فبعد ثلاثة أشهر من انتفاضة الشعب السوري، هل هناك ما هو ملتبس بالنسبة للمثقفين؟
الملتبس هو أنتم، بمواقفكم الملتبسة، وبخوفكم الملتبس، وبحججكم الملتبسة كذلك.
فمن موقف لننتظر ونرَ، إلى موقف لنرَ جدية النظام لتطبيق الإصلاحات، إلى موقف نعم يوجد سلفيون، إلى موقف الخوف على سورية من حركة شعب بدون قيادات، إلى موقف لن أشارك في مظاهرة تخرج من جامع، إلى موقف الوقوف على الرصيف ومراقبة ما يجري، إلى موقف لن أسمح للعرعور بأن يقود البلد....
والسلسلة تزيد وتزيد لتبرر عدم اندماج المثقفين بحركة الشارع التي طالما دعوا إليها ونظروا بضرورتها، كما نظروا بضرورة التغيير ، ودور الشعوب في الحراك، وكأن حراكهم في السابق لم يكن لينجح بسبب اعتكاف الشعب وعدم تبنيه لقضيتهم العادلة بتغيير النظام!!
'وإن كنت في السابق وجهت دعوة للمثقفين أن (شاركوا في التغيير كي يشبهكم هذا التغيير)، أشعر اليوم بفقدان الأمل منهم كلياً، ولا أجد عذراً لهم في هذا الخوف والارتباك سوى العجز الطبيعي للمثقف عن اللحاق بحركة الشارع.
لماذا اليوم يبدو المثقف السوري مرتبكاً ومتنصلاً من حراك الشعب؟ هل اكتشف فجأة أن الصورة الرومانسية عن الثورة والشعب التي قرأ عنها كثيراً في أدبيات الثورات، تختلف كثيراً عن الشارع الذي يراه اليوم أمام عينيه؟
نعم فالشعب ليس صورة رومانسية لامرأة تشهر صدرها وترفع يدها بالراية في وجه الظلم بينما الشعب يندفع باتجاه القصر، كما صورها فنانو القرن الثامن عشر عن الثورة الفرنسية، وليست ذلك العامل الذي يشهر إصبعه في وجه المشاهد ليقول له هل شاركت أنت؟ كما صورتها أدبيات الحزب الشيوعي السوفييتي في لوحات ملأت الجدران خلال العقود الماضية.
الثورة اليوم تشبه أبناء هذا الشعب بكل ما فيه من بلاو ٍ ونواقص قد لا تعجبكم، فلا داعي لإيجاد مبررات عدم المشاركة فيها، ولا داعي لإيجاد مبررات للانتقاص منها ومن شعبيتها..
هي الثورة المعبرة عن الشعب السوري رغبتم في هذا أم لم ترغبوا، فإما أن تشاركوا في هذا الحراك، أو سيلفظكم الحراك بطريقة لا رجعة فيها..
'ما نراه اليوم هو سقوط أخلاقي مدو للمثقف السوري الذي يحسبها جيداً، وقد يكون تعود على حسابها جيداً خلال زمن القمع والاستبداد، واليوم حيث لا داعي للحسابات تراه يفلسف الحراك والثورة ويجد المبررات لعدم المشاركة. وهنا لا بد من التساؤل المشروع:
كيف يمكن القبول بالقتل من قبل نظام القمع والارهاب الذي كنت تناضل ضده خلال السنوات الماضية؟
وكيف يستريح ضميرك وأنت تحصي ما تجاوز الـ 1500 شهيد، و13000 معتقل و51 طفلا ً استشهدوا على يد النظام الأمني؟
كيف يرتاح ضميرك لمساندتك نظاماً لا مشكلة لديه بإرسال الطائرات والدبابات ضد المدن السورية بينما يرسل الشعب للحدود مع العدو كي يقتل بكل بساطة؟
كيف تبرر وقوفك مع نظام اعتقل طائفة بأكملها لمصالحه وللدفاع عن هذه المصالح، بحجة دفاع الأقليات عن وجودها؟
كيف تبرر وقوفك للدفاع عن النظام الأمني الذي قمعك لعشرات السنين، ويريد اليوم الاحتماء بطهارتك بوجه الشعب؟
'أسئلة كثيرة لا أجد لها جواباً سوى: إنه السقوط الأخلاقي للمثقف السوري المعارض في معادلة الثورة الحقيقية وهو ما أراه وجهاً آخر للخوف من مجريات ثورة ما فتئت تطالب بحدوثها وتنصلت منها حين قامت...
' (لا أظن أن هناك داعياً للتنويه إلى أنني لا اشمل 'جميع المثقفين المعارضين هنا، لأن هناك منهم من لم يفكر مرتين عندما اختار الوقوف إلى جانب الشعب وثورته)....
