قبل ساعات من مليونية "المحاكمة والتطهير"، دفأ التحريريون ليلتهم بهتافات ساخنة ضد أبناء حسن البنّا، معبرين عن نفاد مخزون صبر الحركة الوطنية على تلاعبهم بدماء الشهداء.
لم يرتدع الإخوان من انفضاح تلوّنهم مع صفقة انتخابات 2005 الأمنية، ثم إضراب 6 أبريل 2008، ثم يوم 25 يناير.. وصولا إلى صفقتهم الموءودة مع عمر سليمان، حين مارسوا عادتهم في "بيع" الحركة الوطنية.. مع أول كارت يُلقى لهم، تماما كما فعل أبوهم الأكبر مع تحالف الطلبة والعمال أربعينيات القرن الماضي.
الأسبوع الماضي تغيبوا عن جمعة الإنقاذ، سواء كعربون "تفاوض" لم يأت بمكاسب من الحكم الجديد.. أو لـ"كشف" حجم باقي القوى كما توهموا، وحين نجحت.. عادوا ليتمسحوا بـ"المحاكمة والتطهير"، رغم عدم دعوتهم إليها وتكون جروبات على الفيس بوك تناشدهم: "يا إخوان خليكوا في بيوتكوا.. المظاهرة أحلى من غيركوا".
وكما فعلوا مع "جمعة القرضاوي" وخطفوا المنصة طاردين منها من دفع ثمن تفجير شرارتها الأولى، بينما هم في منازلهم. حاول مندوبهم أحمد منصور الأربعاء الماضي افتعال منصة جديدة، روجت لها (الجزيرة) باسم "اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة"، ليحدد من يتكلم ومن يصمت. هكذا أعطوا درساً جديدا لمن مازال لديه بصيص أمل فيهم فانسحب من "لعبة" اللجنة التنسيقية، كما المهندس حمدي الفخراني مناضل قضية (مدينتي)، بعد أن تأكد عملياً "أن طبعهم يغلب تطبعهم".
منصور "المُقرب" من رئيس وزراء دويلة "عقدة الدولة الكبرى".. كما تعبير حمد بن جاسم في صدامه مع عمرو موسى، ابتكر هو وجماعته بعد اختفاء طويل قائمة مطالب نسبوها للثورة، التي لم يجد عصام العريان مبررا للخجل وهو يكتب بالأخبار اللبنانية، أول مارس، عن أسماء إخوان "لم يحن الوقت بعد لكشف دورها في إدارة الثورة على المستوى العام".
"إدارة الثورة"!!.. لا تندهش، فالعريان.. المُوثق صوت وصورة بلسانه، وكتابة، رفض جماعته المشاركة في 25 يناير احتراما لـ"المناسبة الوطنية التي ينبغي علينا أن نحتفل بها معاً".. عيد الشرطة. مناسبة.. هي ذاتها التي رآها الثوار توقيتا نموذجيا لبذرة الثورة.
تجاهل العريان ما أصبح معلوماً للكافة، معتقدا أنه يمكنه تزوير وقائع تاريخية "طازجة".. متحدثاً عن "قرار الجماعة المشاركة في الثورة، بداية من التظاهر". والأربعاء الماضي وجد نفس العريان الجرأة ليكتب بذات الجريدة: "أحد أهم أسباب نجاح الثورة، انتشارها على مستوى الوطن كلّه. والفضل بعد الله وحده، للإخوان الذين قرروا المشاركة وتحمسوا لها".
هي روح "الخطف" التي يمارسها البنّاويون كما التنفس، كان رد الفعل الطبيعي عليها صفحات الفيس بوك التي طالبت صراحة، لأول مرة، بلفظ إحدى القوى السياسية، وهتافات ليلة الخميس/ الجمعة: "يا إخوان.. بره بره"، والمشادات الكلامية بين نشطاء الثورة وشباب الإخوان الذين صدّرهم شيوخهم "المحروقون" في معركة السيطرة على المنصة، أملاً في احتلالها مع جمعة التطهير.
