الانترنيت العربي بعيدا عن العلم ..قريبا من الجنس
عزيز باكوش
حالة الانترنيت العربي الآن تكشف حقيقة واحدة، وهي أن300 مليون عربي لا يملكون أي تصور علمي وعملي يبررون به قاعدة الإبحار المتنامية ومعدل الولوجيات الضخمة إلى الشبكة العنكبوتية ، بالأحرى الحديث عن استراتيجية عربية قائمة الذات في مجال البرمجة والتطوير، وبذلك ، فإن كل ما يتم الحديث عنه من صيحات الكترونية عولمية ، وفتوحات عنترية تزعم الريادة ، وتدعي الفتح الإعلامي في مجال النت هي مجرد أضغاث أحلام ليس إلا ، بل في أحسن الأحوال ، مجرد مصوغات مرحلية في مسعى يائس لتفادي الغياب البرغماتي ، وتأكيد الحضور السلبي الباهت على الشبكة، حيث ينطبق في هذا المقام المثل العربي القائل " يفعل الجاهل بنفسه مالا يفعله العدو بعدوه "
لذلك ، يبدو من المحقق على ضوء ذلك ، أن بناء الوعي ، وتوجيه الرأي العام في العالم العربي والتأثير المباشر فيه ايجابيا لم ينضج بعد بما فيه الكفاية . وهذه أسباب النزول.
أثار انتباهي، وأنا أبحر عبر صفحات الشبكة العنكبوتية في شقها العربي وجود مواقع الكترونية جديدة يدعي مصمموها والقائمون على تدبير شانها التقني والفني أنهم من أوائل من يقدم خدمة التصفح المجاني، والسباقون الى تقديم الخبر..... فور حدوثه لمتصفحي مواقعهم في العالم.. العربي ، ولعل حكاية أول موقع الكتروني عربي ...وأول جريدة الكترونية عربية صممت خصيصا ..وتجدد على مدار الساعة ، رغم أن دخوله الخدمة جاء متأخرا عن أقرانه بنحو سنوات رقمية ..كذبة العصر "العربية " بات يتقنها الجميع ، وحتى لا يكون كلامنا مرسلا ، نقرب الصورة أكثر ، إن موقعا تم أنشاؤه خلال الأسبوع الأول من يناير 2009 ، يقول مصمموه أنه : أول جريدة الكترونية تجدد على مدار الساعة ، والحال أن الصفحة الرئيسية لهذه الجريدة يكسرها شريط يمرر خبرا يتعلق بتقدم أوباما ببضع نقاط في الانتخابات الأمريكية.
يبدو أننا كعرب نقوم بنقل أعطابنا النفسية ، وحروبنا الدونكيشوتية الورقية الى أثير الانترنيت ، لكن، في بعض الأحيان ، تمكر الصدفة ، حيث يجد المبحر نفسه مجبرا على المتابعة ، وتوصيل الكذاب إلى باب الدار .
الملفت إنني تأكدت فعلا من أن أصحاب هذه المواقع ، هم الأولون في العالم العربي حقا ، وان مواقعهم التي يفخرون بتقديمها للمتصفح العربي هي الأولى فعلا من حيث تقديمها لخدمة فيديوية تتسم بالميوعة والتشهير باللحم الأنثوي العربي على الشبكة الدولية . وبذلك غذت مواقعهم أكثر مقاطع الفيديو فيها مشاهدة عربيا على الانترنيت جنسية".
