إحياء الذكرى السادسة لمجزرة الكيماوي في مدينة خان شيخون بريف إدلب- 4 نيسان 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)
ورغم كل تلك الانتهاكات، فإن النظام السوري لا يزال يفلت من العقاب، في وقت تحركت عدة جهات دولية خلال السنوات الماضية لإدانة النظام والسعي إلى محاسبته، وكان آخرها في تشرين الثاني 2023، حين صدرت مذكرة اعتقال بحق بشار الأسد وشقيقه ماهر، واثنين من كبار معاونيه، بتهمة تنفيذ هجمات كيماوية على الغوطة الشرقية عام 2013، ثم غاب هذا الملف لأشهر، قبل أن يُعاد فتحه الأسبوع الماضي في مجلس الأمن.
واتهمت لورا ديكس ، المسؤولة في الخارجية البريطانية، النظام السوري بأنه لا يزال يُخفي آلاف الذخائر ومئات الأطنان من المواد الكيماوية، مشيرة إلى أن تحليل العينات التي تم جمعها بموقعين في سوريا، في نيسان 2023، يشير إلى وجود المزيد من أنشطة المعالجة والإنتاج غير المعلنة للأسلحة الكيماوية في سوريا.
بدوره، أفاد نائب السفيرة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، روبرت وود، بأنّ دمشق تواصل تجاهلها “الصارخ” لالتزاماتها بالامتثال لاتفاقية الأسلحة الكيماوية والقرار 2118، وأن النظام لم يكشف بعد بشكل كامل عن ترسانته الكيماوية أو تدميرها، مشددًا على أنه “لا يمكن أن يكون هناك إفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيماوية”.
كما حذّرت ممثلة الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، إيزومي ناكاميتسو، في جلسة مجلس الأمن الأسبوع الماضي، من “مخاوف خطيرة” بشأن العثور على “مواد كيماوية غير متوقعة”، في عينات تمّ جمعها من سوريا بين عامي 2020 و2023 في العديد من المواقع المعلنة.
وتعليقًا على جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول ملف الكيماوي لدى النظام، قال مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة”، بسام الأحمد، إنه “رغم أن جلسة مجلس الأمن الأخيرة لم تكن للتصويت على قرار يدين النظام السوري على جرائمه، فإنه مجرد تأكيد جهة دولية كمجلس الأمن بأن الأسد استخدم الكيماوي وتقديم أدلة لإدانته، فهذا يعتبر مؤشرًا إيجابيًا وبوابة جديدة في ملف المحاسبة الحتمية”.
التحرك ضد ملف الكيماوي خلال الأيام الماضية لم يقتصر على جلسة مجلس الأمن، إذ كشف تقرير لـ”بعثة تقصي الحقائق” (FFM) التابعة لمنظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” في سوريا، معلومات تنفي اتهامات وجهها النظام لتنظيم “الدولة الإسلامية” باستخدام أسلحة كيماوية بحادثتين وقعتا في ريف حماة عام 2017.
وأفاد الأحمد لعنب بلدي أن هذا التقرير هو “إشارة إلى أن الأسد يقدم معلومات مضللة للجان التحقيق لإبعاد التهم عنه وإلصاقها بباقي أطراف الصراع في سوريا، وبنفس الوقت لزيادة الضغط عليه في طريق محاسبته”.
ولفت الأحمد إلى أن النظام حاول طوال السنوات الماضية تقديم ادعاءات كاذبة بأن فصائل المعارضة شنت هجمات بالأسلحة الكيماوية، لكن لجان التحقيق الدولية لم تعترف بذلك، بل أثبتت ضلوع الأسد في هجمات كيماوية، كما أدانت تنظيم “الدولة” لمرة واحدة لاستخدامه غاز الخردل في هجوم على مارع عام 2015.
القضاء الفرنسي أصدر، في تشرين الثاني عام 2023، مذكرة اعتقال بحق رئيس النظام السوري، وشقيقه ماهر، واثنين من كبار معاونيه، بتهمة تنفيذ هجمات بالأسلحة الكيماوية على الغوطة الشرقية عام 2013.
