نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


ملاحظات حول تاريخ الحركة الشيوعية في سورية






مقدمة عامة...عندما ننظر الى حال الشيوعيين بمختلف تفرعاتهم من الحزب الشيوعي السوري الأم وحتى اليوم، ينتابنا حزن ممزوج بشعور الذنب الذاتي على تفويت فرص عظيمة كانت ستخدم قضية الشعب السوري وخاصة خلال ثورته العظيمة التي انطلقت 2011، والتي حلم بها كل شيوعي وكل اشتراكي وكل يساري وكل وطني حقيقي.ولكي نفهم قصة الشيوعيين السوريين بعمق يجب ان نكتب مجلدات ونجري دراسات اكاديمية موضوعية غير منحازة لكي نبرز الإيجابيات والسلبيات وننصف الشخصيات التي دخلت الحزب ولعبت أدوارا مختلفة ولماذا أصبحت خارج الحزب وأن ندقق بسلوكيات القيادات الحزبية التنظيمية والفكرية والسياسية والتأثيرات المختلفة عليها. بالرغم من أن الكثير ين كتبوا عن تاريخ الحزب الشيوعي السوري، وكلٌ كتب من وجهة نظره وأورد وقائع واحداث مهمة تسلط الضوء على حقيقة ما جرى ولو بشكل جزئي


اخبار خالد بكداش حين كان نائبا عن دمشق
اخبار خالد بكداش حين كان نائبا عن دمشق
 

وما يحكى عن الشيوعيين اليوم انطلاقا من سياسة جناحي بكداش ويوسف فيصل الملتصقين بنظام الأسد والخانعين له بكل المقاييس والغريب أنهما حتى اليوم ما زالا يعتبران أن النظام الاسدي هو نظام وطني يقاوم الامبريالية والصهيونية، واعتبرا أن ما جرى في سورية ليس ثورة بل حركة إرهابية مدعومة من الغرب أي مؤامرة كونية على النظام السوري (كما يقول المجرم بشار الأسد). في هذا النطاق نتفهم المواقف السلبية من الحزب ومن كوادره وقياداته الذين تخاذلوا امام مزايا معينة وتنازلوا عن قيم العدالة والحرية والكرامة.

الحزب ليس هو قيادته فقط!

ما أريد قوله وتأكيده قبل أي شيء هو أن الناس الذين اعتنقوا الشيوعية وانضموا للحزب الشيوعي السوري آمنوا بالثورة والحرية والعدالة والإنسانية، وكرسوا أجمل سنوات عمرهم في النضال من اجل مستقبل مشرق لسورية، وهؤلاء الناس كانوا من مشارب وانتماءات مختلفة، وكان لهم حدود بشرية في الصبر والعمل وتحمل الصعاب والتفكير. فمنهم من كان يمتلك طاقات عملية وصلابة شخصية مذهلة اقترنت بالوفاء للمبادئ والأفكار التي آمن بها. وتشهد السجون والمعتقلات التي دخلوها بأنهم تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب ولم يخونوا حزبهم ورفاقهم. وهناك من لم يحتمل التعذيب وهناك من ترك الحزب بسبب الإحباط الذي وصل اليه نتيجة الحالة الداخلية التي عاشها الحزب من اقصاء لرأي الرفاق وهيمنة الفرد وانسداد الآفاق امام أي عملية تغيير أو تطوير لأساليب العمل الحزبي وأهمها احترام الرأي الآخر وتقدير إنسانية الرفاق مع الإقرار بضرورة الالتزام الحديدي بالتنظيم وخاصة خلال العهود السرية والملاحقات.

ولكن برأيي يجب ألا ننسى بأن تاريخ الحزب هو ليس تاريخ قيادته فقط وإنما تاريخ أعضائه الذين وقفوا ضد الاستعمار الفرنسي ودخلوا السجون وكذلك كافحوا من اجل استقلال سورية وجلاء المحتلين الفرنسيين، وكانت لهم تجارب في الدفاع عن مطالب العمال والفلاحين وكافة الفقراء، ووقفوا ضد النازية والفاشية التي كانت تهدد مستقبل البشرية ونشروا أفكار الاشتراكية في أوساط المثقفين والنخب، ودعموا السوفييت في كفاحهم المرير ضد النازية والفاشية، وكيف ضحوا بعشرات الملايين من أبناء شعبهم لتحقيق النصر على النازية.

