ينشغل إيفان بشكل فظيع ومرضي بالاعتذار. لكن المُعتذر إليه لا يبدو عليه أنه قبل الاعتذار، يحدث هذا عدة مرات وليومين متواليين. ترسم القصةُ جواً يوحي بأن الجنرال وإيفان يعيشان في عالمين منفصلين غير متفاهمين. وأخيراً وخلال نوبة اعتذار لحوحةٍ يصرخُ الجنرال بـ"إيفان" ويطرده، فيضيع إيفان! ويهيم في الشارع دون وعي، وفي النهاية يصل إلى بيته. يتمدّد على الصوفة دون أن يخلع حلّته، ويموت.
يبدو الأستاذ وليد جنبلاط أبو تيمور في المقابلة الاعتذارية التلفزيونية من الرئيس السوري بشار الأسد وأيضاً في تصريحاته الأخيرة، يبدو مثل بطل اغريقي يخرج للتو من الإلياذة. يصفعه الواقعُ، فيصرخ:
"لا. لا أريد أن أموت. لا أريد أية بطولة. غيّروا النهاية"
أو يبدو مثل إيفان ديمترييفتش بطل قصة تشيخوف وإنما من غير نهايته المأساوية، فأبو تيمور رغب في خلع ثيابه على العكس مما فعل إيفان ديمترييفتش، ولبس البجاما، واستغفر الله وقرر أن لا يموت، وأن يواصل الاعتذار مرة بعد مرة.
كثيرون يرون أن "أبو تيمور" شخصية تراجيدية تلعب في ملهاة. الرجل فيه شيء من روحانيات والده القتيل في وقت صار فيه العنف السياسي وسيلة معتادة في إزاحة الخصوم سواء أكان الأمر يتعلق بلبنان أو بالأخت اللدودة سورية. وكان أبو تيمور وبأسلوبه الطريف والساخر والمحبّب قد قال أشياء لا يقولها السياسيون في هذا الشرق السعيد. إذْ من يجرؤ على القول لحسن نصر الله بعد ما صادر الجيش اللبناني أسلحة في شاحنة محمّلة بالتبن ما قاله أبو تيمور: "من الافضل بكثير يا سيد (المقصود هو حسن نصر الله) أن تعطي الصورايخ للجيش اللبناني أما التبن والشعير فاعطه لحلفائك". كبيرة!
وليس إلا من يحمل دمه في ملعقة يتجاسر على القول لبشار الأسد ما قاله أبو تيمور في 2007 وأمام جمهور غفير: "يا طاغية دمشق يا أفعى هربت منها الأفاعي يا حوتاً لفظته البحار يا وحشاً من وحوش البراري يا مخلوقاً من انصاف الرجال يا منتجاً اسرائيلياً على أشلاء الجنوب". فالأجهزة الأمنية السورية رائدة في الاغتيال السياسي والعنف السياسي بكل أنواعه، والشواهد تدلل أن رأس الحكم سواء في عهد الأسد الأب أو الأسد الابن ليس بعيداً عن اتخاذ قرار بتصفية الخصم، ومع ذلك قال أبو تيمور ما قال.
ويقيّم البعض أن أبا تيمور لم يبق حياً إلى الآن إلا لأن حراسه ومؤتمني حركته من الخلّص من "بني معروف"، وإلا لكان في خبر كان.
الآن يقف أبو تيمور وجهاً لوجه أمام المصير التراجيدي للبطل الاغريقي، أو الاعتذار المذل والمهين مرة بعد مرة مهما بُذل من جهود إخراجية وتحسينية. وليس ألذ على قلب الحكم في سورية من توباتٍ من هذا النوع مغلّفة بزينة قومية تحديداً، على وجه الخصوص بعد الأذى الذي ألحقه أبو تيمور بسمعة الحاكمين في دمشق، ساعة فضح في 2007 أن أحد السياسيين الأمنيين في سورية طرح عليه حلفاً للأقليات الطائفية والقومية في المشرق العربي. معروف تماماً أن الحديث في مشروع من هذا النوع لا يمكن أن يحدث دون أمرٍ من الأسد الأب، أو دون إذن منه على الأقل. صحيح أن السياسة السورية إبان حكم الأسد الأب لا يمكن أن تتلخص بتحالف كهذا، ولكن من الواضح أيضاً أن تخطيطاً أمنياً وسياسياً يصب في هذا المجرى قد حدث.
البطل التراجيدي يبعث رسالة مساومة هي الآتية لن أزور قبر كمال جنبلاط الذي قتلتموه، وسأتخلى عن طلب الثأر فيزيائياً وسياسياً وسأنسى، مقابل أن تنسوا الشتائم التي وجهتها للأسد الابن. أنا نادم.
