نفهم أن تتضافر جهود النواب المحترمين من الطائفتين فيوحدون مواقفهم ويعضدون بعضهم بعضا في هذا الملف الإجتماعي - هم الذين لم يجمعوا قط على أمر واحد - فذلك يدخل ضمن صميم أجنداتهم الخفية الساعية إلى الهيمنة على المجتمع وتشكيله وفق مقاييس ومواصفات معينة. ونفهم أيضا أن ملف "الخمور والمسكرات" ليس نهاية المطاف، بمعنى أنه ستتبعها ملفات مشابهه في المستقبل ومن أجل ذات الأهداف. لكن ما لا نفهمه هو صمت القبور الذي يخيم على موقف إحدى الجمعيات السياسية الكبيرة ذي التاريخ الوطني العريض. فهذه الأخيرة التي علمتني و علمت الكثيرين في شبابهم قيم التفاني في حب البحرين والدفاع عن علمانيتها ومكتسباتها الحضارية والتقدمية، لم تطلق ربع صرخة في وجه الطارئين الجدد الذين يريدون شرا بمكتسبات بلادنا، ولم تخرج بيانا من سطر واحد فقط تنديدا بما فعله النواب الأشاوس، وكأنما الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد!
هذا على الرغم من أن منتسبي تلك الجمعية ورموزها وأصدقاءهم هم من أكثر المترددين على حانات الفنادق والأندية الأجنبية في ساعات الليل والنهار أيضا، ومن أكثر المستفيدين من خدماتها شربا و أكلا وسهرا. غير أن هذه الحقيقة التي يعرفها كل أبناء البحرين لم تشكل لهم دافعا لقول كلمة حق في الحريات الشخصية التي يراد اليوم تكبيلها وسلبها، وذلك على الرغم من خبرتهم الطويلة التي لا تضاهيها خبرة الآخرين في كتابة وإخراج وتوزيع البيانات النارية ضد الحكومة، أو إطلاق تصريحات ملتهبة كلما حدثت واقعة في فلسطين أو جنوب لبنان، وكأنما هاتين البقعتين أغلى على قلوبهم من وطنهم.
أما إذا أردت معرفة السبب، فما عليك إلا أن تبحث عن الحليف!! نعم الحليف الديني الكبير صاحب الشعبية الجارفة في الشارع الشيعي والذي منذ أن إرتبطت به الجمعية، تغيرت معه ملامحها التقدمية اليسارية و صوتها الليبرالي، فباتت خائفة من إتخاذ المواقف المستقلة الشجاعة التي يمليها عليها تاريخها الوطني وسيرة مؤسسها الكبير، على نحو ما حدث قبل سنوات حينما رفضت الإنضمام إلينا في تيار "لنا حق للدفاع عن الحريات الشخصية"، وفضلت أن تقف متفرجة متذرعة بذرائع واهية.
إن ما قلناه عن تلك الجمعية وعناصرها ينطبق أيضا على عدد كبير من الجمعيات والأندية والتجمعات المهنية ومنظمات المجتمع المدني التي كان من المفترض أن تقود الإحتجاجات ضد ما يسعى نواب التزمت والإنغلاق إلى تفعيله، لكنها لم تحرك ساكنا وكأن لا وجود لها على الساحة. والسبب هنا لا يخفى على اللبيب وهو أن تلك الكيانات ما هي إلا ذيل للجمعيات الأم تأتمر بأمرها وتنصاع لأجنداتها وتدور في فلكها، دون أن يكون لها دور وصوت مستقلين. ودليلنا هو ما حدث في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، حينما حاول رئيسها السابق الزميل الدكتور عبدالله الدرازي أن يقول كلمة حق، فأطيح به فورا من منصبه كي يكون عبرة للآخرين.
