نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


بالونة الإخوان و"أردوغانيو" مصر






بـ"أداء" يُدهشك، تحدث عصام العريان عن "شعبية" الإخوان التي خسرتها ثورة يوليو، وعن دعم "شعبي" وفره آباؤه لحمايتها. نكتة "الشعبية" أطلقها العريان للإعلامي يسري فوده في حلقة من برنامجه (آخر كلام) عن ذكرى الثورة.


على لعبة إخوانه الملوّنة للتاريخ وفق هواهم.. عزف العريان. هي ذات نغمة حلقات "الإسلاميون" في "الجزيرة"، التي روجت لأكاذيب تناقض الثابت تاريخياً، عن دعمهم "الشعبي" للوفد وللحركة الوطنية ضد القصر والاحتلال(!!).

"يسقط صنيعة الاستعمار"، هتاف طارد به "الشعب" حسن البنا حيثما تنقل لعامين سبقا مقتله. الهتاف جاء رداً على ذروة تحالفه مع القصر.. ضد التوجهات "الشعبية". تهتف الجماهير: الله مع "الشعب"، فيهتف هو وإخوانه: الله مع الملك.

في أربعينيات القرن الماضي، رشح البنا نفسه مرتين بالإسماعيلية.. مسقط رأس جماعته. في الأولى تراجع مع "تهديد" مصطفى النحاس بفضح مخالفاته المالية، مقروناً بـ450 جنيها قال البنا إنه أنفقها تمهيداً للترشح. مع تراجعه صُدم بعض إخوانه.. وهجروه، فلم يدركوا أنه يعي حجم شعبيته، كما حدث نهاية 1944 مع ترشحه الثاني.. سقط سقوطاً مُزرياً.
وقائع تاريخية تسخر من وجود "الشعبية" أصلاً.. بعدها نتحدث عن توظيفها أو عن مقايضة عبدالناصر بها. نُكمل بواقعتين تاريخيتين، الأولى: أنه لم تخرج مظاهرة "شعبية" أو إخوانية تحتجً على قتل حسن البنّا، بل إن خليفته الهضيبي توجه بعدها بأيام إلى القصر، بعفوية الدور، ليجدد ولاءهم لمن "زعموا" أنه قاتل إمامهم.. كأنه حجر أُلقي في اليم. الثانية: أن اعتقالات وتعذيب عامي 1956 و1965 ضدهم، مع إدانتنا لها، لم تخصم شيئاً من "شعبية" الزعيم الكاسحة، فلم تهتم الأغلبية الساحقة بما يحدث لهم.

ينشط أبناء البنّا تحت حماية "قصر ما".. ملكياً أو ساداتياً، ودائماً "ضد" حركة الشعب. وترتبط شعبيتهم، وجوداً وحجماً، بأجواء الفقر والتخلف.. مقرونة بضعف الدولة. هكذا تجد لهم شعبية نسبية في غزة مثلا... بعكس رام الله. وفي مصر بدأت بتحالفهم مع السادات، ومع مبارك.. استفادوا من تآكل بنى الدولة.

تقديرات معظم المراقبين لحجمهم قبل ثورة يناير تتراوح حول ربع المليون.. بين ناشط ومتعاطف. ويرى الزميل عبد الحليم قنديل، المُتعاطف معهم، أنهم لا يتجاوزون المائة ألف عضو وعشرة أضعافهم متعاطف. لكن جوهر لعبتهم دائماً هو "الإيحاء" بوجود أوسع، يعتمون به على عوامل أخرى، منها وجها عملة "الفزاعة".. على الأول تلويحهم لسلطة "ما" بالتعاون مع المعارضة، وعلى الثاني تلويح نظام "ما" بخطرهم على مصالح الغرب، رغم خدماتهم التاريخية للاستعمار.

