لا أعرف إن كان من سوء حظ شويكار أم حسنه، ذلك الارتباط الشرطي بين اسمها واسمه، حتى أنك في معرض الكلام عن رحيلها لا تستطيع عدم الاسترسال في سيرته. منذ لحظة رحيلها، لم يتحدث عنها أحد بمعزل عن علاقتهما الشهيرة، وكيف طلبها للزواج بينما كانا يمثلان مشهدًا في مسرحية من دون أن يسمعه الجمهور، مرورًا بعدد كبير جدًا من أفلام ومسرحيات قاما ببطولتها، ونميمة لا يعرف أحد مدى حقيقتها حول أنها تسببت في انفصاله عن زوجته الأولى، وهو الكلام نفسه الذي يتعارض عن حميمية علاقتها بأولاده من تلك الزوجة، حتى أن أبرز الصور التي نشرتها الصحافة المصرية من تغطية تشييع جنازتها، كانت لابن الزوجة الأولى للمهندس يؤم الصلاة على جثمانها، وتسجيلات فيديو معه يصف فيها كيف كانت رمانة ميزان العائلة.
والمدهش في قصة شويكار وفؤاد المهندس هو علاقتهما بعدما انفصلا، كزوجين، أو في الحياة الفنية، ذلك أن العلاقة لم تقف عند حدود الصداقة التي تحدث في كثير من الأحيان بين المنفصلين، بل كانت علاقة محبين. دائمًا ما كانا يتحدثا عن بعضهما في اللقاءات التلفزيونية، أو الصحافية، كما يتحدث محبان عن بعضهما، حتى إنه لم يكن يخجل من الحديث بشيء من الغزل المنفتح المغلف بالدعابة، يسألونه "إيه أكتر حاجة حبتها فيها؟". يجيب: "رجليها حلوة". صعب ألا تحب امرأة رجلًا يصفها هكذا علنًا، ولو من باب الدعابة.
ربما أن سنوات ارتباطها العائلي والفني بفؤاد المهندس أخذت المساحة الأبرز والأكثر انتشارًا من حياتها الفنية، غير أن هناك درجة من الظلم في الوقوف عندها، ذلك أن شويكار في مرحلة ما بعد الانفصال ذهبت إلى مناطق أكثر نضجًا، وأدوار سمحت بإظهار إمكانيات تمثيلية مختلفة، وإن كانت أقل كثافة. كانت نموذجًا براقًا للسيدة الأربعينية شديدة الجمال مضبوطة الرصانة، تحتاجها مساحات فنية صغيرة، ولكن مؤثرة، كصاحبة مقهى يجتمع فيه مجموعة الطلبة المثقفين في فيلم "الكرنك"، ودور مثالي للعلاقة بين امرأة خبيرة، وطالب يصغرها بسنوات كثيرة، توفر له مساحة كبيرة من الأمان، ولا تريد منه سوى أشكال الحب، هي امرأة تستطيع أن تمنح شابًا خرج لتوه من السجن مشحونًا برغبة الانتقام ركنًا لطيفًا وتصير أحضانها مكانًا وحيدًا للهدوء في فيلم "دائرة الانتقام"، تصلح، أيضًا، لتكون امرأة خمسينية لم يذهب جمالها، فتكون طموحًا لمساعد حانوتي يحب الحياة في "السقا مات"، ثم في مرحلة لاحقة هي إحدى "هوانم جاردن سيتي"، أو فتاة ليل متقاعدة منذ زمن، استُخدمت في عمليات مخابراتية في "كشف المستور".
يتحدث الجميع عن كيف كسرت شويكار النمط التقليدي للممثلة الكوميدية، حيث فنانات الكوميديا لا يتمتعن عادة بالصفات الشكلية لفتاة الأحلام، بينما لم أرها كوميديانة قط. كانت سيدة شديدة الجمال والحضور، خفيفة الظل، وضعتها أعمالها الكثيرة مع فؤاد المهندس في منطقة الكوميديا نظرًا لطبيعة الأفلام التي كان يقدمها، وأعطتها هذه الشراكة حظًا طيبًا في منطقة الانتشار الفني، ربما أن هذا الارتباط أخذ من استقلاليتها، ولكن لا بأس، لم يبدُ أن الأمر كان مزعجًا بالنسبة إليها، لم تظهر في لقاء إلا وتحدثت بحب عن هذه المنطقة. نحن أيضًا لم نخسر، على العكس، أحببناهما معًا، وأحببنا كل منهما منفردًا.
-----------------------------
ضفة ثالثة، أغسطس 2020.