نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


إلى أين يهاجر أغنياء سوريا ؟






يتواصل نزوح السوريين منذ بداية الصراع المسلح قبل عقد من الزمن مع استمرار هجرة رؤوس الأموال خارج البلاد، ليزيد من التدهور الاقتصادي الحاصل وما صاحبه من انهيار العملة الوطنية وبالتالي ارتفاع نسب الفقر في سوريا.


 

أكثر من 6.5 مليون سوري هاجروا خارج البلاد باتجاه نحو 136 دولة، لكن تركيا ولبنان والأردن تستضيف الحصة الأكبر من هؤلاء الذين هربوا من ويلات الحرب بحثاً عن الأمان والسلام، ومنهم أثرياء ورؤوس أموال وشركات وحتى مصانع ومعامل غادرت إلى دول مجاورة ومنها تركيا مع بداية الحرب.

ولا يتوقف الأثرياء عن الرحيل منذ عام 2013 في وقت يستثمر رجال الأعمال خارجاً، لا سيما في مصر وتركيا وفي دول عربية وأوروبية أخرى.

تأثيرات الحرب

في غضون ذلك، لا يزال الاقتصاد السوري يعاني صعوبات على رغم الاستقرار الأمني النسبي في معظم أنحاء البلاد، ولعل التضخم وانخفاض القدرة الشرائية من الآثار السلبية لطول أمد الحرب وتحمل الخزانة العبء العسكري على مدى أعوام طويلة، وتوقف الإنتاج والاعتماد على المستوردات.

ويتكبد الاقتصاد تداعيات خروج الآبار والحقول النفطية والغازية عن الخدمة بعد دمارها على إثر حرب لاستعادتها من قبل النظام وبمساعدة من القوات الروسية، من يد تنظيم "داعش" في ريف حمص وسط البلاد، أو خروجها عن السيطرة كما في الشمال الشرقي حيث تحكم "قوات سوريا الديمقراطية" "قسد" مدعومة من التحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة، علاوة على الأزمة المالية في لبنان وارتفاع نسبة ودائع السوريين في المصارف اللبنانية بعد الحرب.

في المقابل، زادت الكوارث الطبيعية من أعباء السوريين، إذ فاقم زلزال السادس من فبراير (شباط) 2023 من أضرار اقتصاد بلد أرهقته المعارك، وبحسب تقديرات النظام السوري، هو يحتاج إلى 400 مليار دولار لإعادة إعماره.

ليون، تاجر أرمني من حلب المشهورة بالصناعة والتي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد السوري، هاجر منذ تسعة أعوام إلى لبنان، ومع استقراره في العاصمة بيروت أراد أن ينطلق مجدداً في عمله، لكن الظروف لم تساعده في تجارة استيراد الآلات الزراعية والصناعية، ولهذا قرر وضع نسبة كبيرة من رأس المال كوديعة. ويقول "حاولت كثيراً فتح مشاريع لكن الأزمة المالية حالت دون ذلك، لهذا قررت التنقل بين بيروت والصين وفتح خط تجاري بين المدينتين، فكانت لدي خطوط تجارة واسعة وسلسلة مقار ومستودعات وتجارة تمتد إلى أوروبا، بصراحة لا أفكر في العودة، لا شيء يشجعني على ذلك".

الأثرياء ونار الحرب

إزاء ذلك، يعتقد الخبير الاقتصادي في مجال القطاع المصرفي عامر شهدا أن أصحاب رؤوس الأموال تأثروا بصورة مباشرة بالحرب، وتمكّن قسم كبير منهم من إخراج رؤوس الأموال، وهذه الكتل المالية لا تخرج بهذه السهولة إلا لدى إيجاد طرق وأساليب لخروجها.

وأردف "كلنا يعرف رأس المال جبان، ويخاف صاحب المال على مشاريعه، لذا يباشر على الفور في البحث عن مكان للاستثمار، في وقت الحرب توقفت الصناعة عن العمل وشلت العجلة الاقتصادية واختارت الأوساط التجارية البحث عن دول تفتح أسواقها لها وأكثر بلد استقبل رؤوس أموال مصر، السوق الواسعة التي تضم 105 ملايين نسمة".

