نقلت «يديعوت أحرونوت» عن لقاء مع عدد من قادة الأجهزة الإستخبارية التابعة لقيادات
الجبهات الإسرائيلية الشمالية والجنوبية والوسطى والداخلية تقديرهم بأن الوضع الذي يعيشونه يتسم بانعدام اليقين والتحولات الإستراتيجية غير المتوقعة. وتعتبر أجهزة الاستخبارات التابعة للقيادات المناطقية الجهات التي ينبغي أن تُطلق قبل غيرها صفارة الإنذار، محذرة مما سيحدث خصوصاً أنها المسؤولة عن متابعة ما يحدث بشكل يومي في عمق عشرات الكيلومترات داخل أراضي العدو. كما أنه وفقاً للتقدير فإنه في أي مجابهة مستقبلية ستضطر إسرائيل خلالها لاجتياح الحدود بقوات كبيرة، فإن دور هذه الأجهزة يتعاظم. وهناك توقعات بأن أمراً كهذا ممكن الحدوث في سوريا ولبنان وغزة والضفة الغربية.
وبحسب المراسل العسكري لـ«يديعوت» أليكس فيشمان فإن جميع قادة الأجهزة الاستخبارية المناطقية أبدوا في أحاديثهم حذراً وشكاً كبيرين. كما أنهم جميعاً يعتقدون أن المجهول في الواقع الجديد أكثر من المعلوم، ولذلك فإن تقديراتهم للموقف أشد حذراً وتعقيداً. ويشير فيشمان إلى أن شعبة الاستخبارات العسكرية دفعت في الأعوام الأخيرة بالكثير من القدرات إلى فروعها المناطقية، حيث بات رجال الوحدة 8200 المتخصصة في التجسس الإلكتروني ينتشرون في قيادات المناطق والفرق. وكانت الغاية من إرسالهم إلى الجبهات تقصير مدى الإنذار وخدمة القوات المقاتلة من دون وسطاء. كما صار قادة الأجهزة المناطقية مسؤولين عن وحدات العملاء ووحدات جمع المعلومات الظاهرة، بل وأصبحت لديهم وحدات تحليل معلومات.
ويعتقد قادة الاستخبارات المناطقيين أنه قبل أن ينتهي الشرق الأوسط من بلورة صورته النهائية سوف يضطر لاجتياز هزة أمنية كبيرة واحدة على الأقل. واحتمالات استمرار العيش في السنوات الثلاث المقبلة في ظل الأزمة الإيرانية عالية وفق التقدير الشائع في إسرائيل، حيث يعتبر الصدام العسكري مع إيران محتوماً وجدوله الزمني المتوقع طويلاً. فالحديث لا يدور عن ضربة سريعة، وإنما عن مواجهة متواصلة أولها ضربة عسكرية إسرائيلية أو أميركية، وبعدها موجات ارتداد إقليمية تمتد لأشهر وأكثر. ويحتمل حدوث العكس، مثلاً حادث موضعي كإطلاق صاروخ كيميائي ضد منطقة معينة في إسرائيل تتصاعد منها ردود الفعل إلى ضرب إيران. ولأسباب غير مرئية حالياً، يمكن للحدث الأخير أن يأتي من لبنان أو من جهات «الجهاد العالمي» في هضبة الجولان.
ولا يقتصر الخوف الإسرائيلي من تدهور الوضع على الجبهة اللبنانية بل يتعداه إلى الجبهتين السورية والمصرية في سيناء. وتزداد مخاوف إسرائيل مما يحدث في الضفة والقطاع، وهناك قلق حقيقي على استقرار النظام الهاشمي في الأردن. والخلاصة هي أن من يزعم بأن ليس لإسرائيل «أعداء على الجدار» يوهم نفسه كما يكتب فيشمان. «فهذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي يتشكل، والذي يعيش حالياً سيرورات عنيفة جداً. فالحدود الآمنة تتبدد».
