نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


رمضان: شهراً للتبذير. والاسراف. والتخلف






لاأريد الدخول في مجادلة عائمة تدخلنا في تيه ما هو متنازع ومختلف عليه في دلالة الصوم وغايته وضرورته بالنسبة لمجتمع معاصر من وجهة نظر نقدية حرة ،مقابل عناد وتعصب من قبل متأدلجين أسلامويين، فالموضوع نال من الاهتمام الكثير، وجرى نقده بأستفاضة وتفصيل وسيبقى موضوعاً خلافياً بكل عمق المعنى. وبالتالي سيظل الاخذ والرد يترادفان بين اَلُسنة المختلفين اَماداً غير محددة.


من المؤسف أن لاتحظى الرؤية النقدية ازاء وقع شهر رمضان وأشكالياته بالنسبة لمجتمعاتنا وأوطاننا، بتأمل يستحقه وفهم يناله من قبل الحلقة الواسعة من المثقفين الذين يدركون الحقائق العلمية من وجهة نظر أقتصادية ومعرفية وأجتماعية وأقصد بهم السياسيين والاعلاميين والتربويين والاكاديميين والمعرفيين بمختلف تخصاصتهم ومواقعهم الرسمية الذين يتراخون عن تفعيل واجب التنوير والارشاد والمسؤولية، رغم وجود اسباب وجيهة ومنطقية لتثبيت موقفهم النقدي نحو مظاهر شهر رمضان المربكة، لكنهم عموماً حذرون في أخذ دورهم ولهم في ذلك تفسيرات ومنطلقات وأسباب لا تبدو في كل الاوقات والظروف مفهومة ومبررة . شهر رمضان تزداد أغراضه غموضاً وتتوسع تأويلاته خارج مقتضيات المنطق والضرورة بتحوله من شهرللزهد والتأمل الروحي كما قدمه الدين الى كرنفال باذخ وساذج وفرصة لنشر قيم متردية نحو طعام ومشرب (ومسلك )غاية في التطرف والجموح كأنه رغبة هائجة ومنفلتة نحو مابدا اشباعاً لجوع مستديم ومزمن في النفس العربية الاسلامية بنهم بدائي متخلف يطيح بقيم الصحة والذوق والكياسة ... وأذا ماعاينت الحالة الاقتصادية وأقتربت من مفرداتها في هذا الشهر المثير التي تستغرق فيه البلدان والمجتمعات العربية الاسلامية في سبات وتراجع وخسارة أقتصادية سنوية مكررة الى ماشاء الله.. تذهب بالمليارات من الدولارات جراء دورة اقتصادية استهلاكية عقيمة وضارة، فالاستيرادات الواسعة في هذا الشهر وقبله تقصم ظهر الميزانيات الحكومية المنهكة التي تستجيب مضطرة لهوى ومتطلبات الوعي الديني المشوش والبسيط، فتقوم برفع مخصصات الدعم الحكومي للحاجات الاساسية وغير الاساسية، التي يرتفع الطلب عليها أويشح وجودها في السوق أو تسمح بأستيرادات ضخمة غير ضرورية تبدد كثيراً من الا موال الوطنية من العملات الصعبة في منحى اٌقتصادي عقيم دون أن يجني المجتمع والبلد منه اية فائدة اقتصادية ترجى وبخاصة تلك الدول ضعفية الاقتصاد. أن الحركة الاقتصادية الكاذبة التي تبدو للناظر البسيط كحركة اقتصادية نشطة كبيع وشراء وتبادلات سلعية نقدية وأنتعاش للسوق المحلية خدعة بصرية زائفة، في الياتها المعقدة حيث يزداد معدل أرتفاع الاسعار بشكل مفتعل واستغلالي لتلك المواد الغذائية والسلع والخدمات يترافق مع هبوط مستوى الانتاج العام مع تبذير واسع للاموال وخسارة للزمن، أما تلك الارباح الجشعة فيستحوذ عليها أولئك التجار والمضاربون والوسطاء والشركات الطفيلية في حركة غير انتاجية لاتساهم في تقديم اية ميزة ملموسة لاقتصاديات بلدان تعاني هي اصلاً من مشاكل عويصة وتواجه عجزاً في ميزان المدفوعات ومعاناة هائلة في تسديد فوائد القروض الحكومية. لاأمتلك احصائيات دقيقة عن حركة السوق في شهر رمضان لكن التلميحات والاشارات والتقارير الاقتصادية المنشورة، تشير بلالبس الى تلك الخسائر والتراجعات المالية التي ترافق شهر رمضان في ارباكاته وسلبياته وهي على الارجح تتعامل مع نتائجه بحذر وتمويه مقصودين لارضاء (المؤمنين) أن واحدة من الاضرار التي تحدثها متطلبات شهر رمضان هو الانفاق غير المجدي والنافع لمدخرات المواطنين والتي تصيب وترهق محدودي وضعاف الدخل الذي يتوجب عليهم مسايرة الطقس الديني وأعرافه في الصرف المسرف وأستهلاك ماادخروه لاشهر أو ماقترضوه أو قصروا على أنفسهم بضرورات غيرمطلوبة بالمعيار العقلاني، وهذا في المفهوم الاقتصادي خسائر مضنية وضارة بأي اقتصاد وطني، وهو سلوك في تفسيره ومضمونه الاقتصادي مظهراً وأداءً استهلاكياً فارغاً كما هو الحال في كل رمضان كريم يمر علينا، لست متهكماً ولاجارحاً لمشاعر بمن