مع صباح التطهير، بدأت عشرات الحافلات في إفراغ حمولتها.. من الإخوان وممن وجد فرصة "وسيلة ركوب" للمشاركة في سحر التحرير. تكتل عشرات الآلاف منهم، بوجوههم الريفية، في المنطقة المواجهة لفرشة جرائد رمضان، لكنهم.. رغم إفراغهم محافظات الدلتا تقريبا من كل قوتهم.. تنظيما وتعاطفاً، فشلوا في أن يظهروا ككتلة "فارقة"، نعم عشرات الآلاف.. لكن وسط أكثر من مليون.
عن كتلة عشرا ت الآلاف، اختفت وجوه أبناء البنا المعروفة.. خجلاً أو خشية تكرار الهتاف ضدها وضد جماعتها أو لأنهم ألقوا ورقة "حشد القطيع" على الترابيزة انتظاراً لصفقة قادمة.
لم يتعلم الإخوان من تجربة 80 عاما، مستغلين فكرة الفزاعة، وفي كل مرة يوظفهم الحكم، قبل يوليو وبعدها.. قبل يناير.. وبعدها، ليعودوا مجدداً إلى نقطة الصفر.
هذه المرة الحال مختلف. نهاية السبعينيات كان أبناء البنّا يحتلون كل لاعبين دورهم بفجاجة في قمع الحركة الوطنية، وحين "قضى السادات وطره منهم".. أصدر لائحة 79 سيئة السمعة. الآن، ومع نتائج أول انتخابات حرة لطلاب جامعات "انكمش" الإخوان إلى 20%.. رغم ترشحهم على 90% من مقاعدها، وفي الجامعة الأم.. هزم مرشحهم على منصب الأمين المساعد أمام طالب قبطي. فقد غاب القرار السياسي الذي يوظفهم كفزاعة.. بوعي منهم، وانفتح الملعب أمام الجميع، ملعب يرصد ما يحدث في غرفه المغلقة.. ويفضحه.
يُبشرنا التحرير وانتخابات الطلبة بتطهير شامل قادم، إنه الهواء الطلق.. يُعري الخاطفين، ويُعيد التكوينات المُتَوَرِّمة إلى حجمها الطبيعي.
--------
العربي
لم يرتدع الإخوان من انفضاح تلوّنهم مع صفقة انتخابات 2005 الأمنية، ثم إضراب 6 أبريل 2008، ثم يوم 25 يناير.. وصولا إلى صفقتهم الموءودة مع عمر سليمان، حين مارسوا عادتهم في "بيع" الحركة الوطنية.. مع أول كارت يُلقى لهم، تماما كما فعل أبوهم الأكبر مع تحالف الطلبة والعمال أربعينيات القرن الماضي.
الأسبوع الماضي تغيبوا عن جمعة الإنقاذ، سواء كعربون "تفاوض" لم يأت بمكاسب من الحكم الجديد.. أو لـ"كشف" حجم باقي القوى كما توهموا، وحين نجحت.. عادوا ليتمسحوا بـ"المحاكمة والتطهير"، رغم عدم دعوتهم إليها وتكون جروبات على الفيس بوك تناشدهم: "يا إخوان خليكوا في بيوتكوا.. المظاهرة أحلى من غيركوا".
وكما فعلوا مع "جمعة القرضاوي" وخطفوا المنصة طاردين منها من دفع ثمن تفجير شرارتها الأولى، بينما هم في منازلهم. حاول مندوبهم أحمد منصور الأربعاء الماضي افتعال منصة جديدة، روجت لها (الجزيرة) باسم "اللجنة التنسيقية لجماهير الثورة"، ليحدد من يتكلم ومن يصمت. هكذا أعطوا درساً جديدا لمن مازال لديه بصيص أمل فيهم فانسحب من "لعبة" اللجنة التنسيقية، كما المهندس حمدي الفخراني مناضل قضية (مدينتي)، بعد أن تأكد عملياً "أن طبعهم يغلب تطبعهم".
