نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

الصراع على دمشق.. إلى متى؟

13/09/2024 - جمال الشوفي

( ماذا نفعل بالعلويين؟ )

12/09/2024 - حاتم علي

(عن الحرب بصفتها "الأهلية" ولكن!)

07/09/2024 - سميرة المسالمة *

(الأسد المتوجس من غَضبة الداخل)

31/08/2024 - إياد الجعفري*


الامازيغية - الأصولية ...هل هما وجهان لعملة واحدة...؟




ما هي وجهة نظر الطبقة الحاكمة في الأمازيغية والأصولية؟ وكيف تنظر إليهما البورجوازية الصغرى من خلال أحزابها؟
وما هي وجهة نظر الطبقة العاملة فيهما؟ وما هي رؤى اليسار المتطرف إليهما؟


الامازيغية - الأصولية ...هل هما وجهان لعملة واحدة...؟
إننا أمام واقع يقتضي منا التعمق في رصد الرؤى، والتصورات، التي يتحدد معها معرفة وجهات النظر التي تستهدف بناء المجتمع بناء معمق الوحدة، أو التي تستهدف تحويل المجتمع المغربي إلى مجتمع طائفي، قد يعرف مع مرور الأيام صراعا طائفيا غير مشروع، على أساس عرقي، أو ديني، أو لغوي، يمتد من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب.

ورصد وجهات النظر، هذه، تبقى ضرورة تاريخية من جهة، وضرورة علمية من جهة أخرى، حتى نتجنب الانسياق وراء الرؤى الخاطئة، ونلتمس، في نفس الوقت، الأخذ بالرؤى المصيبة، والهادفة، المؤكدة على وحدة المغرب، والمغاربة، والمعتبرة للدين، وللمذاهب الدينية، وللهجات المختلفة، ومنها اللهجات الأمازيغية، مجرد مكونات ثقافية، يجب استثمارها لإثراء الثقافة المغربية، وإغنائها، حتى تصير عامل وحدة، وتقدم، وتطور، لا عامل تخلف، وتطييف للمجتمع المغربي.

ومن هذا المنطلق، وهذا التصور الصائب، نرى:

1) أن وجهة نظر الطبقة الحاكمة، ومعها، بطبيعة الحال ، المؤسسة المخزنية، تختصر في مبدأ: "فرق تسد". فبقدر ما تنفرز التيارات الأصولية المخزنية، والتيارات الأمازيغية المختلفة، بقدر ما تدفع الطبقة الحاكمة في اتجاه انشغال المواطنين، بصفة عامة، والنخبة المغربية، بصفة خاصة، بتلك التيارات الأصولية، والأمازيغية، والانخراط الواسع في الصراع فيما بينها، حتى يتأتى للطبقة الحاكمة، وللمؤسسة المخزنية، معرفة كيف يتم تصريف المخططات، والبرامج، والقوانين الهادفة إلى جعل الشعب المغربي يقبل بتلك المخططات، والبرامج، وينشغل عنها بما تطرحه التيارات الأصولية، والأمازيغية، من أجل تكريس استغلاله استغلالا همجيا، ووفق ما تقتضيه عولمة اقتصاد السوق، على المستوى العالمي، بقيادة النظام الرأسمالي العالمي، بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعمل، وبكافة الوسائل، على ادعاء النعرة الطائفية، وفي مقدمتها: النعرة الطائفية الأصولية، والنعرة الطائفية الأمازيغية، حتى تجد مبررا للتدخل في مختلف المناطق، ومنها المغرب، من أجل المحافظة على مصالحها الاقتصادية، والسياسية، في مقابل ضرب مصلحة كل شعب معني بذلك التدخل، في تحقيق وحدة وطنية متحررة، وقوية، ثارة باسم المحافظة على الأمن القومي، والعالمي، وأخرى باسم محاربة الإرهاب العالمي.

ولذلك نجد أن الطبقة الحاكمة، والمؤسسة المخزنية، تستمد موقفها من الأصولية، والأمازيغية، من توجهات النظام الرأسمالي العالمي، لضمان سيادتها على الأرض، ولإيجاد من يقوم بالتشويش، والتضليل، وشغل الجماهير الشعبية الكادحة، حتى لا ترتبط بالحركة اليسارية، وبأحزاب الطبقة العاملة، كجزء لا يتجزأ من الحركة التقدمية، والديمقراطية، وكاستمرار لحركة التحرير الشعبية، حتى تبقى الحركة اليسارية، والتقدمية، والديمقراطية، ضعيفة، ودون مستوى ما تتطلبه مواجهة التحديات المطروحة على المستوى الوطني، ومن بينها: تحدى إيجاد ديمقراطية حقيقية، من الشعب، وإلى الشعب، ومن أجل أن تستمر الطبقة الحاكمة في استغلال الشعب المغربي لصالحها، ولصالح المؤسسات المالية الدولية دون عوائق، ودون مواجهة تذكر.

