تتحدث الفقرة المعنونة " مجموعات الفتنة " عن قيام العصابات المسلحة بدهن بعض المحتجين بالطلاء الأحمر للإيحاء بأنهم جرحوا خلال المواجهات مع قوات الأمن السورية ، وحين تدقق في الصورة لاعنا خبث مجموعات الفتنة التي تريد تدمير بلد مخابراته ملائكة بزي مخبرين أرسلهم الله لينشروا الحب والحنان في العالم ورحمة للعالمين ،اقول حين تدقق في الصورة لا تجد الطلاء ولا الاحتجاج ولا المظاهرة فهناك رجل مرمي على بلاط من مرمر يرتدي كنزة حمراء ومع التكرار تلاحظ أن التصوير تم على الارجح في الاستديوهات وان مجموعات الفتنة الذين لا تظهر منهم غير الأقدام قد يكونون من كومبارس القناة التي يكفي حصولها على ترخيص في زمن لا تراخيص فيه لمعرفة الخلفيات التي أدت الى تأسيسها في زمن حمشو ومخلوف وشاليش وبقية العائلات الساهرة على محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية .
صحيفة رامي مخلوف "الوطن " كانت أذكى من " دنيا " فلم تسرف في حديث الفتنة الا بضعة ايام خرجت بعدها وبتوجيهات سامية من ملك ملوك الفاسدين في سوريا للحديث عن حاجة البلد الى عقد إجتماعي – اي والله هكذا حرفيا وليغفر لنا روسو- ومع النكهة الكوميدية التي تضفيها خلفيات مالك الوطن – الصحيفة والبلد – على هكذا عقد لابد من ملاحظة أن حاسة رجال الإعمال أقوى ، وعسى أن يقوم ابن الخال بإقناع ابن العمة إن الأباطيل ما عادت تمر على الناس في زمن الأنترنت ، حيث كل صاحب موبايل وكالة أنباء متحركة .
لقد أدرك رامي مخلوف - على الاقل - أنه لابد من تبني لغة جديدة وأستراتيجية مختلفة وتأليف قصص مقنعة غير قصص الكائنات الفضائية التي تهبط لتقنص المتظاهرين ضد النظام وحين ينزل المؤيدون للرئيس الى الشارع تأخذ هذه الكائنات وجميع أصناف " البوكيمون والغراندايزر" إجازة جماعية فلا يسيل الدم ولا تحتاج القنوات السورية الى صبغة يود او طلاء أحمر لتصمم في أستوديوهاتها بعض المشاهد التي تدعم القصة الأساسية التي بذرها مؤلف فاشل في أرض سلطة غبية فأثمرت طعما مرا في عقول شعب ذكي تغاضى عن ترديد بثينة شعبان للحكاية الساذجة على أساس أنها مأمورة ومجرد منفذة لكن هاله أن يقف رئيسه ليكرر دون أن يرمش له جفن القصة ذاتها .
الشعب السوري ليس قاصرا ولا محدود الفهم بل أنه ولا فخر من اذكى شعوب المنطقة ولا يزال هذا الشعب يذكر قصة أخرى منذ سنوات قريبة حين تمت تصفية الشيخ الكردي الجليل معشوق الخزنوي ثم تمت فبركة قصة عن رجال قتلوه لخلاف على قطعة ارض وتم تقديم القتلة المفترضين في برنامج تلفزيوني طويل حيث أدلوا بإعترافات مفصلة بهدوء تام ودون أي غلطة وكأنهم يقرأون من "الاوتوكيو" كأي مذيع محترف ، ولك أن تسأل الآن اين هم هؤلاء القتلة المزعومين هل حكموا بسجن طويل ، وما يزالون في سجنهم أم شنقوا جزاء وفاقا على الجريمة التي زعموا إرتكابها ؟ وفي الحالتين يستطيع النظام ان يقدمهم ليثبت انهم يقضون عقوبتهم او يقدم ما يثبت انهم شنقوا ، فلا احد يشنق دون إثبات في غير أقبية المخابرات السورية .
لقد اشرنا الى هذه القصة لاثبات سوابق في الكذب والتلفيق والفبركة وهناك الكثير مثلها ومعظمه يدل على عقليات متخلفة في مصانع تلميع النظام ومحاولة ستر بعض أخطائه ،ولا زلت أذكر الى الآن تفاصيل قصة نزار هنداوي التي أطاحت بالفريق محمد الخولي الذي كان مسؤلا عن مخابرات القوة الجوية في زمن الأسد الاب فيومها وبعد إنكشاف أمر هنداوي وصديقته الايرلندية سارع الى السفارة السورية في لندن ليختبئ ولأن أمن السفارة – آنذاك - كان من عينة المخبرين أصحاب الجريدة المثقوبة والنظارة السوداء ، فقد سارع هؤلاء الى حلاقة شعره وصبغه باللون الاحمر – لعله ذات اللون المستخدم في استديوهات دنيا – وكان منظره أثناء القبض عليه يضحك الثكالى مع أن خلفيات القضية في غاية الجدية .