وبدا لي لحظتئد أن مؤسسي هذا الموقع أو ذاك ، قد تبنوا القالب نفسه الذي اشتهرت به العديد من المواقع الغربية المتخصصة في تقديم الأنثى مادة رخيصة ضمن ثقافة يعتبر الغرب مبدئيا جديرا بها ، خدمة فيديوية تقتصر على الجنس، كما لو لأننا كعرب مجرد مستودعات كبت ، وكما لو أن الثقافة الوحيدة التي أفلح أجدادنا في ترجمتها ونقلها بعد استيعابها والخوض في تفاصيلها على الشبكة هي الجنس ولا شيء غيره ، وليس غريبا أن النباهة العرجاء لهؤلاء ، جعلتهم يفرغون وعاء الحضارة الراقية لأجدادهم في الفلسفة والجبر والهندسة والرياضيات ، ليملئوه بما يشكل كلا أو بعضا بالجنس، أو لنقل ، بأمراضنا النفسية ، وأورامنا المتسرطنة في العالم العربي من المحيط الى الخليج .
لا يفهم المرء كيف يعتبر بعض "الويبيون العرب" البصاق على وجوههم، مجرد رذاذ مطر، حتى وهم في غاية الانتشاء لمجرد عرضهم صورا لفتيات من مختلف الأقطار والأعمار العربية ، يرقصن مغررات بهن، وكمحترفات تحت ضغط الحاجة أمام كاميرات الهواتف المحمولة وعدسات آلات التصوير الرقمية وهن شبه عاريات. تحت عناوين مهلهلة ، من قبيل " شراميط..لهاليب.. لهلوبة ... لمشاهدة المقطع كاملا .. ادخل هنا..مرحبا بك في أكبر موقع للسكس العربي.... للمزيد من المشاهدة الساخنة قم بزيارة.... فضائح الممثلات... رقص عربي أكبر تجمع عربي للسك..
شرموطة عربية تمارس الخ..."
و بلغة عربية هجينة ، تفتقد الجمال والفنية في حدودها الدنيا ، وتؤسس لأقصى درجات الانهيار والفضاعة الآتية دونما ريب.
سعوديات كويتيات مصريات ومغربيات تتهدلن بالحجاب ، في لحظة يشك أن الفاعل عربي , في لحظة أخرى ، يتفتق فيها إبداع المتبحر، فيستكين الى دواخله مقنعا نفسه بالابتعاد عن الجنس، فيلتقط بهاتفه النقال مقاطع قريبة لأصابعه وهي تتحرك أثناء تصويرها، مما يوحي للمشاهد بلحظة شبق ، لكنها سرعان ما تزول بإبعاد الصورة عن العين بشكل تدريجي، ليجد المبحر نفسه أمام أصابع اليد ليس إلا. يكاد الفرد منا يجزم إن الانترنيت العربية هي الجنس، وليس شيئا آخر فما عدا الجنس هو عرضي ليس إلا. وليس غريبا أن يقودك الاستكشاف لمشاهدة هذا المقطع والمزيد من أفلام الن....
لاشك أن المتصفح لتاريخ الوطن العربي وهمومه المعبرة عن طموحه وأحلامه وهواجسه المبثوثة سرا أو علانية عبر سماوات الله المفتوحة, والملتقطة في جغرافية الصحراء المشتتة سياسيا وأيديولوجيا , ستنتابه رجفتان وحيرة , ذلك أنه في الوقت الذي تحتل فيه " على الانترنيت طبعا "مقاطع الفيديو الأكثر مشاهدة على الصعيد العالمي هي تلك التي تعرض للعلوم بأصنافها ولمختلف مناهج التربية والتكوين والبحث , من علوم الحياة وتضاريس الأرض واستكناه الظواهر الطبيعية في صفائها وطهارتها الربانية , ودراسة دورات حياة النباتات وتناسل الحيوانات بكل أصنافها البرية والحرية والجوية الخ , والتي أصبحت مرجعا مفيدا للعديد من المؤسسات التعليمية في الدول الغربية , خاصة , وأنها قد وجدت فيها المادة العلمية التي تساعدها على الرقي بالعملية التعليمية التعليمة ودعامة تربوية هادفة لبناء إنسان مستقبلها , وتربيته على النحو المطلوب ثقافة فكرا وسلوكا, نجد في المقابل أن المشرفين على المواقع العربية سواء منها الموضوعاتية أم المنتديات والبلوغات الفردية ، لا يتورعون عن معاكسة تيار الأحداث , مفضلين بذلك ,أن يضعوا مقاطع فيديو التي تفضل أن تخاطب الغرائز, وتدغدغ العواطف , وتجنسن الأفكار وتنحرف بالمبادرات الاستكشافية الى باب الهوى , بدل محاورتها من زاوية التأمل والإبداع وتجادلها بالتي هي أحسن شكلا وموضوعا .