ولكن العدو الذي تشير إليه إسرائيل ليس جيشاً تقليدياً، وإنما من منظمات ذات ارتباط وثيق بـ«الجهاد العالمي». وتحدثت «يديعوت» عن «جبهة النصرة» السورية التي لا تنشئ لنفسها فقط فرعاً في لبنان، وإنما أيضاً تتعاون مع «أنصار بيت المقدس» في سيناء. ويتحدث هذان التنظيمان عن مرحلة الجهاد المقبلة ضد الكفار، ضد إسرائيل. كذلك هناك أذرع «حزب الله» في لبنان، التي تمتد لتصل إلى سيناء وقطاع غزة. وكان قائد شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال أفيف كوخافي قد وصف ذلك أمام مؤتمر هرتسليا، بأنه «التصاق الإرهاب العالمي بحدودنا»، وهو وضع مزعج لم يسبق لإسرائيل أن جابهته، ولن ينتهي بصافرة تهدئة.
ويشرح قائد استخبارات المنطقة الشمالية الإسرائيلية التغير الذي طرأ على الوضع، قائلاً أن «طوال سنين عديدة، عندما كنا نضع المنظار وننظر إلى عمق سوريا، اعتدنا على رؤية أطر واضحة لجيش نظامي يعمل وفق معايير معروفة، وبهيكلية قيادية محددة. وعرفنا النفوس الفاعلة. اليوم، عندما أضع المنظار أكتشف أن وزن هذا الجيش تغير بشكل جوهري. صحيح أنني أعرف أين ينتشر حالياً وما هي قدراته، لكنه بات أقل إزعاجاً لي بالمعنى الاستراتيجي، لأنه منشغل بالقتال داخل سوريا. واحتمالات أن تشن سوريا كدولة مبادرة هجومية واسعة ضد إسرائيل باتت متدنية جداً، ومع مرور الوقت تزداد انخفاضاً». وأشار إلى المخاطر الحالية المتمثلة بشن عمليات أو اختطاف جنود أو حتى تسرب أنواع من الأسلحة. وقد أضيف إليها البعد «الجهادي» حيث لم تعد سوريا ممراً بل أصبحت مقراً له تأتيه جهات من أرجاء العالم، وهي غير معروفة لإسرائيل.
ويشدد قائد استخبارات المنطقة الشمالية على أن الحرب الأهلية السورية خلقت واقعاً جديداً لإسرائيل، حيث اختفت بؤر اهتمام سابقة ونشأت بؤر اهتمام جديدة. وهو يقول «إذا كان يهمنا في الماضي معرفة كيف يفكر جنرال سوري معين، فإن هذا الجنرال لم يعد اليوم على قيد الحياة أو أنه انشق، فماتت جهودنا معه. واليوم بات لزاماً أن نعرف الشيشاني المقيم في حلب، والذي يشغل مجموعة متطرفة ونريد أن نعرف ما سيفعل غداً»، مضيفاً أن «إنشاء بنية استخبارية جديدة حول العدو المختلف سوف يكتمل في العام المقبل. وهذا مشروع يكلف مئات الملايين من الشواكل».
عموماً يرى قائد استخبارات المنطقة الشمالية أن في سوريا ثلاثة أصناف من المعارضة: وطنية سورية، وهي القسم الأكبر، وإسرائيل غير مهتمة بهم. والثانية جماعات إسلامية نشأت من بين «الإخوان المسلمين» وتدعمهم تركيا، والثالثة الجماعات الجهادية التي تهدد لبنان وإسرائيل. وخلص إلى أن احتمالات الصدام مع أي من هذه الجهات تتزايد، وأن من يفجر نفسه في منشآت سورية يمكن أن يفجر نفسه في مؤسسات إسرائيلية.