إن مشكلة النظام السوري – وما أكثر مشاكله – تكمن في أعتقاد بعض أجنحته إن الشعب ينسى وأنه يمكن الضحك عليه بتمثيليات هزلية كتلك التي أرسلوا فيها المفكر الكبير علي الديك المعروف إختصارا بعلوش ليحاضر على الناس في التلفزيون الرسمي ويعلمهم معنى الاخلاص والوطنية ومن سوء حظ هؤلاء ان هذا الشعب لا ينسى شيئا فهناك فرق بين الصبر والنسيان ودوما حبال الكذب أقصر من ذاكرة الشعوب مهما كان متقنا .
لقد شهدت سوريا أحداثا مفصلية وجرائم سياسية كبرى كان يقال للشعب بعد كل جريمة منها سيتم الاعلان عن نتائج التحقيقات بعد استكمالها ، ومن هذه الجرائم إستنحار وزير الداخلية السابق غازي كنعان في مكتبه والوعد بكشف تفاصيل ما حدث ولم يسمع الشعب السوري بعد ذلك الوعد حرفا واحدا عن غازي كنعان مع أنه كان ركنا أساسيا من أركان النظام ومن الذين رسخوه لبنانيا وسوريا .
ثم تأتي حادثة أغتيال العميد محمد سليمان في منزله على الساحل السوري ،وتقدم الوعود ذاتها لينام الملف على حساسيته دون مراعاة للقلق الشعبي من إستباحة التراب السوري ، وبعده يأتي أغتيال عماد مغنية في دمشق ونسمع ان الشعب سيعرف الحقيقة كلها بعد انتهاء التحقيقات ، ثم لا يسمع بهذه النتائج غير حسن نصرالله شريك النظام في إخفاء الجثث والأدلة .
لقد ذكرنا هذه الأمثلة للتدليل على نهج شامل وأسلوب عمل معترف به رسميا ومتبع بدقة بيروقراطية لافتة ، ويقوم على إخفاء الحقائق ومعاملة الشعب الذكي الصبور على أنه مجموعة من السذج القصر الذين سيحتجون ثم ينسون او يتم إشغالهم بقصص اخرى تلهيهم عن ذكر الأولى ،وهذا بحد ذاته يكفي لإشعال نيران الغضب في نفوس الناس ناهيك عن القمع والدماء والأشرطة المصورة التي تثبت عدم صحة الروايات الرسمية لسير إنتفاضة الشعب السوري منذ أنطلقت شرارتها من متابعات مخابراتية غبية لطفل حوراني يشاهد التلفزيون بكثافة ويعجبه ما يجري في مصر وتونس ، ويبدو أنه كان محبا للسجع لذا أعجبته عبارة " أجاك الدور يا دكتور" فرددها وكتبها لتكون الشرارة والله يضع سره في أضعف خلقه ويقدم الأطفال دائما على أنهم مقدمات لبشائر كبرى .
واذا كان النظام السوري لايريد الفتنة فعلا ولا يسعى اليها ولا الى تسويقها ليبقى ، فقد حان الوقت للإعتراف بأن سوريا تشهد إنتفاضة شعبية شاملة من أجل حرية أبنائها وليس فتنة ، وان شهداء الثورة السورية سقطوا بالرصاص الحي الذي أطلقه رجال أمن هناك من أصدر اليهم الاوامر بالقتل ويجب ان يحاسب ويحاسبوا ومن الطبيعي ألا يطمئن الشعب الى تحقيقات نظام صاحب سوابق في الفبركة ويطالب بلجان تحقيق مستقلة .
أما العقد الإجتماعي الجديد ،فإن كان "روسو السوري" جادا في طرحه والوصول به الى حيز الولادة والتنفيذ فطريقه معروف ، ويبدأ من طاولة في قلب دمشق للحوار الوطني لا تستثني أحدا كي تشارك جميع أطياف الشعب السوري في صياغة عقد إجتماعي ملزم للنظام والشعب يلغي قانون الطوارئ ويعدل الدستور ويقر حق التداول السلمي للسلطة وحق التظاهر والتعبير ويرفع القيود عن العمل السياسي في كل مكان ، ويمهد بعد إطلاق جميع المعتقلين السياسيين ، وإقفال ملفات الحقد والدم لإستقلال القضاء ولجم أجهزة المخابرات وإعادة تربيتها على أسلوب جديد في العمل يضع حريات الناس وكراماتهم أولا ، ويحترم حقوقهم وطموحاتهم وكل تصرفاتهم ما دامت في الإطار القانوني والدستوري .