قبل ثورة يناير، بثقة يحدثونك عن "شعبية" جارفة أوقفها اللانظام المخلوع عام 2005 عند 88 مقعداً، فينخدع كثيرون. وينسى المخدوعون أنها ابنة صفقة حرام مع الأمن، خانوا بها قوى الحراك، واعترف بها خمسة من قيادتهم.. أولهم المرشد السابق مهدي عاكف. صفقة أجادوا معها توظيف ربع المليون مُغيب، بينما باقي القوى مُقيدة. بعد الـ88 مقعداً، أقر عبد المنعم أبو الفتوح في مقر جريدة "العربي" القاهرية، بأن ما حصدوه من أصوات في دائرة بالوجه البحري أكثر من عشرة أضعاف قوتهم فيها.. أعضاء ومتعاطفين، وأن الأغلبية الساحقة كانت "تصويت ضد". في منزل عائلتي تسعة أصوات.. لم أخرج أنا ولا زوجتي ولا أمي رحمها الله، الباقون صوتوا لأيمن نور "ضد" مبارك.. ولمرشح الإخوان "ضد" الوطني. في الإستفاء الأخير صوت (8) بـ"لا"، رغم ان (2) منهم فقط "مدنيين".

"بالونة" شعبيتهم جزء من تضخيم إقليمي لهم، تتكشف تدريجياً في ملاعب تخندقوا خلف حكامها. في الأردن: دخلوا البرلمان عام 1956، وترأسه أحدهم لثلاث دورات في التسعينيات. ذروة تمثيلهم (25) من 110 مقاعد، ثم تراجعوا. عام 2007 رشحوا (27).. فاز منهم (6). العام الماضي قاطعوا، رغم ان قوانين الإنتخابات هي نفسها التي حققوا في ظلها أعلى نتائجهم، ربما لإنشغالهم بخلافات "داخلية حادة" حول تبعية مكاتب الخليج حيث تأتي التبرعات لحماس، بوصف إخوان الأردن هم "الأب" التنظيمي لها.

في العراق: تحالفوا مع الاحتلال، باعوا طائفتهم ووفروا غطاء سُنياً لـ"دستور بريمر". ورغم مناشدة يوسف القرضاوي للسنة عبر الجزيرة دعمهم في انتخابات 2005، لم يخرج من محافظات السُنة سوى (3%)، منها ابتكر "بريمر" تخريجة ليمنح "جبهة التوافق"، وفي قلبها إخوان "الحزب الإسلامي"، (44) نائباً من بين 275 مقعدا.. ومعها منصب نائب الرئيس. وقبل الانتخابات الأخيرة شكّل كبيرهم طارق الهاشمي قائمة "تجديد" وتبرأ منهم.. منضماً لتحالف علاوي، فكان نصيب حزبهم.. (4) مقاعد.

في لبنان: مقعد واحد في آخر انتخابات.. ضمن تحالف جعجع - الحريري، وقبلها برر محمد حبيب، نائب المرشد السابق، غيابهم بتركهم تمثيل السُنة للحريرية. وفي الكويت: تآكلوا، (6) مقاعد عام 2006، أصبحت ثلاثة في 2008، ثم واحد فقط العام قبل الماضي. مقابل "الإخوانجي الوحيد".. انتخب الكويتيون (4) نساء و(8) ليبرال، من بين 52 مقعدا.

من بين "إخوانات" الجزائر، تعترف الجماعة بـ"حمس". حصتها (صفر) في انتخابات 1991، بينما نالت جبهة الإنقاذ 188 مقعداً بالجولة الأولى. أيدوا الانقلاب المدعوم غربياً ضدها، وبرعاية "القرضاوي" عقدوا صفقة مع النظام. نالوا في انتخابات 1995 (61) مقعداً، ثم (34) في 2002، و(51) عام 2007 من 389 مقعدا.. مع أربع وزارت. لكن حمس تشظت إلى ثلاث كتل.. خصمت منها "التغيير والدعوة" (28) مقعدا. المغرب: دخل "العدالة والتنمية" البرلمان عام 1999 بـ14 مقعدا، ثم (42) في 2003، أصبحت (47) في 2007 من 325 مقعدا.. مع وزارة التعليم. لكن انتخابات يونيو 2009 البلدية تشي بتآكل حاد في مكانته، مع احتلال "الأصالة والمعاصرة" المقدمة، وتراجع "العدالة" سادساً بعد أن كان ثالثاً

في مصر.. بعد ثورة يناير، جددوا اللعب بورقة الشعبية، ووزعوا حصص البرلمان القادم.. كأنه في أيديهم. تتوقع تقارير امريكية فوزهم بحوالي 15%، وتراوحت النسبة ما بين 15 -20% للإخوان "جميعاً" وفق محمد حبيب، واتيحت لي تقديرات مماثلة من كوادر وسيطة بالجماعة.

