لست بصدد الإشادة بالحلقة ولا بضيفها، وإنما كانت الأفكار والخواطر تتداعى على ذاكرتي مع كل مخيبات الآمال وأنا أتابع الحلقة بل وكانت تلح علي وخزات الضمير قائلة: لماذا نحن في سورية مختلفون عن الآخرين؟ لماذا يخيم صمت القبور على مآسينا؟ لماذا يلف الإهمال وثائقنا؟ لماذا يحتجز السوريون أطناناً من المعلومات عن القتل والتعذيب والإخفاء والإقصاء والتمييز والفساد والمظالم؟ أسئلة كثيرة كانت تنهمر علي كالشلال الذي ينصب من علٍ وأنا أستمع إلى ضيف حلقة بلا حدود يتحدث بطلاقة على الرغم من الوعكة الصحية الظاهرة عليه.
لا شك أن عقد الثمانينات شهد الكثير من المآسي الفردية والجماعية على كل الأصعدة، فقد ابتلعت السجون خيرة شباب الوطن، وحصدت مناجل القتل المئات من مواطنينا الأبرياء، وخيمت على حياتنا أنواع البؤس والشقاء وطرح الآلاف خارج الوطن مشردين في الأرض هم وذراريهم بلا اعتراف حتى بشخصياتهم القانونية، وأصبحت معركة الحصول على جواز السفر يهون دونها الغالي والنفيس، ولا تزال حياتنا السورية تزخر بكل أنواع التسلط والعنف والإقصاء ضد المواطنين بتوجهاتهم المختلفة وعرباً وكرداً بينما الفساد منتشر على أوسع نطاق ... على الرغم من ذلك فمن الذي استيقظ ضميره من داخل أجهزة الأمن وأفاد ببعض ما يحصل داخل السجون والمعتقلات وغرف التحقيق المظلمة التي تكسر فيها الأضلاع وتزهق فيها الأرواح وتهدر فيها الكرامة البشرية بكل ما فيها، لم نسمع عن تسريبات أمنية أو إعلامية على نحو ما جرى في أبو غريب الذي استغلته السلطة السورية للتشنيع على غيرها وبيتها ليس من زجاج وحسب بل أوهى من بيت العنكبوت، ما يمنع من كشفه إلا الغطاء الذي لا تزال مشمولة به. ولم نسمع عن آخرين استيقظت ضمائرهم وانشقوا أو سربوا من داخل طغمة الفساد ما أزكم الأنوف! هل ماتت ضمائر السوريين إلى هذا الحد ونحن نتحدث في كل يوم عن الشيم العربية التي تأبى الضيم وترفض الظلم وتتعاطف مع حلف الفضول. وحتى الذين انشقوا عن النظام ووعدوا بكشف المستور في ملفاتهم التي اصطحبوها معهم لم يلبثوا أن صمتوا صمت القبور.
سأكون في حديثي هذا أكثر صراحة ووضوحاً وجرأة، فالنائحة ليست كالثكلى، فما بال الثكالى لا ينوحون! هل قطع الخوف والإرهاب نياط قلوبهم! أم هل استسلموا لليأس القاتل! أم تغيرت قناعاتهم فأصبح الساكت عن الحق ملاكاً طاهراً! وهل تغيرت الحقائق فعاد الموتى من قبورهم، والمفقودون من زنازينهم والمعتقلون من سجونهم. وهل استرد الشعب البلايين المسروقة والكرامة المهدورة، وهل تحولت الفضائح إلى فضائل! وهل ساد العدل والأمن وأصبح الناس كأسنان المشط! لن ألوم الأحزاب العربية التي أصبحت تحج إلى نظام الممانعة والصمود والتصدي! ولن ألوم الجماعات الإسلامية التي نسيت تدمر وحماة وخلع الحجاب وطرد المحجبات من الجامعات وسلك التعليم فهم يعتبرون التقرب من نظام القمع والفساد والتستر عليه لا يعدو لمماً أمام القضايا الاستراتيجية التي تهدد كيان الأمة! اللوم موجه للثكلى التي سرعان ما جف دمعها ولأمها التي سرعان ما توقفت عن النواح لأن خلف الباب غول مفترس يتهددها إن تنهدت. اللوم للذين أنساهم الخوف على لعاعات الحياة والحرص عليها بعد أن صاروا إلى بلاد الدعة والرفاه، نسوا أن يتذكروا أحباءهم ولو بتسريب كلمة تؤثر عنهم في الآخرين.
في سابق الأيام كنت أستمع إلى بعضهم وهو يتحدث عن ملاحم الدم فأقول لهم ليتنا نركز على ملاحم الدمع، ونتحول إلى ملاحم كشف المستور من الحقيقة! ودارت الأيام وإذا بي بنفس الأشخاص وبأعيانهم ينتحلون الأعذار لأنفسهم ولغيرهم من المقربين منهم لكي لا (يتيكلكسوا) بأي معلومة تنشر ضياء الحقيقة على ضبابية مشاهد الماضي.