------------------
كاتبة من سورية
الملتبس هو أنتم، بمواقفكم الملتبسة، وبخوفكم الملتبس، وبحججكم الملتبسة كذلك.
فمن موقف لننتظر ونرَ، إلى موقف لنرَ جدية النظام لتطبيق الإصلاحات، إلى موقف نعم يوجد سلفيون، إلى موقف الخوف على سورية من حركة شعب بدون قيادات، إلى موقف لن أشارك في مظاهرة تخرج من جامع، إلى موقف الوقوف على الرصيف ومراقبة ما يجري، إلى موقف لن أسمح للعرعور بأن يقود البلد....
والسلسلة تزيد وتزيد لتبرر عدم اندماج المثقفين بحركة الشارع التي طالما دعوا إليها ونظروا بضرورتها، كما نظروا بضرورة التغيير ، ودور الشعوب في الحراك، وكأن حراكهم في السابق لم يكن لينجح بسبب اعتكاف الشعب وعدم تبنيه لقضيتهم العادلة بتغيير النظام!!
'وإن كنت في السابق وجهت دعوة للمثقفين أن (شاركوا في التغيير كي يشبهكم هذا التغيير)، أشعر اليوم بفقدان الأمل منهم كلياً، ولا أجد عذراً لهم في هذا الخوف والارتباك سوى العجز الطبيعي للمثقف عن اللحاق بحركة الشارع.
لماذا اليوم يبدو المثقف السوري مرتبكاً ومتنصلاً من حراك الشعب؟ هل اكتشف فجأة أن الصورة الرومانسية عن الثورة والشعب التي قرأ عنها كثيراً في أدبيات الثورات، تختلف كثيراً عن الشارع الذي يراه اليوم أمام عينيه؟
نعم فالشعب ليس صورة رومانسية لامرأة تشهر صدرها وترفع يدها بالراية في وجه الظلم بينما الشعب يندفع باتجاه القصر، كما صورها فنانو القرن الثامن عشر عن الثورة الفرنسية، وليست ذلك العامل الذي يشهر إصبعه في وجه المشاهد ليقول له هل شاركت أنت؟ كما صورتها أدبيات الحزب الشيوعي السوفييتي في لوحات ملأت الجدران خلال العقود الماضية.
الثورة اليوم تشبه أبناء هذا الشعب بكل ما فيه من بلاو ٍ ونواقص قد لا تعجبكم، فلا داعي لإيجاد مبررات عدم المشاركة فيها، ولا داعي لإيجاد مبررات للانتقاص منها ومن شعبيتها..
هي الثورة المعبرة عن الشعب السوري رغبتم في هذا أم لم ترغبوا، فإما أن تشاركوا في هذا الحراك، أو سيلفظكم الحراك بطريقة لا رجعة فيها..
'ما نراه اليوم هو سقوط أخلاقي مدو للمثقف السوري الذي يحسبها جيداً، وقد يكون تعود على حسابها جيداً خلال زمن القمع والاستبداد، واليوم حيث لا داعي للحسابات تراه يفلسف الحراك والثورة ويجد المبررات لعدم المشاركة. وهنا لا بد من التساؤل المشروع:
كيف يمكن القبول بالقتل من قبل نظام القمع والارهاب الذي كنت تناضل ضده خلال السنوات الماضية؟
وكيف يستريح ضميرك وأنت تحصي ما تجاوز الـ 1500 شهيد، و13000 معتقل و51 طفلا ً استشهدوا على يد النظام الأمني؟
كيف يرتاح ضميرك لمساندتك نظاماً لا مشكلة لديه بإرسال الطائرات والدبابات ضد المدن السورية بينما يرسل الشعب للحدود مع العدو كي يقتل بكل بساطة؟
كيف تبرر وقوفك مع نظام اعتقل طائفة بأكملها لمصالحه وللدفاع عن هذه المصالح، بحجة دفاع الأقليات عن وجودها؟
كيف تبرر وقوفك للدفاع عن النظام الأمني الذي قمعك لعشرات السنين، ويريد اليوم الاحتماء بطهارتك بوجه الشعب؟
'أسئلة كثيرة لا أجد لها جواباً سوى: إنه السقوط الأخلاقي للمثقف السوري المعارض في معادلة الثورة الحقيقية وهو ما أراه وجهاً آخر للخوف من مجريات ثورة ما فتئت تطالب بحدوثها وتنصلت منها حين قامت...
' (لا أظن أن هناك داعياً للتنويه إلى أنني لا اشمل 'جميع المثقفين المعارضين هنا، لأن هناك منهم من لم يفكر مرتين عندما اختار الوقوف إلى جانب الشعب وثورته)....
------------------
كاتبة من سورية