نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


بعد ثورة مصر .. سورية ليست بمنأى عن التغيير





يخطئ كثيرا من يتوقع أن سورية بمنأى عمّا حدث في مصر .. فثورة الشباب المصري ستفعل فعلها التغييري


في جميع الدول العربية .. بل وبدول المنطقة برمتها دون أي استثناء.. !!
ونرى أن أكثر الدول عرضة للتأثر بثورة مصر الشبابية غير المسبوقة في تاريخ مصر والمنطقة باستثناء الثورة الإيرانية هي سورية دون أي منازع ..!!
وبما أن سورية هي أول المتأثرين بالثورة المصرية .. فالسؤال الصعب : ماشكل وما حجم الفعل الذي سيفعله الزلزال المصري في سورية ؟!
الجميع ينتظر ويترقب ويرصد ويتساءل : مالذي سيحدث في سورية خلال الأسابيع أو الأشهر التالية ..؟
لابد قبل أن يتبرع أحد ويجيب على هذا السؤال منطلقا من تصفية حسابات شخصية .. لا من معطيات موضوعية تستند إلى وقائع فعلية .. لابد من التذكير ولو بعجالة بتاريخ العلاقات المصرية السورية منذ خمسينات القرن الماضي لأنها ستساعدنا في الإجابة على السؤال : ماذا سيحدث في سورية خلال الفترة القصيرة القادمة وبسرعة ؟!!
نعم سورية هي الدولة الأولى التي ستتأثّر برياح التغيير العاصفة القادمة بسرعة الضوء على العالم العربي .. لأنها على مدى التاريخ القديم والحديث شكلت مع مصر قطبا التغيير المؤثر في مجريات الأحداث السياسية والمصيرية بغض النظر عن نتائج التغيير سلبا أم إيجابا على دول المنطقة ..!!
مصر وسورية أقاما أول وحدة إندماجية في المنطقة عام 1958.. وقادا وأثّرا معا في حركات التحرر العربيي من الإستعمار ، وواجها معا المخططات والأحلاف الغربية ، ودعما المقاومة الفلسطينية بلا حدود وفرضا على الأنظمة العربية القضية الفلسطينية كقضية مركزية ، وتعرضا معا للهزيمة التي الحقتها بهما إسرائيل في حزيران 1967 .. وخاضا معا حرب تشرين ثأرا لهزيمة حزيران ..!
وباختصار أثّرت مصر وسورية على مدى ربع قرن من الزمن في المجريات السياسية في المنطقة تحت راية القومية العربية المناهضة للصهيونية وللغرب الداعم لإسرائيل ، وكانت لهما الكلمة العليا في المنطقة بدليل أن خطابا لعبد الناصر كان كفيلا بتحريك الشارع في الكثير من الدول العربية وبث الخوف والرعب في أركان الأنظمة التي كانت توصف بـ (الرجعية واليمينية) ..!!
ومثلما أثرا وقادا حركات التغيير وهما معا .. فإن افتراق مصر وسورية بعد زيارة السادات إلى القدس المحتلة وتوقيعه على اتفاقيات كامب ديفيد وقيام خليفته مبارك بتحويل مصر إلى مستعمرة إسرائيلية ..أثّرا ايضا وبشكل جذري وغير مسبوق في مجريات الأحداث في المنطقة وبصورة سلبية جدا..!
افتراق النظامين المصري والسوري كان جذريا وعميقا تجسد في الخيارات الإستراتيجية :
- النظام المصري بقيادة السادات ثم مبارك اختار المعسكر الإسرائيلي – الأمريكي وتزعم حلف مايسمى بـ (معسكر الإعتدال) المنادي بعلاقات سياسية واقتصادية حميمية مع إسرائيل ، وحارب حركات المقاومة ضد اسرائيل وكان رأس الحربة (بمباركة إسرائيلية) في التحريض ضد إيران ، وابتكر أساليب خلاقة لحصار قطاع غزة إلى حد سجن كل مصري يزور القطاع أو يمد سكانه بالغذاء .. وليس السلاح فقط ..الخ ، وكان من أكبر المشجعين والداعمين للمحكمة الدولية لأنها تستهدف سورية والمقاومة اللبنانية (كان لافتا تصريح الحكومة الإسرائيلية أن الثورة المصرية ستؤثر سلبا على إسرائيل والمحكمة الدولية) !!
