من أكثر ما يلفت النظر فيما يجري في مصر الآن، ولا سيما بعد خطاب "الرئيس المرفوض" مساء الثلاثاء 1/2/2011، شيوع نغمة عاطفية تدعو إلى احترام سن الرئيس ومكانته وتاريخه، لا سيما بعد أن أعلن أنه "كان لا ينتوي الترشح" في انتخابات الرئاسة نهايات هذا العام.. وبالتالي.. فمن "الشهامة" وواجب رد "الجميل" أن نحترمه في هذه الأشهر الباقية قبل نهاية ولايته.
ولا يكاد يذكر هذ الخطاب العاطفي مسوغاتٍ موضوعية لاحترام الرئيس فيما بقي من مدة ولايته الساقطة، من نحو أنه قائد قدير، وإداري جيد، وطاقة خير وإنجاز، وعنده رؤية واضحة ومشروع وطني طموح يحب أن يحققهما قبل أن يتقاعد. بل.. لأنه "أبونا" و"راجل كبير" وأحد "رموز حرب أكتوبر المجيدة" و"تاريخه مشرف"..
وإذا غضضنا النظر عن مناقشة الشيئيين الأخيرين، حيث الكلام فيهما يتلخص في أن "التاريخ المشرف" (إن وجد)، ودور الإنسان الرائع في أي ظرف من حياته لا يؤسسانِ شرعيةً مطلقةً مؤبَّدةً.. فقديماً قال علماء المسلمين: "الحيُّ لا تُؤمَن عليه الفتنة"، ونحن ـ دينيًّا ـ لا نعتقد العصمة لمخلوقٍ سوى الأنبياء والمرسلين، فما الظن إن كنا في مجال السياسة والفكر والعمل العام؟
وفوق هذا.. فتاريخ الإنسان، مهما كان مشرفاً، لا يصلح ـ فوق أنه لا يجوز ـ أن يجثم على الحاضر والمستقبل، لا سيما وقد طال التغير الطبيعي وغير الطبيعي الجميع: الإنسانَ ذاتَه، والحاضرَ، والمستقبل.
... ...
بعد هذا.. نأتي لقصة "ابونا الرئيس"!
بدايةً.. نؤمن تماماً بكل الأدبيات الدينية والاجتماعية الآمرة باحترام الكبير وتوقيره.. فلسنا بحاجة إلى وعظنا بمثل هذه الديباجات المحقة واستخدامه في غير مواضعها.
نحن لا نتحدث عن كبير أسرة أو عائلة يختلف معه بعض أفراد اسرته أو عائلته في أمرٍ كبُر أو صغُر..
نحن في سياق حديث عن علاقة رئيس منتخب بشعبٍ انتخبه (أو معظمُه على الأقل)، في نظام جمهوري دستوري..
إن من أهم مبادئ النظام الجمهوري الجوهرية:
1. شاغل المنصب العام لا يملك المنصب، وإنما هو – خاصة رأس الدولة – مجرد مُفَوَّض من الأمة لشغل المنصب، دون أن يمارس على المنصب أى حق من حقوق الملكية.
2. لا يحق لشاغل المنصب العام، خاصة رأس الدولة، أن يحدد لنفسه اختصاصات شاغل المنصب أو صلاحياته، وإنما يحدد ذلك الدستور والقانون.
3. ليس لشاغل المنصب العام، ولا حتى لرأس الدولة، قدسية تعصمه من النقد والمحاسبة والعزل؛ ومن ثم.. فإنه يحق لأى مواطن فى ظل النظام الجمهورى نقد رئيس الدولة، ومراجعته فى سياساته، والمطالبة بمحاسبته، بل وبعزله من منصبه وتنصيب غيره مكانه إذا اقتضت الضرورة ذلك، دون أن يكون فى أى من هذه الممارسات مساسٌ بمقام الرئاسة، أو نيلٌ من هيبة الدولة، أو تهديد لاستقرار النظام الجمهورى.
(مستفاد من موقع "مصريون من أجل الجمهورية"وصاحبه الأستاذ الدكتور حازم أحمد حسنى، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية/جامعة القاهرة: republic.egyptiandebate.net/republic-principles
... ...
فإذا سلَّمنا أن مبارك رئيس منتخب في انتخابات تنافسية نزيهة؛ فهو مُفَوَّض من الأمة لشغل منصب الرئاسة، دون أن يسبغ عليه هذا التفويض عصمةً من النقد والمحاسبة والعزل.
وإذن.. فالاعتراض عليه والمطالبة بعزله ومحاسبته، كل هذا بمعزلٍ عن علاقة عاطفية يزعمها المؤيدون له..
والمقبول من مؤيديه مناقشة ما يقدمه معارضوه من حجج ووقائع حول مصر والمصريين في عهده (ثمة "كتاب أسود" يوثق مخازي نظام مبارك ويؤطرها منهجيًّا، كان قد بدأه د. عبدالوهاب المسيري رحمه الله قبل وفاته).
... ...
وحتى إن سلَّمنا أن مبارك "ابونا"..
فبعض الآباء يجب الحَجْرُ عليهم!
... ...
أعلم أن هذا كلامٌ قد يبدو عقلانيًّا وبارداً في ظل الأتون الذي أشعله "بلطجية" نظام مبارك بعد زمن يسير من إنهائه كلمته البائسة مساء الثلاثاء 1/2/2011..
والحقَّ أقول لكم: هذا كلامٌ لم أكتبه للراهن.. فالراهن زائلٌ بعون الله..