لكن المحامي المختص بالقانون الجنائي الدولي المعتصم الكيلاني، أفاد أنه وفق القانون الدولي لا يمكن إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس دولة على رأس عمله أو محاكمته غيابيًا، لأن ذلك يخالف الاتفاقيات الدولية المرتبطة بالحصانة الدبلوماسية على رؤساء الدول الذين ما زالوا على رأس عملهم، علمًا أن القضاء الفرنسي برر قراره حينها، بأن ارتكاب مثل تلك الجرائم كاستخدام الأسلحة الكيماوية، يُسقط كل القوانين والأعراف المرتبطة بالحصانة.
وأضاف الكيلاني لعنب بلدي، أنه “بناء على ذلك فإن القضاء الفرنسي سيضطر خلال الفترة المقبلة إلى إلغاء مذكرة التوقيف الدولية بحق الأسد، بناء على قرار محكمة الاستئناف، ومع ذلك فإن محامين وجمعيات حقوقية سيحاولون الطعن بقرار المحكمة”، مشيرًا إلى أن كل تلك المحاولات هي للتأكيد أن مبدأ الافلات من العقاب قد انتهى.
بدوره، قال مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة”، إن عدم القدرة على إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية يعود لسببين، الأول “الفيتو” الروسي- الصيني الذي يصوت في مجلس الأمن ضد قرار تقديم مسؤولي النظام لمحكمة الجنايات، أما السبب الثاني فيعود إلى أن سوريا ليست عضوًا في ميثاق روما.
وكانت 108 دولة وقعت، عام 1998، على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، وهناك العديد من الدول لم توقع على المعاهدة بما فيها سوريا والعراق، وبالتالي لا تتدخل المحكمة في قضايا على الأراضي السورية، بينما تستطيع المحكمة تلقائيًا ممارسة سلطة قضائية على الجرائم المرتكبة في أراضي أي دولة عضو أو المرتكبة من أشخاص ينتمون لأي دولة عضو.
المطالبات بإنشاء محكمة استثنائية خاصة لمحاكمة النظام، جاءت من منطلق أن هناك محاكمات خاصة عُقدت سابقًا، كالمحاكمات التي شُكلت لمحاسبة مجرمي الحرب في “يوغسلافيا” و”رواندا” و”سيراليون”، وأيضًا في لبنان بقضية اغتيال رفيق الحريري.
ويمكن للمحكمة الاستثنائية المقترحة، بحسب البيان، النظر في جميع قضايا استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا وكافة القضايا الأخرى التي تُمنع “الجنائية الدولية” حاليًا من التعامل معها بسبب الجمود السياسي.
وذكر البيان حينها أن المحكمة الخاصة سيتم هيكلتها بحيث تكون مكملة للمؤسسات الدولية القائمة وخاصة “الجنائية الدولية”، وقادرة على العمل عند عرقلة سلطة المحكمة الجنائية الدولية.
ويرى عضو رابطة ضحايا الأسلحة الكيماوية، ثائر حجازي، أن إطلاق مجموعة من المنظمات السورية والحقوقيين مطلب إنشاء محكمة استثنائية دولية لمحاسبة النظام السوري على استخدامه الأسلحة الكيماوية، يعتبر “خطوة مهمة جدًا في ملف المحاسبة في ظل انسداد الطريق نحو محكمة الجنايات”.
وأفاد حجازي لعنب بلدي أن العمل على هذه المحكمة الاستثنائية بدأ منذ حوالي 3 سنوات، “وكانت هناك خطوات جيدة وجبارة في هذا الإطار، ونتمنى بالقريب العاجل أن يكون هناك فعلًا محكمة دولية استثنائية لمحاسبة النظام السوري على استخدامه الأسلحة الكيماوية، لكن لحد الآن ليست هناك تطورات بالمعنى الحقيقي لإنشاء تلك المحكمة، في ظل عدم وجود تعاون دولي لتحقيق هذه الخطوة المهمة”.
موقع “مع العدالة ” تحدث عن صعوبات في إنشاء تلك المحكمة، في ظل عدم توفر الجدوى العملية والسياسية والمالية لإنشائها، وعدم قدرتها على الاستمرار في ظل عدم تعاون النظام السوري والدول الشريكة معها.
