نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

الفرصة التي صنعناها في بروكسل

26/11/2024 - موفق نيربية

المهمة الفاشلة لهوكستين

23/11/2024 - حازم الأمين

العالم والشرق الأوسط بعد فوز ترامب

17/11/2024 - العميد الركن مصطفى الشيخ

إنّه سلام ما بعده سلام!

17/11/2024 - سمير التقي

( ألم يحنِ الوقتُ لنفهم الدرس؟ )

13/11/2024 - عبد الباسط سيدا*

طرابلس "المضطهدة" بين زمنين

13/11/2024 - د.محيي الدين اللاذقاني


المقارنة بين محاولات التطبيع العربي والتطبيع التركي مع النظام السوري






فتحت كارثة الزلزال المدمر شهية الأنظمة العربية في السعودية والإمارات وسلطنة عمان ومصر والأردن للانفتاح على النظام؛ دون وجود هدف واضح من ذلك، إنما تجهد هذه الأنظمة أن تضم لناديها نظاماً لا همَّ له إلا الاستمرار.


وتشترك مع النظام السوري في غياب المشروع الواضح، مقابل المشاريع الإقليمية؛ الإيراني الذي يسعى إلى ابتلاع هذه الأنظمة، وتريد تلك الأنظمة العربية المهادنة معه عبر وسيط “نظام الأسد” من خلال تقديم الدعم الاقتصادي له، وهو أمر حصل سابقاً، مقابل وعود بتحجيم إيران لا يلتزم بها الأسد، بل هو غير قادر على الالتزام بها.
والمشروع التركي الذي يجد له صدى واسعاً في أوساط الشارع العربي، بدليل تجاوز عدد أفراد الجالية العربية في تركيا /10/ ملايين مواطن عربي من مصر وسورية والعراق والجزائر، وأنه أثبت خلال الفترة الماضية أنه لا يمثل الإسلام السياسي، كما حاولت تلك الأنظمة اتهامه بذلك، والتعامل معه وفق ذلك المنظور الضيق.
أما المشروع الإسرائيلي فلا تتعارض تلك الأنظمة معه، بل تعمل على التطبيع والتعامل معه، وتنظر له بنفس العين التي تنظر فيها إلى نظام الأسد، فإسرائيل لا تريد تغيير تلك الأنظمة، ولا العبث بتركيبتها، إن ما تطمح إليه منها صك اعتراف رسمي من قِبلها بأنها دولة قائمة وليس كيان غاصب، وتتعامل بموجب هذا الصك بشكل تدريجي لتحقيق أهدافها.
أصدرت الجامعة العربية في الآونة الأخيرة من عمر الثورة السورية، العديد من البيانات التي تدعو إلى ضرورة لعب الدول العربية دوراً في سورية وعدم تركها ميداناً للمشروعين الإيراني والتركي، إلا أن الواقع يعكس أن تلك الدول أو البعض منها وخاصة الراغبين في لعب الدور المذكور في بيانات الجامعة العربية، أثبتت أنها غير فاعلة، كما أنه ليس لديها القدرة على لعب أي دور أو اجتراح أي محور ينتج تأثيراً خاصاً بها في سورية، يوازي إلى حد ما الاتفاق الروسي الأمريكي في سورية، أو الاتفاق الروسي الإسرائيلي في سورية، أو يشابه محور أستانة المكون من روسيا وتركيا وإيران.
الانفتاح على النظام في ميزان القدرة على تحقيق خرق ما في الملف السوري
ليس من باب التصغير ولا الاستخفاف، فإن الدول العربية التي تلعب اليوم رأس حربة في إعادة تأهيل النظام والتطبيع معه، لم تكلل بالنجاح، كل محاولاتها السابقة أو مشاريعها الخاصة بها، وكانت في غالبيتها العظمى مبتورة، حتى دون أي إخراج مناسب لها من شأنه حفظ ماء الوجه، وبقيت عرضة للنسيان في مجتمع تنهرس فيه ذاكرة أفراده من الويلات التي أتت بها تلك الأنظمة لها. وتنحصر اهتماماتهم في أمرين لا ثالث لهم إما البقاء على قيد الحياة فيه والسعي لتأمين مقومات ذلك، أو السعي للهجرة منه وتأمين مستلزماتها. وينطبق ذلك على مشاريعها سواء ما هو متعلق بالمسألة السورية، وضرورة إيجاد حل لها، أو المشاريع البينية التي جمعت بعضها.
فلم تكلل بأدنى درجات النجاح زيارات وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان في عام 2019، لشمال شرقي سورية، واجتماعاته مع وجهاء العشائر في كل من دير الزور والرقة، وتقديمه لهم الدعم المالي والسياسي مقابل توظيف نفوذهم ومكانتهم في توجيه أبناء المجتمع وأفراد العشائر على الانخراط بشكل واسع في صفوف قوات “قسد” عسكرياً وسياسياً، وتجاهل الإقصاء والتهميش الذي تمارسه “قسد” بحقهم.
