لكن الحقيقة المرّة أن أمريكا وإسرائيل غضتا الطرف عن التدخل الإيراني وتواطأتا بشكل أو بآخر لتجاهل تدفق المليشات والسلاح والعتاد والمال الإيراني إلى ساحة الصراع السوري، وقد بات من المعلوم لدى الجميع أن إدارة أوباما هي أكثر الإدارات الأمريكية تواطؤاً مع إيران، وهي المسؤولة بشكل مباشر عن صمتها إزاء تدخلات نظام الملالي في كامل المنطقة، وغض الطرف عن سيطرتها على أربعة عواصم عربية، وتهديدها الدائم لأمن وسلامة الشرق الأوسط والخليج العربي.
لكن وخلافاً لحسابات الحرب السورية، لم يكن التدخل الإيراني في هذا الميدان نزهةً للولي الفقيه، إذ سرعان ما اصطدم بإرادة السوريين وعزيمتهم القوية وبسالتهم الكبيرة في القتال، وتحولت الساحة السورية إلى مستنقع استنزاف للحرس الثوري والمليشيات الشيعية وحزب الله ، وتحولت المدن والقرى والبلدات السورية إلى مقابر جماعية لقتلى إيران ومليشياتها، ولاحت في الأفق الهزيمة الإيرانية الوشيكة أمام ضربات الجيش السوري الحر الذي ألحق بهم هزائم كبيرة كادت أن تنهي أحلام نظام خامنئي.
كان العام ٢٠١٥ عاماً مفصلياً في تاريخ التدخل الإيراني في سوريا، حيث سُربت معلومات حينها وقد تم تأكيدها فيما بعد على لسان المسؤولين الإيرانيين، تفيد بقيام الهالك قاسم سليماني، زعيم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بزيارة لروسيا طالباً العون من بوتين لإقناعه بالتدخل في سوريا قبل استسلام إيران وانهيار نظام الأسد الوشيك، وهنا يتبادر للأذهان على الفور السؤال الذي لم يجد له السورييون جواباً حتى الآن وهو: ما الذي منع روسيا حتى ذلك الحين من التدخل في سوريا ، ولماذا تأخرت في الانخراط بشكل مباشر في الصراع، وهي التي بقيت تراقب تقدم الثوار والمعارضة في سوريا وسيطرتهم على أكثر من ٧٥٪ من البلاد واقترابهم من إسقاط الأسد، دون أن ترسل جندياً واحداً إلى جانب النظام، أو حتى ترسل تعزيزات لحماية قواعدها العسكرية في طرطوس ؟
بالطبع فإن التفسير الأبرز لهذا السؤال هو معارضة الولايات المتحدة للتدخل الروسي في بادئ الأمر، إلى أن أُعطيت الضوء الأخضر من قبل إدارة أوباما ودُفعت دفعاً للتدخل العسكري العاجل، وهو ما اعترف به مساعد نائب وزير الدفاع الأمريكي آنذاك أندرو أكسوم حين قال: “إن أمريكا هي التي بادرت إلى دفع روسيا إلى الأراضي السورية بعد أن خشيت من سقوط النظام” !
وهنا نقطة الفصل في كلام مساعد الوزير، ولعل الجملة التي قالها قد أسقط منها ما أضمرته أمريكا حينها، فالحقيقة التي خشي الأمريكييون أن يصرحوا بها حتى الآن، هي أنهم دفعو بروسيا إلى دخول الحرب السورية لإنقاذ إيران وليس نظام الأسد كما يقولون، فإدارة أوباما أعطت الضوء الأخضر لروسيا من أجل إنقاذ إيران من مأزقها وتخليصها من خسارة كادت أن تكون وشيكة، وإنقاذها لسمعة الجيش الإيراني وهيبته في المنطقة، وهي هيبة تبني عليها الولايات المتحدة استراتيجيتها في إدامة الصراع في المنطقة العربية والتغاضي أحياناً والتواطؤ أحياناً كثيرةً عن التمدد الإيراني لصالح دفع العرب قسراً نحو الحضن الإسرائيلي، وكان لها ما أرادت بعد مخططات طويلة بدأت بنظام صدام وبلغت ذروتها في العقد الأخير.