إننا نعرف ان ذلك لا يتحقق بين يوم وليلة ويحتاج جدولا زمنيا يتم التوافق على مدته لكننا نعرف أيضا أنه ليس صعب التحقيق وإن النظام يستطيع ان كان يريد الخير لسوريا ، وتجنيبها المزيد من الدماء أن يبدأ بالخطوة الأولى بقرار سياسي ، وخطاب رئاسي بدلا من أرسال مسطول رسمي كعلى الديك ليحاضر في الناس عن حقوق المواطنة .
صحيفة رامي مخلوف "الوطن " كانت أذكى من " دنيا " فلم تسرف في حديث الفتنة الا بضعة ايام خرجت بعدها وبتوجيهات سامية من ملك ملوك الفاسدين في سوريا للحديث عن حاجة البلد الى عقد إجتماعي – اي والله هكذا حرفيا وليغفر لنا روسو- ومع النكهة الكوميدية التي تضفيها خلفيات مالك الوطن – الصحيفة والبلد – على هكذا عقد لابد من ملاحظة أن حاسة رجال الإعمال أقوى ، وعسى أن يقوم ابن الخال بإقناع ابن العمة إن الأباطيل ما عادت تمر على الناس في زمن الأنترنت ، حيث كل صاحب موبايل وكالة أنباء متحركة .
لقد أدرك رامي مخلوف - على الاقل - أنه لابد من تبني لغة جديدة وأستراتيجية مختلفة وتأليف قصص مقنعة غير قصص الكائنات الفضائية التي تهبط لتقنص المتظاهرين ضد النظام وحين ينزل المؤيدون للرئيس الى الشارع تأخذ هذه الكائنات وجميع أصناف " البوكيمون والغراندايزر" إجازة جماعية فلا يسيل الدم ولا تحتاج القنوات السورية الى صبغة يود او طلاء أحمر لتصمم في أستوديوهاتها بعض المشاهد التي تدعم القصة الأساسية التي بذرها مؤلف فاشل في أرض سلطة غبية فأثمرت طعما مرا في عقول شعب ذكي تغاضى عن ترديد بثينة شعبان للحكاية الساذجة على أساس أنها مأمورة ومجرد منفذة لكن هاله أن يقف رئيسه ليكرر دون أن يرمش له جفن القصة ذاتها .
الشعب السوري ليس قاصرا ولا محدود الفهم بل أنه ولا فخر من اذكى شعوب المنطقة ولا يزال هذا الشعب يذكر قصة أخرى منذ سنوات قريبة حين تمت تصفية الشيخ الكردي الجليل معشوق الخزنوي ثم تمت فبركة قصة عن رجال قتلوه لخلاف على قطعة ارض وتم تقديم القتلة المفترضين في برنامج تلفزيوني طويل حيث أدلوا بإعترافات مفصلة بهدوء تام ودون أي غلطة وكأنهم يقرأون من "الاوتوكيو" كأي مذيع محترف ، ولك أن تسأل الآن اين هم هؤلاء القتلة المزعومين هل حكموا بسجن طويل ، وما يزالون في سجنهم أم شنقوا جزاء وفاقا على الجريمة التي زعموا إرتكابها ؟ وفي الحالتين يستطيع النظام ان يقدمهم ليثبت انهم يقضون عقوبتهم او يقدم ما يثبت انهم شنقوا ، فلا احد يشنق دون إثبات في غير أقبية المخابرات السورية .
لقد اشرنا الى هذه القصة لاثبات سوابق في الكذب والتلفيق والفبركة وهناك الكثير مثلها ومعظمه يدل على عقليات متخلفة في مصانع تلميع النظام ومحاولة ستر بعض أخطائه ،ولا زلت أذكر الى الآن تفاصيل قصة نزار هنداوي التي أطاحت بالفريق محمد الخولي الذي كان مسؤلا عن مخابرات القوة الجوية في زمن الأسد الاب فيومها وبعد إنكشاف أمر هنداوي وصديقته الايرلندية سارع الى السفارة السورية في لندن ليختبئ ولأن أمن السفارة – آنذاك - كان من عينة المخبرين أصحاب الجريدة المثقوبة والنظارة السوداء ، فقد سارع هؤلاء الى حلاقة شعره وصبغه باللون الاحمر – لعله ذات اللون المستخدم في استديوهات دنيا – وكان منظره أثناء القبض عليه يضحك الثكالى مع أن خلفيات القضية في غاية الجدية .
