كان اذا استحسن طالبة مد يده على شعرها كأب ثم نظر الى حارساته الذئبيات وبعد ايام تكون الطالبة في مخدعه.. هكذا قالت احداهن في مقابلة مع صحيفة لوموند.. وعندما تخيلت ان الدكتاتور ينشىء مركزا لاطالة عمره وتخليد نفسه قرأت مؤخرا ان زعيم قازاخستان دعا علماء بلاده الى تطوير وسائل علاجية لاطالة عمره حتى يواصل الحكم الى 120 سنة من عمره.. الخ.. تخيلات الكاتب تتجسد في عقل الدكتاتور لخدمة نفسه فقط وفي احيان اخرى تتجسد في رؤى حكام يريدون الخير لبلادهم.. ذات سنة وصفت الشيخ محمد بن راشد عندما اجريت معه حوارا عندما كان وزيرا للدفاع عام 1977 بأنه شيخ واعد يؤمن بمنح الشباب فرصة ونشرت ذلك في صحيفة الوطن الكويتية.. وقبل ايام وجدتني في قاعة المؤتمرات في مركز دبي التجاري استمع الى الشيخ محمد وهو يخاطب شباب الامارات وقال انه كان شابا وكان يحلم وبلاده معدمة بشوارع وانفاق ومبان وغيرها.. وحلمه ذلك شرحه في كتابه رؤيتي.. كان الشيخ الذي اكمل وعده لا يقف على المنصة بل يتجول في القاعة الواسعة يروي قصة »الاتحاد« منذ البدء على مدى ساعتين.. ثم يقطع الرواية ويلقي قصيدة.. ويكمل الرواية وهكذا.. ومع انني اختلف معه في روايته عن الانقلاب الدامي في امارة الشارقة في مطلع السبعينيات حيث ذكر انه من تدبير مصري واشارته الى هزيمة عبد الناصر عام 1967.. حيث انطلق الانقلابيون الى الشارقة من البصرة ولا علاقة لمصر بهم كما أن عبد الناصر هزم لأن قواته كانت في اليمن تقاتل لهدف قومي فلربما خانه التعبير في ذلك حيث ان فكرة اتحاد الامارات انطلقت من الفكر القومي للشيخ زايد رحمه الله الذي ظل يمثل القومية في ارقى تجلياتها وانقى صورها.
كان الشيخ يرتدي دشداشة مميزة ذات لون ذهبي غير لامع يجمع بين لون خام الذهب ورمل الكثبان الرملية.. فالشيخ منذ بداياته يطمح الى التميز في كل شيء حتى في ملبسه ففي صورة قديمة رأيتها في احدى الصحف لحكام الامارات وهم يرفعون علم الاتحاد مع بداية الاتحاد في عام 1971 كان يقف على يسار الصورة وقد ارتدى دشداشة باللون نفسه مع فارق بسيط وهو خروج خصلة من الشعر على جبهته من تحت الغترة.
نجح الشيخ الواعد في اقامة مدينة أنموذج واستعان بشباب الامارات في البناء ومنحهم الفرص فيما انهمك شيخ آخر في صقل عقل الشباب من وراء ستار بتنويع اساليب وطرائق الفكر والمعرفة.. وهو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان ذو الوجه الصارم الذي يخفي شخصية انسانية مرهفة ذات مدارك متعددة من العلم الى المعرفة الى الانفتاح العقلاني الى التدين السمح وحب الفنون والايمان بالشباب فبينما كان لدى الامارات 47 خريجا جامعيا منذ تأسيسها تجد ان جامعاتها خرجت قرابة 40 الفا من الطلبة والطالبات كما يقول الشيخ نهيان غير عشرات الألوف الذين درسوا في الخارج وقد اكمل هو الآخر حلمه ببناء صرح جامعة زايد في ابو ظبي بتكلفة وصلت مليار دولار.. وهو الاكبر في المنطقة.. وعند جولتنا مع قرابة 100 صحافي من مختلف دول العالم في جنبات الجامعة فوجئنا في احد الممرات الواسعة بسيل من العباءات السوداء حيث كانت آلاف الطالبات يحتفلن بالعيد الوطني الاربعين على طريقتهن في ذلك الرواق الجامعي حول فرقة شعبية بخفر وحياء وجمال مستتر بالسواد.. فالنقلة النوعية في التعليم الجامعي ربما تكون اهم عنصر