"الخليج أونلاين"، وفي حوار خاص مع د. هدى النعيمي، يقف على هذه التجربة النسائية الناجحة خليجياً، لاستنطاق الرحلة، حيث تقول في إطار حديثها عن الفيزياء إنها "هي الطبيعة، طبيعة الأشياء التي تحتاج دوماً الى إجابات".- من هي هدى النعيمي؟
- روائية وفيزيائية قطرية.
- أول فيزيائية طبية في قطر.
- رئيسة جمعية الفيزياء الطبية القطرية.
- رئيسة للفيدرالية الشرق أوسطية للفيزياء الطبية.
- ما أهم منجزاتها العلمية؟
- أصدرت مع ثلاثة من الفيزيائيين كتاباً مرجعياً في أسس تقديم اختبارات الجودة لأجهزة الإشعاع.
- لديها عدد من البحوث العلمية.
- ما أبرز نتاجها الأدبي؟
- أصدرت مجموعتين قصصيتين عامي 2007 و2008.
- ومسرحية للطفل بعنوان "النبع الذهبي".
وأضافت تصف الفيزياء: "هي مسيرة البحث المستمرة، وحاضنة التساؤلات الكبرى، ضف على ذلك أنها تتقاطع مع الكثير من العلوم التطبيقية مثل الرياضيات والكيمياء والهندسة، هذا الترابط جعل من الفيزياء بالنسبة إلي جديرة بالاختيار لمرحلة البكالوريوس إذ شعرت بأنها عبارة عن المدخل المعرفي إلى علوم وتخصصات عديدة. وبعد الحصول على البكالوريوس قررت مواصلة دراستي العليا في مجال الفيزياء الطبية للارتقاء بمستوى الخدمات الصحية في بلادي".
الخليج أونلاين..
ما أهم إنجازاتك العلمية الأخيرة، وما موقع دولة قطر في خريطة الفيزياء الدولية؟
النعيمي: أصدرت مع ثلاثة من الزملاء الفيزيائيين كتاباً مرجعياً في أسس تقديم اختبارات الجودة لأجهزة الإشعاع، وهو كتاب صدر قبل شهور فقط من دار جامعة حمد بن خليفة للنشر، ويعتبر بالفعل إضافة متميزة للمكتبة العلمية العالمية.
ورغم الانقطاع عن التفاعل مع المجتمع العلمي بسبب جائحة كورونا خلال الآونة الأخيرة فإنني شاركت خلال العام الماضي في مؤتمر مهم في سنغافورة، كما شاركت أيضاً ببحثين مهمين في المؤتمر العالمي للفيزياء الطبية في سانتياغو (تشيلي).
مصدر فخري واعتزازي بالمشاركة في هذا المؤتمر يعود إلى أن الأبحاث تمت بالكامل في قطر، وهو ما يجعلنا نفخر نحن الفيزيائيين القطريين بمزاحمة زملائنا في الفعاليات الدولية مشاركة وإنتاجاً في كل التخصصات الطبية، لنكون وحدة متكاملة لخدمة الطب والإنسانية.
الخليج أونلاين..
تميزتم في مجال السرد والقصة، كيف تسلل الأدب إلى المختبر؟ حدثينا عن هذا الجانب من شخصيتك، ولماذا ركزت بواكيرك الأدبية على الطفل؟
النعيمي: الأدب، القراءة والكتابة الإبداعية، هذه هوايتي المفضلة منذ الصغر، لم تخفت هذه الهواية مع التخصص العلمي بل على العكس، كبرت معي وصارت تأخذ من وقتي الكثير ، وفي مرحلة الدراسات العليا بالقاهرة، عملت على صقل هذه الهواية بالقراءة النوعية، والتفاعل مع الوسط الثقافي والأدبي.
وفي زحمة التحصيل العلمي هناك، كانت الكتابة وسيلة للبوح عما يختمر في الذهن من هموم، وكان القلم يرشُّ مداده عن وعي، حيث أصدرت أول مجموعة قصصية عام 2007 تلتها مجموعة قصصية أخرى عام 2008.
كما قمتُ بالعمل على مسرحية للطفل بعنوان "النبع الذهبي"، وذلك لإيماني المطلق بأهمية التكوين الصحيح للطفل، ولقناعتي بأن الأجيال الجديدة تختلف في إدراكها عنّا، فقد ولدوا لزمن غير زماننا، وعليه فمن الواجب أن نعمل على إعدادهم لمستقبل أفضل حتى يقدروا العلم حق قدره، ويتحلوا بالمسؤوليات المنوطة بهم.
الخليج أونلاين..
عند الحديث عن هدى النعيمي فإن الحديث يكون عن نجاح امرأة. هل توافقين أن رحلتك العلمية والمهنية تعتبر نبراساً للمرأة القطرية؟ وما هي الرسالة التي تقدمونها للمرأة القطرية؟
النعيمي.. بالتأكيد أتمنى أن أكون كذلك، ويسعدني أن أكون نموذجاً للجيل الجديد القادم، وأن أكون القدوة في الجدية في العمل والتحصيل والإجادة في كل مجال أقدم نفسي فيه، ولعل كتابي الأخير "حين يبوح النخيل" والذي أقدم فيه شيئاً من هذه المسيرة العلمية، بحيث تكون حافزاً وباعثاً على النجاح.
