استعرضت نظرات وتفاعلات أمريكا ودول إتحاد أوروبا وروسيا والصٍّين وإيران وتركيا والهند وباكستان، وكذلك الكيان الصهيوني. إسترعى إنتباهي أمران:
أولا: الحديث عن تحوُّلات وتغييرات جيوستراتيجية عربية منذ بدء ثورات وحراكات الربيع العربي. بالنسبة لي فان التحولات الجيوستراتيجية تعني تحولات كبرى، ثابتة ومستقرة، لها ملامح واضحة وأصبحت جزءاً من الواقع. فهل حقاً أن تلك التحولات قد حدثت واستقرت؟
الجواب هو أنه مما لاشك فيه أن ثورات مباركة قد قامت وأن حراكات مبهرة قد وجدت، وأن جميع الثورات والحراكات هي في سيرورة دائمة لتكوين فكر وأهداف واستراتيجيات وبرامج وأدوات لإيصال تلك الثورات والحراكات الى بر الأمان والى تحقيق كل أهدافها وإلى عدم قابليتها للإنتكاس. وحتى وصول سيرورة تلك الثورات والحراكات إلى مستوى معقول من النُّضج والتجذر في الواقع العربي والإطمئنان على من سيقودها إلى نهاية مطافها فان الكلام عن تحولات جيوستراتيجية سيبقى عبارة عن تكهٍّنات واستشرافات مستقبلية.
ولذلك فلو نظرنا إلى الأنظمة الجديدة في مصر وتونس وليبيا واليمن على سبيل المثال فانه يصعب الحديث عن تغيُّرات جيواستراتيجية بالنسبة لأميركا والكيان الصهيوني وأوروبا وبقية الدول التي ذكرناها سابقاً. وهذا يؤٍّكد أن مجرَّد قيام الثورات أو الحراكات الكبيرة لا يعني أوتوماتيكياً حدوث تغيرات جيوستراتيجية، لأن ذلك سيتطلب إتخاذ وتنفيذ نظرات وقرارات جديدة. وهذا لم يحصل بعد في واقع الربيع العربي.
ثانيا: لقد أظهرت جميع الأوراق أن كل الجهات التي استعرضت كانت فاعلة في الأمة، في الوطن العربي، بصور تمتدًّ عبر الاستفادة من خيراتنا غير المتكافئة الى الهيمنة، أو الإستغلال البشع أو الإحتلال لهذا الجزء أوذاك، أو الإضرار بمصالحنا وتدميرها. كانت الصورة الكلية هي أننا وطن مفعوله به من قبل كل الجهات التي استعرضت، والتي كانت أبداً هي الفاعلة.
كان لا بد من طرح السؤال الآتي: ما صورة الوجود العربي المطلوب ليصبح هو فاعلاً في الآخرين ويوقف هذه المأساة التاريخية التي أنهكت قواه وجعلته وطناً هامشياً غير قادر على الفعل ومستكينا لأن يفعل به؟ ثمُ هل أن الحراكات والثورات المكتسحة للأرض العربية حالياً ستكون مدخلاً لرسم صورة ذلك الوجود العربي المشترك القوي الفاعل الرافض لأن يفعل به الآخرون ما يفعلونه حالياً؟ أم أن القوى الحيًة في هذه الأمة ستضيع هذه الفرصة التاريخية مجدداً وتجعل من ثوراتها وحراكاتها شأناً فطرياً يركًز على الخلاص القطري وعلى الأنانية القطرية فلا تتكوًن ولا ترسم الصورة العربية المشتركة القومية الفاعلة المطلوبة للإنتقال من حياة المفعول به، إستغلالاً وتمزيقاً وتدخلاً سافراً ومنعاً من التقدم والنمو الحضاري، إلى حياة الفاعل الندٍّ المتفاعل بحيوية مع الآخرين؟
من المؤكد انه من المبكر الحكم على توجُه الثورات والحراكات العربية، التي لا تزال في سيرورة تكوين أهدافها واستراتيجياتها البعيدة المدى وقواها التي ستقودها والوسائل التي ستستعملها، الحكم على ما ستساهم به في شأن صورة ذلك الوجود العربي القومي الواقف بنديُّه وحيوية أمام ما يفعل بوطنه الآخرون.
لكننا نتوجه الى شباب الثورات، وعلى الأخص القادة منهم، بأن يدركوا منذ الآن بأن خلاص ثوراتهم وحراكاتهم سيعتمد إلى حدً بعيد على صورة ذلك الوجود العربي المشترك القوي الفاعل الذي سيحمي منجزاتهم من أن تستفرد بها قوى الآخرين وتغويها أو تشوٍّه مساراتها. من اجل تكوين تلك الصورة وبناء ذلك الوجود يجب البدء من الآن، وفي الحال.