منصور "المُقرب" من رئيس وزراء دويلة "عقدة الدولة الكبرى".. كما تعبير حمد بن جاسم في صدامه مع عمرو موسى، ابتكر هو وجماعته بعد اختفاء طويل قائمة مطالب نسبوها للثورة، التي لم يجد عصام العريان مبررا للخجل وهو يكتب بالأخبار اللبنانية، أول مارس، عن أسماء إخوان "لم يحن الوقت بعد لكشف دورها في إدارة الثورة على المستوى العام".
"إدارة الثورة"!!.. لا تندهش، فالعريان.. المُوثق صوت وصورة بلسانه، وكتابة، رفض جماعته المشاركة في 25 يناير احتراما لـ"المناسبة الوطنية التي ينبغي علينا أن نحتفل بها معاً".. عيد الشرطة. مناسبة.. هي ذاتها التي رآها الثوار توقيتا نموذجيا لبذرة الثورة.
تجاهل العريان ما أصبح معلوماً للكافة، معتقدا أنه يمكنه تزوير وقائع تاريخية "طازجة".. متحدثاً عن "قرار الجماعة المشاركة في الثورة، بداية من التظاهر". والأربعاء الماضي وجد نفس العريان الجرأة ليكتب بذات الجريدة: "أحد أهم أسباب نجاح الثورة، انتشارها على مستوى الوطن كلّه. والفضل بعد الله وحده، للإخوان الذين قرروا المشاركة وتحمسوا لها".
هي روح "الخطف" التي يمارسها البنّاويون كما التنفس، كان رد الفعل الطبيعي عليها صفحات الفيس بوك التي طالبت صراحة، لأول مرة، بلفظ إحدى القوى السياسية، وهتافات ليلة الخميس/ الجمعة: "يا إخوان.. بره بره"، والمشادات الكلامية بين نشطاء الثورة وشباب الإخوان الذين صدّرهم شيوخهم "المحروقون" في معركة السيطرة على المنصة، أملاً في احتلالها مع جمعة التطهير.
مع صباح التطهير، بدأت عشرات الحافلات في إفراغ حمولتها.. من الإخوان وممن وجد فرصة "وسيلة ركوب" للمشاركة في سحر التحرير. تكتل عشرات الآلاف منهم، بوجوههم الريفية، في المنطقة المواجهة لفرشة جرائد رمضان، لكنهم.. رغم إفراغهم محافظات الدلتا تقريبا من كل قوتهم.. تنظيما وتعاطفاً، فشلوا في أن يظهروا ككتلة "فارقة"، نعم عشرات الآلاف.. لكن وسط أكثر من مليون.
عن كتلة عشرا ت الآلاف، اختفت وجوه أبناء البنا المعروفة.. خجلاً أو خشية تكرار الهتاف ضدها وضد جماعتها أو لأنهم ألقوا ورقة "حشد القطيع" على الترابيزة انتظاراً لصفقة قادمة.
لم يتعلم الإخوان من تجربة 80 عاما، مستغلين فكرة الفزاعة، وفي كل مرة يوظفهم الحكم، قبل يوليو وبعدها.. قبل يناير.. وبعدها، ليعودوا مجدداً إلى نقطة الصفر.
هذه المرة الحال مختلف. نهاية السبعينيات كان أبناء البنّا يحتلون كل لاعبين دورهم بفجاجة في قمع الحركة الوطنية، وحين "قضى السادات وطره منهم".. أصدر لائحة 79 سيئة السمعة. الآن، ومع نتائج أول انتخابات حرة لطلاب جامعات "انكمش" الإخوان إلى 20%.. رغم ترشحهم على 90% من مقاعدها، وفي الجامعة الأم.. هزم مرشحهم على منصب الأمين المساعد أمام طالب قبطي. فقد غاب القرار السياسي الذي يوظفهم كفزاعة.. بوعي منهم، وانفتح الملعب أمام الجميع، ملعب يرصد ما يحدث في غرفه المغلقة.. ويفضحه.
يُبشرنا التحرير وانتخابات الطلبة بتطهير شامل قادم، إنه الهواء الطلق.. يُعري الخاطفين، ويُعيد التكوينات المُتَوَرِّمة إلى حجمها الطبيعي.
--------
العربي