الكثير من المواقع العربية أو المحسوبة على العرب " تبرز المرأة العربية ، لا يتعلق الأمر هنا في الترويج لحقوق المرأة الإنسانية ومطالبها بالمساواة الكاملة مع الر جل ، وعلى العكس من ذلك يصطدم المشاهد بأن معظم هذه المواقع يروج لـ "دونية المرأة والانتقاص من عقلها وإمكانياتها ودورها في المجتمع , واعتبارها سلعة مباشرة في الإعلانات والتركيز على مظهرها الخارجي" ومن النادر جدا أن تبدي هذه المواقع " اهتماماً خاصاً بتنوير المرأة وشرح القضايا الجنسية بصورة علمية وخاصة للشباب والشابات".
بعض المواقع العربية منذ الصفحات الأولى للإبحار , لا تتحرج من الكشف عن مضامينها ورغبتها العارمة في إشباع متصفحها العربي بالمثير والمغري , ليس في مجال العقل والتنوير والإشعاع , وإنما تغري متصفحها العربي بأنها الأولى عربيا من حيث استقطاب الجميلات الفاتنات ، مستلطفة إياه المشاهدة والتصفح , محاولة بشتى الوسائل التكنولوجية المتاحة لفت نظره إلى خبرتها المرجعية في تصنيف الأرداف والخواصر ، فتعلن منذ اللحظة الأولى أنها من المواقع الملتهبة المصنفة " أكثر المقاطع فيديو مشاهدة" وهي بطبيعة الحال رسالة غير مشفرة موجهة بالأساس ليس إلى للمنتسبين للموقع فحسب , وإنما تحفز الشباب المبحر من الجنسين ممن تقوده متاهة الإبحار صدفة على أن يبدعوا في هذا الاتجاه , وحتى تحظى الأعمال الفنية التي من الممكن أن يساهموا بها وتسير في الاتجاه نفسه, حتى تكون لرسالة حققت المطلوب من الموقع , ويكون الموقع نفسه قد ضمن لنفسه نقرات أضافية ترفع من جدارته بالمتابعة والاهتمام وتكون لها مكانتها المتميزة على الصفحة الأولى للموقع.
شهد النصف الأخير من السنة التي ودعناها ثورة حقيقة في مجال تبادل ونشر مقاطع الفيديو , وليس غريبا أن...يكون الجنس هو المحرك الأساسي لهذه الثورة الشبقية على الطريقة العربية
لقد كان من الطبيعي أن يتأثر" الويبيون العرب " او اليوتوب العربي" بهذه الموجة العالمية الجديدة وذلك من خلال ظهور العديد من المواقع التي تحاول أن تستقطب هواة هذا النوع من الإبحار من مختلف الأقطار العربية.
يحدث هذا في وقت لا يتجاوز فيه نسبة المحتوى العربي على الانترنيت 0. 5 بالمائة ، وفق ما ذهب إليه مسئول بمركز التراث الحضاري والطبيعي في مصر . وإذا علمنا أن نسبة التراث العربي والإسلامي المسجل على الشبكة العالمية يشكل نسبة كبيرة من هذا المحتوى ، فإن ما تبقى هو للجنس ولا شيء غيره .
