فبعد 13 عاما من بدء الثورة السورية، أصبحت البلاد بعيدة عن اهتمام وسائل الإعلام الغربية بسبب انشغالها بالأزمات الجديدة، لكن الأسد يواصل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القصف والسجن وتعذيب الآلاف من المدنيين، بينما يعمل بنشاط على زيادة زعزعة استقرار الشرق الأوسط بالشراكة مع داعميه الروس والإيرانيون.
ومع ارتفاع التوترات مع هذا المحور الاستبدادي، وفي الوقت الذي يتوجب فيه على الولايات المتحدة وحلفائها أن يتمسكوا بسياساتهم تجاه سوريا. بدلاً من ذلك، فإن المزيد والمزيد من البلدان، وخاصة الشركاء الأمريكيين في الخليج العربي، راحوا يرحبون بعودة الأسد مرة أخرى إلى الحظيرة الدبلوماسية -طمعاً في عقود مربحة لإعادة بناء المدن التي دمرها الأسد-.
تتمثل السياسة الرسمية لإدارة بايدن في مواجهة التطبيع مع الأسد، من خلال فرض العقوبات، حتى يتوقف عن المذبحة. ولكن وراء الكواليس، تخفف الإدارة هذا الضغط بهدوء وعن عمد، وفقا للمشرعين في كلا الحزبين والجماعات الأمريكية السورية.
قال لي النائب “بريندان بويل”، المؤسس المشارك لتجمع سوريا في الكونغرس: “إن الحرب المنسية بالنسبة لهذا الجيل هي حقاً سوريا”. “أشعر بالاشمئزاز من الطريقة التي يبدو أن الكثيرين في العالم الغربي قد نسوا تماما الفظائع التي وقعت هناك.”
بويل عضو مشارك في رعاية قانون نظام الأسد لمكافحة التطبيع، وهو الجهد الأساسي في الكونغرس لتمديد وتوسيع العقوبات ضد أولئك الذين بعملون على إعادة تأهيل النظام، وخاصة في دول الخليج العربي، كما سيفرض عقوبات على برلمان الأسد والصندوق السوري للتنمية، بقيادة زوجة الأسد، المتهمة بالفساد الواسع وسرقة المساعدة الدولية. وقد أقره مجلس النواب في شباط/فبراير 2024، بأغلبية 389 مقابل 32 صوتاً.
قد سعى رئيس مجلس النواب مايك جونسون (الجمهوري) لإدراج مشروع القانون هذا في حزمة المساعدات التكميلية التي أقرها الكونغرس الأسبوع الماضي، ولكن في سياق المفاوضات، اعترض البيت الأبيض، كما أخبرني العديد من المشرعين ومساعدي الكونغرس. بينما لم يعترض البيت الأبيض على إدراج مشاريع قوانين العقوبات الأخرى، بما في ذلك العديد من مشاريع قوانين العقوبات التي تستهدف إيران.
قال لي النائب جو ويلسون، الذي قدم مشروع القانون: “إن قرار إزالة هذا التشريع الذي عمل عليه وقدمه كلا الحزبين(الجمهوري والديمقراطي) [من الحزمة التكميلية] لا يمكن تفسيره”. “إن فشل إدارة بايدن في محاسبة القاتل الجماعي بشار الأسد يمكّن بوتين والنظام الإيراني.”
وهذه ليست سوى آخر العقبات التي يواجهها مؤيدو العقوبات، قدم السيناتور الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ “جيمس ريش”، مشروع قانون مصاحب إلى مجلس الشيوخ في سبتمبر/أيلول، أخبرني أن الإدارة ومكتب رئيس اللجنة “بن كاردين” (ديمقراطي) لن يساعدا في دفع هذا الأمر إلى الأمام، وما لم يتم إقرار هذا التشريع قبل نهاية هذا العام، فإن نظام العقوبات الحالي الذي تم إنشاؤه في عام 2020 بموجب قانون “قيصر لحماية المدنيين في سوريا” سوف ينتهي، وسوف يرتفع الضغط على أولئك الذين يساعدون في تطبيع الأسد.
قال لي ريش: “الكونغرس ملزم بتمرير هذا التشريع”. “على الرغم من الطلبات المتكررة، قامت الإدارة وشركاؤها في الكونغرس مراراً وتكراراً بعرقلة الجهود الرامية إلى محاسبة الأسد”.