وأضاف الموقع أنه “لو فرضنا الحصول على الموافقة الأممية بتشكيل المحكمة الخاصة بسوريا، ستطفو على السطح معوقات تنفيذية أخرى تتعلق بآلية إنشائها من الصفر، من ناحية تحديد المقار، واختيار القائمين عليها وضمان تعاون الدول معهم، لا سيما أن معظم الدول التي كانت في الأمس ضد النظام السوري وانتهاكاته، أضحت اليوم تتقبل خيار وجوده مقارنة بالتنظيمات الإرهابية التي أفرزتها تلك الانتهاكات”.
وضرب الموقع مثالًا بقضية محاكمة الأسد لضلوعه في جريمة اغتيال الحريري، للإشارة إلى عدم جدوى مثل تلك المحاكم، فرغم مضي حوالي 20 عامًا على تلك الجريمة، و17 عامًا على مباشرة المحكمة الدولية عملها في لاهاي، “ما زال رأس النظام في سوريا وحسن نصر الله طليقين يمارسان جرائمهما بحق السوريين على أكمل وجه”.
في 7 من تشرين الأول 2020، قدمت “مبادرة العدالة” و”المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” و”مبادرة الأرشيف السوري”، شكوى جنائية إلى المدعي العام الاتحادي الألماني ضد مسؤولين سوريين، بشأن استخدام غاز السارين في عدة مدن سورية.
وعادت المنظمات الثلاث في آذار 2021، لتقديم شكوى مماثلة أمام قضاة التحقيق في فرنسا، تضمنت شهادات مستفيضة لعديد من الناجين من هجمات الكيماوي التي شنها النظام السوري على مدينة دوما والغوطة الشرقية في آب عام 2013، لتكون الشكوى الجنائية الأولى التي تُقدم ضد بشار الأسد في فرنسا حول قضية الأسلحة الكيماوية.
كما قدمت الشرطة السويدية عام 2021 شكوى جنائية لمحاسبة النظام السوري على استخدامه غاز السارين في هجومين، الأول على غوطة دمشق الشرقية عام 2013، والثاني على خان شيخون عام 2017.
وأفاد عضو رابطة ضحايا الأسلحة الكيماوية، ثائر حجازي، أن القضية في فرنسا تحركت قانونيًا وفق الاختصاص القضائي للدولة الفرنسية خارج الإقليم، لوجود ضحية تحمل الجنسية الفرنسية السورية في أثناء استهداف الغوطة الشرقية في 2013، ما منح الصلاحية للقضاء الفرنسي في فتح التحقيق، مضيفًا، “نحن في الرابطة استطعنا كأشخاص تعرضوا للإصابة بسبب ذلك الهجوم أن نكون كشهود مدنيين ضد الأسد في تلك القضية”.
وأضاف حجازي أن مسار الدعوى في فرنسا يسير بشكل جيد، “وننتظر لاحقًا أن تكون هناك محاكمات غيابية بحق المتورطين في هجوم الكيماوي، كما حصل في الشهر الماضي في قضية الدباغ والتي أسفرت عن حكم غيابي فرنسي بحق 3 من مسؤولي الأسد”، مشيرًا إلى أهمية المتابعة في الدعاوى الثلاث المرفوعة في فرنسا وألمانيا والسويد، ودعمها بالأدلة والشهود، وصولًا إلى تحقيق العدالة.
وكان مجلس الأمن الدولي صوّت بالإجماع، في 27 من أيلول 2013، على القرار 2118 ، الذي يتضمن إجراءات للتعجيل بتفكيك برنامج النظام السوري للأسلحة الكيماوية وإخضاعه لتحقق صارم، ويدعو إلى تنفيذه كاملًا في أسرع وقت، لكن النظام لم يلتزم بتعهداته واستمر بالهجمات الكيماوية ضد السوريين.
تحرك أمريكي- بريطاني ضد النظام
ملف الكيماوي لدى النظام عاد إلى الواجهة مجددًا من بوابة مجلس الأمن الدولي، الذي ناقش باجتماع، في 11 من حزيران الحالي، مستجدات ملف السلاح الكيماوي في سوريا.واتهمت لورا ديكس ، المسؤولة في الخارجية البريطانية، النظام السوري بأنه لا يزال يُخفي آلاف الذخائر ومئات الأطنان من المواد الكيماوية، مشيرة إلى أن تحليل العينات التي تم جمعها بموقعين في سوريا، في نيسان 2023، يشير إلى وجود المزيد من أنشطة المعالجة والإنتاج غير المعلنة للأسلحة الكيماوية في سوريا.