الدور السوفييتي في حياة الحزب الشيوعي السوري

لن نقيّم تجربة الاتحاد السوفيتي وديكتاتورية ستالين وقتله للملايين من الناس الأبرياء بتهم مختلفة اغلبها مزيفة مقل تهمة الخيانة والمؤامرة أو الاصطفاف في معسكر أعداء الشيوعية وغيرها من التهم والتلفيقات الجاهزة. (واعتقد يفهم السوريين جيدا تلك الأساليب الستالينية التي استخدمت حرفيا وبشكل أسوأ في سوريا من قبل نظام الأسد الأب والابن.

ولكن الذي يهمنا هنا هو صفات ستالين وهيمنته المطلقة على الحزب الشيوعي السوفيتي والدولة السوفيتية وتكريس عبادة الفرد والتي انتشرت في الأحزاب الشيوعية وخاصة العربية التي أشرفت عليها موسكو من خلال الأممية الشيوعية (الكومنتيرن).

وعند الحديث عن العلاقة مع الاتحاد السوفيتي يجب ألا نخلط الأمور كلها ونضعها في إطار الموقف من ديكتاتورية ستالين. فالسوفييت قدموا مساعدات لبلداننا من خلال مشاريع تنموية استراتيجية وفي إعداد الجيوش وتسليحها ولكن للأسف وصلتنا أمراض خطيرة من بلاد السوفييت غطت على تلك المساعدات، فشهدنا أنظمة استبدادية ستالينية مثل حكم حزب البعث ونظام الأسد وشهدنا ديكتاتوريات شيوعية تحكم باسم العمال والفلاحين والصداقة مع السوفييت، ولكنهم مارسوا عمليا التسلط والاقصاء والتهميش. لدرجة ان جناح بكداش هزل لدرجة انه أقدم على توريث قيادة الحزب ضمن العائلة الواحدة وهي قمة الانحطاط في تاريخ الحزب. ولا يصعب على المتابع معرفة أن تلك الأحزاب المنضوية تحت لواء ما يسمى زوراً “الجبهة الوطنية التقدمية” “لصاحبها حزب البعث” وعائلة الأسد، أصبحوا يعدون بالعشرات ولم يبق معهم إلا من له مصلحة مادية أو اقتصادية أو اجتماعية. فقد باعوا كل قيم ومبادئ الشيوعية والاشتراكية وارتهنوا لنظام مخابراتي فاسد اجرامي. هذا مآل محزن ومؤلم! واستغرب اليوم كيف كنا رفاقا في حزب واحد في يوم من الأيام.

شخصية خالد بكداش:

دخل خالد بكداش إلى الحزب وعمره 18 عاماً وهو شاب مثقف ومظهره جذاب ولديه إمكانية التحدث والخطاب ويتقن الفرنسية وتعلم الروسية أيضا وبالرغم من أنه كردي فقد كان يعتبر نفسه عربيا ثقافة وانتماء. وبمجرد دخوله الحزب فرض شخصيته بمواهبه وقدراته وثقافته. وبدأت المرحلة الخطيرة عندما سافر إلى موسكو للدراسة في المدرسة الحزبية (الفكر الماركسي اللينين والتنظيم الشيوعي) وفي معهد بليخانوف (درس الاقتصاد السياسي) في 1933، ومشاركته في المؤتمر السابع للأممية الشيوعية في 1935 وكان في رئاسة المؤتمر وأبرز ممثلي الأحزاب الشيوعية العربية، خلال حوالي 4 سنوات تبلورت شخصية بكداش الحزبية والفكرية والسياسية. فعاد الى سورية عام 1937 واصبح، بتوجيه من الكومنتيرن، أمينا عاما للحزب وابعد ارتين مادويان (الأرمني اللبناني) من قيادة الحزب بحجة التعريب، علما أن مادويان من مؤسسي الحزب في 1924.