لكنها كلها تقديرات مبنية "على قديمه"، صحيح انها تظل القوة الأكثر تنظيماً في مصر، لكن "الآن" لا توجد صفقات أمنية.. والملعب مفتوح أمام كل القوى بحرية، منها جماعات أخرى تنافس على الشعار الديني الذي طالما احتكره أبناء البنّا. كما ان "الخزين البشري" للأصوات مختلف تماماً، فالثلاثة ملايين ونصف المليون مُصوت في انتخابات 2005 بلغت في الإستفتاء الأخير 18 مليوناً، وقد تتجاوز الـ 30 مليوناً في الإنتخابات القادمة، وهناك كتل كاملة مخصومة مسبقاً منهم.. الأقباط، المتصوفة، معتنقوا الإسلام المصري، الليبراليون، إمتدادات الحزب الوطني المنحل بماكيناتها الإنتخابية المحترفة.

"على قديمه" أيضاً، التعامل معهم ككتلة متجانسة، فمن الغرف المغلقة خرجت خلافاتهم ليتوزعوا بين خمسة أحزاب. فقبل حزب الأم.. "الحرية والعدالة"، كان"الوسط" ثم "النهضة" و"الريادة" و"التيار" وفريق سادس إنضم لحزب "الناشط الديني" عمرو خالد، وكلها أكثر قرباً، بتفاوت، للإسلام المصري من حزب الأم. الغريب أن أياً ممن تخوفوا من الفزّاعة، أو راهنوا على الإمساك بذيل البالونة، لم يتوقف عند تداعيات هذا التشظي على كوادرها وماكيناتها الإنتخابية.

ورغم أن ثورة يناير قد "هزت" فعلاً.. كل ما "على قديمه"، إلا اننا قد لا نرى قريباً إكتساحاً "أردوغانياً" لهيمنة شيوخ "الأربكانية" المصرية لـ "خزينة" مؤيدي الجماعة. لكن المؤكد أن طلاقاً قد تم بين ثلاثة اجيال: الأربكانيون.. من المرشد لنائبه خيرت الشاطر الذي حرض سليم العوا على خوض انتخابات الرئاسة "نكاية" في عبد المنعم أبو الفتوح.. "السبعيني الجيل"، والذي كان له الدور الأكبر في إجهاض صفقة رحب "الشيوخ" بإبرامها مع "عمر سليمان" نائب الرئيس المخلوع، ومع السبعينيين.. أغلب الشباب الذي "ذاق حلاوة الثورة على قديمه".

والمؤكد أن خروج رموز مثل كمال الهلباوي ومحمد حبيب وإبراهيم الزعفراني وعبد المنعم أبوالفتوح.. بمكانتهم داخل الجماعة وتاثيرهم على المتعاطفين من خارجها، سيفقد "الأم" جزءً مؤثراً من فاعليتها الإنتخابية، فهي رموز "جاذبة" للمتعاطفين.. و"مستوعبة" للآخرين، خاصة وأنها مصحوبة برموز محلية في "وجه بحري" الذي تعتبره خزينة مقاعدها. خرجت أغلب الرموز لحزب "النهضة" الذي يقتفي خُطى "العدالة والتنمية" التركي، مدعومة بثقل شخصية مثل "القرضاوي"، وبالقطاع الأكثر حركية من شباب الإخوان، الذي توزع بين الأحزاب التي تحررت من جمود "الأم"، فالشباب أكثر تناغماً "مع".. الأردوغانيين، ونفوراً من "عنجهية" الأرباكنيين.

قد يخوض الأردوغانيون أول إنتخابات ما بعد يناير متحالفين.. أو يكتفوا بالتنسيق، فالمسافات فيما بينهم "أقصر" منها مع الجماعة الأم. وربما فجّر "النهضة" و"الوسط" وإخوانهما ممن تحرروا من عبء "الطاعة بلا نقاش" مفاجأة تخصم الكثير من حصة "الأم" المتوقعة.. وربما لا، لكن المؤكد ان نهراً جديداً لـ"إخوان مصريين" يُنحت. ومعه تضمر بالونة "الشعبية" التي يلعب بها الأربكانيين، مستخدمين "آداء" وجه مثل عصام العريان. حينها، يصبح لدينا "إسلاميين مصريين".. لا "إخوان مسلمين" قبلتهم في الرياض أو الغرب.
---------------
الأخبار اللبنانية

محمد طعيمة
الاثنين 24 أكتوبر 2011