اشترى النائب وليد جنبلاط منزلاً في باريس بملايين اليوروات. يقول إنّ هذا المنزل هو لـ«التقاعد». يتحدّث، منذ سنوات، عن طموحه في الانتقال إلى سنّ التقاعد ومن بعده الشيخوخة، كمن يريد إنهاء متاعبه ووضع حدّ «لكل وجع الرأس». في مجالسه، لا يتردّد في القول إنه «تعب» لكون الأحداث والمتغيّرات تحصل بسرعة، ويجب اللحاق بها وإحاطتها من كل الجوانب. كل ما يحصل في المنطقة، قبل الهمّ الداخلي، «يؤلم» جنبلاط. وأكثر ما يزعجه أنّ كل من حوله، من زعماء وأحزاب وسياسيين، حلفاء وخصوماً وحياديين، لا يعرفون كيفية التعامل مع المتغيّرات ولا يفهمون مواقفه التي تترنّح يميناً ويساراً.
عند كل مفترق طرق، يسأل الجميع: ماذا عن وليد جنبلاط؟ هل يعدّ لاستدارة سياسية أو إعادة تموضع؟ هذا الأسبوع، مدّد جنبلاط لنفسه فترة الإعلان عن مرحلة جديدة. في حفل قسم اليمين لمنتسبين جدد إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، الأحد الماضي، أعلن صراحةً أنّ «الكلام السياسي سيصدر بعد الجمعية العمومية للحزب». هل يذكر أحد مواقف جنبلاط يوم 2 آب 2009؟ يومها أعلن انتقاله من 14 آذار إلى الوسط، من فندق البوريفاج، حيث كان الحزب الاشتراكي يقيم جمعيته العمومية السنوية.
اللقاء التنظيمي هذا العام، المقرر عقده في 30 تشرين الجاري، نُقل من البوريفاج إلى عاليه، مركز جمعية الرسالة الاجتماعية. تبلّغ أعضاء الحزب هذا القرار أمس. سألوا قيادتهم، وحاولوا الاستفسار عن الأمر. لم يتلقوا جواباً شافياً، ولم يقتنعوا بأنّ مساحة قاعة الجمعية هي سبب هذا التغيير. سَرت في مجالسهم فكرة واحدة: عاليه ستكون أكثر أماناً من البوريفاج !
لماذا وليد وجنبلاط وجمهوره متخوّفون ممّا بعد الجمعية العمومية التي ستحمل معها عناوين ومعطيات سياسية جديدة؟
كل الدلالات تشير إلى أنّ الزعيم يحمل في جعبته بوصلة سياسية جديدة سيبدأ العمل بنقاطها مطلع الشهر المقبل . ماذا في هذه البوصلة؟ فيها الكثير من أحاديث ونقاشات جنبلاط في مجالسه، بحضور وزراء ونواب «جبهة النضال الوطني» أو زملاء لهم في من تبقّى من كتلة «اللقاء الديموقراطي»، أو حتى من تبقّى له من قدامى أصدقائه الموجودين اليوم في 14 آذار.
أمام هؤلاء وغيرهم، يستفحل جنبلاط في الدفاع عن الحراك العربي. فهو «حراك يطلب الحرية ولا طائفية فيه». يدعو إلى الخروج من نظرية البعبع السلفي . ينتقد نفسه وغيره، فيشير إلى خوفه على الطائفة الدرزية في لبنان وسوريا، ويقول: «إذا وقف الدروز والموارنة مع النظام في وجه الحراك العربي، فسينقرضون». يحافظ على قراءته التي تشبّه هاتين الطائفتين بـ«الهنود الحمر». وإذا حافظوا على حيادهم ممّا يحصل في سوريا، فـ«ما همّنا، يكونون قد خلصوا».
يقترب شيئاً فشيئاً من إعلان موقفه الداعم لسقوط النظام في سوريا. يقتنع بهذه الفكرة أكثر عندما يسوّق لها في مجالسه، حيث يرى طأطأة الرؤوس وفرك الأيادي بعضها ببعض. فيتقدّم بقراءات ومطوّلات كثيرة تخلص كلها إلى الآتي: عند انفجار الصراع في المنطقة، «كأقلية، لن أتحالف مع أقلية أخرى». فموقع الأقليات، بحسب الزعيم «الاشتراكي»، يكون إلى جانب أكثرية قوية قادرة على حمايتها. وهو يعود إلى الإشارة إلى لقاءات سابقة حصلت في واشنطن عام 2005، وقبله عام 2003، يوم أكد له مسؤولون في الإدارة الأميركية أنّ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد أمر محتّم اليوم أو غداً.