وكان بكداش صارما في قيادة الحزب والتعامل مع الرفاق وخاصة الكوادر منهم. فمن لا يخضع توجه له التهمة ويفصل وأحيانا مع التشهير واجباره على الاعتذار ان كان خطأه المنسوب اليه قابل للإصلاح مثلما فعل مع القائد الشيوعي فرج الله الحلو الذي جمد عضويته في الحزب لمدة سنة كاملة واجبره على تقديم رسالة اعتذار واعتراف بالخطأ (رسالة سالم المشؤومة) وحاول اهانته بتوزيع الرسالة على منظمات الحزب. ولاحقا تسبب خالد بكداش باعتقال فرج الله الحلو بتكليفه بقيادة الحزب والذهاب الى دمشق، في وقت كانت المخابرات السورية تلاحق الشيوعيين بسبب موقف حزبهم غير المؤيد لتلك الوحدة. في وقت قام بكداش بمغادرة سورية ولبنان الى أوروبا الشرقية خوفا من الاعتقال في بداية الوحدة المصرية السورية 1958. وبالفعل اعتقل الحلو في سوريا وتعرض لأبشع أنواع التعذيب واستشهد وتم حرق جثته في حمض الاسيد لإخفاء اثار الجريمة المروعة.

وكان لخالد بكداش حضور قوي في الساحة السياسية السورية واسمه معروف في الحركة الشيوعية العربية والعالمية. ويذكر التاريخ خطبه الرنانة المؤثرة تحت قبة البرلمان السورية في الفترة من 1954، وخطاباته في الاحتفالات والمؤتمرات.

وهنا نتساءل لماذا صمت رفاق بكداش من قيادة الحزب وكوادر ه على تصرفاته واخطائه؟ وقد تكون ظروف العمل السري أحد الأسباب، ولكن الخوف من شخصية بكداش المؤثرة على الاخرين واستمر هذا الخوف في القيادات الأخرى وخاصة عند الحزب بقيادة رياض الترك..

ولعب السوفييت دورا كبيرا في افساد شخصية خالد بكداش، فهم الذين علموه فن القيادة الستالينية التي في راس هرمها عبادة الفرد وعدم قبول أي معارضة أو رأي آخر، وإلا فالتهمة جاهزة مثلما فعل بكداش مع قامات فكرية وسياسية وحزبية كبيرة مثل الياس مرقص وياسين الحافظ وفرج الله الحلو وارتين مادويان وغيرهم بحجج مختلفة.

خلفية الصراعات الحزبية:

برأيي أن السلطة والقيادة كانت قضية مركزية في كل المشاكل التي تعرض لها الحزب وأدت الى انشقاقات، وإلا لماذا يبقى جناح يوسف فيصل في الجبهة الوطنية وفي مجلس الشعب وغيره من المناصب مثل جناح لبكداش فلو كان بينهم خلاف مبدئي لاتخذ أحدهم صف المعارضة مثلا. مثلما فعل رياض الترك ورفاقه الذين انتقلوا الى معارضة النظام بشكل كامل مع معرفتهم لتبعات هذا الموقف وه والاعتقالات والسجون والتعذيب سنوات طويلة، ولكنهم اتخذوا موقفا سياسيا حقيقيا ولم يكونوا يبحثون عن السلطة والمكاسب المادية. فقد طرح جناح المكتب السياسي بالفعل أفكارا مهمة تبدأ برفض عبادة الفرد وهي مسألة تنظيمية جوهرية اضطر بكداش الى انتقاد نفسه في المؤتمر الثالث للحزب في صيف 1969، ولكنه لم يعترف بالانتقادات السياسية والفكرية المتعلقة بإهمال دراسة الواقع السوري والاستقلال عن التبعية العمياء للسوفييت، مع الاعتراف بدور الاتحاد السوفيتي بداية ثم اعلان الاستقلال كلية عنه لاحقا بعد المؤتمر السادس للحزب 2005.

ابتلت بلادنا وحزبنا الذي انتمينا اليه سنوات طويلة بمصيبة الاستبداد والتسلط والديكتاتورية التي افسدت كل شيء وشوهت تاريخ الحزب في عيون الكثيرين بما فيهم أعضاء الحزب.

