نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


أي خلافة يريدها حزب التحرير؟؟




يصل إلى بريدي الاليكتروني بشكل منتظم كل ما يصدر عن حزب التحرير من بيانات ومقالات وغيرها مما ينشره الحزب ويروج له من أفكار تدعو في المجمل إلى ما يتبناه الحزب من مواقف وآراء ودعوات إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية. وقد كان آخر ما وصلني في هذا المجال هو ما يتعلق بإقامة مهرجان للحزب تحت عنوان ذكرى هدم الخلافة الإسلامية، وكان قد سبق ذلك مقال لعضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين السيد علاء أبو صالح.


وقد لفت انتباهي في المقال العنوان الذي اختاره السيد أبو صلاح حيث كان – الخلافة حقيقة وليست خيالا يداعب الأحلام- هذه الحقيقة التي لا ادري أي معطيات وأي وقائع أو ظروف استند إليها ليتحدث عنها، فهو يقول " مع اقتراب عودة الخلافة الثانية راشدة على منهاج النبوة من جديد ومع ازدياد عدد المطالبين بعودتها من المسلمين بل لا أبالغ إن قلت إن الأمة باتت تجمع على التعلق بدعوة الخلافة... إلى آخر المقال".
الحقيقة أنني لست ادري كيف يرى السيد أبو صالح أن الخلافة تقترب، وإنها سوف تكون راشدة على منهاج النبوة من جديد، ولا اعلم من أين أتى بكل ما قاله في مقاله عن ازدياد أعداد المطالبين بعودة الخلافة، وان الأمة مجمعة على التعلق بدعوة الخلافة، وان هذه الأجواء تبشر بعودة الأمة إلى مكانتها المرموقة التي تستحق، نحن نفهم ان من حق السيد الكاتب ان يروج لأفكار حزبه وان يحاول تعميمها والتنظير لها، لكن ذلك يأتي من خلال محاولته دعم ما يتحدث عنه بوقائع وظروف حقيقية موضوعية، وبراهين لا تقبل الرد أو النقاش، لا من خلال هذا القفز الفج عن الواقع ومحاولة التنظير لموضوع هو عمليا أصبح من التاريخ ولا علاقة له بمتطلبات العصر، هذا عدا عن القفز بشكل غير مستساغ عن الواقع الذي تعيشه الأمة، وكل هذه الفرقة والتبعية والتخلف، فهذا ما لا يمكن تبريره أو فهمه.
من الواضح أن حزب التحرير ومن يقوم عليه لا يتقنوا قراءة التاريخ بشكل جيد، لا بل يمكن القول ان هؤلاء القوم لم يفقهوا تاريخ الخلافة الإسلامية بشكل حقيقي، حيث إن أي قراءة صحيحة بعيدة عن التعصب وفيها شيء من الموضوعية لتاريخ الخلافة الإسلامية، سوف تبين لهم ان هذه الخلافة ومنذ البدايات الأولى بعد وفاة الرسول محمد “ص"، كانت محل خلاف وتنازع عاشته امة الإسلام على مدار القرون التي تلت ذلك وما زالت، وهي ومنذ ان انتهت خلافة ابو بكر - حتى لا نقول قبل ان تبدأ وما حدث في السقيفة من خلافات على من يسود القوم بعد وفاة الرسول الأكرم-، تحولت إلى خلافة ليس فقط محل تنازع سلمي أو خلاف حضاري ابتعدت فيه عن الدم، لا بل كانت في اغلبها محل تنازع وتناحر دموي مؤلم وتميزت بمؤامرات قل نظيرها، وإلا ماذا يعني ان يموت ثلاثة من الخلفاء الراشدين ومن أصحاب الرسول قتلا وغدرا، وماذا يعني -بحسب الطبري في كتابه تاريخ الأمم والملوك الجزء الثالث ص 439- أن يترك عثمان بعد مقتله يومين دون دفن، وعندما وضع للصلاة عليه جاء نفر من الأنصار يمنعونهم من الصلاة عليه ومنعوهم دفنه في البقيع ورفضوا دفنه في مقابر المسلمين فدفنوه في حش كوكب (مقابر لليهود).
هذا الحديث قد لا يعجب الكثير من الإخوة في حزب التحرير، وهو بالضرورة لن يعجب غيرهم في الحركات الإسلامية، إلا ان ما نود قوله هنا هو ان هذا الذي نكتب ليس سوى حديث التاريخ، وما جاء إلينا من أخبار السابقين، نحاول من خلاله ان نخضع تجربة الخلافة الإسلامية التي ينظر لها من ينظر، ويروج لها من يروج، إلى نقاش موضوعي، نقاش علني نحاول من خلاله تلمس الحقيقة، بدون اللجوء إلى محاولات التخويف والتكفير والإخراج من الملة والردة عن دين الإسلام الحنيف التي عادة ما يمارسها رجال الدين أو من قد يتضررون من ذكر الحقيقة كما هي وكما أوردتها كتب التاريخ التي عادة ما يستندون إليها في – مقارعة خصومهم-.