إن مشكلة النظام السوري – وما أكثر مشاكله – تكمن في أعتقاد بعض أجنحته إن الشعب ينسى وأنه يمكن الضحك عليه بتمثيليات هزلية كتلك التي أرسلوا فيها المفكر الكبير علي الديك المعروف إختصارا بعلوش ليحاضر على الناس في التلفزيون الرسمي ويعلمهم معنى الاخلاص والوطنية ومن سوء حظ هؤلاء ان هذا الشعب لا ينسى شيئا فهناك فرق بين الصبر والنسيان ودوما حبال الكذب أقصر من ذاكرة الشعوب مهما كان متقنا .
لقد شهدت سوريا أحداثا مفصلية وجرائم سياسية كبرى كان يقال للشعب بعد كل جريمة منها سيتم الاعلان عن نتائج التحقيقات بعد استكمالها ، ومن هذه الجرائم إستنحار وزير الداخلية السابق غازي كنعان في مكتبه والوعد بكشف تفاصيل ما حدث ولم يسمع الشعب السوري بعد ذلك الوعد حرفا واحدا عن غازي كنعان مع أنه كان ركنا أساسيا من أركان النظام ومن الذين رسخوه لبنانيا وسوريا .
ثم تأتي حادثة أغتيال العميد محمد سليمان في منزله على الساحل السوري ،وتقدم الوعود ذاتها لينام الملف على حساسيته دون مراعاة للقلق الشعبي من إستباحة التراب السوري ، وبعده يأتي أغتيال عماد مغنية في دمشق ونسمع ان الشعب سيعرف الحقيقة كلها بعد انتهاء التحقيقات ، ثم لا يسمع بهذه النتائج غير حسن نصرالله شريك النظام في إخفاء الجثث والأدلة .
لقد ذكرنا هذه الأمثلة للتدليل على نهج شامل وأسلوب عمل معترف به رسميا ومتبع بدقة بيروقراطية لافتة ، ويقوم على إخفاء الحقائق ومعاملة الشعب الذكي الصبور على أنه مجموعة من السذج القصر الذين سيحتجون ثم ينسون او يتم إشغالهم بقصص اخرى تلهيهم عن ذكر الأولى ،وهذا بحد ذاته يكفي لإشعال نيران الغضب في نفوس الناس ناهيك عن القمع والدماء والأشرطة المصورة التي تثبت عدم صحة الروايات الرسمية لسير إنتفاضة الشعب السوري منذ أنطلقت شرارتها من متابعات مخابراتية غبية لطفل حوراني يشاهد التلفزيون بكثافة ويعجبه ما يجري في مصر وتونس ، ويبدو أنه كان محبا للسجع لذا أعجبته عبارة " أجاك الدور يا دكتور" فرددها وكتبها لتكون الشرارة والله يضع سره في أضعف خلقه ويقدم الأطفال دائما على أنهم مقدمات لبشائر كبرى .
واذا كان النظام السوري لايريد الفتنة فعلا ولا يسعى اليها ولا الى تسويقها ليبقى ، فقد حان الوقت للإعتراف بأن سوريا تشهد إنتفاضة شعبية شاملة من أجل حرية أبنائها وليس فتنة ، وان شهداء الثورة السورية سقطوا بالرصاص الحي الذي أطلقه رجال أمن هناك من أصدر اليهم الاوامر بالقتل ويجب ان يحاسب ويحاسبوا ومن الطبيعي ألا يطمئن الشعب الى تحقيقات نظام صاحب سوابق في الفبركة ويطالب بلجان تحقيق مستقلة .
أما العقد الإجتماعي الجديد ،فإن كان "روسو السوري" جادا في طرحه والوصول به الى حيز الولادة والتنفيذ فطريقه معروف ، ويبدأ من طاولة في قلب دمشق للحوار الوطني لا تستثني أحدا كي تشارك جميع أطياف الشعب السوري في صياغة عقد إجتماعي ملزم للنظام والشعب يلغي قانون الطوارئ ويعدل الدستور ويقر حق التداول السلمي للسلطة وحق التظاهر والتعبير ويرفع القيود عن العمل السياسي في كل مكان ، ويمهد بعد إطلاق جميع المعتقلين السياسيين ، وإقفال ملفات الحقد والدم لإستقلال القضاء ولجم أجهزة المخابرات وإعادة تربيتها على أسلوب جديد في العمل يضع حريات الناس وكراماتهم أولا ، ويحترم حقوقهم وطموحاتهم وكل تصرفاتهم ما دامت في الإطار القانوني والدستوري .
إننا نعرف ان ذلك لا يتحقق بين يوم وليلة ويحتاج جدولا زمنيا يتم التوافق على مدته لكننا نعرف أيضا أنه ليس صعب التحقيق وإن النظام يستطيع ان كان يريد الخير لسوريا ، وتجنيبها المزيد من الدماء أن يبدأ بالخطوة الأولى بقرار سياسي ، وخطاب رئاسي بدلا من أرسال مسطول رسمي كعلى الديك ليحاضر في الناس عن حقوق المواطنة .