وتحدث قائد استخبارات المنطقة الشمالية عن فهمه بأنه «ليس لحزب الله نية لبدء معركة مع إسرائيل. صحيح أن مركز اهتمام حزب الله هو إسرائيل وترسانته موجهة ضدنا ولا خطاب لنصر الله من دون أن تظهر فيه إسرائيل، ولكن هذا الحزب لا ينوي الصدام. فقد ضعف جراء ضعف ظهيره الاستراتيجي السوري. وهناك قوى عديدة تتحداه في لبنان».
وليس صدفة أن المراسل العسكري لـ«هآرتس» عاموس هارئيل اختار لمقالته عنوان «الحرب المقبلة ـ لبنان الثانية بعشرة أضعاف». ويبدأ هارئيل مقالته بالتأكيد على فرضية شائعة، وهي أن الحرب المقبلة ستشهد صليات كبيرة من الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية. ولذلك غدا قائد الجبهة الداخلية الجنرال إيال آيزنبرغ في موضع مركزي بوصفه المسؤول عن الشق الدفاعي في نظرية الحرب الإسرائيلية الجديدة. ويرى آيزنبرغ أن الحرب المقبلة مختلفة لأن «أعداءنا تخلوا عن مقاربة الحسم التي كانت تلهمهم في حروب الماضي وتبنوا في السنوات الاخيرة مقاربة الاستنزاف. وأنت ترى مساراً مذهلاً للتسلح بقذائف صاروخية وصواريخ كل الهدف منها إصابة الجبهة الداخلية في دولة اسرائيل. وهذا تغير دراماتيكي».
ويؤمن آيزنبرغ بأن إطلاق الصواريخ لدى «حزب الله» مثلاً «هو الأقل تكلفة، في وسائل قتالية بسيطة ذات أثر كبير نسبياً وبتكلفة متدنية. وهو يوفر لنفسه شهادة تأمين بسعر منخفض». ويشدد قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلي على أن «حزب الله» الذي كان بوسعه إطلاق مئات الصواريخ في حرب لبنان الثانية «قادر اليوم على أن يطلق على مركز البلاد من القذائف الصاروخية عشرة أضعاف ذلك ـ وستكون رؤوس الصواريخ أثقل وأدق أيضاً».
ويقتبس هارئيل من كلام آيزنبرغ أنه اذا نشبت حرب مع «حزب الله» فإن «غوش دان ستقع تحت رشقات صاروخية كثيفة. ويملك حزب الله حوالي خمسة آلاف رأس صاروخي تبلغ أوزانها بين 300 و880 كيلوغراماً. وأُقدر أن تكون الأيام الأولى صعبة جداً. وأنا أستعد لسيناريو يُطلق فيه على الجبهة الداخلية أكثر من ألف صاروخ وقذيفة صاروخية في كل يوم قتال». ويشير إلى أن الحرب مكلفة على الطرفين، حيث سيخرج الاثنان جريحين، «وإن كنا نستطيع اعادة بناء أنفسنا بسرعة أكبر».
ويصف هارئيل كيف انتقل الانشغال الإعلامي الإسرائيلي من احتمالات الهجوم على إيران إلى عواقب الحرب الأهلية في سوريا. ويبين أن آيزنبرغ يقول إن التقدير الاستخباري يتحدث عن تراجع احتمالات مبادرة أي جيش عربي لمهاجمة إسرائيل. ويضيف «لكن كمية البخار المشتعل في المنطقة زادت جداً. وهناك احتمال عال لأن يحرق عود ثقاب ضال ما الشرق الاوسط. قد يوجد تعقيد تكتيكي يفضي الى معركة شاملة. نحن قلقون جداً لكن هذا جزء من عملنا». ومع ذلك ينبه آيزنبرغ من أنه «لا يرى حرباً كيميائية مدبرة علينا. هل يمكن ان يصل سلاح كيميائي ما الى أيد غير صحيحة ويُستعمل؟ هذا مؤكد. وهل يوجد احتمال ما لهجوم ارهابي غير تقليدي في المستقبل؟ نعم بلا شك. لن يهزم هذا دولة اسرائيل فنحن نعلم كيف نعالج هذا النوع من الاحداث ونحن مستعدون له».