ثم أن ما قلناه في السالف من الأسطر ينطبق أيضا على كتاب الأعمدة والمقالات الصحفية مع إستثناءات قليلة. فإذا ما إستثنينا ما كتبه الأساتذه حسن مدن و أحمد جمعة وإبراهيم علي وبدر عبدالملك و طارق العامر وإسحاق الشيخ يعقوب في "الأيام"، وما كتبه الأستاذ عادل مرزوق في "البلاد"، وما كتبه الأستاذ عبيدلي العبيدلي في "الوسط" وما كتبه الأستاذان عبدالمنعم إبراهيم ومحمد مبارك جمعة في "أخبار الخليج"، وما كتبه الأستاذ فريد أحمد حسن في "الوقت"، فإنه ما من موقف واضح وشجاع أتخذ إزاء ما يدبره نوابنا الأشاوس في غرفهم المظلمة ضد روح البحرين وإقتصادها ومكتسباتها وصورتها المنفتحة الجاذبة ومستقبلها، و ما من كلمة حق قيلت في الموقف الجريء والشجاع لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين يحفظهما الله، وذلك حينما أكدا بوضوح وعلى رؤوس الأشهاد بأنه لا تراجع عما بلغته البحرين من تقدم وإزدهار ونهضة إقتصادية وسمعة دولية حميدة، ما كان ليتحقق لولا سياسة الإنفتاح والتسامح والتعايش والتنوير والإيمان بالمجتمع المدني التعددي كركيزة في بناء الدولة. فكانا بموقفهما هذا كمن صب ماء منعشا باردا على رؤوس مناهضي "طلبنة" البحرين، أو أيرنتها (نسبة إلى إيران)
الأغرب من كل ما قلناه هو أن صمت القبور إنسحب أيضا على فئة رجال المال والأعمال. هذه الفئة التي ستكون في مقدمة من سيتضرر لو تمكن حضرات النواب الإسلامويين ومن في حكمهم من الإستفراد بالمجتمع البحريني وتشكيل صورته كما يحلو لهم. وبعبارة أخرى لم نسمع صوت التجار وغرفتهم العتيدة، لا تنديدا بمشاريع النواب الظلامية، ولا تثمينا لمواقف رئيس الوزراء وولي العهد. ولولا تصريح شجاع للأستاذ جمال محمد فخرو وآخر للوجيه فاروق المؤيد، وثالث أدلى به رجل الأعمال محمد داداباي، لقلنا أن طبقة التجار وغرفة تجارة وصناعة البحرين قد نسيتا تماما دورهما الوطني الناصع في بواكير النهضة والتنمية البحرينية، وضحتا بكل تاريخهما وإسهامات رجالاتهما من أجل مصالح وقتية تافهة.
لنصلي معا من أجل بحرين ليبرالية تعددية متنورة منسجمة مع تاريخ رعيلها الأول وأحلام أجيالها الشابة التواقه إلى الحرية و الإندماج في عصر النانوتكنولوجي، لا عصر المحرمات والخرافات والقمع والوصاية... لنصلي معا كيلا يأتي يوم يطرح فيه النواب الأشاوس مشروع قانون بمنع المواطن البحريني من الخروج إلى الشارع بعد منتصف الليل أو إستنشاق الهواء خوفا من إحتمال إختلاطه بروائح المسكرات!!!!
د. عبدالله المدني
كاتب وباحث بحريني
هذا على الرغم من أن منتسبي تلك الجمعية ورموزها وأصدقاءهم هم من أكثر المترددين على حانات الفنادق والأندية الأجنبية في ساعات الليل والنهار أيضا، ومن أكثر المستفيدين من خدماتها شربا و أكلا وسهرا. غير أن هذه الحقيقة التي يعرفها كل أبناء البحرين لم تشكل لهم دافعا لقول كلمة حق في الحريات الشخصية التي يراد اليوم تكبيلها وسلبها، وذلك على الرغم من خبرتهم الطويلة التي لا تضاهيها خبرة الآخرين في كتابة وإخراج وتوزيع البيانات النارية ضد الحكومة، أو إطلاق تصريحات ملتهبة كلما حدثت واقعة في فلسطين أو جنوب لبنان، وكأنما هاتين البقعتين أغلى على قلوبهم من وطنهم.
أما إذا أردت معرفة السبب، فما عليك إلا أن تبحث عن الحليف!! نعم الحليف الديني الكبير صاحب الشعبية الجارفة في الشارع الشيعي والذي منذ أن إرتبطت به الجمعية، تغيرت معه ملامحها التقدمية اليسارية و صوتها الليبرالي، فباتت خائفة من إتخاذ المواقف المستقلة الشجاعة التي يمليها عليها تاريخها الوطني وسيرة مؤسسها الكبير، على نحو ما حدث قبل سنوات حينما رفضت الإنضمام إلينا في تيار "لنا حق للدفاع عن الحريات الشخصية"، وفضلت أن تقف متفرجة متذرعة بذرائع واهية.
