ومنذ العام 1967، كانت إسرائيل تراهن، على القوة كوسيلة في احتواء المناهضين لاحتلالها الأراضي الفلسطينية، وللإفلات من كل مطالبة تؤدي للانسحاب من الأراضي المحتلة وقبول حل الدولتين. بل إن إسرائيل لم تكن تحسن الإنصات إلى حلفائها الأقربين، وشركائها الإستراتيجيين الذين كانوا يحاولون مساعدتها على تعنتها، والقبول بصيغ تسوية بالكاد تتضمن الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، وتمادت بإجراءات الضم وإجراءات القهر طمعا في فرض واقع جديد على الأرض.
كانت إسرائيل تراهن، على أن التأييد الغربي شيك على بياض تستطيع أن تصرفه بأي وقت، وأن الرصيد الذي تصرف منه غير قابل للنفاد.. وقد نجحت تل أبيب بما تملكه من تأثير إعلامي، ولوبي سياسي بالفوز بدعم سياسي ومادي خارجي عزز التوجهات المتطرفة بين النخبة السياسية الإسرائيلية، وأعطى للقوى الحزبية والسياسية التي تعارض أي حلول سلمية للصراع، دورا مرجحا، منعَ من وصول التسوية السياسية إلى خواتيم مقبولة ومعقولة.
وحتى على جبهة العلاقات مع جيرانها العرب، راهنت إسرائيل على تثاؤب الدعم العربي وتآكله، وحاولت تجيير الرغبة العربية بالسلام على أنها إنجاز للسياسات المتطرفة الإسرائيلية، ونتيجة من نتائجها، فتجاهلت باستخفاف غير مفهوم، أو بشكل مقصود ما يخلفه ذلك من آثار ونتائج على مسيرة السلام، التي ظلت تراوح بين سلام شكلي لا يقدم أو يؤخر، أو بارد لا يشجع اعتماده كقوة دفع للمسيرة السلمية الشاملة.
كانت تعتقد أن تراجع وتيرة التأييد العربي للفلسطينيين، ستضعف وتتراجع مع الزمن، وأن عزيمة الفلسطينيين سيصيبها الضعف والوهن بسبب ذلك، للدرجة التي تعوق قدرتهم، على التصدي لعمليات الضم والمصادرة، ناهيك عن مواصلة نضالهم لاسترجاع حقوقهم الأساسية، التي غُيبت وضاعت تحت وطأة إجراءات التضييق والحصار الإسرائيلية التي عانوا منها عشرات السنين.
ظلت إسرائيل تسوّق الديمقراطية، والمشاركة السياسية للعرب الفلسطينيين في إسرائيل على أنها مثال التعايش، وباعتبارها المكافئ والمعادل الإسرائيلي، للتطرف الفلسطيني الذي يتعين اجتثاثه ومحاربته في الأراضي المحتلة. وتحت هذه الذريعة كانت تسوّق إجراءات الحصار، ومصادرة الأراضي والتضييق على الأماكن المقدسة، وحرمان الفلسطينيين من مواردهم ومنعهم من تطوير إمكانياتهم المعيشية، فضلا عن انتهاكات صارخة ومتواترة لحقوقهم الإنسانية، والقانونية، على أنها جزء من حرب إسرائيل المشروعة على التطرف والمتطرفين.
حساب الحقل الإسرائيلي، هذه المرة لم يتطابق مع حساب البيدر، فانفجرت في وجه السياسة الإسرائيلية المتطرفة كافة مفردات الصراع مع الفلسطينيين دفعة واحدة.
فالحل التاريخي للصراع الذي تأجل منذ النكبة وحتى الآن، ظهرت الحاجة إليه بعد أن كشفت المواجهات داخل الخط الأخضر، أن المعادلة القائمة، والتي حكمت العلاقة بين فلسطيني الداخل والإسرائيلين كانت في حقيقتها وجوهرها معادلة مختلة، وأن ما يعانيه أولئك الفلسطينيون هو جزء من المشكلة التاريخية، وأن تلك المعاناة لا تنفصل عن باقي الجوانب السياسية والقانونية والحقوقية للقضية الفلسطينية ككل.