بدوره، أفاد نائب السفيرة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، روبرت وود، بأنّ دمشق تواصل تجاهلها “الصارخ” لالتزاماتها بالامتثال لاتفاقية الأسلحة الكيماوية والقرار 2118، وأن النظام لم يكشف بعد بشكل كامل عن ترسانته الكيماوية أو تدميرها، مشددًا على أنه “لا يمكن أن يكون هناك إفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيماوية”.
كما حذّرت ممثلة الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، إيزومي ناكاميتسو، في جلسة مجلس الأمن الأسبوع الماضي، من “مخاوف خطيرة” بشأن العثور على “مواد كيماوية غير متوقعة”، في عينات تمّ جمعها من سوريا بين عامي 2020 و2023 في العديد من المواقع المعلنة.
وتعليقًا على جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول ملف الكيماوي لدى النظام، قال مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة”، بسام الأحمد، إنه “رغم أن جلسة مجلس الأمن الأخيرة لم تكن للتصويت على قرار يدين النظام السوري على جرائمه، فإنه مجرد تأكيد جهة دولية كمجلس الأمن بأن الأسد استخدم الكيماوي وتقديم أدلة لإدانته، فهذا يعتبر مؤشرًا إيجابيًا وبوابة جديدة في ملف المحاسبة الحتمية”.
التحرك ضد ملف الكيماوي خلال الأيام الماضية لم يقتصر على جلسة مجلس الأمن، إذ كشف تقرير لـ”بعثة تقصي الحقائق” (FFM) التابعة لمنظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” في سوريا، معلومات تنفي اتهامات وجهها النظام لتنظيم “الدولة الإسلامية” باستخدام أسلحة كيماوية بحادثتين وقعتا في ريف حماة عام 2017.
وأفاد الأحمد لعنب بلدي أن هذا التقرير هو “إشارة إلى أن الأسد يقدم معلومات مضللة للجان التحقيق لإبعاد التهم عنه وإلصاقها بباقي أطراف الصراع في سوريا، وبنفس الوقت لزيادة الضغط عليه في طريق محاسبته”.
ولفت الأحمد إلى أن النظام حاول طوال السنوات الماضية تقديم ادعاءات كاذبة بأن فصائل المعارضة شنت هجمات بالأسلحة الكيماوية، لكن لجان التحقيق الدولية لم تعترف بذلك، بل أثبتت ضلوع الأسد في هجمات كيماوية، كما أدانت تنظيم “الدولة” لمرة واحدة لاستخدامه غاز الخردل في هجوم على مارع عام 2015.
الطريق مسدود نحو “الجنائية الدولية”
خلال السنوات الماضية، حاول مجلس الأمن مرارًا إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكنه فشل في ذلك، بسبب “الفيتو” الروسي- الصيني، ما دفع بعض الدول والمنظمات الحقوقية إلى الاتجاه لمحاسبة النظام عبر المحاكم الأوروبية التي تتيح لها بموجب الولاية القضائية العالمية محاسبة مجرمين خارج أراضيها، ارتكبوا انتهاكات بحق مواطنين لها يعيشون في سوريا.القضاء الفرنسي أصدر، في تشرين الثاني عام 2023، مذكرة اعتقال بحق رئيس النظام السوري، وشقيقه ماهر، واثنين من كبار معاونيه، بتهمة تنفيذ هجمات بالأسلحة الكيماوية على الغوطة الشرقية عام 2013.
لكن المحامي المختص بالقانون الجنائي الدولي المعتصم الكيلاني، أفاد أنه وفق القانون الدولي لا يمكن إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس دولة على رأس عمله أو محاكمته غيابيًا، لأن ذلك يخالف الاتفاقيات الدولية المرتبطة بالحصانة الدبلوماسية على رؤساء الدول الذين ما زالوا على رأس عملهم، علمًا أن القضاء الفرنسي برر قراره حينها، بأن ارتكاب مثل تلك الجرائم كاستخدام الأسلحة الكيماوية، يُسقط كل القوانين والأعراف المرتبطة بالحصانة.