يؤمن برمضان ومنزلته في نفوس الايمانيين ،لكنني أتناول الامر من زاوية عقلانية وأقتصادية لشعوب تعاني من الجهل والمرض والبطالة والامية والفقر والتخلف الا قتصادي وهي بحاجة الى كل قرش تدخره وفلس تصرفه بمكانه الصحيح وبصورة عقلانية ومتوازنة... لايعرف المواطن البسيط تلك الاثار السلبية المترامية جراء خسارة الوقت وضياع المردود الا قتصادي لمفهوم انتاجية العمل وقيمتها، عندما يتباطئ الانتاج وتتصدع نوعيته وكميته ،بسبب تلك المحددات الطبيعية لحركة الجسم وعمل الدماغ للانسان في تلقائيته وديناميكيته، عندما تضعه في تضاد مع طبيعته البشرية وتفرض عليه أداءً يستلب منه طاقته وتركيزه، تتلاشى فيه الرغبة في ((الا داء الوظيفي والمعرفي والانتاجي)) الخلاق الذي ينعكس تأثيره المباشر على قيمة وانتاجية العمل الوطني ومردوداتها حين يتبدد الوقت ويستفرغ الجهد ،وهذا الانعكاس يظهر في كل منشأة معرفية وانتاجية، المدارس، والجامعات والمعاهد والمعامل والوظائف الا دارية الحكومية التي تعاني الركود والخمول في مختلف نشطاتها. في هذا الشهر تتبلد الذهنية وتتشاطرها مسرفات الحالة الاستهلاكية الجانحة بأندفاع شره غير واعي نحو اقتناء المأكولات والمشروبات والتنوع في اعدادها وتحضيرها بكميات ونوعيات لاضرورة ولالزوم لها تقوض مفهوم التوازن الغذائي السليم وتنهك الاقتصاد العائلي.. في هذا الشهرالفضيل تجتاح بلداننا وبيوتنا في الاغلب سيولاً غامرة من تلك المسلسلات والحلقات والافلام التلفزيونية الهابطة والجارحة للذوق الحضاري والمكدرة للنفس ، وهي تكرر اشخاصها المملين وحكاياتها السقيمة الخالية من اية معنى وهدف ملموس، يتبدد في عرضها ومشاهدتها الطاقة الكهربائية الجهد. والمال. والوقت. ولوجمعت أثمان كل تلك المصروفات لكونت رأسمالاً كبيراً تحل به مشكلة من مشاكل عباد الله المقهورين. اني ادرك ان الاقتراب من المحذورات المقدسة هو مجازفة بالنسبة لمعرفي يدرك قيمة ماأقول وهو يعمل في وظيفة حكومية عند بلدان في دساتيرها الشريعة مصدر رئيسي من مصادر الدستور ..؟ قد يقول البعض ان شهر رمضان هو محطة روحية ونفسية لمؤمنين وجدوا فيه ارتخاءً نفسياً لعناء سنة من التحديات والمشاكل المختلفة ، حسناً فلنعترف بهذا الرأي وقيمته عند من يعرضه ويؤمن به، والسؤال هنا هل يحتم نيل هذه المقاصد عبر هذه الاضرار الاقتصادية والاسراف المتخلف لقيم مادية جمعت بمشقة الانفس عند الاغلبية الكادحة وهل محتماً ان تجري مقاصد الشريعة بالضد من مصالح البلد والناس.... وأذا كان عموم الناس لايدركون مثل هذه المخاطر التي ذكرتها اليس الاولى بأولئك المتنورين والدعاة العقلانيين أظهار تلك المعايب والاضرار التي يحدثها هذا اللون من التعامل مع شهر رمضان وفهمه.. لقد تبدلت مطالب الحياة وتغيرت الكثير من مهامها ولايمكن الركون والخضوع الى متطلبات تصطدم بمنطق الحياة ونهجها. لقد عرفت ان الكثير من الناس في العراق أفطروا ولم يصوموا بتأثير فتوى أوتقدير شخصي أو بنصيحة طبية تحت وطأة الحرارة الشديدة ونواقص الماء والكهرباء وغيرها، وهذا التجلي في مغزاه يدل ان قانون الحياة أقوى من لوزام المفروضات ولايسايره عندما يتعارض وقدرة الناس وأحتمالهم ومصالحهم، وهذا ينطبق ايضاً على تلك الاضرار والسلبيات والخسائر التي يسببها التعامل غير الواعي مع شهر رمضان والذي بأمكان المعنيين شرحها وتوضيح نتائجها المدمرة على الا قتصاد وعلى الناس.. ان تكرار الموقف والسلوك المتخلف في شهر رمضان وأحيائه بطريقة بطرة ومهووسة هوتكريس وتوسيع لثقافة استهلاكية طفيلية وتثبيت لقيم متخلفة تصادر ارادة المؤمن في ادراك مسؤوليته تجاه نفسه ومجتمعه ووطنه ،اني على يقين أن الاقتصاديين يملكون كل المعطيات والاحصائيات الاقتصادية الدقيقة المتعلقة بحركة الاقتصاد والسوق في شهر رمضان ويدركون الاثار السيئة والسلبية لتداعياتها على اقتصاد البلد ،لكنهم غيرقادرين على اظهار معناها مسايرة أوتواطئاً مع تفكير شعبوي يستحثه منطوق متعصب برداء ديني متخلف، بيد أن الحياة ستفرض منطقها عاجلاً أم اجلاً.....
----------------------------------------
طلال شاكر كاتب وسياسي عراقي

طلال شاكر
الاحد 22 غشت 2010