صاحب السمو أمير البلاد..
هل يرضيك هذا الأمر؟ هل تقبل إن يطلب من مواطن كويتي، ولو من باب "النصيحة" مغادرة وطنه الكويت لتحاشي الظلم؟
عن نفسي أنا يا صاحب السمو، لا أصدق أننا وصلنا فعلا إلى هذه المرحلة.. لا أقبل بهذا.. ولن أقبلها للكويت أبدا، وأنا واثق أنك لن تقبلها في عهدك.. سوف أبقى في وطني الكويت ما حييت.. وسوف أنتظر موافقة سموكم على طلب اللقاء بكم الذي تقدمت به قبل عشرة أيام.. ويا صاحب السمو.. أهون على نفسي أن أحبس بسبب "قرار سياسي" أيا كان مصدره.. وأن أظلم بسبب تحريض بطانة فاسدة "خربانة" مهترئة الذمة فاقدة للضمير.. من أن أهجر بلادي.. لا لن أقبل المنفى الاختياري في أي ظرف..
يا صاحب السمو.. لقد منعتني كرامتي وكرامة بلادي من مغادرتها حين حكمها صدام حسين.. فهل يعقل أن أغادرها اليوم؟! لا وألف ألف لا.
على أي حال، يوم أمس الأثنين 15 مارس، اتصل بي صديق ينقل رسالة صادقة من مسؤول قال فيها: "بوعمر.. يسلم عليك "..." ويقولك الجماعة خلاص ناوين عليك وينصحك بمغادرة الكويت". شكرته على نقل الرسالة وطلبت منه توصيل شكري لمصدرها الذي أثق بحرصه على سلامتي، وإبلاغه بأنني لست من الصنف الذي يهرب، وقلت له "أنا ما أنحاش.. خل يحبسوني من يوم لي سنة".
وقبل أيام قال أحد الوزراء الشيوخ لبعض أصحابه: "خلاص القرار السياسي بحبس الجاسم اتخذ". وزير آخر، من الشيوخ أيضا، قال قبل فترة: "قاعدين نحضَر قضية حق الجاسم وراح نركعه على ركبه"!
وهنا أود أن أتوقف أمام مسألة مهمة: إن قرار الحبس لا يصدر إلا من محكمة أو من النيابة العامة أو من محقق في وزارة الداخلية.. وحين يقال أن "القرار السياسي" بحبس الجاسم قد اتخذ، وحين يطلب مني مغادرة البلاد تحاشيا لقرار الحبس، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: وما علاقة القرار السياسي بالقرار القضائي أو بقرار النيابة العامة أو المحقق؟! هل يملك أي مسؤول، مهما علا شأنه ومنصبه، أن يتحكم في هذا النوع من القرارات؟! هل يملك أي مسؤول أن يوجه النيابة العامة مثلا ويطلب منها حبس هذا المتهم أو ذاك؟ بالطبع لا. إن النيابة العامة مستقلة عن الحكومة، والنائب العام لا يخضع في قراراته سوى لحكم القانون وضميره، وبالطبع لا يجوز أن يكون بين النيابة العامة وبين أي جهة حكومية، حتى مباحث أمن الدولة، أي نوع من التنسيق أو الترتيب المسبق، فإذا كان هذا هو الحال، فكيف يضمن من اتخذ "القرار السياسي" بحبسي أن النيابة العامة سوف تصدر قرار الحبس فعلا حتى قبل أن تحقق معي وما مصدر ثقته؟!
في الآونة الأخيرة تعاظمت محاولات الاستخدام السياسي للقضاء والنيابة العامة من قبل مسؤولين في السلطة التنفيذية، وكل ما أتمناه أن ينتبه مجلس القضاء والنائب العام تحديدا الأخ حامد العثمان إلى تلك المحاولات ويضع لها حدا صونا لاستقلالية النيابة وسمعتها قبل فوات الأوان.. وكما قيل فليس من المهم أن يكون القضاء نزيها فعلا، بل المهم هو أن يقتنع الناس بأنه نزيه. إنني ومع ثقتي بأعضاء النيابة العامة وبقدرتهم على صد محاولات التدخل في عملهم، أكتب ما سبق حرصا مني على آخر حصون استقرار الدولة ألا وهو النيابة العامة والقضاء، وللمساهمة معهم في الوقوف بوجه من يحاول الإيحاء بأنه قادر على توجيه قرارات النيابة العامة ومن يحاول إظهار النيابة بمظهر التابع.
أعود إلى "نصيحة" المنفى الاختياري وأسأل: هل وصل الحال بنا في الكويت إلى هذه المرحلة فعلا؟! هل أصبح "المنفى الاختياري" وسيلة لتجنب "غضب" السلطة السياسية "وبطشها"؟!