وحسب المصدر المصري نفسه فان حجم المحتوى العربي الرقمي على الانترنيت يمكن تبويب على النحو التالي " تراثي فني..معرفي..خبري..مجتمعي " مع تسجيل غياب شبه تام للمادة العلمية والبحثية عربيا "
فبقدر ما ينصح الدين الإسلامي الحنيف ويشير ، بقدر ما تتورط فئة تدعي إتباع تعاليمه ، وبقدرما ينصح الوازع الخلقي لهذا الدين العالي المتسامي عن كل مذلة ، يمسي لدى صغار العقول حافزا قويا للاستكناه القذر والتماهي المريض الحارق لمحرماته.
لذلك يستنتج المتصفح المتأمل، أن مشروع تنمية الوعي الإعلامي العربي على الشبكة لدى مختلف الأفراد والدول باستخدام التكنولوجيا الحديثة لحفظ التراث العربي من جهة ، وإبراز الكائن العربي مفكرا ومحللا وباحثا ، وضرورة وجود محتوى علمي وبحثي الكتروني مواز للورقي والمادي من جهة ثانية ، لم ينضج بعد بما فيه الكفاية ، وبذلك تتسع الهوة الرقمية بين العرب والغرب بحجم سماوات الله المفتوحة ، و تنتفخ الأورام بقدر بطون فتيات العرب ومؤخراتهن المترهلة .
كلنا بشر، ولأننا كذلك ، لسنا بحاجة إلى ثلاث عوامل حيوية هي المأكل والملبس والمسكن فحسب ، بل حاجة رابعة هي الوعي الوعي الايجابي الذي نلبسه ، ويدثرنا بفلسفة التاريخ.
الانترنيت كيان ثقافي وحضاري ، يقوم لنا وبنا .معنا وبجانبنا ، فينا وخارجنا
لكن أهم ما يجب أن نهدف إليه هو الترويج للفكر العربي وتقديم خدمة عامة للباحثين وللمثقفين والأدباء وناشئتنا ، والحرص على استغلال الإمكانيات الهائلة لشبكة الإنترنيت في فتح نافذة نطل من خلالها على العالم ، والتعرف على مبدعيه ومفكريه ، من كل الأجناس والأديان.
عزيز باكوش
عزيز باكوش
حالة الانترنيت العربي الآن تكشف حقيقة واحدة، وهي أن300 مليون عربي لا يملكون أي تصور علمي وعملي يبررون به قاعدة الإبحار المتنامية ومعدل الولوجيات الضخمة إلى الشبكة العنكبوتية ، بالأحرى الحديث عن استراتيجية عربية قائمة الذات في مجال البرمجة والتطوير، وبذلك ، فإن كل ما يتم الحديث عنه من صيحات الكترونية عولمية ، وفتوحات عنترية تزعم الريادة ، وتدعي الفتح الإعلامي في مجال النت هي مجرد أضغاث أحلام ليس إلا ، بل في أحسن الأحوال ، مجرد مصوغات مرحلية في مسعى يائس لتفادي الغياب البرغماتي ، وتأكيد الحضور السلبي الباهت على الشبكة، حيث ينطبق في هذا المقام المثل العربي القائل " يفعل الجاهل بنفسه مالا يفعله العدو بعدوه "
لذلك ، يبدو من المحقق على ضوء ذلك ، أن بناء الوعي ، وتوجيه الرأي العام في العالم العربي والتأثير المباشر فيه ايجابيا لم ينضج بعد بما فيه الكفاية . وهذه أسباب النزول.
أثار انتباهي، وأنا أبحر عبر صفحات الشبكة العنكبوتية في شقها العربي وجود مواقع الكترونية جديدة يدعي مصمموها والقائمون على تدبير شانها التقني والفني أنهم من أوائل من يقدم خدمة التصفح المجاني، والسباقون الى تقديم الخبر..... فور حدوثه لمتصفحي مواقعهم في العالم.. العربي ، ولعل حكاية أول موقع الكتروني عربي ...وأول جريدة الكترونية عربية صممت خصيصا ..وتجدد على مدار الساعة ، رغم أن دخوله الخدمة جاء متأخرا عن أقرانه بنحو سنوات رقمية ..كذبة العصر "العربية " بات يتقنها الجميع ، وحتى لا يكون كلامنا مرسلا ، نقرب الصورة أكثر ، إن موقعا تم أنشاؤه خلال الأسبوع الأول من يناير 2009 ، يقول مصمموه أنه : أول جريدة الكترونية تجدد على مدار الساعة ، والحال أن الصفحة الرئيسية لهذه الجريدة يكسرها شريط يمرر خبرا يتعلق بتقدم أوباما ببضع نقاط في الانتخابات الأمريكية.
