نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني

اليونيسيف ومافيا آل كابوني دمشق

12/11/2024 - عبد الناصر حوشان


رسالة من نها شيكا




وقعت عيناي على صورة لها في الحافظة فشعرت أنها تعتني بي وتحميني من الموت.


نحتفل هذا العام بمرور 200 سنة على تعميد «نها شيكا» من مدينة بايبندي البرازيلية، وبهذه المناسبة أود أن أسرد واقعة مررت بها. منذ زمن طويل. فخلال فترة التحاقي بمجموعة الهيبيز في سن الرابعة عشرة، طلبت مني شقيقتي أن أقوم بدور الأب الروحي لأول طفلة لها. جاء أول عيد ميلاد للطفلة، ولم يحدث أي تعميد على الإطلاق. ظننت وقتئذ أن شقيقتي عدلت عن رغبتها.

لم أكن أعلم أين تقع مدينة بايبندي، ولم أسمع من قبل عن «نها شيكا». ومرّت فترة الهيبيز، وفي سنة 1978 اتخذت قراري بالذهاب إلى بابيندي مع شقيقتي وزوجها.

اكتشفت أن «نها شيكا» كانت سيدة لا تملك من المال ما يكفيها للعيش، وذلك بعد أن قضت قرابة 30 عاما في بناء دار للعبادة ومساعدة المحتاجين. في ذلك الوقت كنت قد خرجت للتو من مرحلة مضطربة في حياتي، ولم أكن وقتها أؤمن بالخالق عزوجل.

تخليت وقتها عن حلم كان يراودني بأن أكون كاتبا، ولم أكن أريد العودة إلى تبني أفكار خيالية، أو حتى حلم العظمة. لم يكن حضوري في المراسم الدينية، سوى من باب الالتزام الاجتماعي. ولكن بقيت في الكنيسة مع أختي وزوجها وطفلتهما انتظارا للحظة التعميد.

وبدأت أتجول في الجوار المحيط بالكنيسة، حتى وقفت أمام البيت المتواضع التي كانت تسكنه «نها شيكا». وكان يتألف من حجرتي نوم، ومكان للمذبح يعلو جدرانه صور لقديسين، ومزهرية ورود حمراء وبيضاء.

لم يسعني سوى الجثو على قدماي، وابتهلت بدعاء وعدت فيه أنه في حال أصبحت يوما ما كاتبا، فسوف أعود هنا مجددا عندما أبلغ سن الخمسين، وأقدم ثلاث مزهريات، اثنتان حمراوان وواحدة بيضاء.

ولكي لا أنسى التعميد أبدا، فقد اشتريت صورة صغيرة لـ «نها شيكا» ولصقتها داخل حافظتي. وفي طريق العودة إلى مدينة «ريو» بسيارتي، اصطدمت بحافلة ركاب أطاحت بي بعيدا عن الطريق. أما زوج أختي الذي كان يسير خلفي بسيارته فقد ارتطم بحافلة أخرى. الحادث كان مروعا وراح ضحيته عدد من الأشخاص. وكتبت لي النجاة من الموت بأعجوبة، وتوقفت بسيارتي على جانب الطريق.

أخرجت سيجارة من جيبي، فوقعت عيناي على صورة «نها شيكا» في الحافظة، فشعرت أنها تحوطني بعنايتها وتحميني من الموت. عندئذ بدأت رحلتي مع العودة مرة أخرى إلى الحلم القديم. فتذكرت النذر الذي قطعته على نفسي بإحضار ثلاث زهور بيضاء وحمراء. وكنت في تلك الأيام قد بلغت الخمسين من العمر.

ذهبت إلى «بايبندي» كي أوفي بالنذر. جاء صحافي إلى فندق كاكسامبو حيث أقيم، وأجرى معي مقابلة صحافية. وعندما أخبرته ما جرى أمام مقام «نها شيكا»، سألني: «ماذا تعرف عن نها شيكا؟ سوف يقومون بنبش الجثمان هذا الأسبوع، وتجرى حاليا الاستعدادات لعمليات تجميل في الفاتيكان. الجميع يريد ان يسمع قصصا عن معجزاتها». عندئذ أجبته:

«لا. ما حدث لي أمام المقام أمر شخصي جدا. لن أبوح بأي كلمة، إلا إذا وصلتني إشارة منها بالموافقة». لكني في الحقيقة سألت نفسي: ما هي هذه الإشارة. وهل إذا تحدث إنسان بالنيابة عنها سوف أصدقه؟

في اليوم التالي، توجهت إلى بايبندي مصطحبا الزهور. وتوقفت على مسافة من الكنيسة أفكر في الدوافع التي أخذتني إلى هناك.

وعندما دخلت المنزل، قابلت فتاة قالت لي: «أعلم أن إحدى كتاباتك تتحدث عن نها شيكا. أنا أضمن لك أنها راضية عن ذلك». أدارت الفتاة ظهرها، وذهبت دون أن تسأل عني. ولكنني أيقنت ساعتها أن هذه هي الإشارة التي كنت أتوقعها. وهذه هي الرسالة التي أردت أن أوجهها للقراء.

باولو كويلو
الاربعاء 1 سبتمبر 2010