ويعتبر شهدا أن السوق المصرية من أكثر الأسواق التي جذبت رؤوس الأموال المهاجرة، لما قدمته من تسهيلات كبيرة للمستثمرين وانفتاح على العالم، وتأمين الدخول إلى أسواق خارجية بهدف التصدير وبمؤازرة ودعم حكوميين، مما تجلى في افتتاح أكبر معمل للقطنيات بالشرق الأوسط في مصر الذي أنشأه مستثمر سوري، وحالياً يتم التجهيز لإنشاء أكبر معمل في مجال القطنيات بالعالم لرجل أعمال سوري.

ويقدر حجم استثمار السوريين في مصر بـ800 مليون دولار أميركي بحسب هيئة الاستثمار الحكومية في مصر بمختلف المجالات، ولعل أبرزها مصانع بولييستر وقطنيات وملابس وأقمشة وصناعات غذائية وأثاث وزجاج وغيرها.

إغلاق المعامل

وعام 2021، تحدث اتحاد غرف الصناعة السورية عن هجرة 47 ألف صناعي سوري، منهم 19 ألفاً من مدينة حلب، في حين هاجر 28 ألفاً من مدينة دمشق، ومعظمها جاءت خلال مدة أسبوعين ووصفت أوساط اقتصادية مراقبة الهجرة بـ "الكارثة".

وبعد هذه الأرقام الصادمة لم تصدر أية إحصاءات جديدة ودقيقة عن موجات الهجرة، في وقت تفيد معلومات بوضع مئات المعامل للبيع بعد غلاء كلف الإنتاج والضرائب وعدم توافر المواد الأولية ومشقة جلبها، إضافة إلى هروب الأيدي العاملة وهجرتها، لا سيما من الشباب هرباً من التجنيد الإلزامي وطول مدة خدمتهم، عدا عن عدم استقرار سعر الصرف الذي يتذبذب بين 14 إلى 15 ألف ليرة سورية للدولار الواحد في السوق الموازية.

القدرة على التكيف

أمام ذلك، لا يتوقع الباحث الاقتصادي والمصرفي عامر شهدا، عودة رؤوس الأموال بهذه السهولة، وبحسب قوله "ليس هناك شخص أخرج أمواله واستثمر فيها خارجاً وعاد مجدداً للبلد، فالأثرياء لا يعودون، ولكن هناك أثرياء جدداً من مفرزات الحرب تعول عليهم البلاد لإعادة بناء الاقتصاد، ولكن الاقتصادي المهاجر لا يفكر في العودة، خصوصاً أن الشعب السوري لديه القدرة على التكيف مع أية بيئة، واندمج رجال الأعمال في المجتمعات".

وتساءل شهدا في الوقت ذاته "كيف سيعود المستثمر مع سوء الدخل وعدم قدرة الفرد على الاستهلاك وغياب الأسواق الخارجية إلا بنطاق ضيق جداً؟".

وأضاف "لذلك لا أظن أننا سنشهد مجازفة من هذا النوع للتخلي عن استثمارات لرجال أعمال هاجروا وهذا أمر مؤسف، كما أنه لغاية اليوم لم نلحظ أية خطوة حكومية لجذب المستثمرين خارج البلاد أو السوريين بشكل عام، مع العلم أن المستثمرين في الخارج ما زالوا يرسلون حوالات مالية لأهاليهم ويرفدون الخزانة العامة بالقطع الأجنبي".

وختم قائلاً "لا بد اليوم من الاهتمام برؤوس الأموال التي خرجت وتقديم محفزات تدفعها إلى العودة، ولكن بهذه الأوقات لا أحد يفضل العودة لبلد منهك اقتصادياً وكلف الإنتاج مرتفعة جداً قياساً بكلف الإنتاج في البلدان التي يستثمرون فيها".


اندبندنت عربية
الاربعاء 6 مارس 2024