نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

إيران وتجرّع كأس السم

30/10/2024 - هدى الحسيني

كيف صارت إيران الحلقة الأضعف؟

23/10/2024 - مروان قبلان

الأسد والقفز بين القوارب

20/10/2024 - صبا مدور

هل ستطول الحرب الإسرائيلية نظام الأسد؟

20/10/2024 - العقيد عبد الجبار عكيدي


سوريا ودرس تونس




هناك مثل عربي مشهور يردده العوام والخواص وهو (السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ به الناس) وهو مثل لم أجد ابلغ منه لأرسله رسالة إلى الحكام العرب ومستشاريهم ، خاصة وان السلاطين العرب لاتفيد معهم استشارة أو قول أو حكمة إلا إذا كانت امرأ أمريكيا أو صهيونيا أو وثيقة وكيليكسية .


على مقربة قليلة من الباب الغربي من سوق الحميدية كنت قبل مايقرب من عام أتمشى هناك ، ولفت أنظاري بائع علق بضاعته على لوحة خشبية استأجرها من صاحب محل مجاور لفندق هناك ، وهي عادة اعتاد عليها الشباب المتعطش للعمل والكسب في سورية التصحيح والثورة والصمود، وما كدت أختار بضعة أشياء احملها تذكارا لمدينة دمشق عشقي الأبدي حتى فوجئت بحركة غير اعتيادية ، فقد لاحظت مجموعة من العناصر المسلحة تنقض على البائع وتوسعه ضربا ثم تنهب بضاعته وتضعها في سيارة يقال أنها سيارة البلدية ، ولقد أثارني المشهد خاصة واني كنت احضر مؤتمرا للصمود ودعمه في عاصمة الصمود ، وحينها سألت صاحب البضاعة وكانت عيناه تنغمران بدموع الخيبة والحزن والقهر ، وهو منظر يقطع القلب ويكسر حنايا العظام فلقد سمعت من الضابط وهو برتبة ملازم أول من أنواع السباب والشتم ما تعجز عنه أسوأ العاهرات المدربات ، وحينها أجاب الشاب قسما بالله العظيم انه كان لن يتركه لولا أنه يعيل أمه المريضة وأسرة من أربعة أطفال لن يجدوا من يعيلهم فيما لو رد على ذلك الضابط السفيه ، وأقسم بعد ذلك أن حنق الضابط عليه كان لأنه رفض أن يدفع دية أسبوعية هي أربعة ليترات من الويسكي لذلك الضابط وقيمتها أكثر بكثير مما يتربحه في الأسبوع ، ثم كشف المسكين عن ظهره لأكتشف انه مصاب بكسر في الظهر وان حزاما طبيا هو من يساعده على الوقوف على رجليه ، وحينها حزنت حزنا اكبر بحجمه من الجبال حين علمت أن هذه الحالة هي وجبة يومية للبائعين المتجولين ، وأن دولة الصمود والتصدي هي بين أمرين إما ظالم أو مظلوم، والأسوأ لدي أني عرفت بعد ذلك أن هذا الفتى الذي أهين ويهان باستمرار كان سليل المجاهدين في منطقة جبل الزاوية ومنطقته هي التي أطلق أجداده منها الرصاصة الأولى ضد المحتل الفرنسي والذين أذاقوا الاحتلال الفرنسي مر الهزائم وكان سلاحهم لايزيد في غالب الأحيان عن عصا ، وفي نفس الوقت كان الضابط اللص والبذيء من بلدة في الساحل السوري اسمها القرداحة والتي خرج أهلها لاستقبال المحتل الفرنسي والتي كشفت وثائق الاحتلال الفرنسي عن وثيقة تؤكد وجود أسماء ستة شخصيات معتبرة منها ترحب بالاستعمار الفرنسي وتطلب دوامه ، وأحد أبناء الموقعين على الوثيقة أصبح في يوم من الأيام رئيسا للدولة في سورية والتي أبعد عن ساحاتها كل الأسماء الوطنية بعد الانقلابات المتعددة والتي تركت سورية تحت رحمة حزب لا يختلف عن حزب الرئيس الهارب "شين تونس" والذي عمل على تجنيد المرتزفة من أجل التصفيق لرئيس الدولة وتعليق اليافطات الكبيرة والتي تحمل صورته والى جانبها كلمة (منحبك) بالعامية السورية أي نحبك يا فخامة الرئيس ، ومن في دولة الصمود والتصدي والحرية يتجرأ على البوح بغير ذلك وأجهزة الأمن تتربص به وبأهله ، وقادة الأجهزة الأمنية مستعدون لتقطيع أوصال من يفكر قلبه يوما ما بالتسبيح بغير الرب الحاكم والذي لايظهر إلا مبتسما كعادة شقيقه الرئيس التونسي الهارب والذي تبين انه من اكبر اللصوص وأعتى المجرمين ، والذي كان يعتبر نفسه إلهاً يمشي على الأرض بعد أن أزاح عن تونس وجهها العربي والإسلامي وأصبح وجهها هو وجه الحاكم الأوحد ، وصارت أسماء أقاربه وهم عصابة مافيا منظمة أسماء طغت على الساحة ، ونسي طاغوت تونس أن هناك ربا اسمه الملك الجبار ، والذي تركه لاجئا تلفظه الأمم ، وتبصق عليه الشعوب ، ومطاردا من نظام جديد بث الله فيهم بعضا من قوته ، فأعاد إليهم الحياة والشباب ، وهي أمور لايدركها أبدا من جلس على كرسي السلطة حيث تقدم الأجهزة الأمنية نظامها على انه الأفضل ، كما يقدم المنافقون قصائد الشعر على انه الأفضل والأنفع للبشرية ، لينتهي به الحال انه يعترف انه كان مخطئا ومخدوعا بعد ثلاثين عاما من الظلم وسرقة الثورة من أبنائها والعمل خدما لتثبيت حكم آل صهيون .