الجبهات الإسرائيلية الشمالية والجنوبية والوسطى والداخلية تقديرهم بأن الوضع الذي يعيشونه يتسم بانعدام اليقين والتحولات الإستراتيجية غير المتوقعة. وتعتبر أجهزة الاستخبارات التابعة للقيادات المناطقية الجهات التي ينبغي أن تُطلق قبل غيرها صفارة الإنذار، محذرة مما سيحدث خصوصاً أنها المسؤولة عن متابعة ما يحدث بشكل يومي في عمق عشرات الكيلومترات داخل أراضي العدو. كما أنه وفقاً للتقدير فإنه في أي مجابهة مستقبلية ستضطر إسرائيل خلالها لاجتياح الحدود بقوات كبيرة، فإن دور هذه الأجهزة يتعاظم. وهناك توقعات بأن أمراً كهذا ممكن الحدوث في سوريا ولبنان وغزة والضفة الغربية.
وبحسب المراسل العسكري لـ«يديعوت» أليكس فيشمان فإن جميع قادة الأجهزة الاستخبارية المناطقية أبدوا في أحاديثهم حذراً وشكاً كبيرين. كما أنهم جميعاً يعتقدون أن المجهول في الواقع الجديد أكثر من المعلوم، ولذلك فإن تقديراتهم للموقف أشد حذراً وتعقيداً. ويشير فيشمان إلى أن شعبة الاستخبارات العسكرية دفعت في الأعوام الأخيرة بالكثير من القدرات إلى فروعها المناطقية، حيث بات رجال الوحدة 8200 المتخصصة في التجسس الإلكتروني ينتشرون في قيادات المناطق والفرق. وكانت الغاية من إرسالهم إلى الجبهات تقصير مدى الإنذار وخدمة القوات المقاتلة من دون وسطاء. كما صار قادة الأجهزة المناطقية مسؤولين عن وحدات العملاء ووحدات جمع المعلومات الظاهرة، بل وأصبحت لديهم وحدات تحليل معلومات.
ويعتقد قادة الاستخبارات المناطقيين أنه قبل أن ينتهي الشرق الأوسط من بلورة صورته النهائية سوف يضطر لاجتياز هزة أمنية كبيرة واحدة على الأقل. واحتمالات استمرار العيش في السنوات الثلاث المقبلة في ظل الأزمة الإيرانية عالية وفق التقدير الشائع في إسرائيل، حيث يعتبر الصدام العسكري مع إيران محتوماً وجدوله الزمني المتوقع طويلاً. فالحديث لا يدور عن ضربة سريعة، وإنما عن مواجهة متواصلة أولها ضربة عسكرية إسرائيلية أو أميركية، وبعدها موجات ارتداد إقليمية تمتد لأشهر وأكثر. ويحتمل حدوث العكس، مثلاً حادث موضعي كإطلاق صاروخ كيميائي ضد منطقة معينة في إسرائيل تتصاعد منها ردود الفعل إلى ضرب إيران. ولأسباب غير مرئية حالياً، يمكن للحدث الأخير أن يأتي من لبنان أو من جهات «الجهاد العالمي» في هضبة الجولان.
ولا يقتصر الخوف الإسرائيلي من تدهور الوضع على الجبهة اللبنانية بل يتعداه إلى الجبهتين السورية والمصرية في سيناء. وتزداد مخاوف إسرائيل مما يحدث في الضفة والقطاع، وهناك قلق حقيقي على استقرار النظام الهاشمي في الأردن. والخلاصة هي أن من يزعم بأن ليس لإسرائيل «أعداء على الجدار» يوهم نفسه كما يكتب فيشمان. «فهذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي يتشكل، والذي يعيش حالياً سيرورات عنيفة جداً. فالحدود الآمنة تتبدد».
