نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


انتفاضة المنشورات الدمشقية






استيقظ أهالي باب توما والقصاع والمناطق المجاورة صباح السبت بعد احتفالاتِ الليلة الماضية ليجدوا جدرانهم مملوءةً بملصقات وزعها شباب المنطقة ذاتها مذيلةً بشعار السمكة كتوقيع يوضح هويتهم،


وقد أعلنوا من خلال هذه الملصقات رفضهم لما يتم من ممارسات بدفعٍ من النظام للاحتفال في آخر كل يوم جمعة واستفزاز شارعٍ على حساب آخر في دمشق... ففي الأسابيع القليلة الفائتة أقيمت احتفالات في أهم ساحات العاصمة كان جلها في ساحة "باب توما" برعاية علنية من بعض رجال الأعمال منهم "قبنض وبلان" ورعاية ضمنية من النظام نفسه، وربما كان هذا التركيز عليها آتياً من اعتباراتٍ عدة؛ منها المعلن كونها من أعرق الساحات وأقدمها ولما كان لها من أهمية ثقافية؛ ومنها غير المعلن وهو ترسيخ فكرة طائفية بخروج منطقةٍ تسكنها غالبية معروفة من الأقليات للاحتفال المجاني في الوقت الذي تتم فيه انتهاكات إنسانية في كافة أنحاء سوريا...

عوّل النظام السياسي منذ بداية الحراك الشعبي في سوريا على صمت الأقليات، مرسخاً تخوفاتهم، في محاولةٍ لإبراز حالةٍ من الطائفية التي يتذرع بها للحفاظ على وجوده... وفيما انطلت اللعبة على جزء.(خاصةً عن طريق تدخل بعض رجال الدين بتعليمات من النظام نفسه)، كانت هنالك مجموعات من الرافضين لزج الشعب السوري في مواجهةٍ مع بعضه البعض، ومنها حملة "ملصقات السمكة" التي وجدها سكان دمشق صباح اليوم_السبت_، فإن كانت فكرة الطائفية موجودة بشكل من الأشكال فيما سبق، إلا أن الأحداث الأخيرة "برأي بعض الناشطين" قد ألغت أي مجال للانقسام تقريباً، مراهنةً على درجة الوعي عند الشباب السوري التي جعلته يدرك أن الرصاص والمعتقل لا يميز بين مواطن وآخر...

ومن الملفت أن "ملصقات السمكة" حملت رسالةً محددة دون إطلاق الاتهامات على أحد... حيث طرحت تساؤلاتٍ بسيطة، تحاكي المنطق العام، دون الدخول بالمواضيع السياسية ليكتبوا فيها: "في كل جمعة يستشهد العديد من المدنيين وعناصر الأمن والجيش فهل تستحق دماؤهم منا كل هذا الاحتفال؟.. لن نرضى بالرقص على دماء من ضحوا بحياتهم""... مؤكدين رفضهم لمظاهر الفرح كون أن حال البلاد لا يسمح بمثل هذه الاحتفالات من أي طرفٍ من الأطراف، حيث أن طرح اسم شهداء عناصر الأمن والجيش تمثل وجهة نظر الموالين للنظام، وتبرز حالة التناقض التي يعيشونها، ففي حين تعلن وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية أخباراً لمجازر جماعية أو جرائم ارتكبها "مسلحون" كما يسمونهم، تنقل شاشاتها صور امتلاء شوارع المدينة بمظاهر الفرح وبإعلانات طرقية بعنوان "سورية بخير"...

ولم تكن هذه الحركة الأولى خلال "الثورة السورية" لرفض القمع وتشجيع الشارع الدمشقي على التحرك، حيث أن مجموعة من الشباب أطلقت على نفسها اسم "تسونامي الحرية" قامت بتوزيع عدد من الملصقات مطلع الأسبوع الفائت في كافة أنحاء دمشق وقد استخدموا فيها صورة الكف الذي استعمله النظام في حملاته الإعلانية للدلالة على كلمة "أنا" وبنفس طريقة التصميم، لكن بشكل محرف وساخر بما يخدم أهداف الثورة ومنها عبارة "أنا طريقي هو طريقك... بس الدبابة سادة الطريق"، كما انتشرت في دمشق قصاصات ورقية صغيرة لم تتبناها أية مجموعة تحمل عبارات مختصرة جداً وواضحة ومنها: "الشعب يريد إسقاط النظام" و"سوريا بدها حرية"، ويتم الحديث عن كمية من المنشورات الأخرى لمجموعات لم نستطع أن نعرفها في العاصمة وفي المحافظات... الأمر الذي أنهك القوى الأمنية وجعلهم على أشد درجة من الاستنفار، ليشكل استنزافاً جديداً لقواهم وجهودهم بالإضافة إلى المظاهرات، حيث تم تطويق بعض مناطق العاصمة بعد انتشار خبر المنشورات ببضعة دقائق من قبل عناصر منهم، مرفقة بسيارات النظافة، للتخلص منها قبل أن يراها الناس في الشوارع، الأمر الذي وضعهم في موقف محرج مع المسؤولين عنهم الذين اعتبروا حالة المنشورات تشكل اختراقاً أمنياً كبيراً، متوعدين بأقصى العقوبات لها...

ربما يظن الكثيرون أن دمشق لم تصحو بعد من غفوتها في زخم الثورة السورية... لكن دمشق لم تنم منذ أربعين عاماً... وأبناؤها يحملون أحلاماً قد تحمل صحوةً أكبر من كثير مما راهن البعض...

ناديا حنا
السبت 23 يوليوز 2011