هكذا حرم أبو تيمور نفسه وحرمنا من متابعة مصير بطل تراجيدي تقليدي، مصير الفرسان الجسورين المتهورين. لكنه أبقى على مصير تراجيدي من نوع آخر، تنطبق عليه القوْلة: "التاريخ يعيد نفسه مرتين: المرة الأولى كمأساة والثانية كملهاة"
يبدو الأستاذ وليد جنبلاط أبو تيمور في المقابلة الاعتذارية التلفزيونية من الرئيس السوري بشار الأسد وأيضاً في تصريحاته الأخيرة، يبدو مثل بطل اغريقي يخرج للتو من الإلياذة. يصفعه الواقعُ، فيصرخ:
"لا. لا أريد أن أموت. لا أريد أية بطولة. غيّروا النهاية"
أو يبدو مثل إيفان ديمترييفتش بطل قصة تشيخوف وإنما من غير نهايته المأساوية، فأبو تيمور رغب في خلع ثيابه على العكس مما فعل إيفان ديمترييفتش، ولبس البجاما، واستغفر الله وقرر أن لا يموت، وأن يواصل الاعتذار مرة بعد مرة.
كثيرون يرون أن "أبو تيمور" شخصية تراجيدية تلعب في ملهاة. الرجل فيه شيء من روحانيات والده القتيل في وقت صار فيه العنف السياسي وسيلة معتادة في إزاحة الخصوم سواء أكان الأمر يتعلق بلبنان أو بالأخت اللدودة سورية. وكان أبو تيمور وبأسلوبه الطريف والساخر والمحبّب قد قال أشياء لا يقولها السياسيون في هذا الشرق السعيد. إذْ من يجرؤ على القول لحسن نصر الله بعد ما صادر الجيش اللبناني أسلحة في شاحنة محمّلة بالتبن ما قاله أبو تيمور: "من الافضل بكثير يا سيد (المقصود هو حسن نصر الله) أن تعطي الصورايخ للجيش اللبناني أما التبن والشعير فاعطه لحلفائك". كبيرة!
وليس إلا من يحمل دمه في ملعقة يتجاسر على القول لبشار الأسد ما قاله أبو تيمور في 2007 وأمام جمهور غفير: "يا طاغية دمشق يا أفعى هربت منها الأفاعي يا حوتاً لفظته البحار يا وحشاً من وحوش البراري يا مخلوقاً من انصاف الرجال يا منتجاً اسرائيلياً على أشلاء الجنوب". فالأجهزة الأمنية السورية رائدة في الاغتيال السياسي والعنف السياسي بكل أنواعه، والشواهد تدلل أن رأس الحكم سواء في عهد الأسد الأب أو الأسد الابن ليس بعيداً عن اتخاذ قرار بتصفية الخصم، ومع ذلك قال أبو تيمور ما قال.
ويقيّم البعض أن أبا تيمور لم يبق حياً إلى الآن إلا لأن حراسه ومؤتمني حركته من الخلّص من "بني معروف"، وإلا لكان في خبر كان.
الآن يقف أبو تيمور وجهاً لوجه أمام المصير التراجيدي للبطل الاغريقي، أو الاعتذار المذل والمهين مرة بعد مرة مهما بُذل من جهود إخراجية وتحسينية. وليس ألذ على قلب الحكم في سورية من توباتٍ من هذا النوع مغلّفة بزينة قومية تحديداً، على وجه الخصوص بعد الأذى الذي ألحقه أبو تيمور بسمعة الحاكمين في دمشق، ساعة فضح في 2007 أن أحد السياسيين الأمنيين في سورية طرح عليه حلفاً للأقليات الطائفية والقومية في المشرق العربي. معروف تماماً أن الحديث في مشروع من هذا النوع لا يمكن أن يحدث دون أمرٍ من الأسد الأب، أو دون إذن منه على الأقل. صحيح أن السياسة السورية إبان حكم الأسد الأب لا يمكن أن تتلخص بتحالف كهذا، ولكن من الواضح أيضاً أن تخطيطاً أمنياً وسياسياً يصب في هذا المجرى قد حدث.
البطل التراجيدي يبعث رسالة مساومة هي الآتية لن أزور قبر كمال جنبلاط الذي قتلتموه، وسأتخلى عن طلب الثأر فيزيائياً وسياسياً وسأنسى، مقابل أن تنسوا الشتائم التي وجهتها للأسد الابن. أنا نادم.
هكذا حرم أبو تيمور نفسه وحرمنا من متابعة مصير بطل تراجيدي تقليدي، مصير الفرسان الجسورين المتهورين. لكنه أبقى على مصير تراجيدي من نوع آخر، تنطبق عليه القوْلة: "التاريخ يعيد نفسه مرتين: المرة الأولى كمأساة والثانية كملهاة"