نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


سقوط كورسك وورطة بوتين.. ماذا يحدث في روسيا؟




واقعيا، وبعد عامين ونصف من الحرب الروسية على أوكرانيا، لم يكن يتوقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن معركة غزو كييف ستطول كل هذه المدة، وكان واثقا من سهولة سيطرته على أوكرانيا، لكنه اصطدم بالواقع والمعطيات حتى جاءت اللطمة الكبرى له بسقوط كورسك على يد القوات الأوكرانية، فماذا يحدث في روسيا الآن بعد هذه الورطة؟

بداية المشهد كانت في صبيحة الثلاثاء المنصرم، 6 آب/ أغسطس الجاري، عندما اخترق ألف جندي من القوات الأوكرانية الحدود الروسية بالدبابات والمركبات المدرعة وأسراب من الطائرات المسيرة والمدفعية، في واحدة من أكبر الهجمات الأوكرانية على روسيا، فيما تستمر الأخيرة ولليوم الرابع على التتابع التصدي للهجوم الأوكراني المباغت


 تعثر التصدي الروسي

القوات الأوكرانية توغلت في عمق الحقول والغابات الحدودية باتجاه الشمال من بلدة سودجا في كورسك، وهي آخر نقطة شحن تعمل حاليا لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، الأمر الذي دفع موسكو لاستدعاء جنود احتياط وإعلان حالة الطوارئ القصوى، ولم تنجح قوات بوتين بفك الحصار عن كورسك حتى الآن رغم مواصلتها التصدي للهجوم الأوكراني الجريء. 
كذلك تقدمت القوات الأوكرانية إلى الشمال الغربي من بلدة سودجا الحدودية على بعد 530 كم جنوب غربي موسكو، علما أن محطة كورسك للطاقة النووية الروسية تقع على بعد 60 كم فقط إلى الشمال الشرقي من سودجا الواقعة بيد القوات الأوكرانية.
أمس الخميس، نقلت وكالة “تاس” للأنباء، عن القائم بأعمال نائب حاكم منطقة كورسك القول، إن القوات الروسية تقاتل بضراوة في بلدة سودجا بالمنطقة وتتصدى للجنود الأوكرانيين هناك، فيما قال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في روسيا فاليري جيراسيموف لبوتين، أول أمس الأربعاء، إن الهجوم الأوكراني توقف في منطقة الحدود، غير أن عدة مدونين عسكريين مؤيدين لروسيا أكدوا أن المعارك مستمرة حتى اليوم مع إجلاء المدنيين.
دمار في بلدة كورسك بعد الهجوم الأوكراني – (رويترز)
من جانبها ذكرت قناة “ريبار” عبر “تيليجرام” -التي يتابعها أكثر من مليون حساب وهي مقربة من الجيش الروسي- أن القوات الأوكرانية استولت على 3 قرى في منطقة كورسك، فيما غادر آلاف المدنيين المنطقة بسبب القتال والقصف الذي خلّف عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، بحسب السلطات المحلية الروسية التي أشارت إلى إلغاء كل الفعاليات العامة في كورسك.
وبينما دعا حاكم مقاطعة كورسك، ألكسي سميرنوف، السكان إلى التبرع بالدم، مشيرا إلى أن جميع الأجهزة والجهات المعنية في المقاطعة وُضعت في حالة تأهب قصوى، التزم الجيش الأوكراني الصمت حيال الهجوم، فيما انتقد بعض المدونين الروس حالة الدفاع عن الحدود في كورسك، إذ قالوا: “كان من السهل للغاية على القوات الأوكرانية اختراق حدودنا”.

فرار آلاف الروسيين ورد بوتين

على إثر الهجوم الأوكراني، نزح آلاف الأشخاص الروس من منطقة كورسك، وفق الحاكم الإقليمي أليكسي سميرنوف. مضيفا في مقطع فيديو نشر على “تيليجرام”: “في اليوم السابق وبمساعدتنا، غادر آلاف الأشخاص منطقة القصف عبر وسائل نقل خاصة”.
كما بث التلفزيون الرسمي الروسي، أمس الخميس، مشاهد مصورة تظهر سكان منطقة كورسك وبريانسك، وهم يفرون من مناطقهم المتاخمة لأوكرانيا حيث يستمر القتال، كما توجه بعض الأشخاص إلى مدينة أوريول، فينا أظهرت مقاطع فيديو، أشخاص يتبرعون بالدم بالإضافة إلى صور لمراكز إيواء يصل إليها النازحون.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عبّر عن عجزه، بوصفه لما جرى، بأن أوكرانيا تقوم “باستفزاز واسع النطاق”، متهما القوات الأوكرانية بـ “إطلاق عشوائي لأنواع مختلفة من الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ، على المباني المدنية والمنازل وسيارات الإسعاف”، وذلك بعد أن عقد اجتماعا مع وزير الدفاع أندريه بيلوسوف، وأمين مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، ومدير مكتب الأمن الفدرالي ألكسندر بورتنيكوف، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة فاليري غيراسيموف، موجها بتقديم كل المساعدات الضرورية لمقاطعة كورسك.
في السياق، قال الرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، إن الهجوم الأوكراني هو محاولة من كييف لإجبار روسيا على نقل قواتها من خطوط المواجهة الرئيسية، وكي تظهر للغرب أنها لا تزال قادرة على القتال، مردفا أنه نتيجة لهذا الهجوم، يتعين على روسيا توسيع أهداف حربها لتشمل أوكرانيا بالكامل.
ميدفيديف أكد بالقول: “من هذه اللحظة، يجب أن تتوسع العملية العسكرية الخاصة لتتجاوز الحدود الإقليمية لأوكرانيا”، وتابع بحسب تصريحات صحفية له، أنه يتعين على القوات الروسية الذهاب إلى أوديسا وخاركيف ودنيبرو وميكولايف وكييف “وأبعد من ذلك”، على حد تعبيره.
أما “البيت الأبيض”، فقال إن الولايات المتحدة -وهي الداعم الأكبر لأوكرانيا- لم تكن على علم مسبق بالهجوم وتسعى للحصول على مزيد من التفاصيل من كييف، وأنها تسعى للتواصل مع الجيش الأوكراني بشأن التوغل على الحدود مع روسيا لمعرفة المزيد عن أهدافه.
وبشأن موقف الاتحاد الأوروبي، فقال المتحدث باسم الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد، جوزيب بوريل، إن التكتل يعتقد أن التوغل الأوكراني الأخير في منطقة كورسك الحدودية الروسية، هو جزء من “الحرب الدفاعية المشروعة للبلاد”، وأن أوكرانيا “لديها الحق في الدفاع عن نفسها ضد روسيا، بما يشمل ضرب العدو على أراضيه”، مؤكدا على “دعم التكتل الكامل لأوكرانيا في دفاعها المشروع عن نفسها ضد العدوان”، وأشار إلى أن الاتحاد سيستمر في تزويد كييف بـ “المساعدة السياسية والمالية والإنسانية والدبلوماسية والعسكرية”.

