نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


مسيو أسانج هات أطربنا





إلعب مسيو أسانج، نعم مسيو جوليان أسانج نعم! نعم! إلعب فالعالم مجنون، هات سليّنا بكبائر وصغائر القصص الإعلامية، فالعالم يجب أن يكون شيئاً مضحكاً وقد غدا مُمّلاً قليلاً. نعم يا عزيزي أسانج، انت ساحر وكشوفاتك مضحكة ومؤثرة ومرعبة ووحشية ورقيقة أحياناً. جوهر الخبث أن يكون رمزياً ! هات ويكيليكساتك كلها ! هل لديك مكبّر صوت أيضاً؟ بوق عالي النفير؟ هيّا نستخفّ بالكبار ونلعب معهم ونحتفل بميلاد الهستيريا معاً.
نعم مسيو أسانج أنت لست مجنوناً تماماً،(ولك ويكيليكساتك الخاصة بغرامياتك ايضاً) ويمكنك أن تبرّر تصرفك عند الضرورة. هل نتعرّف على حقيقة العالم من خلال مجرد شاب ينعف كل الوثائق السرية؟ إننا نعرفه، العالم، لكننا لم نكن قرأنا بأم العين أعماله القوية، أعمال غير مفهومة لكنها قوية لدرجة أن من بين الملايين الذين قُتلوا غدراً، لم تكن ميتة واحدة ضرورية.


عم إننا بحاجة الى قراءة وثائق سريّة جديدة، الآلاف منها كل يوم. يمكننا الإستغناء عن كل شيء، لكننا لانستطيع الإستغناء بعد عن وثائقك وكشوفاتك.
إذا بدا الزعماء العرب لغزاً أبداً، فلأنك لم تكن ولدت بعد.
انظروا الى كبريائه وغطرسته وتعجرفه! انظروا شقرته وجلده الرقيق! انظروا نحوله ولؤمه، نعم جوليان كلنا مأخوذ بما تنشره.
ثم ماذا عن الأعمال السرية القوية؟ الإنسانية تمشي الى الوراء أين الأعمال القوية؟ انشر كل الوثائق، أجل لاعرجاء ولا ثمانينية، نحتاجها شابة، طازجة ومغوية.
الإدارة الأمريكية، إدارة أوباما تقول انها هوجمت من قبل شاب أزعر هو صاحب موقع ويكيليكس، وهي سوف تلاحقه بتهمة التجسس! لكن الملاحقة تكون صعبة ذلك أن أشياء كثيرة تغيرت في العالم منذ 'قانون التجسس' عام 1917، فصيغة هذا الأخير فضفاضة، وهي إن طُبقّت بحذافيرها فسوف تُدين في طريقها الصحافة في العالم، خصوصاً الصحافة الأمريكية، وما من مأخذ عليك أسانج، سوى أن يكون نشر وثائقك المدوّية، مسنوداً على نيتك السيئة في نشرها. هذا يُثير الضحك بالفعل، فما نفع نشر مثيلاتها بنية طيبة؟
في هذا العالم الممّل، كل ما نحتاج اليه هو 'الوثيقة السرّية'. لا نحتاج اسم صاحبها او كاتبها. وثيقة سرية من دون اسم، حتى لو كانت وثيقة عن مجهول، نحتاجها ولن نتردّد في قراءتها. وثيقة سرية من دون اسم، ونحن نعرفه فوراً ونجد له اسماً. هات وثائقك من دون أسماء ونعطيك الأسماء الحقيقية فمن منّا أكثر من الشاب السويدي، لا يعرف تلك الأسماء او لم يحدس بها.
أنشر عزيزي أسانج وثائق لأحياء أو أموات، فنحن نريد قراءة أفضل الوثائق السيئة، ولا نؤمن بالصمت، الجيّد منه أو الرديْ. نريد كلمات واضحة في السلم وفي الحرب، أنتم لا تعرفون ما هي الحرب اللعينة! نحن نعرف، نحن العرب، اللبنانيين خصوصاً نعرف أكثر من السويدي والأمريكي والبريطاني والفرنسي.
أن يكو المرء أسانجياً، هو أن ينشر الحقائق حتى قبل أن يفتح فمه. ولكي تكون أسانجياً عليك أن تُسقط الغايات، والنوايا الطيبة، والمكر والخبث، لأنك تعرف تماماً معنى كلمة 'مكيدة'. كما يمكنك أن تكون لك غاياتك، شرط أن تُصارحنا بها بأكثر مما نتوقعّهُ.
كن أسانجياً ناشراً للوثائق ليلاً نهاراً، وتأنّق كالشاب الأشقر الأنيق، تأنق كما يحلو لك، أجل! أليس أيّ رجل يتأنق؟ فلتفعل طالما أنك تعرف ماذا تفعل في نهاية الأمر.
أنشر وثائق سياسية ودبلوماسية، وعرّج عزيزي أسانج على وثائق 'غرامية' عندها لن تفرغ جعبتك يوماً منها، ويمتلىء العالم بإثارة من نوع آخر، بكذب من نوع آخر، وينتصب وبر جسدك النحيل من هول الخداع والعهر والكذب.
أنظر في قلبك أسانج، عزيزي جوليان أنظر في قلبك، فالعقل مركزه القلب.
في الوقت الحاضر، نرى ان افضل طريقة لنشر ملايين هذه الوثائق هي في البحث كيف يجب أن تُنشر، فأميركا عازمة على استردادك وحبسك، وأميركا حين تعزم، تفعل، إسألنا نحن العرب، أدرى منك بأميركا وبعزمها.
حتى تلك اللحظة تمتّع بحريتك المشروطة وواصل النشر، وثيقة تلو أخرى حتى تظهر وثيقة الوثائق، خلق الخلق، إله البوح. انشر وثيقة إثر أخرى، فثمة واحدة مهمة جداً، تقوّض الملل أو تقوّض العالم.
حين يغدو المرء مجنوناً، نفهم أن جنونه بسبب فقده الحقيقة. الحقيقة وليس العقل. نحن العرب اكثر من مجانين، تعوزنا حقائق جمّة. نحن مجانين جنّننا الكذب، كذب السياسة وكذب العلاقات، هيّا صافحنا أسانج ومّد لنا يدك لنقوم بأفعال متهوّرة - للمتعة البحتة - وساعدنا لنشر أمور القلوب والأجساد، نشر كل الأسرار! نعم، نعم، فلنفعل شيئاً حيوياً ورائعاً، حتى وإن كان مُدمراً، فكل أحزاننا ناشئة عن أسرار لعينة.
-------------------------
القدس العربي

عناية جابر
الاحد 26 ديسمبر 2010