إن أسرة بن علي الفاسدة ليست اقل فسادا من الأسرة الحاكمة حول طبيب العيون فخامة رئيس الدولة ، واهم أسماء هذه العصابة يعرفها القاصي والداني ، بل وان قوتها على المستوى العربي والعالمي يحسب له ألف حساب ، لأنهم شركاء لعدد من الأمراء والشيوخ في سرقة أموال الأمة ، ولم يترك للأمة من ثرواتها شيئا ـ فالثروات تذهب لحسابات الحاكم العربي ، ويتولى المقربون تقطيع المساحات الاقتصادية إلى نفوذ متعدد لجباية الأموال ، ويجبر السكان على النزوح هربا للعمل خدما لدى الأمم الأخرى ثم يعودون بالمال ليجدوا أجهزة الأمن تتربص بهم ، حيث يقف مختصوا أجهزة الأمن سائلين: ماذا جلبت لنا من خارج البلاد؟؟؟؟؟؟؟ .



إن رامي مخلوف وأباه وأسرته ، وماهر الأسد ومجموعته ، وآصف شوكت وزبانيته ، وآل الأخرس وأذيالهم ، والبختيان وأعوانهم ، والعطري ومن حوله ، والى جانبهم أجهزة الأمن التي لايتورع قادتها من أمثال ثلة من المجرمين وعلى رأسهم مجموعة من أصول ايرانية حملت الحقد الأسود لشعب سورية ، لاتتورع عن تقطيع أطراف المعتقلين بالفأس أو البلطة كالجنرال مملوك وبختيار وخليل ، وان الظلم الذي يفرضه هذا النظام هو اشد من ظلم بن علي ، ولكن آلة إعلام الصمود أقوى من الإعلام المدافع عن بن علي ، إضافة إلى أن عشرات المليارات يسخر بعضها لتحسين صورتكم وهي الأموال التي تسرق مباشرة من بيع البترول والغاز والفوسفات والتي لاتعرف أرقامها خزينة الدولة أبدا حيث يشاع أن البترول سينفذ في هذا البلد الغني بثرواته والتي تعتبر أهم ثالث اقتصاد بين الدول العربية وفقا لبيانات صندوق النقد الدولي، والشيء العجيب هو الدفاع المستمر عن هذا النظام الديكتاتوري الظالم والذي يتلقى الحماية من دولة مجاورة تتولى حراسة حدودها وتحت شعارات الصمود والتي هي أسوأ أنواع الإهانة والذل ، فلا يعقل أبدا أن نسمى بالصامدين ونحن نطرق على رؤوسنا كل يوم ، وكم تمنيت لو خرجوا من تلك التسميات الخانعة ، وقبلوا بالواقع وسموا أنفسهم بالحراس لدولة صهيون ، ولقد أوشك الاتحاد الأوروبي منذ بضعة سنوات على فرض الحصار على سورية ، وفوجئت بان من رفض فكرة الحصار هم الدولة المجاورة ، بل وان من وقف في وجه المجرم بوش من اجل وقف اجتياحها كان دولة صهيون نفسها فعن أي صمود يتحدث هؤلاء البلهاء ، إن ما على الأرض كتونس لاتختلف عنها أنظمة اللصوص في دمشق بشيء إلا اختلاف الأسماء والوجوه ، وان الثورة في سورية سرقها من استقبل المستعمر الفرنسي ، وان المسروق من تحول إلى عامل وأجير في بلد يكدح أبنائه ليسلم إنتاجه إلى عصابة امتلكت كل شيء ، وان من يؤيد هذا النظام ليس سوى جاهلا او منافقا أو من نفس الحزمة اللعينة التي سقط من أعوادها أول ساقط .



