نحن بحاجة لثورة ثقافية. لقد انتظرنا فترة طويلة لتقوم الحكومات والجيوش بتحقيق السلام والأمن لنا. يحدد الخوف وعدم الثقة واقعنا. الإسرائيليون والفلسطينيون الجيدون المحبي للسلام مقتنعون أنه لا يوجد شريك لهم في السلام. معظمهم غير واعين بحقيقة أن كل فلسطيني وإسرائيلي يحمل قدرة كبيرة على المساعدة على بناء الثقة وإيجاد روابط بشرية رغم الحواجز السياسية والاجتماعية التي تفصل بيننا الآن. من أجل مستقبلنا، يتوجب علينا إزالة الأمور التي فصلتنا وأبقتنا بعيدين عن بعضنا بعضاً لهذه الفترة الطويلة. هذه هي قوتنا.
برأيي أنه إذا استطعنا استخدام قوة الموسيقى للربط بين الموسيقيين الفلسطينيين والإسرائيليين الشباب في مضمون المجتمع الأكثر اتساعاً، أمكننا تحقيق النجاح في بناء الثقة بين الجماهير. قبل سنة، وضمن بعثة زمالة من MTV ومؤسسة جوائز فولبرايت التابعة لوزارة الخارجية الأميركية، عملْت على إيجاد مشروع اسمه "خفقة قلب في القدس: Heartbeat: Jerusalem. كان الهدف بحث قدرة الموسيقى على بناء الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال تشكيل مجموعة موسيقية من الموسيقيين الإسرائيليين والفلسطينيين في عمر المراهقة.
اجتمعت خلال فترة شهرين مع مدير كل معهد موسيقي ومدير مدرسة استطعت أن أجدهم. دعم معظمهم المشروع بحماسة، إلا أن بعض التربويين الفلسطينيين عارضوا بشكل عام وجود شباب فلسطينيين وإسرائيليين معاً على فرض أنهم متساوون. يخاف هؤلاء الفلسطينيين كبار السن من أن الجلوس مع "العدو" قد يعني أن الوضع الحالي جيد وعادي. وقد أخبروني، ضمن إصرارهم أن هذه البرامج سوف تتسبب بأذى أكثر بكثير من النتائج الحسنة، أن عملية "غسل دماغ" شبابهم لكي يحبوا الأعداء سوف تؤذي نضالهم الوطني وتطبّع العلاقة مع الاحتلال. إلا أن عكس ذلك هو الصحيح: الاستمرار في القتال والحقد هو التطبيع. حتى يتسنى إنهاء الاحتلال والإرهاب، وأن يعيش جميع أهل هذه الأرض بأمن وعدالة وحرية، يجب أن يثق كل من الطرفين بالآخر. في غياب الثقة المتبادلة فإن الخيار الوحيد هو القتال المزمن.
في كانون الأول/ديسمبر من العام 2007، قمت بالعزف أمام أكثر من خمسين إسرائيلياً وفلسطينياً من الموسيقيين المراهقين ضمن برنامج Heartbeat، وقمت باختيار اثني عشر طالباً من بينهم بناءً على قدراتهم الموسيقية وعلى رغبتهم في المشاركة مع الطرف الآخر وأن يكونوا صوتاً لمجتمعاتهم. التقت المجموعة في الفترة من كانون الثاني/يناير إلى حزيران/يونيو 2008 أسبوعياً في أستوديو خاص للتدريب في القدس. قام الطلبة، ببعض المساعدة من قبل فنانين إسرائيليين وفلسطينيين مهنيين بإيجاد خليط فريد من موسيقى الروك والهيب هوب والجاز والريفي والموسيقى الشرقية الكلاسيكية. كذلك عملنا، بمعونة من منسّقين اثنين، إسرائيلي وفلسطيني، نحو تحقيق توازن بين مجرد ترك الموسيقى تقود العملية، واستخدام حوار أكثر تقليدية ولغوية لإضافة عمق وفهم لتجربتهم. تساءل بعض الطلبة: "لماذا نتحدث في السياسة؟ لا يتغير شيء، بل ينتهي بنا المطاف إلى الذهاب إلى بيوتنا غاضبين من بعضنا بعضاً". أصروا على إبقاء التركيز على الموسيقى.
