نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

إيران وتجرّع كأس السم

30/10/2024 - هدى الحسيني

كيف صارت إيران الحلقة الأضعف؟

23/10/2024 - مروان قبلان

الأسد والقفز بين القوارب

20/10/2024 - صبا مدور

هل ستطول الحرب الإسرائيلية نظام الأسد؟

20/10/2024 - العقيد عبد الجبار عكيدي


قطر: من الرجعية الى المرجعية




فتح نجاح قطر في استضافة مونديال 2022 جروحا عميقة في نفوس بعض العرب، تبددت الابتسامات والتهاني بسرعة، وما لبست مشاعر الغيرة والغيظ أن تبدّت من خلال آلاف التعليقات لشباب عرب على المواقع الاجتماعية على الشبكة العنكبوتية كالفيس بوك، وفي كثير من المنتديات العربية الأخرى التي نشرت الخبر.


العنوان كان غالبا هو ((مبروك لقطر)) لكن التعليقات عكست عاصفة من المشاعر عصفت بغبار المجاملات لتكشف عمق الجروح والقروح الخافية وخاصة في نفوس أبناء منظومة دول ((الطوق)) ثم دول مغرب الشمس العربية.. دول الطوق التي عاش أبناؤها حلم التقدم والازدهار والديموقراطية والسبق، تلك الدول التي أرسلت أبناءها معلمين وأطباء ومهندسين وعمال ومزارعين ليعلّموا أهل الخليج ألف باء الحضارة والتنوير.. سنوات قليلة تفصلنا عن الزمن الذي كان يظن بها ابن النيل وابن الفرات أنه المرشد والمعلم لابن الخليج.. تلاطمت المياه، وتداخلت أمواج البحار والأنهار، فقدت الأنهار عذوبتها، وقامت محطات المياه بتحلية مياه الخليج، المال والتكنولوجيا.. وارادة الانسان.

كنا هنا نشعر بالقيادة والريادة، وطالما احتد الخلاف بين الشاميين والعراقيين والمصريين على الهيمنة على هذه المنطقة واستغلال نفوذ جالياتها فيها لصالح التوجه السياسي والاقتصادي لبلدان الطوق.
كبرت دول الخليج وشبّت عن الطوق، في غفلة عن دول (الطوق) التي شابت بمشاكلها الداخلية، وارتأت أن من حقها فرض أتاوة على بلدان النفط العربي، باسم الأخوة والعروبة مرة، ومرة بدل حماية من ايران أو من اسرائيل، أو حتى بدل الأيادي البيضاء التي تبني وتزرع في تلك البلدان.

لم تقصّر دول النفط بدفع الفواتير المستحقة لأخواتها العربيات، شربت مصر حتى ثملت ولم تشبع ولم تقنع، ففضل السادات مساعدات واضحة القيمة من الغرب الأمريكي على مساعدات الأخوة المذلة، حسب زعمه، اذا طالما عيّره الأعراب بقائد ركب الشحاتة! والعراق العظيم استثمر نفط الخليج ليروي أرض العراق من دم الايرانيين والعراقيين ولم يصح صدام الا على مقصلة الاعدام! وفي سورية كانت مبادئ الوفاء للحليف الايراني فوق كل المساومات، وانشغل السوري ببناء دولة لبنانية على هواه فهوت الدولة وانسحب الجيش وتقلص النفوذ وتراجعت الهبات الخليجية.

دول الخليج التي تشعر ضمنيا أن العالم كله يناصبها العداء، عملت دائما على شراء الحلفاء، وعرف قادة هذه الدول كيف يجعلون الحرائق تشتعل في كل مكان بعيدا عنهم وبعيدا عن مصالحهم. كثير من هذه الحروب كان نفط الخليج وقودها، وأموال الخليج تمولها ونهج الخليج يسعرها، نيران أحرقت كل شيء الا الخليج والخليجيين، ثلاث حروب في الخليج والخليج ينتقل من عمار لعمار، ثلاث حروب يشعلها ويمولها الخليجي في الخليج والنار تلفحه ولا تشويه..
تشوهت الحقائق على الأرض، وانقلبت المفاهيم، وظهر زعماء الخليج الذين كانوا دائما عنوانا للتخلف والجهل والرجعية، ظهروا بمثابة قادة التنوير والتحرر، بل أصبحوا أساتذة في استقدام التكنولوجيا واستخدامها في بلدانهم. وظهر القائد الخليجي أمام شعبه وأمام العالم بمظهر قائد دفة التغيير، وسبق قادة الخليج شعوبهم نحو الحرية والديموقراطية، وعمل القادة أكثر مما تطلب شعوبهم في مجال تحرير المرأة وتمكينها.
بينما انعكست المسيرة على الجبهة الأخرى في دول المغرب العربي وفي دول الطوق، تراجع للدور الشعبي في ظل أنظمة أكثر محافظة من الأنظمة الخليجية، تراجعت حقوق الانسان وتردت أوضاع النساء، وانهارت المنظومة التربوية، وتحت عنوان ((الخصوصية)) المحلية تحجرت العقول وتكلست الأفكار.
سيطر المحافظون على مقاليد الفكر والعلم والاعلام، وتراجع الاقتصاد وتبخرت الطبقة الوسطى.. يرى البعض أن سورية عندها حالة استنفار دائمة ضد العدو الغاشم.. طيب لو سلمنا بهذا؟ فماذا لدى مصر والأردن والمغرب والجزائر من المبررات؟ بكل الأحوال نستطيع أن نستمر بتراجعنا وتقهقرنا.. وما أسهل ايجاد المبررات حين نكون راغبين بتصديق ما لا يصدق وتبرير ما لا يبرر!

قطر اليوم توقظ عرب الخطابات والشعارات وشعوب الممانعة والمقاومة على حقيقة مرة، دولة صغيرة بمساحتها، صغيرة بتعدادها، صغيرة بتاريخها، تعلن ريادتها في مجال الاعلام (قناة الجزيرة) وريادتها في مجال الرياضة (مونديال 2022) وريادتها في مجال العلاقات الدولية ( أصبحت مقرا دائما لمؤتمرات الصلح والمصالحة العربية)، تقيم علاقات مع اسرائيل، ويدها اليمنى في يد الدولة العربية الأكثر ممانعة، بل وتدعم المقاومة بيسراها!! صراع الثالوث العربي سورية – مصر- السعودية على تبوأ كرسي الزعامة العربية كلف هذا الثالوث كثيرا، وصراع المغرب وليبيا والجزائر وتونس على حصاد الهشيم في مغرب الشمس العربية أغرقهم في رمال الخيبات المستمرة.. في حين استطاعت قطر وسلطنة عمان والامارات العربية المتحدة أن تبني زعامتها من الداخل، عندما تكون قويا سيتبعك الآخرون وسيستظلون بظلك دون الحاجة لأن تفرض عليهم ايديولوجيتك أو نفوذك.. هل يستفيد العرب من تجربة قطر، أم أننا سنكتفي بمناكفتها والغيرة والحسد، ثم التآمر عليها كي ترجع لصف الرجعية والتخلف كي لا يكون لعربي فضل على عربي لا بجزيرة ولا حتى بجزرة؟
----------------------------------
جدار الاليكترونية

يوسف سلامة سلامة
السبت 4 ديسمبر 2010