يبدو أننا كعرب نقوم بنقل أعطابنا النفسية ، وحروبنا الدونكيشوتية الورقية الى أثير الانترنيت ، لكن، في بعض الأحيان ، تمكر الصدفة ، حيث يجد المبحر نفسه مجبرا على المتابعة ، وتوصيل الكذاب إلى باب الدار .
الملفت إنني تأكدت فعلا من أن أصحاب هذه المواقع ، هم الأولون في العالم العربي حقا ، وان مواقعهم التي يفخرون بتقديمها للمتصفح العربي هي الأولى فعلا من حيث تقديمها لخدمة فيديوية تتسم بالميوعة والتشهير باللحم الأنثوي العربي على الشبكة الدولية . وبذلك غذت مواقعهم أكثر مقاطع الفيديو فيها مشاهدة عربيا على الانترنيت جنسية".
وبدا لي لحظتئد أن مؤسسي هذا الموقع أو ذاك ، قد تبنوا القالب نفسه الذي اشتهرت به العديد من المواقع الغربية المتخصصة في تقديم الأنثى مادة رخيصة ضمن ثقافة يعتبر الغرب مبدئيا جديرا بها ، خدمة فيديوية تقتصر على الجنس، كما لو لأننا كعرب مجرد مستودعات كبت ، وكما لو أن الثقافة الوحيدة التي أفلح أجدادنا في ترجمتها ونقلها بعد استيعابها والخوض في تفاصيلها على الشبكة هي الجنس ولا شيء غيره ، وليس غريبا أن النباهة العرجاء لهؤلاء ، جعلتهم يفرغون وعاء الحضارة الراقية لأجدادهم في الفلسفة والجبر والهندسة والرياضيات ، ليملئوه بما يشكل كلا أو بعضا بالجنس، أو لنقل ، بأمراضنا النفسية ، وأورامنا المتسرطنة في العالم العربي من المحيط الى الخليج .
لا يفهم المرء كيف يعتبر بعض "الويبيون العرب" البصاق على وجوههم، مجرد رذاذ مطر، حتى وهم في غاية الانتشاء لمجرد عرضهم صورا لفتيات من مختلف الأقطار والأعمار العربية ، يرقصن مغررات بهن، وكمحترفات تحت ضغط الحاجة أمام كاميرات الهواتف المحمولة وعدسات آلات التصوير الرقمية وهن شبه عاريات. تحت عناوين مهلهلة ، من قبيل " شراميط..لهاليب.. لهلوبة ... لمشاهدة المقطع كاملا .. ادخل هنا..مرحبا بك في أكبر موقع للسكس العربي.... للمزيد من المشاهدة الساخنة قم بزيارة.... فضائح الممثلات... رقص عربي أكبر تجمع عربي للسك..
شرموطة عربية تمارس الخ..."
و بلغة عربية هجينة ، تفتقد الجمال والفنية في حدودها الدنيا ، وتؤسس لأقصى درجات الانهيار والفضاعة الآتية دونما ريب.
