هكذا يتساءل أدونيس - الشاعر الثوري - عن جدوى ثوراتنا العربية .. يمسك الميكرفون في ندوة مخصصة لتكريم رماد " البوعزيزي " الذي اشتعل قهراً ليتكلم من برجه العاجي، المرصّع بالقصائد والنبوءات، من أجل الانتقاص من إنساننا العربي، والحط من شأنه، واحتقاره وعياً وفكراً وتحرراً .. ترى، هل هذا هو المقصود بنخبوية المثقف؟
هذه ، إذن، هي وجهة نظر شاعرنا الكبير في إنساننا العربي .. المسحوق والمغلوب على أمره: أنه ببساطة "متخلّف" .. وبذلك فإن ثوراته هي أيضاً " متخلّفة " مثله ! ثورات ليست حداثية بما يكفي لكي تعجب شاعرنا، وليست قطعاً بجمال وبهاء ثورته الشعرية ضد الموروث .. التي ربما، بقليلٍ من الصبر ( يعني كل هذه العقود من الجوع والضيم لم تكن كافية؟ ) .. أقول ربما تؤدي إلى تحرير الإنسان، وإطعامه وإيوائه .. لأن هذا أفضل طبعاً من ثورة تخرج من "مسجد" !
نسي شاعرنا أن ينتبه إلى اللحمة العربية غير المسبوقة التي تجعل المسلم يقف على بابِ الكنيسة مدافعاً عن حق المسيحي بالاختلاف عنه، ولكن أدونيس لا يريد هذه اللحمة على ما يبدو، هو لا يريد المسجد ولا حتى الكنيسة، يريد أن تخرج ثوراتنا من " قصائده " لأنها - والثورات أعني - تفتقر إلى التنظير والأدلجة!
ويتساءلُ أدونيس أيضاً: " كيف صارت الحبة التونسية قبّة عربية ؟ " .. وهو التساؤلُ الغريب بدوره، لأنني أعتقد بأن اشتعال الإنسان من فرطِ القهر ليس "حبة " بأيّ شكل، وبأن استجابة العالم العربي لتلك الشرارة، ومطالبة الإنسان المسحوق منذ عقود .. وربما قرون، بحقوقه المشروعة، ليست أيضاً " قبّة " .. ولن تكون، ولكنني سأحسنُ الظن بك، يا أستاذ أدونيس، سأقول خانك التعبير! رغم أنه تعبير كلاسيكي جداً، و " قديم " جداً ومنزوع من مجلدات الموروث القديمة والمغبرة .. ولا أدري كيف استخدمته حداثتك، أقصد سعادتك.
ولكن ماذا عسانا نقول؟ أدونيس الذي قلّدناه منصباً رائداً في التبشير بحداثة الغرب في راهننا العربي، يبدو أنه اعتاد ببساطةٍ أن يختلف مع الإنسان العربي، لمجرد الاختلاف، أو لمجرد أنه عربي. أدونيس يريد أن يجيء متمرداً، حتى لو كان ذلك التمرد ضد التمرد ذاته - إذا استخدمنا لغته هو - فهو الذي يملك ما يكفي من البصيرة الحداثية لكي يعلن بأن الثورة السورية ليست ثورة، بل هي تمرّد، ولم يبق إلا أن يزيد بأنها : يجب أن تقمع!
أدونيس، في كلمته التي ألقاها عن شرارة الـ " بوعزيزي " التي تفشت في هشيم واقعنا المحتضر، يحارب أفكاراً تجاوزها شارعنا العربي بدون أن ينتبه، يصف الإنسان العربي بالتعصب وكره الآخر، بالجاهل الذي لا يعرف من دينه إلا التحليل والتحريم والتكفير وتعدد الزوجات.. أدونيس يحاربُ طواحين الهواء، على ما يبدو، لأن ثوراتنا العربية " الجميلة بكل معنى الكلمة " قد تجاوزت العصبية والعنصرية التي يفترض شاعرنا الكبير وجودها في أعماقنا .. وهو هنا يناقض نفسه مرة أخرى ..
ألست أنت القائل بأنها ثورات لا تتكئ على نظريات وأيديولوجيات مسبقة؟ عذراً أستاذ أدونيس، هذه المرة تفوق الشارع العربي على المثقف العربي، وصار أكثر تقدمية وإنسانية من افتراضاته وسوء ظنه.. وأنا في الحقيقة سعيدة، لأن الشارع العربي بات ينتمي إلى مستقبله الأوسع من قصيدة، لا إلى راهنه الأضيق من قبر، أنا سعيدة لأن شارعنا العربي قد تفوّق على حداثتك يا أستاذ أدونيس، لقد سبقك بمراحل ..