تجربة حزب الشعب الديمقراطي في الثورة السورية:

تفاءل الكثيرون بموقف الرفاق في الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي الذين استبدلوا اسم الحزب لاحقاً ليصبح “حزب الشعب الديمقراطي” مع ملاحظة التجديد في التركيز على الديمقراطية رداً على عبادة الفرد والمركزية المطلقة. وبالفعل تم تجديد الفكر السياسي للحز ب وطرحت قضايا مهمة سياسية وفكرية وتنظيمية ميزت حزب الشعب الديمقراطي واعطته صفة الحزب السياسي اليساري الديمقراطي الاجتماعي العصري، حيث تخلص من أمراض المدرسة البكداشية إلا واحدة وهي الأخطر.

إنها الفردية والتسلط واقصاء الآخر التي مارسها رياض الترك مع تقديم كل الاحترام لمواقفه الشجاعة ضد النظام الاسدي، والتقدير لصموده الأسطوري في السجون والمعتقلات لمدة تزيد عن 20 عاما. ولكنه كان فرديا وديكتاتورا في التنظيم ولا يقبل أي رأي معارض، ومارس أقسى الأساليب التنظيمية في الانتقام من معارضيه داخل الحزب وبذلك فقد اثبت انه ملتزم بشكل واعي او لا شعوري بالمدرسة البكداشية المشؤومة.

ولن نخوض في تاريخ قيادة الرفيق رياض الترك وممارساته في تطفيش الرفاق والكوادر وفي مقدمتهم الأمين الأول للحزب عبدالله هوشه الله، بل نتوقف عند تجربته مع الثورة السورية وهذا هو الأهم ويفسر كل ما سبقه من سياسات.

  • ومن أهم الأخطاء التي ارتكبها رياض الترك هو قوله بأن ينخرط أعضاء حزب الشعب وحتى إعلان دمشق (في البداية) في الثورة بشكل فردي وليس كحزب. كما استمر بموقفه باعتبار العمل الحزبي والتنظيم فوق اعتبارات الثورة. بينما القيادي الثوري فائق المير أبو علي الذي نتمنى أن يفك أسره ويعود سالماً، أطلق عبارة وطنية ثورية بامتياز، وهي أن الثورة قامت، ويجب علينا أن نضع العمل الثوري والوطني فوق العمل الحزبي والايديولوجي، وبالفعل فقد انخرط المير عملياً في دعم الثورة، ويبدو أنه ليس صدفة أن قامت مخابرات الأسد باعتقاله بخلاف غيره من أبرز قيادات الحزب وإعلان دمشق الذين يجلسون في دمشق ولم يتعرض لهم أحد.
  • والخطأ الكبير الثاني الذي فرضه الترك على الحزب والاعلان هو التعاون مع الإخوان المسلمين، الذين هيمنوا على المجلس الوطني السوري المعارض، واستغلوا وجود قوى علمانية في المجلس مثل إعلان دمشق وشخصيات مستقلة مثل برهان غليون. وارى أن الإسلاميين لعبوا دورا كبيرا في تدمير الثورة لأنهم كانوا يعملون من أجل أجندتهم الحزبية الخاصة، التي وضعوها فوق اعتبارات الثورة.
  • ويعتبر رياض الترك المسؤول الأول عن تدمير اعلان دمشق وحزب الشعب الديمقراطي، ومعه يتحمل المسؤولية كل الكوادر التي كانت تصفق له وتخشى أن تقول الحقيقة خوفا من كارزميته وصرامته في التعامل مع كل من يخالفه الرأي (وهذا يذكرنا بمدرسة خالد بكداش، مع الاختلاف في المواقف السياسية).

كلمة للتاريخ عن رياض الترك:

كانت لي تجربة متواضعة في التواصل مع الرفيق رياض الترك (أبو هشام) لأشهر عديدة في الفترة من عام 2013 التي تشكلت فيه لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر اعلان دمشق في المهجر وكنت رئيسها. وكان أبو هشام يكيل المديح لي بشكل لافت، علماً أنني لم أكن أسعى في حياتي إلى المناصب والشهرة، ولم يكن لدي أي طموح شخصي بل كانت قضية الثورة وليس الحزب هو هدفي وهمّي الأكبر. ولكن أبو هشام في أول موقف اختلفت معه في الرأي (في الأشهر الأولى من 2014) نفر مني وحاربني وفصلني من الحزب واتهمني اتباعه بأبشع التهم، علماً أنه كان “يحلف برأسي” قبل وخلال مؤتمر إعلان دمشق في المهجر، الذي انعقد في إسطنبول يومي 18 و 19 كانون الثاني 2014، والذي انعكس في إصراره على ترشيحي لرئاسة المجلس الوطني للإعلان بالرغم من رفضي القطعي قبول الترشيح حتى آخر المؤتمر جرت أمور أجبرتني على قبول الترشيح والفوز بأغلبية ساحقة. وبعد أشهر قليلة من مؤتمر الإعلان اختلفنا بالرأي فأصدر قرار “الإعدام” بحقي وحق عدد من الرفاق.