أثناء تصاعد العنف في غزة وسديروت والمجتمعات المحلية المجاورة، اجتمعت Heartbeat في شقتي. ظهرت النتائج المستقطبة للحدث جلية واضحة، إذ لم يحضر سوى ستة من الطلاب التدريب الأسبوعي. جلس كل من رون وسميرة وفؤاد على درج شقتي يؤلفون أغنية بدون كلمات، وقد جمعهم اللحن وقاد أداءهم انسياب الموسيقى، وذهبوا في غيبوبة شرق أوسطية حول موضوع الخلق. من خلال الإنصات لبعضهم بعضاً يرتجلون أغنية تتبع خطى التجربة الإنسانية عبر مواضيع ثلاث – الخليقة والحرب والسلام، قام هؤلاء المراهقين الثلاثة بتحطيم كل حاجز. بدأوا هنا يفعّلون أثرهم. القوة الفريدة لمشروع حوار موسيقي هو أن الموسيقى تستطيع الوصول أبعد من مجرد الغرفة التي تم تأليف تلك الموسيقى فيها. لا تستطيع الفرقة قياس إمكاناتها إلا من خلال مد تجربتها إلى المجتمع المحلي عبر الأداء العام أو الأغنية على أثير الإذاعة.
بعد كفاح استمر شهوراً لإيجاد موعد متفق عليه لأول حفل موسيقي لنا، اتفقنا على الحادي والعشرين من أيلول/سبتمبر، وهو اليوم العالمي للسلام الذي حددته الأمم المتحدة. في ذلك اليوم الذي أُحسن اختياره عقدت Heartbeat-القدس أول حفل موسيقي لها في جمعية الشبان المسيحية العالمية في القدس. قامت قنصلية الولايات المتحدة في القدس برعاية الحَدَث وجمعت معاً أكثر من ثلاثمائة فلسطيني وإسرائيلي وأناس من جنسيات عالمية أخرى يقيمون في القدس. قدك الموسيقيون خليطاً من البهجة والإثارة الحذرة والألم والإحباط والأمل العظيم للمشاهدين والحضور. بعد الحفل انضم جمهور اجتاحه الفرح والبهجة إلى الموسيقيين على المسرح، مع مجموعة من الصحفيين والمراسلين العالميين. أمر واحد كان واضحاً بالنسبة لي: ليست هذه سوى البداية.
برأيي أنه إذا استطعنا استخدام قوة الموسيقى للربط بين الموسيقيين الفلسطينيين والإسرائيليين الشباب في مضمون المجتمع الأكثر اتساعاً، أمكننا تحقيق النجاح في بناء الثقة بين الجماهير. قبل سنة، وضمن بعثة زمالة من MTV ومؤسسة جوائز فولبرايت التابعة لوزارة الخارجية الأميركية، عملْت على إيجاد مشروع اسمه "خفقة قلب في القدس: Heartbeat: Jerusalem. كان الهدف بحث قدرة الموسيقى على بناء الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين من خلال تشكيل مجموعة موسيقية من الموسيقيين الإسرائيليين والفلسطينيين في عمر المراهقة.
اجتمعت خلال فترة شهرين مع مدير كل معهد موسيقي ومدير مدرسة استطعت أن أجدهم. دعم معظمهم المشروع بحماسة، إلا أن بعض التربويين الفلسطينيين عارضوا بشكل عام وجود شباب فلسطينيين وإسرائيليين معاً على فرض أنهم متساوون. يخاف هؤلاء الفلسطينيين كبار السن من أن الجلوس مع "العدو" قد يعني أن الوضع الحالي جيد وعادي. وقد أخبروني، ضمن إصرارهم أن هذه البرامج سوف تتسبب بأذى أكثر بكثير من النتائج الحسنة، أن عملية "غسل دماغ" شبابهم لكي يحبوا الأعداء سوف تؤذي نضالهم الوطني وتطبّع العلاقة مع الاحتلال. إلا أن عكس ذلك هو الصحيح: الاستمرار في القتال والحقد هو التطبيع. حتى يتسنى إنهاء الاحتلال والإرهاب، وأن يعيش جميع أهل هذه الأرض بأمن وعدالة وحرية، يجب أن يثق كل من الطرفين بالآخر. في غياب الثقة المتبادلة فإن الخيار الوحيد هو القتال المزمن.