ولكن العدو الذي تشير إليه إسرائيل ليس جيشاً تقليدياً، وإنما من منظمات ذات ارتباط وثيق بـ«الجهاد العالمي». وتحدثت «يديعوت» عن «جبهة النصرة» السورية التي لا تنشئ لنفسها فقط فرعاً في لبنان، وإنما أيضاً تتعاون مع «أنصار بيت المقدس» في سيناء. ويتحدث هذان التنظيمان عن مرحلة الجهاد المقبلة ضد الكفار، ضد إسرائيل. كذلك هناك أذرع «حزب الله» في لبنان، التي تمتد لتصل إلى سيناء وقطاع غزة. وكان قائد شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال أفيف كوخافي قد وصف ذلك أمام مؤتمر هرتسليا، بأنه «التصاق الإرهاب العالمي بحدودنا»، وهو وضع مزعج لم يسبق لإسرائيل أن جابهته، ولن ينتهي بصافرة تهدئة.
ويشرح قائد استخبارات المنطقة الشمالية الإسرائيلية التغير الذي طرأ على الوضع، قائلاً أن «طوال سنين عديدة، عندما كنا نضع المنظار وننظر إلى عمق سوريا، اعتدنا على رؤية أطر واضحة لجيش نظامي يعمل وفق معايير معروفة، وبهيكلية قيادية محددة. وعرفنا النفوس الفاعلة. اليوم، عندما أضع المنظار أكتشف أن وزن هذا الجيش تغير بشكل جوهري. صحيح أنني أعرف أين ينتشر حالياً وما هي قدراته، لكنه بات أقل إزعاجاً لي بالمعنى الاستراتيجي، لأنه منشغل بالقتال داخل سوريا. واحتمالات أن تشن سوريا كدولة مبادرة هجومية واسعة ضد إسرائيل باتت متدنية جداً، ومع مرور الوقت تزداد انخفاضاً». وأشار إلى المخاطر الحالية المتمثلة بشن عمليات أو اختطاف جنود أو حتى تسرب أنواع من الأسلحة. وقد أضيف إليها البعد «الجهادي» حيث لم تعد سوريا ممراً بل أصبحت مقراً له تأتيه جهات من أرجاء العالم، وهي غير معروفة لإسرائيل.
ويشدد قائد استخبارات المنطقة الشمالية على أن الحرب الأهلية السورية خلقت واقعاً جديداً لإسرائيل، حيث اختفت بؤر اهتمام سابقة ونشأت بؤر اهتمام جديدة. وهو يقول «إذا كان يهمنا في الماضي معرفة كيف يفكر جنرال سوري معين، فإن هذا الجنرال لم يعد اليوم على قيد الحياة أو أنه انشق، فماتت جهودنا معه. واليوم بات لزاماً أن نعرف الشيشاني المقيم في حلب، والذي يشغل مجموعة متطرفة ونريد أن نعرف ما سيفعل غداً»، مضيفاً أن «إنشاء بنية استخبارية جديدة حول العدو المختلف سوف يكتمل في العام المقبل. وهذا مشروع يكلف مئات الملايين من الشواكل».
عموماً يرى قائد استخبارات المنطقة الشمالية أن في سوريا ثلاثة أصناف من المعارضة: وطنية سورية، وهي القسم الأكبر، وإسرائيل غير مهتمة بهم. والثانية جماعات إسلامية نشأت من بين «الإخوان المسلمين» وتدعمهم تركيا، والثالثة الجماعات الجهادية التي تهدد لبنان وإسرائيل. وخلص إلى أن احتمالات الصدام مع أي من هذه الجهات تتزايد، وأن من يفجر نفسه في منشآت سورية يمكن أن يفجر نفسه في مؤسسات إسرائيلية.
وتحدث قائد استخبارات المنطقة الشمالية عن فهمه بأنه «ليس لحزب الله نية لبدء معركة مع إسرائيل. صحيح أن مركز اهتمام حزب الله هو إسرائيل وترسانته موجهة ضدنا ولا خطاب لنصر الله من دون أن تظهر فيه إسرائيل، ولكن هذا الحزب لا ينوي الصدام. فقد ضعف جراء ضعف ظهيره الاستراتيجي السوري. وهناك قوى عديدة تتحداه في لبنان».
