نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


كيف مورس التنصير على مسلمي الأندلس بعد سقوط غرناطة ؟





توافق نهاية كل سنة ذكرى سقوط غرناطة، آخر معاقل المسلمين في الأندلس، لتنطلق بعدها رحلة شاقَّة من الاضطهاد الديني الذي فُرض على المسلمين الذين قرّروا البقاء في موطنهم.


لوحة تصوّر خروج عبد الله الصغير من غرناطة بعد سقوطها.
لوحة تصوّر خروج عبد الله الصغير من غرناطة بعد سقوطها.
 
مع حلول صيف 1491 أصبحت الخيام العسكرية المتراصَّة والرايات المرصَّعة بالصلبان عليها باديةً لأي ناظر من فوق سور غرناطة. والحملة تلك السنة لم تكن كسابقاتها طوال العقد الذي مرّ. يهجمون في الربيع ويفضّون مجمعهم في الشتاء. فغرناطة محاصرة الآن، وجيوش فرديناند وإيزابيلا تمشّط الضواحي لنهب وتخريب المحاصيل من أجل تجويعها.
مرّ خريف تلك السنة على ذلك النحو، ودخل شتاء طويلٌ أسود. يذكر المؤرخون أن الغرناطيين جاعوا حتى أكلوا الحمير والكلاب. ومع اقتراب نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول، بدأ نبلاء المدينة التفاوض مع الملكين النصرانيين، إلى أن أتت النتيجة: غرناطة مقابل خمسة أيام مهلة لإخلائها.
ليلة رأس سنة 1492 فُتح باب المدينة سراً ودخلت جيوش الإسبان قصر الحمراء تمهيداً لتسليمها، واستفاق سكانها على الرايات القشتالية فوق الأبراج وصليب فضي ضخم يعلو القصر.
كانت تلك نهاية ثمانية قرون من الوجود الإسلامي بالأندلس، بعد تسليم الأمير أبي عبد الله (الذي كناه الإسبان بعدها سخرية وتحقيراً بـ"الصغير") مفاتيح آخر معاقل المسلمين في تلك البلاد مقابل النجاة بأمواله وأملاكه، فيما خُيّر مَن مكث من المسلمين بين التنصُّر والتعذيب والإبادة.
التنصير القسري
حسب التقديرات التاريخية، كان المسلمون الذين ظلوا بالأندلس بعد سقوطها ما بين 500 و600 ألف نسمة. وقد منحوا وضع الـ"موديخاريس"، أو المدجنين باللغة العربية، أي إنه سمح لهم بممارسة ديانتهم بحرية، رغم الخطاب العنصري الموروث من حملات "الاسترداد" ضده، إذ كانوا يُعتبرون مهرطقين وأدنى قدراً من المسيحيين.
لكن تلك الحرية لم تكن إلا اتفاقاً مُعلَناً سرعان ما لم يحترمه الإسبان مع الإمارات المسلمة كافة التي أسقطوها، إذ أسّس ملك قشتالة فيرديناد الثاني سنة 1481، الميليشيات الكنسية المسماة "محاكم التفتيش"، ووكل إليها مهمة اضطهاد المسلمين.
بعد سقوط غرناطة بدأ رئيس أساقفة طليطلة، الكاردينال فرانثيسكو خيمينيث دي ثيسنيروس، حملة في المدينة لفرض التزام أهلها الدين المسيحي، عن طريق التعذيب والسجن، الأمر الذي سيشعل ثورة "البشارات" (1499-1501) التي قادها الموريسكيون المسلمون رفضاً لذلك الواقع، وبعدها ثورات أخرى متفرقة.
ما استغله الإسبان ذريعة لإلغاء الحقوق الصورية التي كانوا يمنحونها للمسلمين، وسيفرضون عليهم إما التحول للمسيحية وإما الطرد. فيما اختار المسلمون التقية مُجبَرين للتمسك بأرضهم، أي كتمان إسلامهم وإيهام الإسبان بأنهم تحولوا إلى المسيحية. عند هذا الوقت ستعرف محاكم التفتيش ذروة تغوُّلها، وستعيث اضطهاداً وتعذيباً في هؤلاء الموريسكيين، إلى أن طُردوا إلى المغرب سنة 1609، وما بقي منهم إلا 40 ألف فرد.
ويلات محاكم التفتيش
حسب الوثائق التاريخية، نشأت أولى محاكم التفتيش سنة 1478، بعد طلب ملك أراغون فردناند الثاني، من الأب سيكستوس الرابع بابا الكنيسة الكاثوليكية في روما، تشكيل قوات كنسية تتولى مهمة التفتيش عن اليهود والمسلمين الذين لم يتنصروا إلا تقية، وتعذيبهم حتى الاعتراف ثم قتلهم.
وكانت محاكم التفتيش تطارد العائلات المسلمة وتقتادها إلى سراديب التعذيب، حيث كانت تستعمل آلات وحشية كـ"تابوت السيدة الجميلة"، وهو تابوت تُثبَّت فيه سكاكين حادة يُلقَى فيه الشخص الذي يُعذَّب، ثم يُطبِقون بابه بسكاكينه وخناجره حتى يتمزق جسده.
أو آلة "الثور الإسباني"، وهي ثور نحاسي مجوف، كانوا يُدخِلون فيه الضحية ويشعلون النار تحته، حتى يلتهب النحاس ويخرج البخار من خطم المجسم، ويُشوى ذلك الشخص حيّاً. بالإضافة إلى الكلاليب التي كانت تُغرَز في ألسنة المعذبين وأثدائهم، ثم تُشَدّ حتى تقتلع تلك الأعضاء معها. أو السياط الحديدية الشائكة التي كان يُضرَب بها المعذَّبون عراةً حتى تتفتت عظامهم وتتناثر لحومهم.
لم يكن دور هذه المحاكم دينياً فقط، بل سياسياً كذلك خدمةً لمصالح الملوك الإسبان الذين كانوا يخشون الثورات الموريسكية، كما كانوا يخافون فتحاً جديداً للأندلس بدعم من المغاربة والعثمانيين. بل وطالت ويلات محاكم التفتيش حتى الموريسكيين الذين هاجروا إلى أمريكا الجنوبية حين اكتشفها كريستوفر كولومبوس.

وكالات - تي ار تي
الاحد 15 أكتوبر 2023