الله أكبر. هذه ليست الكويت التي نعرف.. إن الطامة الكبرى هي أن تأتي نصيحة "المنفى الاختياري" في ظل قضيتين: واحدة من الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء طلب فيها اتهامي بقضية أمن دولة، والثانية من الشيخ ناصر صباح الأحمد، ابن الأمير ووزير الديوان الأميري، بقضية "أمن دولة" أيضا وقبل أن تحقق معي النيابة العامة في القضيتين. وإذا كنت أعلم عن دوافع وأهداف الشيخ ناصر المحمد، وإذا كنت أتفهم الدوافع الذاتية الخاصة لدى الشيخ ناصر صباح الأحمد وأفهم الأسباب المعقدة وراء "تطوعه" بتقديم القضية، فإنني أشعر بالضيق حقا أن تدشن قضية يرفعها ابن الأمير ورئيس الوزراء عهد "النفي الاختياري" للمواطنين أصحاب الرأي.
كما قلت قبل قليل.. لن أغادر بلادي حتى لو كنا في زمن "الآغا كوهين"، بل سوف أنتظر وأراقب كيف ينفذ "القرار السياسي" الذي صدر بحبسي، آملا أن يكون كل هذا مجرد "تهديد" لا حقيقة..
إنني إذ أكتب هذا المقال فأنا لا أهدف إلى التأثير على "القرار السياسي" بحبسي أبدا، وإن كنت لا أستبعد تأجيل تنفيذه مؤقتا بسبب هذا المقال، بل أقوم بتوثيق حاضر مؤلم أتعرض له، بل تتعرض له الكويت، سوف يصبح في يوم من الأيام تاريخا مشرفا لي ولأسرتي ولكل من يقف معي، وبقعة سوداء على جبين كل متخاذل. أقول هذا وأنا أود أن أعترف بأنني أتمنى فعلا أن يتم تنفيذ "القرار السياسي" بحبسي كي تتساقط "أوراق التوت" وتنكشف العورات..!
والله المستعان.
ملاحظة: أود أن أنبه القراء إلى أنه قد يتم، بشكل أو بآخر، "اختراق" الموقع خلال فترة احتجازي، إذا تم الحجز فعلا، ونشر مواد لا تعبر عن رأيي، وأنتم تعرفون آرائي وتوجهاتي وأثق بأنكم سوف تميزون بين ما أكتبه بحريتي وبين ما قد يكتب منسوبا لي.. لذا اقتضى التنويه تحسبا.
هل يرضيك هذا الأمر؟ هل تقبل إن يطلب من مواطن كويتي، ولو من باب "النصيحة" مغادرة وطنه الكويت لتحاشي الظلم؟
عن نفسي أنا يا صاحب السمو، لا أصدق أننا وصلنا فعلا إلى هذه المرحلة.. لا أقبل بهذا.. ولن أقبلها للكويت أبدا، وأنا واثق أنك لن تقبلها في عهدك.. سوف أبقى في وطني الكويت ما حييت.. وسوف أنتظر موافقة سموكم على طلب اللقاء بكم الذي تقدمت به قبل عشرة أيام.. ويا صاحب السمو.. أهون على نفسي أن أحبس بسبب "قرار سياسي" أيا كان مصدره.. وأن أظلم بسبب تحريض بطانة فاسدة "خربانة" مهترئة الذمة فاقدة للضمير.. من أن أهجر بلادي.. لا لن أقبل المنفى الاختياري في أي ظرف..
يا صاحب السمو.. لقد منعتني كرامتي وكرامة بلادي من مغادرتها حين حكمها صدام حسين.. فهل يعقل أن أغادرها اليوم؟! لا وألف ألف لا.
على أي حال، يوم أمس الأثنين 15 مارس، اتصل بي صديق ينقل رسالة صادقة من مسؤول قال فيها: "بوعمر.. يسلم عليك "..." ويقولك الجماعة خلاص ناوين عليك وينصحك بمغادرة الكويت". شكرته على نقل الرسالة وطلبت منه توصيل شكري لمصدرها الذي أثق بحرصه على سلامتي، وإبلاغه بأنني لست من الصنف الذي يهرب، وقلت له "أنا ما أنحاش.. خل يحبسوني من يوم لي سنة".
وقبل أيام قال أحد الوزراء الشيوخ لبعض أصحابه: "خلاص القرار السياسي بحبس الجاسم اتخذ". وزير آخر، من الشيوخ أيضا، قال قبل فترة: "قاعدين نحضَر قضية حق الجاسم وراح نركعه على ركبه"!