أولا: الحديث عن تحوُّلات وتغييرات جيوستراتيجية عربية منذ بدء ثورات وحراكات الربيع العربي. بالنسبة لي فان التحولات الجيوستراتيجية تعني تحولات كبرى، ثابتة ومستقرة، لها ملامح واضحة وأصبحت جزءاً من الواقع. فهل حقاً أن تلك التحولات قد حدثت واستقرت؟
الجواب هو أنه مما لاشك فيه أن ثورات مباركة قد قامت وأن حراكات مبهرة قد وجدت، وأن جميع الثورات والحراكات هي في سيرورة دائمة لتكوين فكر وأهداف واستراتيجيات وبرامج وأدوات لإيصال تلك الثورات والحراكات الى بر الأمان والى تحقيق كل أهدافها وإلى عدم قابليتها للإنتكاس. وحتى وصول سيرورة تلك الثورات والحراكات إلى مستوى معقول من النُّضج والتجذر في الواقع العربي والإطمئنان على من سيقودها إلى نهاية مطافها فان الكلام عن تحولات جيوستراتيجية سيبقى عبارة عن تكهٍّنات واستشرافات مستقبلية.
ولذلك فلو نظرنا إلى الأنظمة الجديدة في مصر وتونس وليبيا واليمن على سبيل المثال فانه يصعب الحديث عن تغيُّرات جيواستراتيجية بالنسبة لأميركا والكيان الصهيوني وأوروبا وبقية الدول التي ذكرناها سابقاً. وهذا يؤٍّكد أن مجرَّد قيام الثورات أو الحراكات الكبيرة لا يعني أوتوماتيكياً حدوث تغيرات جيوستراتيجية، لأن ذلك سيتطلب إتخاذ وتنفيذ نظرات وقرارات جديدة. وهذا لم يحصل بعد في واقع الربيع العربي.
ثانيا: لقد أظهرت جميع الأوراق أن كل الجهات التي استعرضت كانت فاعلة في الأمة، في الوطن العربي، بصور تمتدًّ عبر الاستفادة من خيراتنا غير المتكافئة الى الهيمنة، أو الإستغلال البشع أو الإحتلال لهذا الجزء أوذاك، أو الإضرار بمصالحنا وتدميرها. كانت الصورة الكلية هي أننا وطن مفعوله به من قبل كل الجهات التي استعرضت، والتي كانت أبداً هي الفاعلة.
كان لا بد من طرح السؤال الآتي: ما صورة الوجود العربي المطلوب ليصبح هو فاعلاً في الآخرين ويوقف هذه المأساة التاريخية التي أنهكت قواه وجعلته وطناً هامشياً غير قادر على الفعل ومستكينا لأن يفعل به؟ ثمُ هل أن الحراكات والثورات المكتسحة للأرض العربية حالياً ستكون مدخلاً لرسم صورة ذلك الوجود العربي المشترك القوي الفاعل الرافض لأن يفعل به الآخرون ما يفعلونه حالياً؟ أم أن القوى الحيًة في هذه الأمة ستضيع هذه الفرصة التاريخية مجدداً وتجعل من ثوراتها وحراكاتها شأناً فطرياً يركًز على الخلاص القطري وعلى الأنانية القطرية فلا تتكوًن ولا ترسم الصورة العربية المشتركة القومية الفاعلة المطلوبة للإنتقال من حياة المفعول به، إستغلالاً وتمزيقاً وتدخلاً سافراً ومنعاً من التقدم والنمو الحضاري، إلى حياة الفاعل الندٍّ المتفاعل بحيوية مع الآخرين؟
من المؤكد انه من المبكر الحكم على توجُه الثورات والحراكات العربية، التي لا تزال في سيرورة تكوين أهدافها واستراتيجياتها البعيدة المدى وقواها التي ستقودها والوسائل التي ستستعملها، الحكم على ما ستساهم به في شأن صورة ذلك الوجود العربي القومي الواقف بنديُّه وحيوية أمام ما يفعل بوطنه الآخرون.
لكننا نتوجه الى شباب الثورات، وعلى الأخص القادة منهم، بأن يدركوا منذ الآن بأن خلاص ثوراتهم وحراكاتهم سيعتمد إلى حدً بعيد على صورة ذلك الوجود العربي المشترك القوي الفاعل الذي سيحمي منجزاتهم من أن تستفرد بها قوى الآخرين وتغويها أو تشوٍّه مساراتها. من اجل تكوين تلك الصورة وبناء ذلك الوجود يجب البدء من الآن، وفي الحال.