وأخذا بهذا الاستنتاج، فإن ازدهار الحركة الأصولية، والحركة الأمازيغية، لا يمكن أن يخدم في نهاية المطاف، إلا مصالح الطبقة الحاكمة، ومصالح النظام الرأسمالي العالمي، لا مصالح الشعب المغربي، الذي ينبذ كل أشكال التفكير الطائفي، التي تخدش وحدته، وتجعله عاجزا عن ممارسة حقه في الصراع، من أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

وبالنسبة للبورجوازية الصغرى، ومن خلال أحزابها نجد أنها لا تتبنى رأيا واحدا يعتمد المبدئية في التعاطي معه، لأن هذه المبدئية غير واردة أبدا، وغير قادرة على الأخذ بها، لتناقضها مع طبيعة عقليتها، ومع ممارستها الساعية، باستمرار، إلى الأخذ بكل ما يمكن أن يؤدي إلى تحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى. ولذلك، نجد أن البورجوازية الصغرى مرشحة جملة، وتفصيلا، للأخذ بالتوجهات الأصولية، وبالتوجهات الأمازيغية، إذا كان ذلك يوهمها بتحقيق تطلعاتها الطبقية، وبالوصول إلى السلطة في نفس الوقت. فالبورجوازية الصغرى مرشحة لأن يخرج من بين صفوفها جحافل الأصوليين، وأصناف الأمازيغيين، الذين يلعبون دورا رائدا في ضرب وحدة الشعب المغربي، وفي تحويله إلى مجموعة من الطوائف الأصولية، والأمازيغية، المجسدة لدور الفيروس المعرقل لقيام وحدة الشعب المغربي، على أساس قيام صراع طبقي حقيقي، منتج للتحول المجتمعي، والمساهم في انتقال طبيعي من تشكيلة اقتصادية / اجتماعية، إلى تشكيلة اقتصادية / اجتماعية أخرى أرقى منها، مما يتأتى معه إحداث تطور اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، يتناسب مع طبيعة ذلك الانتقال. وفيروس التوجهات الأصولية، والأمازيغية، البورجوازية الصغرى، يراوح مكانه، ولا يتطور أبدا، مهما كانت العوامل الفاعلة في أفق ذلك التطور، لأنه يتوقف عند حدود إرجاع المجتمع إلى الوراء، سعيا إلى إحياء الأصولية الدينية، التي عاشت في المراحل التاريخية المتقدمة، ومن أجل قيام نظام أصولي على هذا الأساس، أو سعيا إلى إحياء النعرة الأمازيغية القائمة على أساس مواجهة الدخلاء العرب، بعدما تبين أن المجتمع المغربي لم يعد قابلا بذلك، نظرا للتداخل القائم بين الأمازيغيين، والعرب، وغيرهم ممن استقروا في المغرب منذ قرون، إلى درجة أننا لا نستطيع أن نميز في المغرب بين الأمازيغيين، والعرب، وغيرهما، خاصة، وأننا قد نجد عربا استمزغوا، وقد نجد أمازيغيين استعربوا. والاستمزاغ، أو الاستعراب هما العلامتان الكبيرتان على أن استنبات النعرة الأمازيغية في المجتمع المغربي، هو كاستنبات النعرة الأصولية؛ لأنه لا يهدف إلا إلى تمهيد الطريق أمام البورجوازية الصغرى، من أجل تحقيق تطلعاتها الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، كما يحصل في الساحة المغربية، وكما يمكن أن يحصل في أي ساحة أخرى.

ولو افترضنا قيام الطبقة الحاكمة بتمهيد الطريق أمام التوجهات الأصولية، والأمازيغية، ذات الطبيعة البورجوازية الصغرى، من أجل تحقيق أهدافها المتوسطة، والبعيدة المدى، لكان ذلك وسيلة لتحقيق الأهداف البورجوازية الصغرى على هذا الأساس، ولتحول المجتمع المغربي إلى مجتمع طائفي بدون منازع، ولعملت الطبقة الحاكمة على استثمار كل ذلك لتعميق استبدادها بالسلطة، وبالثروة، ولتمكن بارونات الأصولية، والأمازيغية، من تحقيق تطلعاتهم الطبقية، من خلال سيادة الطائفية، والأصولية، ليتوقف التاريخ عند أحد أمرين:

الأول: المطالبة بقيام "حكم اسلامي"، يعود بنا إلى ما كان عليه "الحكم الإسلامي"، في القرون الوسطى.

والأمر الثاني: المطالبة ب "دسترة الأمازيغية"، حتى تكون تلك الدسترة منطلقا لأمزعة المجتمع ككل، على مستوى التعليم، والإدارة، والقضاء، وضرب عروبته التي ستعتبر حينذاك دخيلة على المجتمع المغربي، ودون التفات إلى ما يمكن أن يصيب المجتمع المغربي من تكريس للطائفية القاتلة.

وهذان الأمران سيتحولان، بفعل التأثير السلبي لهما، إلى هم يومي للمغاربة أجمعين، مع أنهم يجسدون، في واقعهم اليومي، وحدة التداخل بين الدين الإسلامي، وبين العربية، وبين الأمازيغية، في طبيعة الإنسان المغربي، وفي طبيعة المجتمع المغربي.

ولقطع الطريق أمام التصور البورجوازي الصغير، وأمام انفراز التوجهات الأصولية، والأمازيغية، من بين صفوف البورجوازية الصغرى، نرى ضرورة تشريح الممارسة البورجوازية الصغرى، ذات الطبيعة الانتهازية، بالموازاة مع الحرص على إيجاد دستور ديمقراطي، ومع إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، وحكومة من أغلبية البرلمان تكون في خدمة مصالح الشعب المغربي، لإعادة الاعتبار لثقة الشعب المغربي في نفسه ، وفي المواطنين، وفي التنظيمات الجماهيرية المبدئية، وفي الأحزاب اليسارية، والتقدمية، والديمقراطية، حتى تقوم دولة الحق، والقانون، وحتى تعمل هذه الدولة على أجرأة ملاءمة القوانين المحلية، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي تحرم قيام تنظيمات جماهيرية، أو حزبية، على أساس عرقي، أو لغوي، أو ديني، لتصير الأصولية، والأمازيغية، في ذمة التاريخ بفعل قيام ديمقراطية حقيقية، واستجابة لمتطلبات الملاءمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولتنكشف، بذلك، على أرض الواقع، أحابيل البورجوازية الصغرى، التي لا تسعى إلا لتحقيق تطلعات البورجوازية الصغرى، ليس إلا.

محمد الحنفي
السبت 20 ديسمبر 2008