وتولّى العلي رئاسة فرع الأمن العسكري في محافظتي درعا والسويداء عام 2018 خلفاً للعميد وفيق ناصر. وقد أهّله ذلك لممارسة دور هام في إدارة ملف التسوية في درعا. حيث أكّدت العديد من المصادر من عاملين في اللجان المركزية وفي اللواء الثامن في المحافظة، ومع قادة سابقين في الفصائل المحلية، حضور لؤي العلي في معظم الاجتماعات التي أجراها قادة الفصائل مع السلطات السورية لتطبيق اتفاقية التسوية والمصالحة، وما بعدها.
ولفتت المصادر إلى أنّ حضوره كان دائماً فاعلاً، على الرغم من وجود رئيس اللجنة الأمنية – التي يُعتبر العلي أحد أعضائها – إلاّ أنّ الدور الأكبر كان له في طرح مختلف النقاط، ثم في تنفيذها، وقد تميّز لاحقاً بتنسيقه لضمّ المجموعات المحلية كل على حدة إلى جهاز الأمن العسكري، وقد اعتمد في ذلك، من خلال إنشاء مفارز أمنية تابعة للأمن العسكري في المدن والبلدات، وجميع مكوناتها من فصائل التسوية، فضلاً عن تنسيقه مع قادة اللجان المركزية، وتبعية اللواء الثامن الفصيل المحلي الأكبر عدداً في المحافظة للفرع الذي يرأسه.
وقد سعى العلي إلى الهيمنة على أدوار اللجان المركزية المسؤولة عن مراقبة تنفيذ اتفاق التسوية في درعا. ويُعتبر محمد فريد البردان هو المندوب المسؤول عن تنسيق العلاقة بين الأمن العسكري واللجان المركزية. غير أنّ هذه النقطة لا تزال محل تجاذب بين الجهات المختلفة في درعا، حيث تعتبر بعض الأطراف أنّ ما تقوم به اللجنة المركزية صادر عن قناعاتها ولا علاقة للأمن العسكري بها. ويشر هؤلاء إلى أنّ اللجنة العسكرية هي من حمت الريف الغربي في درعا من دخول الميليشيات الإيرانية بعد مغادرة معظم الفصائل وقادتها إلى الشمال السوري.
علاقات متشابكة
وأشارت الدراسة السابقة بشكل خاص، إلى طبيعة العلاقة بين الأمن العسكري في درعا واللواء الثامن بقيادة أحمد العودة. حيث أكّدت على أنّ العلاقة مع قادة اللواء الثامن في المنطقة الشرقية والشمالية هي أمر لا يخفيه القادة والعاملون حتى في اللواء، حيث يتبع التشكيل رسمياً لجهاز الأمن العسكري الذي يرأسه لؤي العلي، وهناك اجتماعات دورية وعلاقة – توصف بالمميزة – بين قادة اللواء الثامن، وعلى رأسهم علي باش مع العلي.
وأضافت الدراسة بأنّ معظم عناصر اللواء الثامن غير راضين عن التنسيق مع الأجهزة الأمنية، ولكنهم يقولون إنّه "شرّ لا بدّ منه" في ظل تخلّي الجميع عن سوريا والملف السوري ووقوفهم مع النظام السوري، وأضاف بأنّ وجود اللواء الثامن كقوة ضرورية لحماية الأهالي وإرساء الأمن في المنطقة وحمايتها.
وتُوجّه إلى العلي اتهامات كثيرة بخصوص طريقة إدارته للملف الأمني في درعا، حيث يُحمّل المسؤولية عن قرار حصار أحياء عدة في المحافظة عام 2021، حيث هدّد لؤي العلي وقتها بقصف درعا البلد والمسجد العمري (كونه يشكّل رمزاً لأهالي درعا) وطالب أعضاء اللجنة المركزية – قبل حلّها – والوجهاء، بالرضوخ لمطالب اللجنة الأمنية التي طالبت هي وضباط من الشرطة العسكرية الروسية حينها، بتسليم أسلحة وتثبيت نقاط عسكرية جديدة وإجراء تسويات للمطلوبين في درعا البلد.