هذه الخلاصة تعبّر عمّا يجول في خاطر جنبلاط ومجالسه، أكان في المختارة أم في كليمنصو أم في جلّ البحر. قبل يومين، دعا إلى كليمنصو من تبقّى من أعضاء «اللقاء الديموقراطي»، النواب: مروان حمادة، هنري الحلو، أنطوان سعد وفؤاد السعد. خلال الجلسة التي انتهى معها كل الخلاف، الشخصي تحديداً، حمل جنبلاط هاتفه واتّصل بأحدهم. سمع المدعوون العبارات الآتية تصدر من فم البيك: «لن نجلس إلى مائدة الطعام قبل أن تأتي». لم يفهم النواب الأربعة ما يحصل، ومن هو المدعو إلى مشاركتهم طعام كليمنصو. بعد دقائق يصل نائب رئيس تيار المستقبل لشؤون الاغتراب، أنطوان أندراوس. لماذا يريد جنبلاط القول لهذا الرباعي إنّ علاقته بسعد الحريري ومسؤولي المستقبل ممتازة؟ رسالة مصالحة سياسية بعد المصالحة الشخصية التي تمّت منذ دقائق.
يعتبر جنبلاط، بحسب مقرّبين منه، أنّ «المسدس سُحب عن رأسه حين بدأ النظام السوري يتخلخل». هذا ما حاول جنبلاط تفسيره في كليمنصو وفي منزل حمادة الذي استقبله قبل عشرة أيام.
تشير الأجواء الصادرة عن مجالس جنبلاط إلى أنّ الأخير لن يتردّد في المرحلة المقبلة في دعم الحراك الشعبي السوري، لكنّ استدارته هذه لن تكون كاملة، ولن تشمل كل تحالفاته اليوم. فهو سيحافظ على العلاقة بحزب الله، ولن تكون له أي ملاحظة أو «مأخذ» على الحزب وإيران، سوى بما يعنيه شخصياً، مثل الاحتجاج والامتعاض على الدعم المقدّم للوزير السابق وئام وهّاب. فجنبلاط، بحسب أحد زواره، لا يريد أن يوضع المسدس في رأسه مجدداً. وقد زار جنبلاط أمس الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليلاً، ليتناولا آخر التطورات بحسب ما ذكرت قناة «المنار» ليلاً.
--------------------------
الاخبار اللبنانية
عند كل مفترق طرق، يسأل الجميع: ماذا عن وليد جنبلاط؟ هل يعدّ لاستدارة سياسية أو إعادة تموضع؟ هذا الأسبوع، مدّد جنبلاط لنفسه فترة الإعلان عن مرحلة جديدة. في حفل قسم اليمين لمنتسبين جدد إلى الحزب التقدمي الاشتراكي، الأحد الماضي، أعلن صراحةً أنّ «الكلام السياسي سيصدر بعد الجمعية العمومية للحزب». هل يذكر أحد مواقف جنبلاط يوم 2 آب 2009؟ يومها أعلن انتقاله من 14 آذار إلى الوسط، من فندق البوريفاج، حيث كان الحزب الاشتراكي يقيم جمعيته العمومية السنوية.
اللقاء التنظيمي هذا العام، المقرر عقده في 30 تشرين الجاري، نُقل من البوريفاج إلى عاليه، مركز جمعية الرسالة الاجتماعية. تبلّغ أعضاء الحزب هذا القرار أمس. سألوا قيادتهم، وحاولوا الاستفسار عن الأمر. لم يتلقوا جواباً شافياً، ولم يقتنعوا بأنّ مساحة قاعة الجمعية هي سبب هذا التغيير. سَرت في مجالسهم فكرة واحدة: عاليه ستكون أكثر أماناً من البوريفاج !