أهداف كييف من هجوم كورسك

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لم يتطرق البتة إلى الهجوم على كورسك، لكنه قال: “كلما ضغطنا أكثر على روسيا.. اقتربنا أكثر من السلام. سلام عادل باستخدام القوة العادلة”، فيما أوضح مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك، إن العمليات العسكرية مثل تلك التي جرت في كورسك سيكون لها تأثير إيجابي على المفاوضات المحتملة مع موسكو.
مستشار الرئاسة الأوكرانية، أردف في حديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أمس الخميس، أن “السبب الأساسي لأي تصعيد وقصف وتحركات عسكرية وعمليات إجلاء قسرية وتدمير أشكال الحياة الطبيعية — بما في ذلك ضمن أراضي روسيا الاتحادية مثل منطقتي كورسك وبيلغورود، ليس إلا عدوان روسيا الواضح”.
إلى ذلك، فسّر الخبير العسكري الأوكراني سيرغي زغوريتس، أن الجيش الأوكراني يسعى إلى صرف انتباه القوات الروسية عن مناطق أخرى في الجبهة كانت تتقدم فيها خلال الأشهر الأخيرة، قائلا لوكالة “فرانس برس”: “أعتقد أن أحد أهداف كييف هو سحب الاحتياطات الروسية وتخفيض الضغط على عمليات جيشها في قطاع خاركيف وربما في مناطق أخرى”.
حريق في كورسيك الروسية جراء القصف خلال الهجوم البري الأوكراني – إنترنت
وفي هذا الصدد، أشار “معهد دراسة الحرب ” المستقل، إلى أن أوكرانيا حققت مكاسب ميدانية كبيرة في أول يومين من التوغل، وقال: “حققت القوات الأوكرانية تقدّما مؤكدا لمسافة تصل إلى 10 كيلومترات في كورسك أوبلاست في روسيا في ظل العمليات الهجومية الآلية المتواصلة على الأراضي الروسية”.
الهجوم الأوكراني والنجاح في اختراق الحدود الروسية، جاء في وقت تحقق فيه روسيا مكاسب تدريجية في شرق أوكرانيا منذ أشهر، في مواجهة جيش أوكراني يفتقر إلى المجندين الجدد والذخيرة، إذ شنت القوات الروسية في أيار/ مايو الماضي، هجوما بريا في منطقة خاركيف الحدودية، مسيطرة على عدة مواقع قبل أن توقفها القوات الأوكرانية، وبحسب الكاتب والمهتم بالشأن الروسي عمار جلو، فإن الهجوم الأوكراني هو بمثابة رد فعل على هجمات موسكو في شرق أوكرانيا، ولإنهاك موسكو وجعلها تضطر لسحب جنودها من تلك الجبهة وتتراجع نحو مناطق أخرى. 
فولوديمير شوماكوف، وهو دبلوماسي أوكراني سابق قال لموقع تلفزيون “فرانس 24”: “نسعى لإقامة منطقة عازلة بعد تحريرنا لمنطقة كورسك في روسيا (…) في الواقع هناك مشروع لضم هذه المنطقة التي تعتبر في الأصل أراضي أوكرانية، حتى أن اسم سودجا هو أوكراني وهو أمر معروف منذ قرون”. جلو يقول في حديث مع “الحل نت”، إن الهجوم الأوكراني كشف عن فجوى كبيرة في الداخل الروسي وأظهر ضعف أمن روسيا القومي في التصدي لأي اختراق يطالها، وبدت شبه عاجزة عن وقف التوغل الأوكراني، وهو ما جعل بوتين أمام ضغط داخلي كبير، يطلب منه إيقاف الهجوم المباغت كهدف أساسي حاليا، بالإضافة إلى الحفاظ على سيطرته على المناطق التي يحتلها في شرق أوكرانيا. 
وبرأي جلو، فإن هذا الهجوم يأتي كورقة تحضيرية من كييف للمفاوضات المقبلة مع روسيا في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، إذ يحاول كل طرف تجميع أوراق ضغط تجعل موقفه أقوى خلال مفاوضات السلام القادمة، ولذا ستكون الأحداث المقبلة ملتهبة لمراكمة أوراق القوة حتى الوصول إلى موعد المفاوضات، وحينها إن استمرت كييف بالسيطرة على بعض الأراضي، ستقدم موسكو بعض التنازلات. 

علي الكرملي- الحل
الجمعة 9 غشت 2024