ووجدت الفيلم بعد مشاهدته يستحق أكثر من ذلك الإطراء وأكثر من مجرد سعفة واحدة! إذ اشتغلت نادين لبكي، على الفيلم وفيه، بحرفية فائقة وإخلاص متقن لرسالة الفيلم حول التعددية والتعايش الإثني والثقافي. وصبّت عصارة هذا الجدل المعقد والحساس في قوالب تراجيدية وكوميدية متمازجة في ذات المشهد واللحظة السينمائية.
يحكي الفيلم «اللبكي» حكاية تلبّك اجتماعي مفاجئ يداهم قرية لبنانية صغيرة يقطنها مسلمون ومسيحيون متعايشون لعقود طويلة مضت، يرتاد فيها المسلمون مسجدهم ويعينهم المسيحيون على ذلك، ويرعى فيها المسيحيون كنيستهم ويعينهم المسلمون على ذلك.
إنهم بإيجاز: سكان قرية يتبعون دينين مختلفين لكنهم ينتمون إلى مجتمع واحد غير متخالف.
استمرت هذه القرية آمنة مطمئنة حتى جاءتها شرارة من الحرب الأهلية كادت أن تشعلها لولا كيد نساء القرية، الكيد الإيجابي هذه المرة، وحكمة الزعيمين الدينيين: الإمام والقس.
في قاعة السينما، المكتظة تماماً، اختلطت مشاعر القلق والضحك... الخوف والفرح... الانفصال والانتماء. وكانت نهاية الفيلم الفانتازية مثيرة للكثير من الابتسامات... ولكن للكثير الأكثر من التساؤلات، التي تكثفت في سؤال: وهلأ لوين ؟! الذي كنت أتمنى أن «يتفصّح» ويكون: والآن إلى أين؟ حتى يعطيه عمراً أطول في التداول والترداد لدى كل المشاهدين العرب، وتمدداً إلى عموم الحالة العربية، لا اللبنانية فحسب.
زاد من التصاقي بفكرة الفيلم واقترابي من أمكنته وأزمنته أني قد سعدت الشهر قبل الماضي بوجبة غداء ريفي لذيذة في أحد جبال بلدة جزين اللبنانية، بدعوة من الصديق الياس حرفوش، الذي أخذنا بعد الغداء إلى بيت والدته الرؤومة في قريتهم الصغيرة بكاسين التي تشبه في خلطتها الدينية وطمأنينتها الاجتماعية، حتى أثناء الحرب، قرية لبكي في فيلمها المديني.
وقائع فيلم (وهلأ لوين) لا يمكن حصرها في قرية واحدة، والقلق الذي يساور المخرج والمشاهد يمكن تعميمه... في مصر بين المسلمين والأقباط، وفي البحرين بين السنة والشيعة، وفي تونس بين الإسلاميين والعلمانيين، وفي دول عربية عدة أخرى يكون بين الأغنياء والفقراء!
(والآن إلى أين؟) سؤال عربي تائه، يتردد منذ زمن طويل...
هل حانت لحظة الجواب الآن؟!
-------------------
صحيفة الحياة
يحكي الفيلم «اللبكي» حكاية تلبّك اجتماعي مفاجئ يداهم قرية لبنانية صغيرة يقطنها مسلمون ومسيحيون متعايشون لعقود طويلة مضت، يرتاد فيها المسلمون مسجدهم ويعينهم المسيحيون على ذلك، ويرعى فيها المسيحيون كنيستهم ويعينهم المسلمون على ذلك.
إنهم بإيجاز: سكان قرية يتبعون دينين مختلفين لكنهم ينتمون إلى مجتمع واحد غير متخالف.
استمرت هذه القرية آمنة مطمئنة حتى جاءتها شرارة من الحرب الأهلية كادت أن تشعلها لولا كيد نساء القرية، الكيد الإيجابي هذه المرة، وحكمة الزعيمين الدينيين: الإمام والقس.
في قاعة السينما، المكتظة تماماً، اختلطت مشاعر القلق والضحك... الخوف والفرح... الانفصال والانتماء. وكانت نهاية الفيلم الفانتازية مثيرة للكثير من الابتسامات... ولكن للكثير الأكثر من التساؤلات، التي تكثفت في سؤال: وهلأ لوين ؟! الذي كنت أتمنى أن «يتفصّح» ويكون: والآن إلى أين؟ حتى يعطيه عمراً أطول في التداول والترداد لدى كل المشاهدين العرب، وتمدداً إلى عموم الحالة العربية، لا اللبنانية فحسب.
زاد من التصاقي بفكرة الفيلم واقترابي من أمكنته وأزمنته أني قد سعدت الشهر قبل الماضي بوجبة غداء ريفي لذيذة في أحد جبال بلدة جزين اللبنانية، بدعوة من الصديق الياس حرفوش، الذي أخذنا بعد الغداء إلى بيت والدته الرؤومة في قريتهم الصغيرة بكاسين التي تشبه في خلطتها الدينية وطمأنينتها الاجتماعية، حتى أثناء الحرب، قرية لبكي في فيلمها المديني.
وقائع فيلم (وهلأ لوين) لا يمكن حصرها في قرية واحدة، والقلق الذي يساور المخرج والمشاهد يمكن تعميمه... في مصر بين المسلمين والأقباط، وفي البحرين بين السنة والشيعة، وفي تونس بين الإسلاميين والعلمانيين، وفي دول عربية عدة أخرى يكون بين الأغنياء والفقراء!
(والآن إلى أين؟) سؤال عربي تائه، يتردد منذ زمن طويل...
هل حانت لحظة الجواب الآن؟!
-------------------
صحيفة الحياة