وليس صدفة أن المراسل العسكري لـ«هآرتس» عاموس هارئيل اختار لمقالته عنوان «الحرب المقبلة ـ لبنان الثانية بعشرة أضعاف». ويبدأ هارئيل مقالته بالتأكيد على فرضية شائعة، وهي أن الحرب المقبلة ستشهد صليات كبيرة من الصواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية. ولذلك غدا قائد الجبهة الداخلية الجنرال إيال آيزنبرغ في موضع مركزي بوصفه المسؤول عن الشق الدفاعي في نظرية الحرب الإسرائيلية الجديدة. ويرى آيزنبرغ أن الحرب المقبلة مختلفة لأن «أعداءنا تخلوا عن مقاربة الحسم التي كانت تلهمهم في حروب الماضي وتبنوا في السنوات الاخيرة مقاربة الاستنزاف. وأنت ترى مساراً مذهلاً للتسلح بقذائف صاروخية وصواريخ كل الهدف منها إصابة الجبهة الداخلية في دولة اسرائيل. وهذا تغير دراماتيكي».
ويؤمن آيزنبرغ بأن إطلاق الصواريخ لدى «حزب الله» مثلاً «هو الأقل تكلفة، في وسائل قتالية بسيطة ذات أثر كبير نسبياً وبتكلفة متدنية. وهو يوفر لنفسه شهادة تأمين بسعر منخفض». ويشدد قائد الجبهة الداخلية الإسرائيلي على أن «حزب الله» الذي كان بوسعه إطلاق مئات الصواريخ في حرب لبنان الثانية «قادر اليوم على أن يطلق على مركز البلاد من القذائف الصاروخية عشرة أضعاف ذلك ـ وستكون رؤوس الصواريخ أثقل وأدق أيضاً».
ويقتبس هارئيل من كلام آيزنبرغ أنه اذا نشبت حرب مع «حزب الله» فإن «غوش دان ستقع تحت رشقات صاروخية كثيفة. ويملك حزب الله حوالي خمسة آلاف رأس صاروخي تبلغ أوزانها بين 300 و880 كيلوغراماً. وأُقدر أن تكون الأيام الأولى صعبة جداً. وأنا أستعد لسيناريو يُطلق فيه على الجبهة الداخلية أكثر من ألف صاروخ وقذيفة صاروخية في كل يوم قتال». ويشير إلى أن الحرب مكلفة على الطرفين، حيث سيخرج الاثنان جريحين، «وإن كنا نستطيع اعادة بناء أنفسنا بسرعة أكبر».
ويصف هارئيل كيف انتقل الانشغال الإعلامي الإسرائيلي من احتمالات الهجوم على إيران إلى عواقب الحرب الأهلية في سوريا. ويبين أن آيزنبرغ يقول إن التقدير الاستخباري يتحدث عن تراجع احتمالات مبادرة أي جيش عربي لمهاجمة إسرائيل. ويضيف «لكن كمية البخار المشتعل في المنطقة زادت جداً. وهناك احتمال عال لأن يحرق عود ثقاب ضال ما الشرق الاوسط. قد يوجد تعقيد تكتيكي يفضي الى معركة شاملة. نحن قلقون جداً لكن هذا جزء من عملنا». ومع ذلك ينبه آيزنبرغ من أنه «لا يرى حرباً كيميائية مدبرة علينا. هل يمكن ان يصل سلاح كيميائي ما الى أيد غير صحيحة ويُستعمل؟ هذا مؤكد. وهل يوجد احتمال ما لهجوم ارهابي غير تقليدي في المستقبل؟ نعم بلا شك. لن يهزم هذا دولة اسرائيل فنحن نعلم كيف نعالج هذا النوع من الاحداث ونحن مستعدون له».