لربما سيكشف التاريخ يوماً هذه الحقيقة التي طُمست، حقيقة حرب روسية دموية دمرت سوريا وأعادتها قروناً إلى الوراء، ليس من أجل الحفاظ على الأسد وإن كان أكبر المستفيدين ، إنما من أجل منع السوريين من إلحاق هزيمة نكراء كاد أن يتعرض لها المشروع الأمريكي الذي يُنفذ بعصا الولي الفقيه.
---------
وكالة ثقة
لكن وخلافاً لحسابات الحرب السورية، لم يكن التدخل الإيراني في هذا الميدان نزهةً للولي الفقيه، إذ سرعان ما اصطدم بإرادة السوريين وعزيمتهم القوية وبسالتهم الكبيرة في القتال، وتحولت الساحة السورية إلى مستنقع استنزاف للحرس الثوري والمليشيات الشيعية وحزب الله ، وتحولت المدن والقرى والبلدات السورية إلى مقابر جماعية لقتلى إيران ومليشياتها، ولاحت في الأفق الهزيمة الإيرانية الوشيكة أمام ضربات الجيش السوري الحر الذي ألحق بهم هزائم كبيرة كادت أن تنهي أحلام نظام خامنئي.
كان العام ٢٠١٥ عاماً مفصلياً في تاريخ التدخل الإيراني في سوريا، حيث سُربت معلومات حينها وقد تم تأكيدها فيما بعد على لسان المسؤولين الإيرانيين، تفيد بقيام الهالك قاسم سليماني، زعيم فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بزيارة لروسيا طالباً العون من بوتين لإقناعه بالتدخل في سوريا قبل استسلام إيران وانهيار نظام الأسد الوشيك، وهنا يتبادر للأذهان على الفور السؤال الذي لم يجد له السورييون جواباً حتى الآن وهو: ما الذي منع روسيا حتى ذلك الحين من التدخل في سوريا ، ولماذا تأخرت في الانخراط بشكل مباشر في الصراع، وهي التي بقيت تراقب تقدم الثوار والمعارضة في سوريا وسيطرتهم على أكثر من ٧٥٪ من البلاد واقترابهم من إسقاط الأسد، دون أن ترسل جندياً واحداً إلى جانب النظام، أو حتى ترسل تعزيزات لحماية قواعدها العسكرية في طرطوس ؟
بالطبع فإن التفسير الأبرز لهذا السؤال هو معارضة الولايات المتحدة للتدخل الروسي في بادئ الأمر، إلى أن أُعطيت الضوء الأخضر من قبل إدارة أوباما ودُفعت دفعاً للتدخل العسكري العاجل، وهو ما اعترف به مساعد نائب وزير الدفاع الأمريكي آنذاك أندرو أكسوم حين قال: “إن أمريكا هي التي بادرت إلى دفع روسيا إلى الأراضي السورية بعد أن خشيت من سقوط النظام” !
وهنا نقطة الفصل في كلام مساعد الوزير، ولعل الجملة التي قالها قد أسقط منها ما أضمرته أمريكا حينها، فالحقيقة التي خشي الأمريكييون أن يصرحوا بها حتى الآن، هي أنهم دفعو بروسيا إلى دخول الحرب السورية لإنقاذ إيران وليس نظام الأسد كما يقولون، فإدارة أوباما أعطت الضوء الأخضر لروسيا من أجل إنقاذ إيران من مأزقها وتخليصها من خسارة كادت أن تكون وشيكة، وإنقاذها لسمعة الجيش الإيراني وهيبته في المنطقة، وهي هيبة تبني عليها الولايات المتحدة استراتيجيتها في إدامة الصراع في المنطقة العربية والتغاضي أحياناً والتواطؤ أحياناً كثيرةً عن التمدد الإيراني لصالح دفع العرب قسراً نحو الحضن الإسرائيلي، وكان لها ما أرادت بعد مخططات طويلة بدأت بنظام صدام وبلغت ذروتها في العقد الأخير.
لربما سيكشف التاريخ يوماً هذه الحقيقة التي طُمست، حقيقة حرب روسية دموية دمرت سوريا وأعادتها قروناً إلى الوراء، ليس من أجل الحفاظ على الأسد وإن كان أكبر المستفيدين ، إنما من أجل منع السوريين من إلحاق هزيمة نكراء كاد أن يتعرض لها المشروع الأمريكي الذي يُنفذ بعصا الولي الفقيه.
---------
وكالة ثقة