وبموازاة ذلك، جاءت إجراءات إسرائيل بشأن حي الشيخ جراح في القدس والانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى لتفتح ملف ضم ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل يؤكد أن إجراءات الضم لايمكن أن تكون جزءا، أو أساسا لأي حل سياسي، وأن حل الدولتين القائم على أساس انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة العام 1967 يستعيد زخمه، ويستعيد تأييد المجتمع الدولي له، بل وقد يحظى بدعم شرائح من النخب الإسرائيلية المعتدلة التي أدركت مدى صعوبة ضم الأراضي المحتلة ومخاطر إبقاء السيطرة الإسرائيلية على حياة ملايين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وأكثر من ذلك فإن ردة الفعل الإسرائيلية، على القصف الصاروخي من قطاع غزة، أعادت حركة حماس للواجهة السياسية، ووضعتها كشريك لا يمكن تجاوزه في أي هدنة سياسية طويلة الأمد، أو حتى في أي تسوية نهائية.. فبدل أن يضعف القصف العنيف للقطاع مكانة حماس السياسية، نجده الآن عنصرا يدفع الحركة إلى صفوف اللاعبين الأساسيين، بما في ذلك الاستعداد للقبول بهدنة طويلة الأمد مع الحركة، ورفع فعلي للحصار الذي يعيشه القطاع منذ سنوات، وهو استعداد سيؤدي إلى زيادة دور الحركة السياسي على المستويين الوطني الفلسطيني والإقليمي. بالمحصلة، فإن الفصل الأخير من المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية يضع المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة مختلفة، إذ سيكون من الصعب على إسرائيل بعد الآن مواصلة المماطلة في الاستجابة لاستحقاقات التسوية دون أن تخشى ردة فعل دولية. فالعالم بعد كل الذي حدث هو عالم مختلف، ومرحلة الدعم الذي كانت إسرائيل تأخذه بلا حساب، سيكون موضع مراجعة الآن، خاصة بعد أن استنفدت السياسة الإسرائيلية المتطرفة البقية الباقية من إمكانيات التفهم الدولي لإجراءاتها التي لم تقد إلا إلى زيادة التوتر، وإلى تعقيد فرص الحل السياسي لصراع طال أمده، وتفاقمت المعاناة الناتجة عنه.
---------
ارم
كانت إسرائيل تراهن، على أن التأييد الغربي شيك على بياض تستطيع أن تصرفه بأي وقت، وأن الرصيد الذي تصرف منه غير قابل للنفاد.. وقد نجحت تل أبيب بما تملكه من تأثير إعلامي، ولوبي سياسي بالفوز بدعم سياسي ومادي خارجي عزز التوجهات المتطرفة بين النخبة السياسية الإسرائيلية، وأعطى للقوى الحزبية والسياسية التي تعارض أي حلول سلمية للصراع، دورا مرجحا، منعَ من وصول التسوية السياسية إلى خواتيم مقبولة ومعقولة.
وحتى على جبهة العلاقات مع جيرانها العرب، راهنت إسرائيل على تثاؤب الدعم العربي وتآكله، وحاولت تجيير الرغبة العربية بالسلام على أنها إنجاز للسياسات المتطرفة الإسرائيلية، ونتيجة من نتائجها، فتجاهلت باستخفاف غير مفهوم، أو بشكل مقصود ما يخلفه ذلك من آثار ونتائج على مسيرة السلام، التي ظلت تراوح بين سلام شكلي لا يقدم أو يؤخر، أو بارد لا يشجع اعتماده كقوة دفع للمسيرة السلمية الشاملة.
كانت تعتقد أن تراجع وتيرة التأييد العربي للفلسطينيين، ستضعف وتتراجع مع الزمن، وأن عزيمة الفلسطينيين سيصيبها الضعف والوهن بسبب ذلك، للدرجة التي تعوق قدرتهم، على التصدي لعمليات الضم والمصادرة، ناهيك عن مواصلة نضالهم لاسترجاع حقوقهم الأساسية، التي غُيبت وضاعت تحت وطأة إجراءات التضييق والحصار الإسرائيلية التي عانوا منها عشرات السنين.
