وسائل الإعلام الموالية تحركت لتستوعب "غضب الشارع السوري" الذي تجسّد بشكل واضح على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. ومن خلال التصريحات، فإن الحكومة السورية أشارت إلى أنها ستنتظر الطبيعة لإيجاد حل للأزمة، حيث صرحت وزارة الزراعة السورية بأن المنخفض الجوي الذي سيضرب البلاد في الأيام القادمة سيكون كفيلاً بحل مشكلة الجراد وتطويق انتشاره، متجاهلةً الكوارث والخسارات الاقتصادية التي قد يتعرض لها الفلاحين خلال مرور أسراب الجراد في هذه الأيام.
ليس ذلك وحسب، بل إن حكومة النظام السوري نفت عبر بيان رسمي صادر عن وزارة الزراعة صحة المقاطع المصورة والصور التي وثّقها الفلاحون من محافظات شرق سوريا عن الأضرار التي خلفها الجراد في حقولهم واعتبرتها مفبركة، وأصرّت على رواية واحدة: أسراب الجراد التي مرت هي بالغة ومنخفضة التغذية ولا تسبب أي أضرار على المحاصيل. علماً أن الفلاحين قاموا بالتواصل مع الجهات المعنية في وزارة الزراعة ليطلبوا تزويدهم بالمبيدات الحشرية اللازمة لمكافحة الجراد، إلا أن المندوبين بالوزارة تجاهلوهم.
ويقول أحد المزارعين في منطقة البوكمال ل"المدن": "عندما بدأت أسراب الجراد بالدخول إلى مزارعنا، عرفنا من خبرتنا بأشكال الجراد أنه من النوع الصحرواي الخطير، فهو معروف بشراهته للأكل. حينها تواصلنا مع المعنيين في وزراة الزارعة لمساعدتنا في مكافحة الجراد بأقصى سرعة، إلا أنهم كانوا على إصرار أن هذا الجراد ليس من النوع الصحراوي ولا يشكل خطورة".
ويضيف "عندما تكررت الشكاوى من قبل المزارعين أخبرونا بأنهم يعملون على مكافحتها على الخطوط الحدودية لمنع انتشارها في باقي المحافظات السورية، وأنه يتوجب علينا التعاون معهم لمكافحتها دون أن يقدموا لنا العون".
ظل موضوع انتشار الجراد في المناطق الشرقية قيد التعتيم الإعلامي، ومن دون أي اهتمام قبل أن تصل أسراب الجراد إلى العاصمة دمشق وريفها، لتنتشر بعدها مئات المقاطع والصور التي توثق الأمر مرفقة بتعليقات غاضبة.
حينها قام المكتب الصحافي لوزراة الزراعة بنشر تصريحات يبرر فيها تقصيره، إذ قال معاون مدير الوقاية في وزارة الزراعة السورية حازم الزيلع إن مرور مجموعات من الجراد الصحراوي فوق دمشق هو محدود جداً وقد لا يُسجَّل أي تأثير له، وهو غالباً مجرد مرور عابر.
المرور العابر الذي تحدث عنه الزيلع، تسبب بخسائر فادحة في محاصيل المزارعين في غوطة دمشق. تواصلت "المدن" مع أحد المزارعين في غوطة دمشق الذي شرح عن الأضرار التي طالت المنطقة نتيجة مرور أسراب الجراد موضحاً أنه يملك خمسة بساتين للكرز، و"قد أكل الجراد كافة الأشجار فيها".
ويضيف "لقد ضُرب محصول الكرز بالنسبة لي هذا العام. وهذه ليست المرة الأولى، فالعام الفائت عانينا من هجوم الجراد على محاصلينا ولم تعوضنا الدولة على الإطلاق، ولا أظن أنه سيتم تعوضينا هذه المرة أيضاً. الإجراء الوحيد الذي قد يتخذونه هو محاسبتنا عند ارتفاع سعر الكرز، ونعتنا بتجار الأزمة وتحميلنا مسؤولية غلاء الأسعار".
ليس المزارعين فقط من تأثروا بهجوم الجراد، فمع غزو الجراد للمدن، أصبح المواطنون خائفين من مغادرة منازلهم أو حتى فتح نوافذهم كي لا يدخل منها الجراد. إضافةً إلى أن القاطنين في بيوت المناطق العشوائية أو في البيوت العربية القديمة قد لا يكون لديهم أي سبيل لمنع الجراد من اختراق منازلهم.
وطالب المواطنون الحكومة ببخّ الأحياء السكنية بالمبيدات الحشرية، إلا أن المحافظة تعاملت مع تلك المطالب على أنها نابعة من خوف غير مبرر. ومن داخل دمشق، يقول مصدر ل"المدن": "لم نستطع الذهاب إلى الجامعة بسبب خوفنا من أسراب الجراد المرعبة التي تحلق في السماء. وفي المنزل الوضع سيء أيضاً، فالكهرباء تنقطع لساعات طويلة، وعادةً نقوم بفتح النوافذ لتبريد البيوت في هذا الوقت من السنة، لكن ذلك ليس ممكناً الآن. لقد تواصلنا مع المحافظة والبلدية ليقوموا برشح المنطقة بالمبيدات الحشرية، فكان جوابهم واحد: يلي خايف لا يطلع من بيته كلها يومين وبيمرقوا".
--------
المدن