- النظام السوري لم يغيّر خياراته .. بقي مناهضا لإسرائيل ، ورافضا توقيع اتفاقية (سلام) معها إلا وفق القرارات الدولية وبما يضمن حل القضية الفلسطينية ، واستمر بدعم المقاومة ( من خلال تحالف استراتيجي) سواء ضد إسرائيل في لبنان وفلسطين المحتلة أو ضد الإحتلال الأمريكي في العراق ، وتحالف مع إيران الداعمة للقضية الفلسطينية وحركات المقاومة في المنطقة ، وأقام علاقة استراتيجية (يغلب عليها الطابع الإقتصادي والإجتماعي حاليا ) مع تركيا بعد ابتعادها عن إسرائيل وتأييدها للقضية الفلسطينية وتفهمها للمواقف الإيرانية..الخ!!
ومن خلال هذين الخيارين المتناقضين للنظامين السوري والمصري يمكننا الوصول إلى إجابة منطقية وواقعية للسؤال الصعب : ما الذي سيحدث في سورية خلال الأسابيع أو الأشهر التالية ..؟
بعض السوريين المقيمين في الخارج منذ سنوات طويلة رأى (باستخفاف غريب) أن الفرصة الذهبية قد حانت للدعوة إلى ثورة شعبية في سورية من خلال (الفيسبوك).. لم يستجب لها أحد سوى مطلقيها!!
النظام السوري رد بسرعة على هذه الدعوات بـ (فك حجب ) موقع الفيسبوك .. الذي كان عمليا متاحا لجميع السوريين الراغبين بالتحاور المباشر من خلاله (رغم منعه رسميا) .. ربما اراد النظام من هذه الخطوة التأكيد انه غير قلق من هذه الدعوات الساذجة ..وسيتيح لجميع السوريين الإطلاع عليها بمن فيهم الذين كانوا يخافون إطلاق صفحات لهم على هذا الموقع الأكثر شعبية في العالم!
السؤال البديهي هنا : لماذا سيثور الشعب السوري ضد النظام ؟؟!!
كما نلاحظ أن الدول التي شهدت أو المعرضة لثورات شعوبها هي الدول الحليفة لأمريكا و إسرائيل أو مايطلق عليها فعليا ( عرب إسرائيل)!!
وما لم تقله سوى قلة من المراقبين في الداخل او الخارج هو أن سورية هي المستفيد الأول من ثورة التغيير في مصر .. فهذه الثورة قد تنهي أكثر من ثلاثة عقود من القطيعة السياسية مع مصر بسبب الخيارات المتناقضة المتبناة من قبل النظامين !
والأهم أن ثورة مصر وجهت ضربة قاضية لرأس النظام العربي الحليف للصهيونية وأمريكا والمناوئ لحركات المقاومة ضد إسرائيل .. وبالتالي فإن سورية قد تستعيد مع النظام المصري الجديد الذي ستتشكل معالمه وتتحدد خياراته خلال عام على الأكثر قيادة عمليات التغيير السياسي والإقتصادي في منطقة الشرق الأوسط لصالح شعوب المنطقة .
وربما نشهد خلال الأعوام القادمة تحالفا لم يكن يخطر على بال أكثر المحللين الإستراتيجيين يضم مصر وسورية وتركيا وإيران .. يحررالمنطقة سياسيا واقتصاديا من القبضة الحديدية للوبي الصهيوني المتحكم بالسياسات الأمريكية والأوروبية في منطقة الشرق الأوسط!
وللتذكير فإن إسرائيل التي خسرات حليفها الإستراتيجي إيران بعد ثورة شعبها ضد الشاه تمكنت من تعويض الخسارة بحليف أهم هو نظام مبارك الذي قاد حلفا عربيا وإقليميا ضد (دول الممانعة) وحركات المقاومة المناوئة والمعادية للسياسات الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة ، والمحرّض على تغيير أنظمة هذه الدول وحركات المقاومة بالقوة العسكرية الأمريكية تارة (سورية وإيران) والإسرائيلية (لبنان وغزة) في أغلب الأحيان..!