هذه ، إذن، هي وجهة نظر شاعرنا الكبير في إنساننا العربي .. المسحوق والمغلوب على أمره: أنه ببساطة "متخلّف" .. وبذلك فإن ثوراته هي أيضاً " متخلّفة " مثله ! ثورات ليست حداثية بما يكفي لكي تعجب شاعرنا، وليست قطعاً بجمال وبهاء ثورته الشعرية ضد الموروث .. التي ربما، بقليلٍ من الصبر ( يعني كل هذه العقود من الجوع والضيم لم تكن كافية؟ ) .. أقول ربما تؤدي إلى تحرير الإنسان، وإطعامه وإيوائه .. لأن هذا أفضل طبعاً من ثورة تخرج من "مسجد" !
نسي شاعرنا أن ينتبه إلى اللحمة العربية غير المسبوقة التي تجعل المسلم يقف على بابِ الكنيسة مدافعاً عن حق المسيحي بالاختلاف عنه، ولكن أدونيس لا يريد هذه اللحمة على ما يبدو، هو لا يريد المسجد ولا حتى الكنيسة، يريد أن تخرج ثوراتنا من " قصائده " لأنها - والثورات أعني - تفتقر إلى التنظير والأدلجة!
ويتساءلُ أدونيس أيضاً: " كيف صارت الحبة التونسية قبّة عربية ؟ " .. وهو التساؤلُ الغريب بدوره، لأنني أعتقد بأن اشتعال الإنسان من فرطِ القهر ليس "حبة " بأيّ شكل، وبأن استجابة العالم العربي لتلك الشرارة، ومطالبة الإنسان المسحوق منذ عقود .. وربما قرون، بحقوقه المشروعة، ليست أيضاً " قبّة " .. ولن تكون، ولكنني سأحسنُ الظن بك، يا أستاذ أدونيس، سأقول خانك التعبير! رغم أنه تعبير كلاسيكي جداً، و " قديم " جداً ومنزوع من مجلدات الموروث القديمة والمغبرة .. ولا أدري كيف استخدمته حداثتك، أقصد سعادتك.
ولكن ماذا عسانا نقول؟ أدونيس الذي قلّدناه منصباً رائداً في التبشير بحداثة الغرب في راهننا العربي، يبدو أنه اعتاد ببساطةٍ أن يختلف مع الإنسان العربي، لمجرد الاختلاف، أو لمجرد أنه عربي. أدونيس يريد أن يجيء متمرداً، حتى لو كان ذلك التمرد ضد التمرد ذاته - إذا استخدمنا لغته هو - فهو الذي يملك ما يكفي من البصيرة الحداثية لكي يعلن بأن الثورة السورية ليست ثورة، بل هي تمرّد، ولم يبق إلا أن يزيد بأنها : يجب أن تقمع!
أدونيس، في كلمته التي ألقاها عن شرارة الـ " بوعزيزي " التي تفشت في هشيم واقعنا المحتضر، يحارب أفكاراً تجاوزها شارعنا العربي بدون أن ينتبه، يصف الإنسان العربي بالتعصب وكره الآخر، بالجاهل الذي لا يعرف من دينه إلا التحليل والتحريم والتكفير وتعدد الزوجات.. أدونيس يحاربُ طواحين الهواء، على ما يبدو، لأن ثوراتنا العربية " الجميلة بكل معنى الكلمة " قد تجاوزت العصبية والعنصرية التي يفترض شاعرنا الكبير وجودها في أعماقنا .. وهو هنا يناقض نفسه مرة أخرى ..
ألست أنت القائل بأنها ثورات لا تتكئ على نظريات وأيديولوجيات مسبقة؟ عذراً أستاذ أدونيس، هذه المرة تفوق الشارع العربي على المثقف العربي، وصار أكثر تقدمية وإنسانية من افتراضاته وسوء ظنه.. وأنا في الحقيقة سعيدة، لأن الشارع العربي بات ينتمي إلى مستقبله الأوسع من قصيدة، لا إلى راهنه الأضيق من قبر، أنا سعيدة لأن شارعنا العربي قد تفوّق على حداثتك يا أستاذ أدونيس، لقد سبقك بمراحل ..