سعوديات كويتيات مصريات ومغربيات تتهدلن بالحجاب ، في لحظة يشك أن الفاعل عربي , في لحظة أخرى ، يتفتق فيها إبداع المتبحر، فيستكين الى دواخله مقنعا نفسه بالابتعاد عن الجنس، فيلتقط بهاتفه النقال مقاطع قريبة لأصابعه وهي تتحرك أثناء تصويرها، مما يوحي للمشاهد بلحظة شبق ، لكنها سرعان ما تزول بإبعاد الصورة عن العين بشكل تدريجي، ليجد المبحر نفسه أمام أصابع اليد ليس إلا. يكاد الفرد منا يجزم إن الانترنيت العربية هي الجنس، وليس شيئا آخر فما عدا الجنس هو عرضي ليس إلا. وليس غريبا أن يقودك الاستكشاف لمشاهدة هذا المقطع والمزيد من أفلام الن....
لاشك أن المتصفح لتاريخ الوطن العربي وهمومه المعبرة عن طموحه وأحلامه وهواجسه المبثوثة سرا أو علانية عبر سماوات الله المفتوحة, والملتقطة في جغرافية الصحراء المشتتة سياسيا وأيديولوجيا , ستنتابه رجفتان وحيرة , ذلك أنه في الوقت الذي تحتل فيه " على الانترنيت طبعا "مقاطع الفيديو الأكثر مشاهدة على الصعيد العالمي هي تلك التي تعرض للعلوم بأصنافها ولمختلف مناهج التربية والتكوين والبحث , من علوم الحياة وتضاريس الأرض واستكناه الظواهر الطبيعية في صفائها وطهارتها الربانية , ودراسة دورات حياة النباتات وتناسل الحيوانات بكل أصنافها البرية والحرية والجوية الخ , والتي أصبحت مرجعا مفيدا للعديد من المؤسسات التعليمية في الدول الغربية , خاصة , وأنها قد وجدت فيها المادة العلمية التي تساعدها على الرقي بالعملية التعليمية التعليمة ودعامة تربوية هادفة لبناء إنسان مستقبلها , وتربيته على النحو المطلوب ثقافة فكرا وسلوكا, نجد في المقابل أن المشرفين على المواقع العربية سواء منها الموضوعاتية أم المنتديات والبلوغات الفردية ، لا يتورعون عن معاكسة تيار الأحداث , مفضلين بذلك ,أن يضعوا مقاطع فيديو التي تفضل أن تخاطب الغرائز, وتدغدغ العواطف , وتجنسن الأفكار وتنحرف بالمبادرات الاستكشافية الى باب الهوى , بدل محاورتها من زاوية التأمل والإبداع وتجادلها بالتي هي أحسن شكلا وموضوعا .
الكثير من المواقع العربية أو المحسوبة على العرب " تبرز المرأة العربية ، لا يتعلق الأمر هنا في الترويج لحقوق المرأة الإنسانية ومطالبها بالمساواة الكاملة مع الر جل ، وعلى العكس من ذلك يصطدم المشاهد بأن معظم هذه المواقع يروج لـ "دونية المرأة والانتقاص من عقلها وإمكانياتها ودورها في المجتمع , واعتبارها سلعة مباشرة في الإعلانات والتركيز على مظهرها الخارجي" ومن النادر جدا أن تبدي هذه المواقع " اهتماماً خاصاً بتنوير المرأة وشرح القضايا الجنسية بصورة علمية وخاصة للشباب والشابات".
بعض المواقع العربية منذ الصفحات الأولى للإبحار , لا تتحرج من الكشف عن مضامينها ورغبتها العارمة في إشباع متصفحها العربي بالمثير والمغري , ليس في مجال العقل والتنوير والإشعاع , وإنما تغري متصفحها العربي بأنها الأولى عربيا من حيث استقطاب الجميلات الفاتنات ، مستلطفة إياه المشاهدة والتصفح , محاولة بشتى الوسائل التكنولوجية المتاحة لفت نظره إلى خبرتها المرجعية في تصنيف الأرداف والخواصر ، فتعلن منذ اللحظة الأولى أنها من المواقع الملتهبة المصنفة " أكثر المقاطع فيديو مشاهدة" وهي بطبيعة الحال رسالة غير مشفرة موجهة بالأساس ليس إلى للمنتسبين للموقع فحسب , وإنما تحفز الشباب المبحر من الجنسين ممن تقوده متاهة الإبحار صدفة على أن يبدعوا في هذا الاتجاه , وحتى تحظى الأعمال الفنية التي من الممكن أن يساهموا بها وتسير في الاتجاه نفسه, حتى تكون لرسالة حققت المطلوب من الموقع , ويكون الموقع نفسه قد ضمن لنفسه نقرات أضافية ترفع من جدارته بالمتابعة والاهتمام وتكون لها مكانتها المتميزة على الصفحة الأولى للموقع.
