ثمة مشهد سافر من القتل بدم بارد لآلاف المدنيين والأبرياء، ولانتهاكات غير بشرية لحقوق الإنسان، ولأبشع أنواع التعذيب المتخيّلة، ولقمع إرادة شعب يريد الحرية والتحرر. كل ذلك تهرب منه "نخب أردنية" باختلاق أعذارٍ أقبح من الذنب نفسه، وتكشف مزيداً من الهشاشة والتشوه الفكري والسياسي.اليوم، تتحدث نخب قومية (تنكر سايكس-بيكو) في قرارة فكرها، ونخب يسارية (تؤمن فقط بالصراع الطبقي، وترفض السلطة الطبقية الحاكمة الحالية) عن "المصلحة الوطنية" الأردنية في بقاء النظام السوري الحالي، وفي عدم التورط بموقف ضده.. فجأة تلاشت الروح القومية والأممية، وصارت هذه النخب تتحدث باسم المصلحة الأردنية وتربطها بنظام دموي قمعي أعلن الحرب على شعبه!
المفارقة الكبرى هنا أنّنا نلوم الولايات المتحدة والغرب، صباح مساء، لتفضيلهم مصالحهم الاقتصادية والأمنية والسياسية على الديمقراطية وحقوق الإنسان ومصالح الشعوب العربية، واليوم تمارس نخبنا "المعارضة" (!)
ما هو أبشع من ذلك عندما تشيح الوجه عن قهر ملايين الأشقاء السوريين، وعن مذابح همجية ونظام يسفك الدماء وكأنّها أرخص من الماء، بحجة "المصالح الأردنية"!كيف تقرأ هذه النخب المصلحة الأردنية؟.. بأنّ النظام الحالي يبدو متماسكاً عسكرياً وأمنياً! حتى لو كان غير شرعي ولا ديمقراطيا! مع ذلك حتى هذه الذريعة الخشبية غير صحيحة، فالرهان يجب أن يكون على المستقبل والمدى البعيد، وهنا لا يمكن أن نتصوّر بأنّ نظاماً معزولاً من الداخل والخارج دخل في صدام مع شعبه يمكن أن ينتصر في النهاية إلا في أوهام بعض "نخبنا"!الفزّاعة الأخيرة التي تهددنا بها هذه النخب هي "الحرب الأهلية" في سورية. وهذا خطر صحيح وماثل أمامنا. لكن لا يقول لنا السادة الأفاضل من الذي يريد أن يجرّ سورية إلى هذه المذبحة التاريخية ليخلط الأوراق ويفبرك لنفسه مشروعيةً فوق الجثث والدماء، مصدرها الوحيد هو الخوف من "السيناريو العراقي"!
من الذي يسن "سلاح الأقليات" في سورية، ويفزّع زملاءهم في العالم العربي من "الخطر الأصولي"؟ ومن يتحدث باسم الشيعة في العالم العربي والإسلامي، ولماذا يدخل التيار الصدري المتطرف على خط الأزمة السورية اليوم؟! ولماذا يصعّد حزب الله لهجته الحادّة مع النظام؟! من الذي يجرّ العالم العربي والإسلامي بأسره إلى حافة الطائفية العابرة للحدود السورية؟!
الفضيحة المدوّية ليست للنظام السوري، فقد نزع ورقة التوت مبكّراً عن نفسه، لكنّها لنخب ثقافية أردنية، وعربية، بنزوع قومي ويساري، وبعضها ليبرالي متطرف، أصبحت تتحدث جهاراً نهاراً عن دعم الديكتاتورية والاستبداد، ورفض الديمقراطية بعد أن تأكّدت أنّها لا تملك رصيداً في الشارع.انقلبت هذه النخب على دعاوى الإصلاح الديمقراطي، فبدأت بتدبيج خطاب غريب عجيب، هجين أيديولوجي وسياسي مرتبك، تارة تتحدث عن مؤامرة تركية-أصولية-أميركية، وتارةً أخرى عن اجتياج "المظاهر الباكستانية" للمجتمعات العربية، أمّا "التاتو" والسفور فلا مشكلة معه إطلاقاً، بينما يلخّص بعضهم القصة، بصدق وصراحة، بأنّ المشكلة أيديولوجية، وأنّهم لن يقبلوا بديمقراطية تؤدي إلى وصول إسلاميين إلى الحكم!القصة، في الأصل، ليست صراعاً أيديولوجياً، ولا معركة مع الإمبريالية، بل جوهرها الحقيقي يكمن في تساؤل بسيط: هل تستحق مجتمعاتنا وشعوبنا ديمقراطية وتعددية وتداول سلطة واحترام حقوق الإنسان ودولة القانون والمواطنة.. أم لا؟!
