نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


عقابيل الاتفاق السعودي-الإيراني ومآلاته





استشعرت المملكة العربية السعودية ودول المنطقة العربية عامّة خَطر المشروع الإيراني وتناغمه وتنسيقه مع جهات خارجية إقليمياً؛ كما أنها عانت من تمدد أذرعه التدميرية إلى نسيج الإقليم المحيط بسياستها الخارجية الهادئة، وبثقلها المادي، وبعلاقتها مع الغرب، سعت السعودية إلى الضغط غير المباشر على ذلك المشروع الخبيث توقّياً للمواجهة؛ كما جرّبت سياسة الاحتواء؛ وصولاً إلى خلق أذرع سياسية غير ميليشياوية مضادة لمفاعيل مشروع الملالي وعقابيله. ولسوء طالعها، أتت مقارباتها تلك في ظل صف عربي مبعثر، تتغلغل إيران في بعض ثناياه.



بعد أربعة عقود من تذبذب العلاقات إياها بين خريف، وربيع، وجليد، واعتدال، وتذبذب، ونار؛ وبعد جملة من المحاولات والخيبات والانفراجات والانتكاسات؛ وبعد لقاءات امتدت من البحرين، إلى أوروبا، إلى العراق، ثم إلى الصين؛ توصل الطرفان السعودي والإيراني أخيراً إلى اتفاق تم توقيعه برعاية صينية منذ أكثر من شهرين.
لم تكن بنود الاتفاق بذلك الوضوح؛ ولكنَّ الجانبين اتفقا على تبادل العلاقات الدبلوماسية خلال شهرين، بعد مقاطعة دامت سنوات. كان البند الأهم المعلَن في ذلك الاتفاق- والذي اعتُقد أنه يخصُّ أذرع إيران التي تمتد إلى محيطها، والعبث فيه- هو “عدم جواز التدخل في شؤون الدول الأخرى”؛ حيث بدا أن ذلك البند يخصّ إيران شكلاً ومضموناً.
بعد الاتفاق، تطورت الأحداث السياسية في المنطقة بشكل دراماتيكي؛ وأُطلِقَت وعود وتباشير بانفراجات ترافقت مع حملة إعلامية تهلل لخرق عظيم؛ واعتَبَرَ كل فريق أنه انتصر على الآخر، محققاً ما يريد، ومانعاً الفريق الآخر من الاستمرار في نهجه أو فيما يريد. وكان زخم ذلك إعلامياً أكبر بكثير على الضفة الإيرانية.
في المنجزات على صعيد الخطاب الإعلامي المتبادل الحامل عادةً لرسائل سلبية متبادلة، لوحظ غياب خطاب الشيطنة المتبادلة. وفي المنجزات الدبلوماسية، اتفق الطرفان على تبادل السفراء خلال شهرين من تاريخ التوقيع؛ ولكن حتى اللحظة، يكاد الشهر الرابع أن يحلّ، وتبقى الخطوة مجرد إعلان.
وفي الجانب الأهم، وخاصة للسعودية، وإذا كان كفُّ شر الذراع الإيراني في اليمن على رأس أولوياتها في هذا الاتفاق، فإن الحوثي لا زال متمترساً لساناً وسلاحاً، رغم الإرهاصات التوافقية التي تدور في مكانها. أما في سورية، فبدلاً من أن نرى انحساراً للتدخل الإيراني، فقد شهدنا دفعاً مقدَّماً سعودياً وعربياً في احتضان ذراع إيران الأسدي، لا وقفاً للتغوّل الإيراني في سورية كما أوحى ما رشح؛ حيث عكس ذلك تجلّى بوضوح في زيارة الرئيس الإيراني لسورية كي يطمئن على واليه في دمشق بعد الاتفاق السعودي-الإيراني وقبيل “القمة العربية”.
الأمر ذاته نشهده في لبنان عبر الاستعراضات العسكرية الميليشياوية لذراع إيران المتمثل بحزب الله وهيمنته على لبنان، ويحدث الشيء ذاته في العراق؛ حيث تستمر إيران بالسيطرة المطلقة على العراق اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً.
من عقابيل ذلك الاتفاق وما تبعه من خطوات التطبيع مع منظومة الاستبداد الأسدية “درة المشروع الإيراني في المنطقة” كان إحداث شروخ في المجتمعات العربية بين مدافعين عن الخطوة السعودية، وداعين لوجوب حصار نظام الاستبداد ومحاسبته على جرائم قلّ نظيرها بحق الشعب العربي السوري.
وفي تجليات ذلك التوجه أيضاً، نشهد مفاقمة أزمة اللاجئين السوريين في دول الجوار السوري؛ حيث جعلتهم المبادرات العربية وبياناتها المدخل المشبوه للتطبيع، لتجد قوى مبرمَجة في دول اللجوء السوري وغيرها تضغط باتجاه إعادتهم لحتفهم المحتّم.
ويبقى الأخطر في كل ما حدث، على أية حال، الإحساس الإيراني بشرعنة احتلالها لأربع عواصم عربية. زد عليه الإحساس الشعبي العربي العام أن هناك استرضاءً لإيران وأذرعها، بدلاً من أن يكون اقتلاعاً لها من الأرض العربية. والأمر الذي دلّ على ذلك أتى في الكلمة الاستعلائية المتغطرسة لذراع إيران في دمشق خلال قمة جدّة.
من جانب آخر، هناك مَن يرى أنه على الرغم من تصنيف كل ما ذُكِر أعلاه في خانة التعثُّر في خطوات التوافق، إلا أنه يشكل فضحاً للجهة المعرقِلَة لأي حلول أو انفراجات في المنطقة؛ وهذا ما سيحاصرها أكثر، ويفاقم مأزومياتها وعزلتها، ويساهم بوقف مشروعها الخبيث المهدد للمنطقة.
ومن هنا، إذا كان الهدف السعودي الأكبر والخفيّ يهدف إلى نسف العلاقة الصينية – الإيرانية، عبر تثبيت عدم رغبة أو قدرة إيران على الالتزام بأي توافق، وفضحها عالمياً وتحديداً صينياً ككيان بلا موثوقية أو مصداقية؛ فتكون الخطوة السعودية، تجربة يُفَكَّرُ بها؛ إلا أن الكشف والانكشاف والانفضاح وصل حده، وخاصة أن ترجمة أي التزامات أو تعهدات إيرانية في الواقع وعلى الأرض تساوي صفراً حتى اللحظة.
ويبقى الجانب الأكثر فاعلية في تحقيق هذا الهدف السعودي (الذي ربما يكون خفياً) هو العجز الذي أضحى متأصلاً في نظام الأسد (الأهم بالنسبة لإيران)، غير القادر على تنفيذ أي التزام أو خطوة مطلوبة من الجانب السعودي أو العربي أو الدولي بحكم استلاب إرادته روسياً وإيرانياً، وبحكم العجز أمام الكبتاغون، وبحكم قوانين قيصر والكبتاغون والعقوبات التي يرزح تحتها؛ إضافة إلى وضع داخلي سوري متهتك ناتج عن استمرار منظومته. أي عقابيل أو مآلات ستحملها الأيام القادمة غير واضحة تماماً؛ لننتظر ونعتبر؛ وندعو أيضاً للتفكير برسالة اختطاف المواطن السعودي بين ولاية سورية وولاية لبنان.
------------
نداء بوست

 


د. يحيى العريضي
الاحد 4 يونيو 2023