وهنا أود أن أتوقف أمام مسألة مهمة: إن قرار الحبس لا يصدر إلا من محكمة أو من النيابة العامة أو من محقق في وزارة الداخلية.. وحين يقال أن "القرار السياسي" بحبس الجاسم قد اتخذ، وحين يطلب مني مغادرة البلاد تحاشيا لقرار الحبس، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: وما علاقة القرار السياسي بالقرار القضائي أو بقرار النيابة العامة أو المحقق؟! هل يملك أي مسؤول، مهما علا شأنه ومنصبه، أن يتحكم في هذا النوع من القرارات؟! هل يملك أي مسؤول أن يوجه النيابة العامة مثلا ويطلب منها حبس هذا المتهم أو ذاك؟ بالطبع لا. إن النيابة العامة مستقلة عن الحكومة، والنائب العام لا يخضع في قراراته سوى لحكم القانون وضميره، وبالطبع لا يجوز أن يكون بين النيابة العامة وبين أي جهة حكومية، حتى مباحث أمن الدولة، أي نوع من التنسيق أو الترتيب المسبق، فإذا كان هذا هو الحال، فكيف يضمن من اتخذ "القرار السياسي" بحبسي أن النيابة العامة سوف تصدر قرار الحبس فعلا حتى قبل أن تحقق معي وما مصدر ثقته؟!
في الآونة الأخيرة تعاظمت محاولات الاستخدام السياسي للقضاء والنيابة العامة من قبل مسؤولين في السلطة التنفيذية، وكل ما أتمناه أن ينتبه مجلس القضاء والنائب العام تحديدا الأخ حامد العثمان إلى تلك المحاولات ويضع لها حدا صونا لاستقلالية النيابة وسمعتها قبل فوات الأوان.. وكما قيل فليس من المهم أن يكون القضاء نزيها فعلا، بل المهم هو أن يقتنع الناس بأنه نزيه. إنني ومع ثقتي بأعضاء النيابة العامة وبقدرتهم على صد محاولات التدخل في عملهم، أكتب ما سبق حرصا مني على آخر حصون استقرار الدولة ألا وهو النيابة العامة والقضاء، وللمساهمة معهم في الوقوف بوجه من يحاول الإيحاء بأنه قادر على توجيه قرارات النيابة العامة ومن يحاول إظهار النيابة بمظهر التابع.
أعود إلى "نصيحة" المنفى الاختياري وأسأل: هل وصل الحال بنا في الكويت إلى هذه المرحلة فعلا؟! هل أصبح "المنفى الاختياري" وسيلة لتجنب "غضب" السلطة السياسية "وبطشها"؟!
الله أكبر. هذه ليست الكويت التي نعرف.. إن الطامة الكبرى هي أن تأتي نصيحة "المنفى الاختياري" في ظل قضيتين: واحدة من الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء طلب فيها اتهامي بقضية أمن دولة، والثانية من الشيخ ناصر صباح الأحمد، ابن الأمير ووزير الديوان الأميري، بقضية "أمن دولة" أيضا وقبل أن تحقق معي النيابة العامة في القضيتين. وإذا كنت أعلم عن دوافع وأهداف الشيخ ناصر المحمد، وإذا كنت أتفهم الدوافع الذاتية الخاصة لدى الشيخ ناصر صباح الأحمد وأفهم الأسباب المعقدة وراء "تطوعه" بتقديم القضية، فإنني أشعر بالضيق حقا أن تدشن قضية يرفعها ابن الأمير ورئيس الوزراء عهد "النفي الاختياري" للمواطنين أصحاب الرأي.
كما قلت قبل قليل.. لن أغادر بلادي حتى لو كنا في زمن "الآغا كوهين"، بل سوف أنتظر وأراقب كيف ينفذ "القرار السياسي" الذي صدر بحبسي، آملا أن يكون كل هذا مجرد "تهديد" لا حقيقة..
إنني إذ أكتب هذا المقال فأنا لا أهدف إلى التأثير على "القرار السياسي" بحبسي أبدا، وإن كنت لا أستبعد تأجيل تنفيذه مؤقتا بسبب هذا المقال، بل أقوم بتوثيق حاضر مؤلم أتعرض له، بل تتعرض له الكويت، سوف يصبح في يوم من الأيام تاريخا مشرفا لي ولأسرتي ولكل من يقف معي، وبقعة سوداء على جبين كل متخاذل. أقول هذا وأنا أود أن أعترف بأنني أتمنى فعلا أن يتم تنفيذ "القرار السياسي" بحبسي كي تتساقط "أوراق التوت" وتنكشف العورات..!
والله المستعان.
ملاحظة: أود أن أنبه القراء إلى أنه قد يتم، بشكل أو بآخر، "اختراق" الموقع خلال فترة احتجازي، إذا تم الحجز فعلا، ونشر مواد لا تعبر عن رأيي، وأنتم تعرفون آرائي وتوجهاتي وأثق بأنكم سوف تميزون بين ما أكتبه بحريتي وبين ما قد يكتب منسوبا لي.. لذا اقتضى التنويه تحسبا.