في كانون الأول/ديسمبر من العام 2007، قمت بالعزف أمام أكثر من خمسين إسرائيلياً وفلسطينياً من الموسيقيين المراهقين ضمن برنامج Heartbeat، وقمت باختيار اثني عشر طالباً من بينهم بناءً على قدراتهم الموسيقية وعلى رغبتهم في المشاركة مع الطرف الآخر وأن يكونوا صوتاً لمجتمعاتهم. التقت المجموعة في الفترة من كانون الثاني/يناير إلى حزيران/يونيو 2008 أسبوعياً في أستوديو خاص للتدريب في القدس. قام الطلبة، ببعض المساعدة من قبل فنانين إسرائيليين وفلسطينيين مهنيين بإيجاد خليط فريد من موسيقى الروك والهيب هوب والجاز والريفي والموسيقى الشرقية الكلاسيكية. كذلك عملنا، بمعونة من منسّقين اثنين، إسرائيلي وفلسطيني، نحو تحقيق توازن بين مجرد ترك الموسيقى تقود العملية، واستخدام حوار أكثر تقليدية ولغوية لإضافة عمق وفهم لتجربتهم. تساءل بعض الطلبة: "لماذا نتحدث في السياسة؟ لا يتغير شيء، بل ينتهي بنا المطاف إلى الذهاب إلى بيوتنا غاضبين من بعضنا بعضاً". أصروا على إبقاء التركيز على الموسيقى.
أثناء تصاعد العنف في غزة وسديروت والمجتمعات المحلية المجاورة، اجتمعت Heartbeat في شقتي. ظهرت النتائج المستقطبة للحدث جلية واضحة، إذ لم يحضر سوى ستة من الطلاب التدريب الأسبوعي. جلس كل من رون وسميرة وفؤاد على درج شقتي يؤلفون أغنية بدون كلمات، وقد جمعهم اللحن وقاد أداءهم انسياب الموسيقى، وذهبوا في غيبوبة شرق أوسطية حول موضوع الخلق. من خلال الإنصات لبعضهم بعضاً يرتجلون أغنية تتبع خطى التجربة الإنسانية عبر مواضيع ثلاث – الخليقة والحرب والسلام، قام هؤلاء المراهقين الثلاثة بتحطيم كل حاجز. بدأوا هنا يفعّلون أثرهم. القوة الفريدة لمشروع حوار موسيقي هو أن الموسيقى تستطيع الوصول أبعد من مجرد الغرفة التي تم تأليف تلك الموسيقى فيها. لا تستطيع الفرقة قياس إمكاناتها إلا من خلال مد تجربتها إلى المجتمع المحلي عبر الأداء العام أو الأغنية على أثير الإذاعة.
بعد كفاح استمر شهوراً لإيجاد موعد متفق عليه لأول حفل موسيقي لنا، اتفقنا على الحادي والعشرين من أيلول/سبتمبر، وهو اليوم العالمي للسلام الذي حددته الأمم المتحدة. في ذلك اليوم الذي أُحسن اختياره عقدت Heartbeat-القدس أول حفل موسيقي لها في جمعية الشبان المسيحية العالمية في القدس. قامت قنصلية الولايات المتحدة في القدس برعاية الحَدَث وجمعت معاً أكثر من ثلاثمائة فلسطيني وإسرائيلي وأناس من جنسيات عالمية أخرى يقيمون في القدس. قدك الموسيقيون خليطاً من البهجة والإثارة الحذرة والألم والإحباط والأمل العظيم للمشاهدين والحضور. بعد الحفل انضم جمهور اجتاحه الفرح والبهجة إلى الموسيقيين على المسرح، مع مجموعة من الصحفيين والمراسلين العالميين. أمر واحد كان واضحاً بالنسبة لي: ليست هذه سوى البداية.