وأضاف الكيلاني لعنب بلدي، أنه “بناء على ذلك فإن القضاء الفرنسي سيضطر خلال الفترة المقبلة إلى إلغاء مذكرة التوقيف الدولية بحق الأسد، بناء على قرار محكمة الاستئناف، ومع ذلك فإن محامين وجمعيات حقوقية سيحاولون الطعن بقرار المحكمة”، مشيرًا إلى أن كل تلك المحاولات هي للتأكيد أن مبدأ الافلات من العقاب قد انتهى.
بدوره، قال مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة”، إن عدم القدرة على إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية يعود لسببين، الأول “الفيتو” الروسي- الصيني الذي يصوت في مجلس الأمن ضد قرار تقديم مسؤولي النظام لمحكمة الجنايات، أما السبب الثاني فيعود إلى أن سوريا ليست عضوًا في ميثاق روما.
وكانت 108 دولة وقعت، عام 1998، على ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، وهناك العديد من الدول لم توقع على المعاهدة بما فيها سوريا والعراق، وبالتالي لا تتدخل المحكمة في قضايا على الأراضي السورية، بينما تستطيع المحكمة تلقائيًا ممارسة سلطة قضائية على الجرائم المرتكبة في أراضي أي دولة عضو أو المرتكبة من أشخاص ينتمون لأي دولة عضو.
محكمة استثنائية لجرائم الكيماوي
مع انسداد الطريق إلى محكمة الجنايات الدولية، طالبت منظمات سورية غير حكومية، في تشرين الثاني 2023، بإنشاء “محكمة استثنائية” لمعاقبة مستخدمي الأسلحة الكيماوية في سوريا، جاء ذلك في بيان لـ”رابطة ضحايا الأسلحة الكيماوية“.المطالبات بإنشاء محكمة استثنائية خاصة لمحاكمة النظام، جاءت من منطلق أن هناك محاكمات خاصة عُقدت سابقًا، كالمحاكمات التي شُكلت لمحاسبة مجرمي الحرب في “يوغسلافيا” و”رواندا” و”سيراليون”، وأيضًا في لبنان بقضية اغتيال رفيق الحريري.
ويمكن للمحكمة الاستثنائية المقترحة، بحسب البيان، النظر في جميع قضايا استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا وكافة القضايا الأخرى التي تُمنع “الجنائية الدولية” حاليًا من التعامل معها بسبب الجمود السياسي.
وذكر البيان حينها أن المحكمة الخاصة سيتم هيكلتها بحيث تكون مكملة للمؤسسات الدولية القائمة وخاصة “الجنائية الدولية”، وقادرة على العمل عند عرقلة سلطة المحكمة الجنائية الدولية.
ويرى عضو رابطة ضحايا الأسلحة الكيماوية، ثائر حجازي، أن إطلاق مجموعة من المنظمات السورية والحقوقيين مطلب إنشاء محكمة استثنائية دولية لمحاسبة النظام السوري على استخدامه الأسلحة الكيماوية، يعتبر “خطوة مهمة جدًا في ملف المحاسبة في ظل انسداد الطريق نحو محكمة الجنايات”.
وأفاد حجازي لعنب بلدي أن العمل على هذه المحكمة الاستثنائية بدأ منذ حوالي 3 سنوات، “وكانت هناك خطوات جيدة وجبارة في هذا الإطار، ونتمنى بالقريب العاجل أن يكون هناك فعلًا محكمة دولية استثنائية لمحاسبة النظام السوري على استخدامه الأسلحة الكيماوية، لكن لحد الآن ليست هناك تطورات بالمعنى الحقيقي لإنشاء تلك المحكمة، في ظل عدم وجود تعاون دولي لتحقيق هذه الخطوة المهمة”.
موقع “مع العدالة ” تحدث عن صعوبات في إنشاء تلك المحكمة، في ظل عدم توفر الجدوى العملية والسياسية والمالية لإنشائها، وعدم قدرتها على الاستمرار في ظل عدم تعاون النظام السوري والدول الشريكة معها.
