نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


أسئلة مستقبلية عن الدور السعودي





استوقفتني عبارة شديدة التكثيف في مقال عبد الرحمن الراشد بصحيفة "الشرق الاوسط " اليوم ٧ اغسطس - آب ٢٠١٤ وهي جديرة بوقفة طويلة لسببين أولهما ان الراشد الذي احترمه كاتبا وانسانا ٫ وصديقا يمتلك هو وجمال خاشقجي جرأة تنبع من حصانة تاريخية اكتسباها بالجدية وعمق الاطلاع وبالتدريج ٫ وهي تبيح لصاحبها ان يقول مالا يجرؤ على قوله الاخرون وهنا لا بد من تحفظ فتلك الحصانة لم تحمي مفكرا بوزن تركي الحمد لكنها حمت قبلهما الراحل الكبير الشاعر والكاتب غازي القصيبي الذي كانت مقالاته وخصوصا اثناء حرب العراق بوصلة لفهم التوجه الشعبي و الرسمي السعودي حين اتحدا في تلك المرحلة العصيبة من عمر مملكة تتناهبها الاطماع .


 
أما السبب الثاني فهو كون عبد الرحمن الراشد أ حد العقول السعودية النيرة القريبة من صانع القرار السعودي ٫ وقبل ان يعترض أحد بالقول ان القرار بالسعودية ارتجالي فالمملكة  - تسير على البركة - ولا مركز لصنع القرار فيها٫ أشير الى ان مجموعة من الامراء النافذين وابناؤهم الممسكين بمفاصل الدولة يشكلون دائرة مهمة في التأثير على صاحب القرار ٫ وتحديدا ابناء الاميرين الراحل سلطان والباقي سلمان ٫ وقبلهما ابناء الملكيين فيصل وفهد .
والعبارة التي استوقفتني في مقال الراشد تتعلق بهبة المليار دولار اضافي للجيش اللبناني و هي  " السعودية أخذت قرارا ضد مفهوم الميليشيات، سنية كانت أو شيعية، في لبنان وغيره. تعتبر أن تعزيز الدولة هو الخيار الصحيح ليس للإنسان اللبناني، بل أيضا لكل دول المنطقة المعنية باستتباب الأمن. وردا على امتناع السعودية عن دعم الخروج على الشرعية، قام نظام الأسد، وكذلك الإيراني، باختراع زعامات سنية دينية منافسة للزعامات السنية المدنية وذلك منذ الثمانينات، تحاول خطف القيادة من قيادات مثل كرامي والصلح والحريري. حتى مفتي السنة محمد رشيد قباني، ويا للمفارقة، يرفضه سنة لبنان ويعتبرونه موظفا تابعا لنظام الأسد! والحالة اللبنانية مشابهة للفلسطينية، حيث إن «فتح الإسلام» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي» تتبع للنظامين السوري والإيراني."
وفي ما يتعلق بامتناع السعودية عن دعم الخروج على الشرعية يبدو هذا الكلام مقبولا قبل الربيع العربي لكنه كان ٫ وككل السياسات العربية انتقائيا ٫ وليس لتعزيز مفهوم الدولة بقدر ما هو وفاء تقليدي لتحالفات واشخاص ٫ فصحيح ان السعودية استماتت في الدفاع عن مبارك وما تزال ٫ واستقبلت زين العابدين بن علي اول الفارين من الربيع لكن حين ثارت ليبيا لم تفعل شيئا لتعزيز الدولة الليبية وكان عبثا ان يطلب منها ذلك ٫ فالقذافي استأجر قتلة للقضاء على ملكها ٫ ولم تكن ليبيا مثل ما هي سوريا في ظل الاسدين الاب والابن دولة بالمفهوم المتعارف عليه بل جهاز مخابرات لذا نستبعد المثال الليبي ٫ ونقفز في المثال المصري الى مرحلته الثانية ٫ فنجد ان الموقف من الامتناع عن دعم الخروج على الشرعية اثناء الاطاحة بمرسي يختلف عنه أثناء الاطاحة بمبارك ٫ وقبل ان يتبرع أحد بالقول أن تراكم اخطاء الاخوان المسلمين لم يترك لاحد فرصة للدفاع عنهم دعونا نتذكر ان الاخوان في كل العالم العربي وليس في مصر وحدها كانوا يعيشون قبل عدة سنوات على الدعم السعودي قبل ان تخطفهم وتوظف ادوارهم قطر من خلال الجزيرة والاتحاد العالمي للاخوان ٫ ومن كان هذا دوره التاريخي معهم واياديه البيضاء عليهم لن يعدم وسيلة لايجاد قواسم مشتركة معهم قبل القفز لوصمهم بالارهاب .