أخبرني مسؤول في البيت الأبيض أن الإدارة تعتقد أن لديها بالفعل الأدوات التي تحتاجها لملاحقة الأسد وشركائه. وأشار المسؤول أيضًا إلى مخاوف بعض المنظمات الإنسانية الدولية والخبراء، الذين قالوا إن العقوبات الجديدة يمكن أن تؤدي في الواقع إلى تفاقم الوضع الإنساني داخل سوريا. (تعارض العديد من منظمات الإغاثة السورية هذا الادعاء).
ورفض مكتب كاردين طلبات متكررة للتعليق، لكن في مقطع فيديو تم تسجيله مسبقًا لمؤتمر عقدته منظمة “مواطنون من أجل أمريكا آمنة وسالمة”، وهي مجموعة مناصرة أمريكية سورية رائدة، قال كاردين: “يجب ألا نسمح للأسد بمحو جرائم الحرب التي ارتكبها وتطبيع علاقاته مع المجتمع الدولي”.
يشعر الأمريكيون السوريون الذين عملوا على هذا التشريع بالاستياء مما يرونه من قيام البيت الأبيض ومكتب كاردان بتعطيل تقدم مشروع القانون دون الاعتراف بذلك علنًا. وتقول هذه اللوبيات إن التشريع يمثل أفضل وسيلة ضغط متاحة لتأمين بعض الحماية للمدنيين السوريين.
وقال محمد علاء غانم، مسؤول السياسات في التحالف الأمريكي من أجل سوريا، وهو منظمة جامعة للشعب السوري: “نحن في الجالية الأمريكية السورية نشعر بالفزع العميق والإحباط الشديد إزاء تصرفات البيت الأبيض والسيناتور كاردين في عرقلة مشروع قانون حقوق الإنسان الحاسم هذا.. سوف يتذكر مجتمعنا هذا عندما يتوجهون إلى صناديق الاقتراع في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل”
إن تفكير الأميركيين السوريين في التصويت لصالح الرئيس السابق دونالد ترامب يوضح مدى شعورهم بالتخلي عنهم. ففي نهاية المطاف، أعلن ترامب (وتراجع) مرتين عن قرار بسحب القوات الأمريكية المتبقية هناك، ولم يخف ازدرائه لسوريا. ولا أحد يستطيع أن يخمن ما قد يفعله ترامب في فترة ولاية ثانية.
العقوبات ليست حلاً سحرياً. ومن الناحية المثالية، ينبغي دمجها مع استراتيجية شاملة للتفاوض على حل دبلوماسي في سوريا. لكن أولئك الذين يدافعون عن السماح برفع العقوبات على الأسد يجب أن يتعاملوا مع العواقب المتوقعة لهذا القرار. سوف يصبح الأسد وشركاؤه أكثر ثراءً وقوة. وسوف يتجرأون على انتهاكاتهم ضد مواطنيهم. وسوف ينمو التطرف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
والكثير من الطغاة وأفراد العصابات الآخرين الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية في أماكن مثل روسيا والصين وميانمار والسودان سوف يدرسون قواعد اللعبة التي ساعد الغرب الأسد على كتابتها: الكثير من الطغاة وأفراد العصابات الآخرين الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية في أماكن مثل روسيا والصين وميانمار والسودان سوف يدرسون قواعد اللعبة التي ساعد الغرب الأسد على كتابتها: تجاهل الانتقادات وانتظر حتى يتضاءل اهتمام العالم. وفي نهاية المطاف، حتى الولايات المتحدة سوف تغض الطرف عن فظائعك.الكثير من الطغاة وأفراد العصابات الآخرين الذين يرتكبون جرائم ضد الإنسانية في أماكن مثل روسيا والصين وميانمار والسودان سوف يدرسون قواعد اللعبة التي ساعد الغرب الأسد على كتابتها: تجاهل الانتقادات وانتظر حتى يتضاءل اهتمام العالم. وفي نهاية المطاف، حتى الولايات المتحدة سوف تغض الطرف عن فظائعك..
---------
ترجمة مركز ادراك
- جوش روجين هو كاتب عمود في قسم الآراء العالمية في صحيفة واشنطن بوست. يكتب عن السياسة الخارجية والأمن القومي، وهو أيضاً محلل سياسي لشبكة سي إن إن، وهو مؤلف كتاب الفوضى تحت السماء: “ترامب” و “شي” والمعركة من أجل القرن الحادي والعشرين. ↩︎