غير أنّ الموالين يدافعون عن العلي بأنّه ينفّذ سياسة رسمية، وأنّ هذه السياسة أسفرت خلال السنوات الماضية عن "نتائج إيجابية" قد يكون أهمها مقتل خليفة "داعش" أبو الحسن الهاشمي، الذي تنازعت المسؤولية عن مقتله جهات مختلفة منها الجيش السوري، في حين أعلنت واشنطن أنّ "الجيش الحر" هو من قتله.
اتهامات واسعة
وبالرغم من الدور الذي يقوم به العلي في ملاحقة خلايا "داعش" وتصفية الكثير منها من خلال عمليات أمنية كبيرة أدّت إلى محاصرة بعض المناطق في درعا، فإنّ الاتهامات بالتنسيق مع التنظيم لا تزال تلاحق المسؤول الأمني.
وفي هذا السياق، كشفت "درعا 24" في تقارير سابقة عن اليد الضالعة للأجهزة الأمنية في إيجاد أو تسهيل إيجاد تنظيم "داعش" في المنطقة الجنوبية. وكشفت تلك التقارير، أنّ العديد من رؤوس وعناصر التنظيم، تمّ الإفراج عنهم بعد العام 2018 من قِبل الأجهزة الأمنية، بعد اتفاقيات معهم، وتسهيل تحركاتهم، لتنفيذ اغتيالات لصالح ضباط الأجهزة الأمنية، ولا سيما العميد العلي، أو على الأقل إشعال حرب في المنطقة بين "داعش" والفصائل المحلية.
كذلك أشارت التقارير إلى تسهيل وصول أمراء وعناصر التنظيم للمحافظة، قادمين من الشمال السوري ومن بادية السويداء، التي كانت معقلاً لـ"داعش".
ولم يقتصر دور العلي في الجنوب على محافظة درعا، بل كان له دور في المحافظة الجارة، السويداء، حيث وجّه العلي في كانون الثاني (يناير) 2021، إهانة لشيخ الطائفة الدرزية حكمت الهجري، وهي الخطوة التي يعتبرها كثير من المراقبين بمثابة الشرارة التي أدّت في صيف العام الماضي إلى اندلاع احتجاجات السويداء التي لا تزال مستمرة منذ حوالى 6 أشهر.
وفي أواخر شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، أكّدت مصادر سورية معارضة تعرّض العلي لإصابات طفيفة نتيجة قصف إسرائيلي طال حي المطار في درعا.
وفي شهر أيار (مايو) من العام الماضي، تعرّض لؤي العلي لمحاولة اغتيال على طريق "المجبل" الواصل بين بلدة "خربة غزالة" ومدينة درعا، بـ3 عبوات ناسفة مزروعة على جانب الطريق.
تاريخ حافل
ويتحدر العميد لؤي العلي من محافظة طرطوس، وانخرط في السلك الأمني وتدرّج في المناصب، حيث عمل في قسم الأمن العسكري في نوى برتبة ملازم، وكان يتبع لفرع المخابرات العسكرية في السويداء، ثم نُقل إلى قسم الأمن العسكري في إزرع برتبة نقيب، وخدم بعد ذلك في قسم الأمن العسكري في الصنمين ودرعا برتبة مقدّم، وفق موقع "مع العدالة" المتخصّص بتوثيق انتهاكات شخصيّات سورية.
وفي عام 2011، رُفع إلى رتبة عقيد، وتمّ تعيينه رئيساً لقسم الأمن العسكري في درعا بعد خضوعه لدورة عسكرية في السودان، حيث اعتمد عليه النظام في إدارة الملف الأمني بالمحافظة.
وورد اسم العلي في تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في حزيران (يونيو) 2011 والمعنون تحت اسم "لم نرَ مثل هذا الرعب من قبل"، حيث اتُهم بالاشتراك في ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية في درعا، والقيام بعمليات القتل والتعذيب الممنهجة من قِبل القوات التي اقتحمت درعا، حيث أشرف على كافة العمليات التي قام بها عناصر قسم المخابرات العسكرية في درعا.