لماذا وليد وجنبلاط وجمهوره متخوّفون ممّا بعد الجمعية العمومية التي ستحمل معها عناوين ومعطيات سياسية جديدة؟
كل الدلالات تشير إلى أنّ الزعيم يحمل في جعبته بوصلة سياسية جديدة سيبدأ العمل بنقاطها مطلع الشهر المقبل . ماذا في هذه البوصلة؟ فيها الكثير من أحاديث ونقاشات جنبلاط في مجالسه، بحضور وزراء ونواب «جبهة النضال الوطني» أو زملاء لهم في من تبقّى من كتلة «اللقاء الديموقراطي»، أو حتى من تبقّى له من قدامى أصدقائه الموجودين اليوم في 14 آذار.
أمام هؤلاء وغيرهم، يستفحل جنبلاط في الدفاع عن الحراك العربي. فهو «حراك يطلب الحرية ولا طائفية فيه». يدعو إلى الخروج من نظرية البعبع السلفي . ينتقد نفسه وغيره، فيشير إلى خوفه على الطائفة الدرزية في لبنان وسوريا، ويقول: «إذا وقف الدروز والموارنة مع النظام في وجه الحراك العربي، فسينقرضون». يحافظ على قراءته التي تشبّه هاتين الطائفتين بـ«الهنود الحمر». وإذا حافظوا على حيادهم ممّا يحصل في سوريا، فـ«ما همّنا، يكونون قد خلصوا».
يقترب شيئاً فشيئاً من إعلان موقفه الداعم لسقوط النظام في سوريا. يقتنع بهذه الفكرة أكثر عندما يسوّق لها في مجالسه، حيث يرى طأطأة الرؤوس وفرك الأيادي بعضها ببعض. فيتقدّم بقراءات ومطوّلات كثيرة تخلص كلها إلى الآتي: عند انفجار الصراع في المنطقة، «كأقلية، لن أتحالف مع أقلية أخرى». فموقع الأقليات، بحسب الزعيم «الاشتراكي»، يكون إلى جانب أكثرية قوية قادرة على حمايتها. وهو يعود إلى الإشارة إلى لقاءات سابقة حصلت في واشنطن عام 2005، وقبله عام 2003، يوم أكد له مسؤولون في الإدارة الأميركية أنّ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد أمر محتّم اليوم أو غداً.
هذه الخلاصة تعبّر عمّا يجول في خاطر جنبلاط ومجالسه، أكان في المختارة أم في كليمنصو أم في جلّ البحر. قبل يومين، دعا إلى كليمنصو من تبقّى من أعضاء «اللقاء الديموقراطي»، النواب: مروان حمادة، هنري الحلو، أنطوان سعد وفؤاد السعد. خلال الجلسة التي انتهى معها كل الخلاف، الشخصي تحديداً، حمل جنبلاط هاتفه واتّصل بأحدهم. سمع المدعوون العبارات الآتية تصدر من فم البيك: «لن نجلس إلى مائدة الطعام قبل أن تأتي». لم يفهم النواب الأربعة ما يحصل، ومن هو المدعو إلى مشاركتهم طعام كليمنصو. بعد دقائق يصل نائب رئيس تيار المستقبل لشؤون الاغتراب، أنطوان أندراوس. لماذا يريد جنبلاط القول لهذا الرباعي إنّ علاقته بسعد الحريري ومسؤولي المستقبل ممتازة؟ رسالة مصالحة سياسية بعد المصالحة الشخصية التي تمّت منذ دقائق.
يعتبر جنبلاط، بحسب مقرّبين منه، أنّ «المسدس سُحب عن رأسه حين بدأ النظام السوري يتخلخل». هذا ما حاول جنبلاط تفسيره في كليمنصو وفي منزل حمادة الذي استقبله قبل عشرة أيام.
تشير الأجواء الصادرة عن مجالس جنبلاط إلى أنّ الأخير لن يتردّد في المرحلة المقبلة في دعم الحراك الشعبي السوري، لكنّ استدارته هذه لن تكون كاملة، ولن تشمل كل تحالفاته اليوم. فهو سيحافظ على العلاقة بحزب الله، ولن تكون له أي ملاحظة أو «مأخذ» على الحزب وإيران، سوى بما يعنيه شخصياً، مثل الاحتجاج والامتعاض على الدعم المقدّم للوزير السابق وئام وهّاب. فجنبلاط، بحسب أحد زواره، لا يريد أن يوضع المسدس في رأسه مجدداً. وقد زار جنبلاط أمس الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليلاً، ليتناولا آخر التطورات بحسب ما ذكرت قناة «المنار» ليلاً.
--------------------------
الاخبار اللبنانية