شهد النصف الأخير من السنة التي ودعناها ثورة حقيقة في مجال تبادل ونشر مقاطع الفيديو , وليس غريبا أن...يكون الجنس هو المحرك الأساسي لهذه الثورة الشبقية على الطريقة العربية
لقد كان من الطبيعي أن يتأثر" الويبيون العرب " او اليوتوب العربي" بهذه الموجة العالمية الجديدة وذلك من خلال ظهور العديد من المواقع التي تحاول أن تستقطب هواة هذا النوع من الإبحار من مختلف الأقطار العربية.
يحدث هذا في وقت لا يتجاوز فيه نسبة المحتوى العربي على الانترنيت 0. 5 بالمائة ، وفق ما ذهب إليه مسئول بمركز التراث الحضاري والطبيعي في مصر . وإذا علمنا أن نسبة التراث العربي والإسلامي المسجل على الشبكة العالمية يشكل نسبة كبيرة من هذا المحتوى ، فإن ما تبقى هو للجنس ولا شيء غيره .
وحسب المصدر المصري نفسه فان حجم المحتوى العربي الرقمي على الانترنيت يمكن تبويب على النحو التالي " تراثي فني..معرفي..خبري..مجتمعي " مع تسجيل غياب شبه تام للمادة العلمية والبحثية عربيا "
فبقدر ما ينصح الدين الإسلامي الحنيف ويشير ، بقدر ما تتورط فئة تدعي إتباع تعاليمه ، وبقدرما ينصح الوازع الخلقي لهذا الدين العالي المتسامي عن كل مذلة ، يمسي لدى صغار العقول حافزا قويا للاستكناه القذر والتماهي المريض الحارق لمحرماته.
لذلك يستنتج المتصفح المتأمل، أن مشروع تنمية الوعي الإعلامي العربي على الشبكة لدى مختلف الأفراد والدول باستخدام التكنولوجيا الحديثة لحفظ التراث العربي من جهة ، وإبراز الكائن العربي مفكرا ومحللا وباحثا ، وضرورة وجود محتوى علمي وبحثي الكتروني مواز للورقي والمادي من جهة ثانية ، لم ينضج بعد بما فيه الكفاية ، وبذلك تتسع الهوة الرقمية بين العرب والغرب بحجم سماوات الله المفتوحة ، و تنتفخ الأورام بقدر بطون فتيات العرب ومؤخراتهن المترهلة .
كلنا بشر، ولأننا كذلك ، لسنا بحاجة إلى ثلاث عوامل حيوية هي المأكل والملبس والمسكن فحسب ، بل حاجة رابعة هي الوعي الوعي الايجابي الذي نلبسه ، ويدثرنا بفلسفة التاريخ.
الانترنيت كيان ثقافي وحضاري ، يقوم لنا وبنا .معنا وبجانبنا ، فينا وخارجنا
لكن أهم ما يجب أن نهدف إليه هو الترويج للفكر العربي وتقديم خدمة عامة للباحثين وللمثقفين والأدباء وناشئتنا ، والحرص على استغلال الإمكانيات الهائلة لشبكة الإنترنيت في فتح نافذة نطل من خلالها على العالم ، والتعرف على مبدعيه ومفكريه ، من كل الأجناس والأديان.
عزيز باكوش