لن أقنط بل سأنتظر الويكليكس السوري القادم من وراء غبار الماضي بكل أثقاله ليسرب شهاداته ووثائقه الواحدة تلو الأخرى، لتنكشف أوزار الحقيقة، ويرى المضللون قرص الشمس، ويخسأ الذين يحجبونه بغربال الإرهاب أوالخوف والمصلحة... وإني لمنتظر ... بانتظار ويكليكس.
لا شك أن عقد الثمانينات شهد الكثير من المآسي الفردية والجماعية على كل الأصعدة، فقد ابتلعت السجون خيرة شباب الوطن، وحصدت مناجل القتل المئات من مواطنينا الأبرياء، وخيمت على حياتنا أنواع البؤس والشقاء وطرح الآلاف خارج الوطن مشردين في الأرض هم وذراريهم بلا اعتراف حتى بشخصياتهم القانونية، وأصبحت معركة الحصول على جواز السفر يهون دونها الغالي والنفيس، ولا تزال حياتنا السورية تزخر بكل أنواع التسلط والعنف والإقصاء ضد المواطنين بتوجهاتهم المختلفة وعرباً وكرداً بينما الفساد منتشر على أوسع نطاق ... على الرغم من ذلك فمن الذي استيقظ ضميره من داخل أجهزة الأمن وأفاد ببعض ما يحصل داخل السجون والمعتقلات وغرف التحقيق المظلمة التي تكسر فيها الأضلاع وتزهق فيها الأرواح وتهدر فيها الكرامة البشرية بكل ما فيها، لم نسمع عن تسريبات أمنية أو إعلامية على نحو ما جرى في أبو غريب الذي استغلته السلطة السورية للتشنيع على غيرها وبيتها ليس من زجاج وحسب بل أوهى من بيت العنكبوت، ما يمنع من كشفه إلا الغطاء الذي لا تزال مشمولة به. ولم نسمع عن آخرين استيقظت ضمائرهم وانشقوا أو سربوا من داخل طغمة الفساد ما أزكم الأنوف! هل ماتت ضمائر السوريين إلى هذا الحد ونحن نتحدث في كل يوم عن الشيم العربية التي تأبى الضيم وترفض الظلم وتتعاطف مع حلف الفضول. وحتى الذين انشقوا عن النظام ووعدوا بكشف المستور في ملفاتهم التي اصطحبوها معهم لم يلبثوا أن صمتوا صمت القبور.
سأكون في حديثي هذا أكثر صراحة ووضوحاً وجرأة، فالنائحة ليست كالثكلى، فما بال الثكالى لا ينوحون! هل قطع الخوف والإرهاب نياط قلوبهم! أم هل استسلموا لليأس القاتل! أم تغيرت قناعاتهم فأصبح الساكت عن الحق ملاكاً طاهراً! وهل تغيرت الحقائق فعاد الموتى من قبورهم، والمفقودون من زنازينهم والمعتقلون من سجونهم. وهل استرد الشعب البلايين المسروقة والكرامة المهدورة، وهل تحولت الفضائح إلى فضائل! وهل ساد العدل والأمن وأصبح الناس كأسنان المشط! لن ألوم الأحزاب العربية التي أصبحت تحج إلى نظام الممانعة والصمود والتصدي! ولن ألوم الجماعات الإسلامية التي نسيت تدمر وحماة وخلع الحجاب وطرد المحجبات من الجامعات وسلك التعليم فهم يعتبرون التقرب من نظام القمع والفساد والتستر عليه لا يعدو لمماً أمام القضايا الاستراتيجية التي تهدد كيان الأمة! اللوم موجه للثكلى التي سرعان ما جف دمعها ولأمها التي سرعان ما توقفت عن النواح لأن خلف الباب غول مفترس يتهددها إن تنهدت. اللوم للذين أنساهم الخوف على لعاعات الحياة والحرص عليها بعد أن صاروا إلى بلاد الدعة والرفاه، نسوا أن يتذكروا أحباءهم ولو بتسريب كلمة تؤثر عنهم في الآخرين.
في سابق الأيام كنت أستمع إلى بعضهم وهو يتحدث عن ملاحم الدم فأقول لهم ليتنا نركز على ملاحم الدمع، ونتحول إلى ملاحم كشف المستور من الحقيقة! ودارت الأيام وإذا بي بنفس الأشخاص وبأعيانهم ينتحلون الأعذار لأنفسهم ولغيرهم من المقربين منهم لكي لا (يتيكلكسوا) بأي معلومة تنشر ضياء الحقيقة على ضبابية مشاهد الماضي.
لن أقنط بل سأنتظر الويكليكس السوري القادم من وراء غبار الماضي بكل أثقاله ليسرب شهاداته ووثائقه الواحدة تلو الأخرى، لتنكشف أوزار الحقيقة، ويرى المضللون قرص الشمس، ويخسأ الذين يحجبونه بغربال الإرهاب أوالخوف والمصلحة... وإني لمنتظر ... بانتظار ويكليكس.