ان تعزيز الدولة مطلب مدني لا خلاف عليه نحيي كل من يتمسك به لكن عن اي دولة نحكي ؟ صحيح ان مؤسسات الدولة اللبنانية افضل من دولة مخابرات القذافي والاسد لكن ألا يعلم صانع القرار السعودي والعقول النيرة المحيطة به ان " حالش " هو الذي يمسك بمفاصل الدولة اللبنانية اثناء حكومة ميقاتي والان خلال حكومة سلام ؟ ألا يعلم صاحب القرار السعودية ان ملفات الامن والدفاع والمطار والسياسة الخارجية هي جزء من آليات السيطرة الحالشية على الدولة اللبنانية ولن أسأل اين كانت الدولة اللبنانية ؟ واين كان جيشها في مايو - ايار ٢٠٠٨ حين حوصر جنبلاط في جبله ٫ واشتعلت النار في تلفزيون الحريري ٫ وعرف الناس خلال ساعتين من يحكم فعليا لبنان .
لقد اغتال زعيم " حالش " وسام الحسن واكثر من ضابط في فرع المعلومات والمكتب الثاني ليمنع الدولة اللبنانية من التحرك بشكل مستقل حتى لمحاكمة من يحمل متفجرات علي المملوك من دمشق ليفجرها في لبنان كالوزير السابق  ميشيل سماحة ٫ ألا يعرف السعوديون وهم رعاة اتفاق الطائف لماذا ينقل الحاكم الفعلي للبنان صهر ميشيل عون باسيل جبران بين الخارجية والاتصالات ٫ ولماذا يصر على ان يظل مفتاح السياسة الخارجية والداخلية بيده ؟ أين كانت الدولة اللبنانية وجيشها وأمنها والاف المرتزقة من حالش يعبرون يوميا الحدود اللبنانية ليعتدوا على مدنيين وابرياء في سوريا في سبيل تلبية رغبة ايران لتثبيت حكم الاسد ..؟
والسؤال الآن  ما دام عدم تأييد الخروج على الشرعية دون النظر الى شكل الدولة ومؤسساتها هو الموقف ٫ فهل نتوقع مثلا أن تعزز السعودية الدولة السورية من خلال بشار الكيماوي ومخابراته الجوية وتمنحه اربعة مليارات ليعمل على استتباب الامن ..؟ شخصيا لا أعتقد ذلك لكن منطقا من هذا النوع لابد ان يخلق توجسا مستترا عند كل من يتحالف مع السعودية ٫ ويعتمد عليها في قضية الامن والسلاح كبعض الفصائل السورية المقاتلة التي تشكو سرا من تناقص الدعم ٫ ولا يعرف أصحابها ما دام الامر هكذا هل سيستمر النظر اليهم كأصحاب قضية عادلة ٫ أم أنهم قد يصنفون قريبا كميليشيات سنية لا تشجع الدولة السعودية وجودها .
ولنعترف بعقلية براغماتية بحتة ان السعودية لا دولة ثورات ولا تؤيد الثورات ٫ وهي لا تنكر ذلك لكن كثافة اختلاط الاوراق دفعها الى مواقف انسانية مشكورة ٫ واخرى سياسية يجب النظر اليها في اطارها الاستراتيجي فالسعودية ايضا مهددة ٫ وهي ككل من يتطلع الى دور اقليمي مميز بحاجة الى حلفاء تعتمد عليهم وقت الشدة فهي محاصرة بالحوثيين وجيش المالكي ومخابرات بشار ومرتذقة حالش ٫ وافسدت مؤخرا بسبب مصر علاقتها مع تركيا لكن يظل خوفها الدائم من ايران التي ان استتب لها الامر في سوريا ولبنان استتبابه في العراق فستكون قد انتصرت بسياستها العدوانية بينما السعودية محتارة تقدم رجلا ٫ وتؤخر أخرى .
ان التساؤل عن الدور المستقبلي للسعودية يشمل الخليج ضمنا ٫ فخارج تمرد قطر الذي قد يسوى قريبا لا توجد سياسات خليجية مستقلة عن السعودية اللهم الا خط السلامة الذي اختطه تاريخيا السلطان قابوس مع ايران منذ ان ارسل الشاه عدة الاف من الجيش الايراني والسافاك  لمساعدته اثناء ثورة ظفار الامر الذي يذكرنا بأن تدخل ايران عسكريا في سوريا ليس هو الاول بل الثالث بعد مساعدة السلطنة واحتلال جزر الامارات .
ان اي دور اقليمي يحتاج الى قوة للحفاظ عليه والسعودية انفقت مئات المليارات لشراء اسلحة ٫ وعندها طائرات متطورة اكثر من اسرائيل لكن تلك الاسلحة لم تستخدم ولم توظف للردع ٫ والا لارتدع الحوثيون الذين اعتدوا على الحدود السعودية عدة مرات بأسلحة ايرانية ٫ وما دام الامر كذلك فهل يقوم الدور السعودي المستقبلي على التصعيد مع ايران أم على التهدئة معها ..؟
المؤشرات تقول ان الاحتمال الثاني هو المرجح ٫ وان صح ذلك - واتمنى ان اكون مخطئا - فانها وتحت مظلة الحملة على الارهاب التي دخلتها تحت الضغوط الاميركية قد تجد نفسها ان لم تكن حذرة بما فيه الكفاية حليفة للمالكي وبشار مع انه لا دولة هنا لتعززها ولا شرعية هناك لتمتنع عن تأييد الخارجين عليها .

د . محيي الدين اللاذقاني
الخميس 7 غشت 2014