ظلت إسرائيل تسوّق الديمقراطية، والمشاركة السياسية للعرب الفلسطينيين في إسرائيل على أنها مثال التعايش، وباعتبارها المكافئ والمعادل الإسرائيلي، للتطرف الفلسطيني الذي يتعين اجتثاثه ومحاربته في الأراضي المحتلة. وتحت هذه الذريعة كانت تسوّق إجراءات الحصار، ومصادرة الأراضي والتضييق على الأماكن المقدسة، وحرمان الفلسطينيين من مواردهم ومنعهم من تطوير إمكانياتهم المعيشية، فضلا عن انتهاكات صارخة ومتواترة لحقوقهم الإنسانية، والقانونية، على أنها جزء من حرب إسرائيل المشروعة على التطرف والمتطرفين.
حساب الحقل الإسرائيلي، هذه المرة لم يتطابق مع حساب البيدر، فانفجرت في وجه السياسة الإسرائيلية المتطرفة كافة مفردات الصراع مع الفلسطينيين دفعة واحدة.
فالحل التاريخي للصراع الذي تأجل منذ النكبة وحتى الآن، ظهرت الحاجة إليه بعد أن كشفت المواجهات داخل الخط الأخضر، أن المعادلة القائمة، والتي حكمت العلاقة بين فلسطيني الداخل والإسرائيلين كانت في حقيقتها وجوهرها معادلة مختلة، وأن ما يعانيه أولئك الفلسطينيون هو جزء من المشكلة التاريخية، وأن تلك المعاناة لا تنفصل عن باقي الجوانب السياسية والقانونية والحقوقية للقضية الفلسطينية ككل.
وبموازاة ذلك، جاءت إجراءات إسرائيل بشأن حي الشيخ جراح في القدس والانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى لتفتح ملف ضم ومصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل يؤكد أن إجراءات الضم لايمكن أن تكون جزءا، أو أساسا لأي حل سياسي، وأن حل الدولتين القائم على أساس انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة العام 1967 يستعيد زخمه، ويستعيد تأييد المجتمع الدولي له، بل وقد يحظى بدعم شرائح من النخب الإسرائيلية المعتدلة التي أدركت مدى صعوبة ضم الأراضي المحتلة ومخاطر إبقاء السيطرة الإسرائيلية على حياة ملايين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وأكثر من ذلك فإن ردة الفعل الإسرائيلية، على القصف الصاروخي من قطاع غزة، أعادت حركة حماس للواجهة السياسية، ووضعتها كشريك لا يمكن تجاوزه في أي هدنة سياسية طويلة الأمد، أو حتى في أي تسوية نهائية.. فبدل أن يضعف القصف العنيف للقطاع مكانة حماس السياسية، نجده الآن عنصرا يدفع الحركة إلى صفوف اللاعبين الأساسيين، بما في ذلك الاستعداد للقبول بهدنة طويلة الأمد مع الحركة، ورفع فعلي للحصار الذي يعيشه القطاع منذ سنوات، وهو استعداد سيؤدي إلى زيادة دور الحركة السياسي على المستويين الوطني الفلسطيني والإقليمي. بالمحصلة، فإن الفصل الأخير من المواجهة الفلسطينية الإسرائيلية يضع المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة مختلفة، إذ سيكون من الصعب على إسرائيل بعد الآن مواصلة المماطلة في الاستجابة لاستحقاقات التسوية دون أن تخشى ردة فعل دولية. فالعالم بعد كل الذي حدث هو عالم مختلف، ومرحلة الدعم الذي كانت إسرائيل تأخذه بلا حساب، سيكون موضع مراجعة الآن، خاصة بعد أن استنفدت السياسة الإسرائيلية المتطرفة البقية الباقية من إمكانيات التفهم الدولي لإجراءاتها التي لم تقد إلا إلى زيادة التوتر، وإلى تعقيد فرص الحل السياسي لصراع طال أمده، وتفاقمت المعاناة الناتجة عنه.
---------
ارم