إن ما قلناه عن تلك الجمعية وعناصرها ينطبق أيضا على عدد كبير من الجمعيات والأندية والتجمعات المهنية ومنظمات المجتمع المدني التي كان من المفترض أن تقود الإحتجاجات ضد ما يسعى نواب التزمت والإنغلاق إلى تفعيله، لكنها لم تحرك ساكنا وكأن لا وجود لها على الساحة. والسبب هنا لا يخفى على اللبيب وهو أن تلك الكيانات ما هي إلا ذيل للجمعيات الأم تأتمر بأمرها وتنصاع لأجنداتها وتدور في فلكها، دون أن يكون لها دور وصوت مستقلين. ودليلنا هو ما حدث في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، حينما حاول رئيسها السابق الزميل الدكتور عبدالله الدرازي أن يقول كلمة حق، فأطيح به فورا من منصبه كي يكون عبرة للآخرين.
ثم أن ما قلناه في السالف من الأسطر ينطبق أيضا على كتاب الأعمدة والمقالات الصحفية مع إستثناءات قليلة. فإذا ما إستثنينا ما كتبه الأساتذه حسن مدن و أحمد جمعة وإبراهيم علي وبدر عبدالملك و طارق العامر وإسحاق الشيخ يعقوب في "الأيام"، وما كتبه الأستاذ عادل مرزوق في "البلاد"، وما كتبه الأستاذ عبيدلي العبيدلي في "الوسط" وما كتبه الأستاذان عبدالمنعم إبراهيم ومحمد مبارك جمعة في "أخبار الخليج"، وما كتبه الأستاذ فريد أحمد حسن في "الوقت"، فإنه ما من موقف واضح وشجاع أتخذ إزاء ما يدبره نوابنا الأشاوس في غرفهم المظلمة ضد روح البحرين وإقتصادها ومكتسباتها وصورتها المنفتحة الجاذبة ومستقبلها، و ما من كلمة حق قيلت في الموقف الجريء والشجاع لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، ولصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد الأمين يحفظهما الله، وذلك حينما أكدا بوضوح وعلى رؤوس الأشهاد بأنه لا تراجع عما بلغته البحرين من تقدم وإزدهار ونهضة إقتصادية وسمعة دولية حميدة، ما كان ليتحقق لولا سياسة الإنفتاح والتسامح والتعايش والتنوير والإيمان بالمجتمع المدني التعددي كركيزة في بناء الدولة. فكانا بموقفهما هذا كمن صب ماء منعشا باردا على رؤوس مناهضي "طلبنة" البحرين، أو أيرنتها (نسبة إلى إيران)
الأغرب من كل ما قلناه هو أن صمت القبور إنسحب أيضا على فئة رجال المال والأعمال. هذه الفئة التي ستكون في مقدمة من سيتضرر لو تمكن حضرات النواب الإسلامويين ومن في حكمهم من الإستفراد بالمجتمع البحريني وتشكيل صورته كما يحلو لهم. وبعبارة أخرى لم نسمع صوت التجار وغرفتهم العتيدة، لا تنديدا بمشاريع النواب الظلامية، ولا تثمينا لمواقف رئيس الوزراء وولي العهد. ولولا تصريح شجاع للأستاذ جمال محمد فخرو وآخر للوجيه فاروق المؤيد، وثالث أدلى به رجل الأعمال محمد داداباي، لقلنا أن طبقة التجار وغرفة تجارة وصناعة البحرين قد نسيتا تماما دورهما الوطني الناصع في بواكير النهضة والتنمية البحرينية، وضحتا بكل تاريخهما وإسهامات رجالاتهما من أجل مصالح وقتية تافهة.
لنصلي معا من أجل بحرين ليبرالية تعددية متنورة منسجمة مع تاريخ رعيلها الأول وأحلام أجيالها الشابة التواقه إلى الحرية و الإندماج في عصر النانوتكنولوجي، لا عصر المحرمات والخرافات والقمع والوصاية... لنصلي معا كيلا يأتي يوم يطرح فيه النواب الأشاوس مشروع قانون بمنع المواطن البحريني من الخروج إلى الشارع بعد منتصف الليل أو إستنشاق الهواء خوفا من إحتمال إختلاطه بروائح المسكرات!!!!
د. عبدالله المدني
كاتب وباحث بحريني