ديمومة لدولة الامارات حاليا ومستقبلا وحتى يوم الحشر.. ففي موازاة رؤية الشيخ محمد بن راشد في دبي هناك رؤية الشيخ خليفة بن زايد في ابو ظبي المشتقة من رؤية زايد التي اختطت منحى آخر وهو بناء العقل والانسان والتركيز على الفنون بفروعها.. فقبل ست سنوات او يزيد حظيت بجولة في مروحية برفقة الشيخ نهيان من ابو ظبي الى دبي لافتتاح مؤتمر تربوي حيث اطلعني الشيخ على جزيرة النخلة الاصطناعية في مياه دبي.. وفي طريق العودة لاحظت وجود جزر قرب ابو ظبي فقلت للشيخ لماذا تقام جزر اصطناعية مكلفة ولديكم هنا جزر طبيعية تنتظر يد الانسان لتشكيلها على شكل نخلة او وردة او ما تريدون فقال »هذه تحتاج الى قرارات سياسية اولا« وكتبت هذه الواقعة في مقال نشر في حينه.. ولعلي وان كنت ازور الامارات سنويا فوجئت ان ما كان مجرد ملاحظة عابرة كان يدور في مخيلة حكام ابو ظبي فخلال سنوات قليلة تحولت جزيرة ياس الى منتجع سياحي ورياضي لا مثيل له.. اما جزيرة السعديات القريبة منها والتي كانت ستكون منطقة تجارية حرة فانها تشهد نهضة عمرانية ذات طابع آخر متفرد بحيث ستتحول الى منارة ثقافية وفنية هي الاكبر عالميا فستكون فيها فروع لمتاحف عالمية وصالات عرض واحياء سكنية فخمة ومركز تجاري ومراس لليخوت فالامارات هنا تمسك بالمجد الحضاري من طرفيه .. نمو تجاري من جهة ونمو حضاري فني انساني من جهة اخرى.. وكما قال رجل الاعمال الوطني القومي الفاضل جمعة الماجد ان هناك دولا اقدم منا واكثر ثراء ولكننا خلال 40 سنة نجحنا في تحقيق انجازات على كل الصعد وسألني.. لماذا؟ واجاب »لاننا نؤمن بحرية المبادرة والعمل دون تدخل ودون قيود.. وهذا هو سر نجاح التجربة الاماراتية«.
عمليا سبقت دولة الامارات العولمة بمفاتنها ونجحت في تخطي سلبياتها واعطت لغيرها ولم تبخل على احد من جوارها او محيطيها العربي والاسلامي ولعل المشهد الاسطوري من الجو لابو ظبي وانت تغادرها يأخذك الى عوالم الف ليلة وليلة.. وتقول في نفسك الف ليلة وليلتان باضافة الامارات اليها كحسن الختام ففي صورة قديمة في الستينيات لابو ظبي اطلعني عليها المصور المصري الشهير سليم زبال الذي كان يعمل في مجلة العربي في الكويت كانت ابو ظبي عبارة عن خيام وبيوت صفيح متناثرة فوق رمال حارقة ومن يقارن بين مشهدها الآن وصورتها القديمة لا اظنه سيصدق ان كل هذا تم في 40 سنة.. فاحلام الامارات عادة تبدأ كقصيدة على لسان شاعر وتتجسد على رمالها.. فبعد اقلاع الطائرة بعشر دقائق لاحظت وجود جزيرة على شكل هلال في الخليج.. واعلاها جزيرة اخرى على شكل قطرة دمع على وشك السقوط.. فقلت لا بد ان يداً ستمتد اليهما وتحيلهما الى شيء ما كأن تتحول جزيرة الهلال الى بدر براق وتتحول الدمعة الى قطرة ندى لأن عبقرية اهل الامارات هي التشييء والتحويل مع الاحتفاظ بالأصالة.
---------------
الحياة الجديدة-6-12
كان الشيخ يرتدي دشداشة مميزة ذات لون ذهبي غير لامع يجمع بين لون خام الذهب ورمل الكثبان الرملية.. فالشيخ منذ بداياته يطمح الى التميز في كل شيء حتى في ملبسه ففي صورة قديمة رأيتها في احدى الصحف لحكام الامارات وهم يرفعون علم الاتحاد مع بداية الاتحاد في عام 1971 كان يقف على يسار الصورة وقد ارتدى دشداشة باللون نفسه مع فارق بسيط وهو خروج خصلة من الشعر على جبهته من تحت الغترة.