وكان العديد من الرفاق والوطنيين يقولون، وأنا واحد منهم، لماذا لا يعلن رياض الترك بأنه ابن الثورة ويبتعد عن العمل الحزبي وخاصة التنظيمي منه، لكان حينها أصبح رمزاً وطنياً مثل نيلسون مانديلا. ولكنه للأسف كان يدقق في أتفه الأمور الشخصية والتنظيمية الحزبية ويتابع الرفاق ويحارب المتمردين منهم، وللأسف أحاط به مجموعة من المطيعين.

وأقول للتاريخ بالرغم من التاريخ النضالي لرياض الترك ووقوفه بوجه خالد بكداش ومعارضته لنظام الأسد وصموده في السجن والتزامه سياسياً بالفكر الديمقراطي الجديد لحزب الشعب الديمقراطي، ولكنه تنظيميا كان ديكتاتوراً لا يقل عن خالد بكداش.

موقف الكوادر الحزبية:

وصلت إلى قناعة عميقة وهي أن كبار القادة الحزبيين في جناحي خالد بكداش ويوسف فيصل وفي الحزب بقيادة رياض الترك يتحملون مسؤولية تاريخية عن تقزيم الحزب وتدميره كبنية ونشاط وحضور في الحركة السياسية السورية ويتحملون قسطا كبيرا من مآلات الثورة السورية.

ويبقى السؤال المهم: لماذا لم تجابه الكوادر الحزبية المستبدين المهيمنين على مصير الحزب؟ لماذا سكتوا؟ اعتقد الخوف من كارزمية القائد هو سبب رئيسي. ولكن أتساءل هل الحزب الشيوعي السوري كان فعلا حزبا ثوريا كما أريد له أن يكون حسب النظريات الثورية، وإلا كيف يكون عضو الحزب الشيوعي ثورياً حقيقياً وهو يخشى قيادة الحزب، علماً أنه خارج السلطة، بينما قام الشباب الثائر في 2011 بمجابهة أبشع الطغاة الذين يمتلكون السلاح والسجون والقتل ولم يخافوا من عصابة الأسد.

لكننا في حزب الشعب الديمقراطي مع انطلاقة الثورة أصبحنا كأعضاء جزء من الثورة والفكر الثوري وتحمسنا بقوة من أجل تجديد أساليب عمل الحزب في التنظيم والتحالفات الوطنية. ولكن قيادة الحزب مارست نفس أساليب بكداش في توزيع التهم المزيفة واقصاء الرفاق وتشتيت الحزب. وفي هذا الاتجاه حاول عدد من أعضاء حزب الشعب الديمقراطي إصلاح الخلل في 2014، وكانوا حريصين على تنشيط عمل الحزب ووحدته وتقوية دوره في الثورة، بتشكيل منبر ديمقراطي داخل حزب الشعب الديمقراطي (وهذا مسموح فيه حسب النظام الداخلي للحزب) ولكن قيادة الحزب المركزية اتهمتنا بالتكتل واتخذت قرارات جائرة بحق العديد من الرفاق، وانا منهم، حيث تم فصلي وتلفيق تهم مزيفة لي لا تمت للواقع بصلة. واعتقد انهم اليوم يخجلون من تلك التهم التي لم تثبت ولا واحدة منها ضدي.

إن الحديث عن تاريخ الحركة الشيوعية في سورية يتطلب دراسة أكاديمية رصينة وموضوعية غير منحازة تهدف الى الحقيقة التاريخية. بحيث تقوم بهذه المهمة مؤسسة بحثية فكرية لإعطاء كل ذي حق حقه
------------
مستقبل سوريا.


د. محمود الحمزة
الثلاثاء 18 يونيو 2024