رسالتي للمرأة القطرية هي الحرص على التحصيل العلمي والتثقيف الذاتي عبر القراءة والازدياد من المعارف المتنوعة، وأؤكد أنه إذا ما آمنا بأنفسنا وقدراتنا ورافق ذلك الإيمان العمل والجد والمثابرة فسيكون بوسعنا ترجمة أحلامنا إلى واقع نعيشه.
الخليج أونلاين..
ما هي نظرتكم لوضعية المرأة، وكيف يساهم الأدب من وجهة نظركم في التعبير عن مكانة المرأة ودورها في المجتمع؟
النعيمي: لقد خطت المرأة عموماً والمرأة الغربية خصوصاً خطوات واسعة جداً في طريق إثبات نفسها وانتزاع حقها في المجتمع، حتى جاءت القوانين المنصفة لها في الشرق والغرب، وحققت المرأة مكانتها التي تصبو إليها منذ قرون، حدث هذا خلال القرن العشرين وما تلاه من عقدين في القرن الحالي.
لكن للمجتمات على اختلافها وتنوعها نظرتها الخاصة للمرأة، ودورها الذي ربما تراه محدوداً داخل إطار الأسرة كزوجة وأم، و هذا لا غبار عليه؛ إذ لم يكن يحمل في طياته نظرة دونية للمرأة دون الرجل، وأما دور الأدب هنا، فهو الإضاءة لكيان المرأة كعنصر بشري مكمل للرجل في البناء، يأتي الأدب في صورتة الكبيرة، ليعلمنا التوازي بين العنصرين، الرجل والمرأة.
الخليج أونلاين..
ما هي عوائق الكتابة الإبداعية، عندما يكون القلم في يد أنثى؟ وهل ترون أن مساحة الحرية والتعبير وحتى التشجيع متاحة أمامهن وبكل أريحية؟
النعيمي: سوف أتوقف هنا عند كلمة في السؤال وهي: "بكل أريحية"؛ من الصعب جداً أن يستطيع الكاتب أن يكتب بكل أريحية، فهناك دوماً الرقابة الداخلية والرقابة المجتمعية وهذا ما تحدث عنه نجيب محفوظ ذات يوم، حين ذكر أنه لا يخشى الرقابة الرسمية ولكنه يخاف بشدة من الرقابة المجتمعية.
ولا ننسى هنا أن المتلقي لهذه الكتابة ولهذا الأدب يختلف في قراءته ويختلف في اجتهاداته حول الكتابة الإبداعية، حيث لطالما أُسقط ذات الروائي على ذات الكاتب نفسه، رجلاً كان أم امرأة، والحرج موجود لدى كل منها لكن الحرج يكون مضاعفاً لدى المرأة حيث إن الرجل هنا هو الأب والأخ والزوج والابن، وقد لا يكون مهتماً بالكتابة الإبداعية، ولكنه بالطبع مهتم جداً بما يهمزه به الآخرون، وهنا تكمن المشكلة، فالأريحية دوماً ما تكون ناقصة لدى الكاتب والكاتبة إلا من رحم ربي، فالكاتب أيضاً جزء من هذا المجتمع ولا يود أحد منا أن ينظر إليه المجتمع بشكل غير لائق أو غير صحيح.
هذه الإشكالية هي معاناة الكاتب بالفعل، ومعاناة المرأة في كل المجتمعات حيث قدمت نفسها ككاتبة، حتى إنها بدأت الكتابة باستخدام الأسماء المستعارة كما تعلمون، وشيئاً فشيئاً صار احترام الكاتب وصوت الكاتبة أكثر انتشاراً وعلواً، فجرأت نساء أكثر – حتى عندنا في الخليج- على فعل الكتابة الإبداعية، فما هو دور الرقيب المجتمعي اليوم؟ أظن أنه لكل كاتب تجربته الخاصة في هذا الشأن.
الخليج أونلاين..
بعد مسيرة حافلة بالعطاء العلمي والأدبي، ما هي الوصايا التي توجهونها إلى الأجيال القادمة؟
النعيمي: أظن أن أهم نصيحة يمكن تقديمها اليوم للجيل الصاعد، هو البحث والاستفادة من مختلف المنصات الإلكترونية في اكتساب المعرفة، وألا يكون استخدامها مقتصراً على الترفيه وتضييع الوقت. وذلك من أجل التناغم والاستفادة الإيجابية من جميع اختراعات وابتكارات العصر الذي نعيشه، حتى نكون في حركة متوازية مع الأمم والشعوب الأخرى.
أود أن أؤكد للأجيال الصاعدة وشباب الغد، وقادة المستقبل، أن النجاح في جميع مجالات الحياة له باب واحد، وذلك الباب هو المطالعة والقراءة المستمرة، حتى تنتقل من حيز الهواية إلى مستوى العادة.
وأختتم الوصايا للأجيال القادمة بضرورة الاهتمام باللغة العربية، لأن اللغة وعاء الهوية فإذا ذهبت اللغة ذهبت الهوية، ولا يمكن إتقان اللغة إلا بالقراءة، فنحن أمة اقرأ ولا سبيل لتطورنا وتقدمنا إلا بالتمعن في معاني القراءة وجعلها أسلوب حياة.