نجح الشيخ الواعد في اقامة مدينة أنموذج واستعان بشباب الامارات في البناء ومنحهم الفرص فيما انهمك شيخ آخر في صقل عقل الشباب من وراء ستار بتنويع اساليب وطرائق الفكر والمعرفة.. وهو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان ذو الوجه الصارم الذي يخفي شخصية انسانية مرهفة ذات مدارك متعددة من العلم الى المعرفة الى الانفتاح العقلاني الى التدين السمح وحب الفنون والايمان بالشباب فبينما كان لدى الامارات 47 خريجا جامعيا منذ تأسيسها تجد ان جامعاتها خرجت قرابة 40 الفا من الطلبة والطالبات كما يقول الشيخ نهيان غير عشرات الألوف الذين درسوا في الخارج وقد اكمل هو الآخر حلمه ببناء صرح جامعة زايد في ابو ظبي بتكلفة وصلت مليار دولار.. وهو الاكبر في المنطقة.. وعند جولتنا مع قرابة 100 صحافي من مختلف دول العالم في جنبات الجامعة فوجئنا في احد الممرات الواسعة بسيل من العباءات السوداء حيث كانت آلاف الطالبات يحتفلن بالعيد الوطني الاربعين على طريقتهن في ذلك الرواق الجامعي حول فرقة شعبية بخفر وحياء وجمال مستتر بالسواد.. فالنقلة النوعية في التعليم الجامعي ربما تكون اهم عنصر ديمومة لدولة الامارات حاليا ومستقبلا وحتى يوم الحشر.. ففي موازاة رؤية الشيخ محمد بن راشد في دبي هناك رؤية الشيخ خليفة بن زايد في ابو ظبي المشتقة من رؤية زايد التي اختطت منحى آخر وهو بناء العقل والانسان والتركيز على الفنون بفروعها.. فقبل ست سنوات او يزيد حظيت بجولة في مروحية برفقة الشيخ نهيان من ابو ظبي الى دبي لافتتاح مؤتمر تربوي حيث اطلعني الشيخ على جزيرة النخلة الاصطناعية في مياه دبي.. وفي طريق العودة لاحظت وجود جزر قرب ابو ظبي فقلت للشيخ لماذا تقام جزر اصطناعية مكلفة ولديكم هنا جزر طبيعية تنتظر يد الانسان لتشكيلها على شكل نخلة او وردة او ما تريدون فقال »هذه تحتاج الى قرارات سياسية اولا« وكتبت هذه الواقعة في مقال نشر في حينه.. ولعلي وان كنت ازور الامارات سنويا فوجئت ان ما كان مجرد ملاحظة عابرة كان يدور في مخيلة حكام ابو ظبي فخلال سنوات قليلة تحولت جزيرة ياس الى منتجع سياحي ورياضي لا مثيل له.. اما جزيرة السعديات القريبة منها والتي كانت ستكون منطقة تجارية حرة فانها تشهد نهضة عمرانية ذات طابع آخر متفرد بحيث ستتحول الى منارة ثقافية وفنية هي الاكبر عالميا فستكون فيها فروع لمتاحف عالمية وصالات عرض واحياء سكنية فخمة ومركز تجاري ومراس لليخوت فالامارات هنا تمسك بالمجد الحضاري من طرفيه .. نمو تجاري من جهة ونمو حضاري فني انساني من جهة اخرى.. وكما قال رجل الاعمال الوطني القومي الفاضل جمعة الماجد ان هناك دولا اقدم منا واكثر ثراء ولكننا خلال 40 سنة نجحنا في تحقيق انجازات على كل الصعد وسألني.. لماذا؟ واجاب »لاننا نؤمن بحرية المبادرة والعمل دون تدخل ودون قيود.. وهذا هو سر نجاح التجربة الاماراتية«.
عمليا سبقت دولة الامارات العولمة بمفاتنها ونجحت في تخطي سلبياتها واعطت لغيرها ولم تبخل على احد من جوارها او محيطيها العربي والاسلامي ولعل المشهد الاسطوري من الجو لابو ظبي وانت تغادرها يأخذك الى عوالم الف ليلة وليلة.. وتقول في نفسك الف ليلة وليلتان باضافة الامارات اليها كحسن الختام ففي صورة قديمة في الستينيات لابو ظبي اطلعني عليها المصور المصري الشهير سليم زبال الذي كان يعمل في مجلة العربي في الكويت كانت ابو ظبي عبارة عن خيام وبيوت صفيح متناثرة فوق رمال حارقة ومن يقارن بين مشهدها الآن وصورتها القديمة لا اظنه سيصدق ان كل هذا تم في 40 سنة.. فاحلام الامارات عادة تبدأ كقصيدة على لسان شاعر وتتجسد على رمالها.. فبعد اقلاع الطائرة بعشر دقائق لاحظت وجود جزيرة على شكل هلال في الخليج.. واعلاها جزيرة اخرى على شكل قطرة دمع على وشك السقوط.. فقلت لا بد ان يداً ستمتد اليهما وتحيلهما الى شيء ما كأن تتحول جزيرة الهلال الى بدر براق وتتحول الدمعة الى قطرة ندى لأن عبقرية اهل الامارات هي التشييء والتحويل مع الاحتفاظ بالأصالة.
---------------
الحياة الجديدة-6-12