الحديث عن الخلافة وعن الإسلام بعد كل هذه القرون من وفاة رسول الإسلام محمد ص هو حديث فيه الكثير من المبالغة، لان عهد الإسلام انتهى مع وفاة حامل الرسالة، وأصبح ما بعد ذلك هو عهد المسلمين، قد يقترب من الإسلام وقد لا يكون له علاقة به، وهذا يعتمد على من يقوم على أمر المسلمين.
واقع الحال يقول ان ما يتم رفعه من شعارات في هذه الأيام من الحركات الإسلامية بشكل عام ومن دعوات يرددها حزب التحرير لعودة الخلافة هي ليست سوى شعارات تتغلف بالدين، وهي في حقيقة الأمر ليست سوى أمور تتعلق بالسياسة والحكم والسيطرة عليه وعلى مقاليده، وهي قد تنطلي على الغالبية من البسطاء من الناس الذي بدون شك ينجرون خلف هذه الأضاليل والدعوات الكاذبة للنقاء، كما اننا نرى أن هذه الدعوات وفي المجمل لا تستهدف سوى القيادة والحكم لا الفردوس العظيم وهي تستهدف الجاه والسيطرة لا الآخرة. كما ان هؤلاء يلجئون إلى التعسف في تفسير الآيات الكريمة في القرآن الكريم لا بل ويتجاهلون احد أهم القضايا التي أصبحت في خبر كان وهي المتعلقة بالاجتهاد في القضايا المعاصرة، علما بان عمر بن الخطاب اجتهد فعطل أكثر من نص، بينما القاعدة تقول ان لا اجتهاد بوجود نص، فهو قد اجتهد في موضوع المؤلفة قلوبهم برغم وجود نص واضح في ذلك عندما استشاره ابو بكر، كما عطل إقامة الحد على السارق.
وبالعودة إلى موضوع الخلافة الذي يتبناه حزب التحرير منذ تأسيسه فإننا نعتقد بأنها ليست سوى دعوة للعودة بالأمة إلى الوراء ودعوة إلى مزيد من التخلف برغم أن هذه الأمة لا تزال تعاني من تخلف وتبعية كان السبب الرئيسي في ذلك هي دولة الخلافة العثمانية التي حكمت الأمة وخاصة المنطقة العربية بكل ما يمكن تصوره من ظلم وتعسف، بحيث لم تترك – الوطن العربي على الأقل- إلا وهو في قاع العالم، وهي تركته نهبا للقوى الاستعمارية والإمبريالية، كما وتركته نهبا للتقسيم والانقسام، عدا عن أن الدولة التركية التي نتجت عن دولة الخلافة، لا زال لها أطماع في المنطقة العربية، ولا زالت تحتل أراض عربية لعل حزب التحرير يعلمها.
أخيرا فان السؤال الذي لا بد من توجيهه إلى حزب التحرير هو أي دولة خلافة يريد، هل هي الخلافة الراشدة أو الراشدية التي قضاها ابو بكر في حرب الردة والمرتدين؟ أم ترى هي خلافة علي الذي قضى فترة خلافته في حروب مع الخارجين عليه والرافضين لخلافته بدءا من عائشة زوجة الرسول ومن تحالف معها في واقعة الجمل ومحاربة معاوية في موقعة صفين وانتهاء بالعديد من الحروب على الخارجين عليه؟، أم ترى بخلافة عثمان المبشر بالجنة؟ الذي اختلف الجميع عليه واتفقوا على الخلاص منه ووصل الأمر بهم إلى مناداته ب –نعثل- تشبيها له بمسيحي من أهل المدينة كان اسمه نعثلا، أو بتحريض عائشة على قتله " اقتلوا نعثلا لعن الله نعثلا"، أم ترى يريد حزب التحرير دولة الخلافة على غرار الأمويين وكل ما جرى في عهدهم، وهنا لا يتسع للحديث عن كل ما كان في عهدهم ابتداء من معاوية وتآمره مع عمرو بن العاص على الخليفة علي بن أبي طالب وهذا ما ينطبق على العهد العباسي الذي افتتحه السفاح بنبش قبور خلفاء بني أمية، أم ترى هي خلافة مختلفة غير كل هذا الذي ذكرناه في أذهان من يدعون إليها في قيادة حزب التحرير؟ إن الدعوة الى عودة الخلافة يعني بالضرورة الدعوة الى مزيد من التخلف والفقر والجهل والمرض والتبعية والخضوع والخنوع وهذا ما لا اعتقد بان الأمة بحاجة إليه. أو ليس الدعوة الى المقاومة في ظل كل هذه –الاحتلالات- والتبعية هي أفضل وفيها من الواقعية ما هو أكثر بكثير من الدعوة إلى عودة الخلافة؟ سؤال نضعه أمام مسؤولي حزب التحرير



رشيد شاهين
الاربعاء 8 يوليوز 2009