المفارقة الكبرى هنا أنّنا نلوم الولايات المتحدة والغرب، صباح مساء، لتفضيلهم مصالحهم الاقتصادية والأمنية والسياسية على الديمقراطية وحقوق الإنسان ومصالح الشعوب العربية، واليوم تمارس نخبنا "المعارضة" (!)
ما هو أبشع من ذلك عندما تشيح الوجه عن قهر ملايين الأشقاء السوريين، وعن مذابح همجية ونظام يسفك الدماء وكأنّها أرخص من الماء، بحجة "المصالح الأردنية"!كيف تقرأ هذه النخب المصلحة الأردنية؟.. بأنّ النظام الحالي يبدو متماسكاً عسكرياً وأمنياً! حتى لو كان غير شرعي ولا ديمقراطيا! مع ذلك حتى هذه الذريعة الخشبية غير صحيحة، فالرهان يجب أن يكون على المستقبل والمدى البعيد، وهنا لا يمكن أن نتصوّر بأنّ نظاماً معزولاً من الداخل والخارج دخل في صدام مع شعبه يمكن أن ينتصر في النهاية إلا في أوهام بعض "نخبنا"!الفزّاعة الأخيرة التي تهددنا بها هذه النخب هي "الحرب الأهلية" في سورية. وهذا خطر صحيح وماثل أمامنا. لكن لا يقول لنا السادة الأفاضل من الذي يريد أن يجرّ سورية إلى هذه المذبحة التاريخية ليخلط الأوراق ويفبرك لنفسه مشروعيةً فوق الجثث والدماء، مصدرها الوحيد هو الخوف من "السيناريو العراقي"!
من الذي يسن "سلاح الأقليات" في سورية، ويفزّع زملاءهم في العالم العربي من "الخطر الأصولي"؟ ومن يتحدث باسم الشيعة في العالم العربي والإسلامي، ولماذا يدخل التيار الصدري المتطرف على خط الأزمة السورية اليوم؟! ولماذا يصعّد حزب الله لهجته الحادّة مع النظام؟! من الذي يجرّ العالم العربي والإسلامي بأسره إلى حافة الطائفية العابرة للحدود السورية؟!
الفضيحة المدوّية ليست للنظام السوري، فقد نزع ورقة التوت مبكّراً عن نفسه، لكنّها لنخب ثقافية أردنية، وعربية، بنزوع قومي ويساري، وبعضها ليبرالي متطرف، أصبحت تتحدث جهاراً نهاراً عن دعم الديكتاتورية والاستبداد، ورفض الديمقراطية بعد أن تأكّدت أنّها لا تملك رصيداً في الشارع.انقلبت هذه النخب على دعاوى الإصلاح الديمقراطي، فبدأت بتدبيج خطاب غريب عجيب، هجين أيديولوجي وسياسي مرتبك، تارة تتحدث عن مؤامرة تركية-أصولية-أميركية، وتارةً أخرى عن اجتياج "المظاهر الباكستانية" للمجتمعات العربية، أمّا "التاتو" والسفور فلا مشكلة معه إطلاقاً، بينما يلخّص بعضهم القصة، بصدق وصراحة، بأنّ المشكلة أيديولوجية، وأنّهم لن يقبلوا بديمقراطية تؤدي إلى وصول إسلاميين إلى الحكم!القصة، في الأصل، ليست صراعاً أيديولوجياً، ولا معركة مع الإمبريالية، بل جوهرها الحقيقي يكمن في تساؤل بسيط: هل تستحق مجتمعاتنا وشعوبنا ديمقراطية وتعددية وتداول سلطة واحترام حقوق الإنسان ودولة القانون والمواطنة.. أم لا؟!