ليس غريبا أن تسكت الدول العربية حتى اليوم عن الثورة في تونس أو تأييدها ، وهو أمر غريب حقا وهم الذين يتسارعون في إرسال برقيات التهنئة قبل موعدها خشية أن لاتصل في الوقت المناسب ـ والأغرب حقا هو ذلك الإعلام العربي الرسمي المتحضر والذي لايغفل عن عرض أخبار الصراصير في الأمم الأخرى ، أما عندما يتعلق الأمر بثورة عارمة هي أم الثورات في العالم وعلى الطغيان من اللصوص العرب فان وزراء الإعلام والثقافة العربية يصابون بالغثيان خوفا من هبوب تلك الثورة أو الإصابة منها بالعدوى ، فالقحب دار العربي لايسعد بإخبار الثورات والحرية لأنه غارق حتى رأسه في الفساد وبين أفخاذ الغواني والعاهرات يمارس صموده الحر الشريف ويؤلمه كثيرا أن تغسل تونس الحرة عن أرضها بقايا عاهر تونس الراحل سبعا إحداهن بالتراب .



وسؤالي إلى السيد الرئيس في سورية وهو الطبيب المتخصص في العيون متى ستحس انك ابن الشعب وتغلق السجون أم انك ستحتاج إلى ثلاثين عاما من الحكم لكي تفهم يافخامة الرئيس ، وان ماوجدته في تونس وشاهدته لايعدل شيئا أمام هبة مفاجئة من أبناء الشعب السوري ، وأذكرك يافخامة الرئيس أن خمسة من الشباب في إحدى المدن تمكنوا يوما من منع التجول عام 1980 ، وكان فيها أكثر من ربع مليون من أنصار حزبك العتيد حالهم حال حزب التجمع الدستوري العتيد ، وما ارجوه هو أن تستخدم اختصاصك في طب العيون لاكتشاف أن الشعب بكامله يكره نظامك وانه أزف الوقت أن تصلح الأحوال أو تستعد لمصير مجهول يجعل اقرب المقربين إليك يلعن اليوم الذي تعرف فيه عليك ، فلقد أيقظت شعلة الثورة في تونس القلوب ، ودليلها أن أكثر من عشرة آلاف رسالة قادمة من سورية وصلت بريدي تدعوا لثورة تونس بالمجد والموت لأعدائها وأعداء امتنا ولكل من امتدت يده لسرقة ثورة الأجداد .



فخامة الرئيس حتى الأطفال في سورية أصبحوا يدركون أن نظام الصمود في سورية كان وراء سقوط بغداد وقتل أبناء الشعب الفلسطيني ومساندة القتلة أثناء حرب المخيمات ، وان الأيام تمشي ولكن التاريخ لايمكن محوه ، وشمس السماء لاتغطى بغربال ، فأسرع الخطى إلى إصلاح يعيد لسورية مجدها فلم يعد الشعب يحتمل الظلم أو الغبن أو السرقة أو الشعارات الكاذبة فتكفيه الانتخابات الحزبية المفبركة والنيابية المزورة وأرقام التحسن التنموي المنمقة ، لقد أضعت سورية عندما أسلمتها لإيران ، واضعتها عندما سلمت أمنها لعصابات مجرمة مخابراتية ،وأهنتها عندما نهبت خيراتها ووزعتها بين عصابات أقربائك ولا ترضى أبدا أن تفهم، ودعوتنا لك هي التقدم خطوة واحدة بانهاء فكر البعث السوري والذي هو صحائف من مستوى طالب ابتدائية تتسلون بصحفها وكلامها المموج وارجوا أن تكون من أصحاب المثل :السعيد من اتعظ بغيره .






د.محمد رحال
الاحد 23 يناير 2011