وتأتي المعلومات الواردة به في وقت يشهد العالم فيه انتخابات بعدة دول ومناطق في 2024 وتوجه مليارات الأشخاص لصناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات وطنية أو إقليمية.
ووجد العاكفون على إعداد هذا التقرير أن الانتخابات كانت سببا في رفع معدل الاهتمام بالأخبار في عدد قليل من البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة في حين أن الاتجاه العام إزاء عالم الأخبار والاقبال عليه لايزال في معدل هبوط.
أما ما نسبته 46% من الأشخاص في العالم فقد وجدت الدارسة إنهم يهتمون جدا بالأخبار أو يحرصون على متابعتها لكن تلك النسبة تقل عن الـ 63% المسجلة في 2017.
وفي المملكة المتحدة، هبط اهتمام الناس بالأخبار تقريباً إلى النصف بشكل متسلسل منذ 2015.
وقال نيك نيومان، المؤلف الرئيسي للتقرير، لبي بي سي نيوز: " يبدو أن ما حفلت به قائمة الأخبار في السنوات الأخيرة كان بشكل خاص صعبا على المتلقي".
"لقد مررنا بالوباء والحروب، لذلك يعد رد فعل الناس في تفضيل الابتعاد عن الأخبار طبيعيا، سواء كان ذلك لحماية صحتهم العقلية أو ببساطة للرغبة في متابعة حياتهم بشكل طبيعي".
لكن نيومان يرى أن نزعة تجنب الأخبار بشكل متعمد هي في كثير من الأحيان وليدة إحساس بالعجز ويقول عمن يفعلون ذلك "هؤلاء هم الأشخاص الذين يشعرون أنه ليس لديهم سيطرة على الأشياء الهائلة التي تحدث في العالم الخارجي".
وأضاف أن بعض الناس يقعون تحت الضغط أو يصيبهم الارتباك بشكل متزايد بسبب ذلك الفيض من الأخبار، وفرط ما يرد من هنا وهناك، بينما يجهد آخرون من الأخبار السياسة.
ووفقاً للتقرير، فإن النساء والشباب كانوا أكثر عرضة للشعور بالإرهاق بسبب كمية الأخبار المنتشرة حولهم.
وفي الوقت نفسه، لا تزال ثقة الجمهور في الأخبار ثابتة عند 40%، لكن المؤشر بشكل عام أقل بعد بـ 4% عما كان عليه
في أوج جائحة فيروس كورونا، حسبما أشار الاستطلاع.
في المملكة المتحدة، فإن الثقة في الأخبار هذا العام في ارتفاع متواضع، وسجلت المؤشرات نسبة 36% لكنها تظل أقل بنحو 15 نقطة مئوية عما كانت عليه قبل الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.
ومثلت هيئة الإذاعة البريطانية ( بي بي سي BBC) الاسم الذي يحوذ على أكبر قدر من الثقة في سوق صناعة الأخبار في المملكة المتحدة، يليه القناة الرابعة ثم قناة (آي تي في ITV).
وبالنسبة لمصادر الأخبار التقليدية مثل التلفزيون والمطبوعات، كان هناك انخفاضٌ في حجم متابعتها بشكل حاد على مدار العقد الماضي حسبما أكد التقرير، وذلك لتفضيل الجيل الصاعد الوصول لما يرغب من الأخبار عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي. في المملكة المتحدة، تبين أن ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان (73%) يعتمدون على الإنترنت للعثور والاطلاع على الأخبار، مقارنة بـ 50% على التلفزيون و14% فقط على المطبوعات.
وبين تطبيقات الوسائط الاجتماعية التي ذاع صيتها بشدة في عصرنا الحالي، لا يزال" فيس بوك" الوجهة الأهم في التعرف على الأخبار والمستجدات والبحث فيها وذلك برغم استمرار تراجعه الذي يسجله منذ أمد طويل. وظل كل من تطبيقي "يوتيوب" لمشاهدة الفيديوهات و"واتس آب" للمراسلات هما مصدران مهمان للأخبار بالنسبة للكثيرين، في حين يتابع "تيك توك" صعوده متجاوزا حاليا للمرة الأولى منصة "إكس" أو "تويتر" سابقا.
ويستخدم 13% من الأشخاص وسائط مشاركة الفيديو من أجل تصفح الأخبار، مقارنة بـ 10% يستخدمون منصة إكس X.
وترتفع في هذا السياق شعبية شبكة تيك توك TikTok بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عامًا على مستوى العالم، بحيث تصل إلى 23%.
وتبدلت المعادلة وبرزت الفيديوهات كأحد مصادر نقل الخبر الإلكترونية الأكثر أهمية، خاصة لدى الفئات الأصغر سنًا، وذلك مع ارتباطها بشكل وثيق بتلك التغيرات.
ووفقا للتقرير، فإن الفيديوهات الإخبارية القصيرة تبدو الآن الأكثر جاذبية في هذا المجال.
وأوضح نيومان أن تحول المزيد من متابعي الأخبار إلى الفيديوهات الإخبارية مرجعه "سهولة الاستخدام، وأنه يمدهم بسلسلة من المقاطع الإضافية الأخرى المثيرة لاهتمامهم أو ذات الصلة".
"لكن العديد من غرف الأخبار التي لا تزال مبرمجة على العمل بالصورة التقليدية لا تزال متجذرة في أسلوب الماضي القائم على الاعتماد على المادة المكتوبة وتكافح للمواكبة وتكييف منتجها". وأبرز التقرير البودكاست الوسيلة الإذاعيّة عبر الإنترنت بمثابة نقطة ضوء لصانعي المحتوى.
لكن حسبما ورد به فإن البودكاست لم يعرف طريقه سوى لـ "شريحة قليلة"، ويجذب في المقام الأول جماهير متعلمة جيدًا.
وحمل التقرير في الوقت نفسه، بعض الأخبار الجيدة للعاملين بحرفة الأخبار من الصحفيين.
فقد كشف عن وجود قدر لا بأس من الشكوك حيال الذكاء الاصطناعي وعهد المهام له بفاعلية في إعداد التقارير والقصص الإخبارية لاسيما الصعبة منها التي تعالج أمور السياسة أو الحرب.
وخلص إلى أن الذكاء الاصطناعي بوسعه أن تكون الأداة التي تدخل "مزيدا من الراحة للظروف والمهام الصحفية التي تجري في الكواليس مثل النسخ والترجمة، و لدعم الصحفيين في عملهم بدلا من أن يحل كبديل لهؤلاء".