وإسرائيل تواجه اليوم بعد الثورة المصرية منعطفا تاريخيا مصيريا لم تمر فيه منذ احتلالها لفلسطين :
- خسرت إيران التي كانت تهدد أيام الشاه الأنظمة العربية بقوتها العسكرية ..
- خسرت الآن مصر الحليف البديل للشاه .. وهي الأكثر رعبا وهلعا مما حدث في مصر وكل قادتها ومحلليها الإستراتيجيين والعسكريين وأجهزة مخابراتها يؤكدون: علينا أن ننسى عهد مبارك فمهما كانت النتائج فمصر لن تكون بعد الآن حليفة استراتيجية لإسرائيل!
- خسرت تركيا التي كانت تشكل لها جيشا خلفيا لتهديد سورية في أمنها الحدودي (الذي كاد ان يتطور إلى مواجهات عسكرية في عدة مرات) وتهديدا في أمنها الداخلي وخاصة المائي..!
وما يزعج ويقلق بل ويرعب إسرائيل أن حلفاءها الإستراتيجيين تحولوا إلى حلفاء لسورية عدوتها الأولى في المنطقة (إيران وتركيا وقريبا ربما مصر )..!
ونؤكد أن إسرائيل تواجه منذ الآن منعطفا تاريخيا مصيريا لأنها المرة الأولى التي تكون فيه وحيدة دون دعم عربي وإقليمي في المنطقة منذ تأسيسها .. مما سيفقدها القدرة على التحكم بمصيرها !!
ولو اقتصر الأمر على خسارة إسرائيل لأهم ثلاث دول حليفة مؤثرة وفاعلة بقوة في المنطقة لهان الأمر ولكانت تقبلت الواقع الجديد مكرهة وعلى مضض .. ولكن ما يرعب إسرائيل ويجعلها تشعر انها ستعيش مرحلة تاريخية مصيرية ومفصلية هو خوفها من قيام تحالف إقليمي يضم مصر وسورية وتركيا وإيران بالإضافة لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق ضد الوجود الأمريكي والصهيوني في المنطقة !!
لعلنا أجبنا على السؤال الصعب : ما شكل وما حجم الفعل الذي سيفعله الزلزال المصري في سورية ؟!
ونقولها بصراحة : نعم الشعب السوري لايؤيد النظام السوري كنظام سياسي .. وإنما بالتأكيد يؤيد الخيارات الوطنية والقومية لهذا النظام المتطابقة تماما مع خيارات شعبه وخيارات شعوب المنطقة العربية !!
وقد أثبتت التجربة أن هذه الخيارات الإستراتيجية صائبة على المدى الطويل .. والأهم أن النظام السوري أثبت أنه ملتزم بهذه الخيارات بدليل أنه واجه ضغوطات وتهديدات شرسة للتخلي عنها وصلت إلى مرحلة التهديد بإسقاطه بالقوة (العسكرية الأمريكية والإسرائيلية بتشجيع من مبارك وأنظمة عرب إسرائيل) .. فصمد وقاوم ..حتى انتصر على معسكر (الإعتدال العربي)..!
هل يعني كل هذا أن النظام السوري (المسرور جدا من نهاية ديكتاتورية نظام مبارك) بمنأى عن ارتدادات زلزال ثورة مصر ؟؟!!
كلا سورية ليست بمنأى عن التغيير الذي بدأ في مصر بعدما أصبحت في وضع مريح جدا في المنطقة !!
ونقول بوضوح أن المطلوب من النظام السوري وبأسرع وقت ممكن تبني وتنفيذ تغييرات جذرية في الحياة السياسية توازي بل وتلاقي التغييرات السياسية والإقتصادية التي ستنفذ تدريجيا في مصر ..!!
ولا توجد خيارات أخرى أمام النظام السوري .. لأنه ليس بمنأى عن التغيير ، وقد يفاجئ هذا النظام الكثيرين بحجم التغيير الذي لن يقل عن حجم التغيير الذي بدأ في مصر
---------------------
كلنا شركاء

علي عبود
الخميس 17 فبراير 2011