يظهر على نحو لا لبس فيه أن النظام غير عابئ بكل كلام سياسي لا يمكن له توظيفه في معركة الحسم العسكري. ويظهر أن المعارضة، خصوصاً «الائتلاف»، لا تزال تتلمس الطريق السياسي، وتتعثر بالهفوات والارتجال والانفعال.
النظام يعرف بدقة نقاط الضعف في المعارضة، المدنية والمسلحة، ويسعى إلى استثمار أي منها، في استراتيجيته القائمة على الإنهاك الميداني للخصم ولبيئته، من أجل الحفاظ على الأمر الواقع السياسي.
لقد عكست اجتماعات القاهرة لـ «الائتلاف»، وبيانها، أن هذه المعارضة لم تصل بعد إلى مرحلة الاتفاق على تنظيم نفسها ووضع خطة طريق واضحة وشاملة وذات صدقية، تكون صورة لما يمكن أن يكون عليه المستقبل السوري بعد سقوط النظام.
لقد وافق المجتمعون على بيان عام يكرر تصاريح سابقة لكل منهم. في حين اعتبر بعضهم أن الإنجاز الكبير هو في التوافق على رفض الحوار مع النظام وأركانه! أما وسائل إدارة الصراع، سياسياً وعسكرياً وإنسانياً، فلن توفرها تلك الوعود بتشكيل حكومة في الأراضي المحررة. وقد لا يكون أحد من المجتمعين مصدقاً لمثل هذا التشكيل قريباً، بدليل رد الفعل الطفولي على القصف الصاروخي على حلب، وإعلان مقاطعة «مؤتمر أصدقاء سورية» وعدم تلبية دعوات لزيارة عواصم مؤثرة في النزاع. فإذا كانت هذه طبيعة التعامل مع «الأصدقاء» والمناسبات التي يمكن الترويج فيها لخريطة عمل المعارضة، فكيف سيكون التعامل مع المعطيات الداخلية الكثيرة والمتشعبة، من النواحي العسكرية والمعيشية والإغاثية الخ...؟ ناهيك عن الصورة التي يمكن أن تعطيها المعارضة عن نفسها، أمام جمهورها، كبديل عن النظام الذي تحاربه؟
في المقابل، يرفع النظام سقف القتل لإخضاع هذا الجمهور، مستفيداً من الثغرات في عمل المعارضة. إذ إن اللجوء إلى الصواريخ البعيدة المدى، كما يفعل حالياً، لا يستجيب لأي ضرورة عسكرية، في مواجهة «عصابات مسلحة»، كما يقول النظام. فهذه الصواريخ التي تم تصنيعها في إطار النظرية العسكرية السوفياتية بهدف إحداث أكبر قدر من الدمار في جبهة قتال عسكرية، تتميز بأنها عمياء وغير دقيقة التصويب لكنها تحمل شحنات تدميرية هائلة. واستخدامها قد يكون مفيداً في مواجهة بين جيشين ولإرباك الخطوط الخلفية للعدو. لكن إطلاقها على هذا النحو على المدن والمناطق السكنية، يعني الاستفادة القصوى من عشوائيتها وقدرتها التدميرية فحسب. فهي تقتل أعداداً كبيرة من المدنيين وتجعل الناجين تحت رحمة التهديد بتلقيهم المزيد منها في أي لحظة، وتالياً دب الرعب في نفوسهم وإجبارهم على قبول الأمر الواقع.
هكذا يفاوض النظام بصواريخ «سكود»، وليس بالسياسة. صحيح أن هذا النهج التفاوضي دشنه النظام بقنص المتظاهرين أولاً واعتقال من تصل إليه يداه منهم، ومن ثم بقصف الدبابات والمدفعية الثقيلة ومن ثم بالبراميل الحارقة والغارات الجوية. لكن اللجوء إلى الصواريخ البعيدة المدى وإنزال الخسائر الكبيرة بين المدنيين يعني أن النظام لم يعد يخفي أن «انتصاره» الذي يبشر به رئيسه يقتضي قتل أكبر عدد من الناس وتدمير أوسع مساحة عمرانية...
لقد عكست اجتماعات القاهرة لـ «الائتلاف»، وبيانها، أن هذه المعارضة لم تصل بعد إلى مرحلة الاتفاق على تنظيم نفسها ووضع خطة طريق واضحة وشاملة وذات صدقية، تكون صورة لما يمكن أن يكون عليه المستقبل السوري بعد سقوط النظام.
لقد وافق المجتمعون على بيان عام يكرر تصاريح سابقة لكل منهم. في حين اعتبر بعضهم أن الإنجاز الكبير هو في التوافق على رفض الحوار مع النظام وأركانه! أما وسائل إدارة الصراع، سياسياً وعسكرياً وإنسانياً، فلن توفرها تلك الوعود بتشكيل حكومة في الأراضي المحررة. وقد لا يكون أحد من المجتمعين مصدقاً لمثل هذا التشكيل قريباً، بدليل رد الفعل الطفولي على القصف الصاروخي على حلب، وإعلان مقاطعة «مؤتمر أصدقاء سورية» وعدم تلبية دعوات لزيارة عواصم مؤثرة في النزاع. فإذا كانت هذه طبيعة التعامل مع «الأصدقاء» والمناسبات التي يمكن الترويج فيها لخريطة عمل المعارضة، فكيف سيكون التعامل مع المعطيات الداخلية الكثيرة والمتشعبة، من النواحي العسكرية والمعيشية والإغاثية الخ...؟ ناهيك عن الصورة التي يمكن أن تعطيها المعارضة عن نفسها، أمام جمهورها، كبديل عن النظام الذي تحاربه؟
في المقابل، يرفع النظام سقف القتل لإخضاع هذا الجمهور، مستفيداً من الثغرات في عمل المعارضة. إذ إن اللجوء إلى الصواريخ البعيدة المدى، كما يفعل حالياً، لا يستجيب لأي ضرورة عسكرية، في مواجهة «عصابات مسلحة»، كما يقول النظام. فهذه الصواريخ التي تم تصنيعها في إطار النظرية العسكرية السوفياتية بهدف إحداث أكبر قدر من الدمار في جبهة قتال عسكرية، تتميز بأنها عمياء وغير دقيقة التصويب لكنها تحمل شحنات تدميرية هائلة. واستخدامها قد يكون مفيداً في مواجهة بين جيشين ولإرباك الخطوط الخلفية للعدو. لكن إطلاقها على هذا النحو على المدن والمناطق السكنية، يعني الاستفادة القصوى من عشوائيتها وقدرتها التدميرية فحسب. فهي تقتل أعداداً كبيرة من المدنيين وتجعل الناجين تحت رحمة التهديد بتلقيهم المزيد منها في أي لحظة، وتالياً دب الرعب في نفوسهم وإجبارهم على قبول الأمر الواقع.
هكذا يفاوض النظام بصواريخ «سكود»، وليس بالسياسة. صحيح أن هذا النهج التفاوضي دشنه النظام بقنص المتظاهرين أولاً واعتقال من تصل إليه يداه منهم، ومن ثم بقصف الدبابات والمدفعية الثقيلة ومن ثم بالبراميل الحارقة والغارات الجوية. لكن اللجوء إلى الصواريخ البعيدة المدى وإنزال الخسائر الكبيرة بين المدنيين يعني أن النظام لم يعد يخفي أن «انتصاره» الذي يبشر به رئيسه يقتضي قتل أكبر عدد من الناس وتدمير أوسع مساحة عمرانية...