوكراني جعل نظام أسد ليس معزولاً دولياً فحسب، بل إن حليفيه الصلبين، إيران وروسيا الذين يرزحان تحت العقوبات القصوى ويوجد بينهما خلاف عميق حالياً بسبب عرقلة روسيا للاتفاق النووي ورغبة إيران بالتوقيع بأسرع وقت ممكن، أمر سيضعفه أكثر.
ويقول بهذا الصدد: "ما يتوجب على المعارضة السورية فعله حالياً هو تكثيف الاتصالات الدولية وتقديم القضية السورية كقضية شعب يطالب بالحرية وطرد المحتل نفسه الذي يحتل الأراضي الأوكرانية ويرتكب المجازر التي ارتكب أضعافها في سوريا.
ويضيف: إن اظهار الانحياز الإعلامي والمبدئي طبعاً لقضية الشعب الأوكراني مفيد جداً الآن، لأن القضية الأوكرانية تلقى تعاطفاً شعبياً ورسمياً عالمياً، وهذا سيدمّر الدعاية التي حاول النظام الروسي وحلفاؤه تقديم الثورة السورية من خلالها كمجموعات إرهابية جاء لمحاربتها.
من جانبه يرى العكيدي، أنه وبالإضافة إلى ما ذكره معراوي، فإن أهم ما كسبه السوريون من الحدث الأوكراني هو فتح عيون العالم وخاصة الغرب على أهمية موقع سوريا الجيوستراتيجي من جديد، بعد أن اعتقدوا أنها لا تعنيهم، وارتكبوا خطأ فادحاً في التخلّي عنها لصالح روسيا التي باتت تبتزّهم فيها وتستفيد بشكل كبير من سيطرتها على أكثر من سبعين بالمئة من مساحتها التي عادت للنظام بعد تدخلها العسكري المباشر إلى جانبه.
وعليه يعتقد أن من واجب قوى المعارضة العسكرية أن تعيد ترتيب صفوفها بشكل جدّي ومنظم هذه المرة استعداداً لكل الاحتمالات، لأن الروس إذا هُزموا في أوكرانيا فسيحاولون رد اعتبارهم بسوريا، وإذا انتصروا فسيكون لديهم حماسة لاستئناف عملياتهم أيضاً، ففي كلتا الحالتين من المرجح أن تشتعل الجبهة السورية بشرارة من موسكو، وعندها لن يبقى الموقف الغربي ولا حتى التركي كما هو عليه الآن، لذا يجب أن نكون مستعدين عسكرياً.
----------
اورينت نت