بل لغدٍ قد لاح فجرُه.. فيه: سنقيم "جمهوريتنا"، ونؤسس مواطنتنا، ونبدع هُويتَنا، ونبني وطننا، وننتخب رئيسنا: مواطناً شريفاً.. نحاسبه ونعزله إن لزم الأمر.. فقد أقسمنا بالله العظيم: لن نُستغفَل بعد اليوم..
والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. العليِّ العظيم الحكَم العدل.
ولا يكاد يذكر هذ الخطاب العاطفي مسوغاتٍ موضوعية لاحترام الرئيس فيما بقي من مدة ولايته الساقطة، من نحو أنه قائد قدير، وإداري جيد، وطاقة خير وإنجاز، وعنده رؤية واضحة ومشروع وطني طموح يحب أن يحققهما قبل أن يتقاعد. بل.. لأنه "أبونا" و"راجل كبير" وأحد "رموز حرب أكتوبر المجيدة" و"تاريخه مشرف"..
وإذا غضضنا النظر عن مناقشة الشيئيين الأخيرين، حيث الكلام فيهما يتلخص في أن "التاريخ المشرف" (إن وجد)، ودور الإنسان الرائع في أي ظرف من حياته لا يؤسسانِ شرعيةً مطلقةً مؤبَّدةً.. فقديماً قال علماء المسلمين: "الحيُّ لا تُؤمَن عليه الفتنة"، ونحن ـ دينيًّا ـ لا نعتقد العصمة لمخلوقٍ سوى الأنبياء والمرسلين، فما الظن إن كنا في مجال السياسة والفكر والعمل العام؟
وفوق هذا.. فتاريخ الإنسان، مهما كان مشرفاً، لا يصلح ـ فوق أنه لا يجوز ـ أن يجثم على الحاضر والمستقبل، لا سيما وقد طال التغير الطبيعي وغير الطبيعي الجميع: الإنسانَ ذاتَه، والحاضرَ، والمستقبل.
... ...
بعد هذا.. نأتي لقصة "ابونا الرئيس"!
بدايةً.. نؤمن تماماً بكل الأدبيات الدينية والاجتماعية الآمرة باحترام الكبير وتوقيره.. فلسنا بحاجة إلى وعظنا بمثل هذه الديباجات المحقة واستخدامه في غير مواضعها.
نحن لا نتحدث عن كبير أسرة أو عائلة يختلف معه بعض أفراد اسرته أو عائلته في أمرٍ كبُر أو صغُر..
نحن في سياق حديث عن علاقة رئيس منتخب بشعبٍ انتخبه (أو معظمُه على الأقل)، في نظام جمهوري دستوري..
إن من أهم مبادئ النظام الجمهوري الجوهرية:
1. شاغل المنصب العام لا يملك المنصب، وإنما هو – خاصة رأس الدولة – مجرد مُفَوَّض من الأمة لشغل المنصب، دون أن يمارس على المنصب أى حق من حقوق الملكية.
2. لا يحق لشاغل المنصب العام، خاصة رأس الدولة، أن يحدد لنفسه اختصاصات شاغل المنصب أو صلاحياته، وإنما يحدد ذلك الدستور والقانون.
3. ليس لشاغل المنصب العام، ولا حتى لرأس الدولة، قدسية تعصمه من النقد والمحاسبة والعزل؛ ومن ثم.. فإنه يحق لأى مواطن فى ظل النظام الجمهورى نقد رئيس الدولة، ومراجعته فى سياساته، والمطالبة بمحاسبته، بل وبعزله من منصبه وتنصيب غيره مكانه إذا اقتضت الضرورة ذلك، دون أن يكون فى أى من هذه الممارسات مساسٌ بمقام الرئاسة، أو نيلٌ من هيبة الدولة، أو تهديد لاستقرار النظام الجمهورى.
(مستفاد من موقع "مصريون من أجل الجمهورية"وصاحبه الأستاذ الدكتور حازم أحمد حسنى، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية/جامعة القاهرة: republic.egyptiandebate.net/republic-principles
... ...
فإذا سلَّمنا أن مبارك رئيس منتخب في انتخابات تنافسية نزيهة؛ فهو مُفَوَّض من الأمة لشغل منصب الرئاسة، دون أن يسبغ عليه هذا التفويض عصمةً من النقد والمحاسبة والعزل.
وإذن.. فالاعتراض عليه والمطالبة بعزله ومحاسبته، كل هذا بمعزلٍ عن علاقة عاطفية يزعمها المؤيدون له..
والمقبول من مؤيديه مناقشة ما يقدمه معارضوه من حجج ووقائع حول مصر والمصريين في عهده (ثمة "كتاب أسود" يوثق مخازي نظام مبارك ويؤطرها منهجيًّا، كان قد بدأه د. عبدالوهاب المسيري رحمه الله قبل وفاته).
... ...
وحتى إن سلَّمنا أن مبارك "ابونا"..
فبعض الآباء يجب الحَجْرُ عليهم!
... ...
أعلم أن هذا كلامٌ قد يبدو عقلانيًّا وبارداً في ظل الأتون الذي أشعله "بلطجية" نظام مبارك بعد زمن يسير من إنهائه كلمته البائسة مساء الثلاثاء 1/2/2011..
والحقَّ أقول لكم: هذا كلامٌ لم أكتبه للراهن.. فالراهن زائلٌ بعون الله..
بل لغدٍ قد لاح فجرُه.. فيه: سنقيم "جمهوريتنا"، ونؤسس مواطنتنا، ونبدع هُويتَنا، ونبني وطننا، وننتخب رئيسنا: مواطناً شريفاً.. نحاسبه ونعزله إن لزم الأمر.. فقد أقسمنا بالله العظيم: لن نُستغفَل بعد اليوم..
والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. العليِّ العظيم الحكَم العدل.