وأضاف الموقع أنه “لو فرضنا الحصول على الموافقة الأممية بتشكيل المحكمة الخاصة بسوريا، ستطفو على السطح معوقات تنفيذية أخرى تتعلق بآلية إنشائها من الصفر، من ناحية تحديد المقار، واختيار القائمين عليها وضمان تعاون الدول معهم، لا سيما أن معظم الدول التي كانت في الأمس ضد النظام السوري وانتهاكاته، أضحت اليوم تتقبل خيار وجوده مقارنة بالتنظيمات الإرهابية التي أفرزتها تلك الانتهاكات”.
وضرب الموقع مثالًا بقضية محاكمة الأسد لضلوعه في جريمة اغتيال الحريري، للإشارة إلى عدم جدوى مثل تلك المحاكم، فرغم مضي حوالي 20 عامًا على تلك الجريمة، و17 عامًا على مباشرة المحكمة الدولية عملها في لاهاي، “ما زال رأس النظام في سوريا وحسن نصر الله طليقين يمارسان جرائمهما بحق السوريين على أكمل وجه”.
مسار أوروبي ثلاثي ضد الأسد
في ظل عدم وجود احتمال حقيقي للعدالة المستقلة والمساءلة داخل سوريا، وانسداد الطريق إلى المحكمة الجنائية الدولية، لجأ ذوو الضحايا لبلدان أخرى مثل ألمانيا والسويد وفرنسا للتحقيق في انتهاكات النظام، حيث رفعوا قضايا في تلك البلدان لإجراء تحقيقات حول تهم التعذيب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.في 7 من تشرين الأول 2020، قدمت “مبادرة العدالة” و”المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” و”مبادرة الأرشيف السوري”، شكوى جنائية إلى المدعي العام الاتحادي الألماني ضد مسؤولين سوريين، بشأن استخدام غاز السارين في عدة مدن سورية.
وعادت المنظمات الثلاث في آذار 2021، لتقديم شكوى مماثلة أمام قضاة التحقيق في فرنسا، تضمنت شهادات مستفيضة لعديد من الناجين من هجمات الكيماوي التي شنها النظام السوري على مدينة دوما والغوطة الشرقية في آب عام 2013، لتكون الشكوى الجنائية الأولى التي تُقدم ضد بشار الأسد في فرنسا حول قضية الأسلحة الكيماوية.
كما قدمت الشرطة السويدية عام 2021 شكوى جنائية لمحاسبة النظام السوري على استخدامه غاز السارين في هجومين، الأول على غوطة دمشق الشرقية عام 2013، والثاني على خان شيخون عام 2017.
وأفاد عضو رابطة ضحايا الأسلحة الكيماوية، ثائر حجازي، أن القضية في فرنسا تحركت قانونيًا وفق الاختصاص القضائي للدولة الفرنسية خارج الإقليم، لوجود ضحية تحمل الجنسية الفرنسية السورية في أثناء استهداف الغوطة الشرقية في 2013، ما منح الصلاحية للقضاء الفرنسي في فتح التحقيق، مضيفًا، “نحن في الرابطة استطعنا كأشخاص تعرضوا للإصابة بسبب ذلك الهجوم أن نكون كشهود مدنيين ضد الأسد في تلك القضية”.
وأضاف حجازي أن مسار الدعوى في فرنسا يسير بشكل جيد، “وننتظر لاحقًا أن تكون هناك محاكمات غيابية بحق المتورطين في هجوم الكيماوي، كما حصل في الشهر الماضي في قضية الدباغ والتي أسفرت عن حكم غيابي فرنسي بحق 3 من مسؤولي الأسد”، مشيرًا إلى أهمية المتابعة في الدعاوى الثلاث المرفوعة في فرنسا وألمانيا والسويد، ودعمها بالأدلة والشهود، وصولًا إلى تحقيق العدالة.
وكان مجلس الأمن الدولي صوّت بالإجماع، في 27 من أيلول 2013، على القرار 2118 ، الذي يتضمن إجراءات للتعجيل بتفكيك برنامج النظام السوري للأسلحة الكيماوية وإخضاعه لتحقق صارم، ويدعو إلى تنفيذه كاملًا في أسرع وقت، لكن النظام لم يلتزم بتعهداته واستمر بالهجمات الكيماوية ضد السوريين.