وعلى المستوى العربي/ الإقليمي لم يرَ النورَ ما سُمي بمشروع “الشام الجديد” والذي تم الإعلان عنه في آذار/ مارس 2019، خلال القمة الثلاثية التي عقدت في العاصمة العراقية بغداد، وجمعت رئيس الوزراء العراقي آنذاك عادل عبد المهدي، والرئيس عبد الفتاح السيسي، والملك عبد الله الثاني، حيث يتعلق المشروع بتحقيق الربط الكهربائي بين الدول المشتركة فيه “مصر والعراق والأردن” ونقل الغاز والنفط بينها.
يعجّ التاريخ السياسي للأنظمة العربية قديمه وحديثه بمثل هذه المبادرات، وربما ما شهدته الساحة “اليمنية – السعودية” يعد نموذجاً حديث العهد بالنسبة لنا، حيث الحلول المؤقتة والتراخي في الفعل أوصلت المملكة العربية السعودية للاعتراف بميليشيا الحوثي طرفاً سياسياً في اليمن، بدفع إيراني واضح.
ويعود عدم قدرة تلك الأنظمة على التأثير والوصول لمخرج نهائي لخطواتها السياسية إلى عوامل ذاتية وموضوعية، لا يخفى على أحد العوامل الذاتية منها.
أما العوامل الموضوعية فتتعلق بتدخُّلات إقليمية كبيرة لا تمتلك تلك الأنظمة القدرة على تجاوُزها، حيث تم تعطيل مشروع الشام الجديد بسبب تحكُّم القوى السياسية المقربة من إيران بالمشهد العراقي، وخشيتها من الانخراط في المشروع بناء على تحفظات وتوجيهات إيرانية، والتي إن عملت خلافها فإنها قد تكلفها حياتها، فقد ذكر وزير الخارجية الأمريكي السابق “مايك بومبيو” في مذكراته عن اجتماعه مع رئيس وزراء العراق السابق “حيدر العبادي” لإقناعه بعدم الحصول على موارد الطاقة من إيران فرد العبادي على بومبيو بقوله: “حضرة المدير حين تغادر سيأتي قاسم سليماني لكي يراني، فأنت يمكنك أن تأخذ أموالي لكن هو سيأخذ حياتي”.
المقارنة بين التطبيع العربي والتطبيع التركي مع النظام
يُعَدّ تحجيم النفوذ الإيراني واحداً من أبرز شروط ما يمكن تسميتها بـ”المبادرة العربية”، إلا أن هذا الشرط وعرضه على النظام السوري، لا نبالغ إن قلنا إنه وُلد ميتاً، فبالإضافة إلى عدم امتلاك الدول العربية التي أصبحت ساحاتها ملعباً للإيرانيين؛ الأوراق السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تشهرها في وجه إيران، فإن إيران ترى أن التطورات في سورية تسير لصالحها، خاصة مع الاستنزاف الروسي الكبير في أوكرانيا، وتنتظر ترك روسيا لها الساحة السورية، رغم تعاونهما معاً في سورية وأوكرانيا، وتسلك إيران في تعامُلها مع الروس نفس الطريق في تعامُلها مع النظام السوري عند خروجه من لبنان، فقد كانت سعيدة لخروجه من هناك، وترك الساحة لها ولحليفها حزب الله بكاملها.
وتختلف الخطوة العربية تِجاه النظام بمقارنتها مع الاستدارة التركية في عدة أوجه، فبعد مضيّ أكثر من ثلاث سنوات على الاجتماعات الأمنية بين الجانبين “التركي والنظام السوري”، تم الانتقال إلى الاجتماعات المعلنة على المستوى العسكري، ما يعني أن التقارُب يسير في طريق شائك وصعب، لا يملك فيه النظام القدرة على تحقيق المطالب التركية، ولا ترى تركيا أنها مضطرة للتنازل له دون مقابل، إضافة إلى صدور التصريحات المطمئنة للمعارضة وقوى الثورة التي تعد بعدم التخلي عنها، من أرفع الشخصيات السياسية والدبلوماسية والعسكرية في تركيا، في حين غابت تلك التصريحات في خطوات المبادرة العربية.
كما تتم الاستدارة التركية من خلال اجتماعات بين الطرفين بوساطة روسية، تشير إلى عدم الاعتراف التركي بالنظام وانفراده في الاستيلاء على السلطة في سورية، بينما يغيب الوسيط في المبادرة العربية، وحبذا لو وُجد من باب الشهادة ليس إلا.
وفي الوقت الذي تخلو فيه يد الدول العربية من أدوات التأثير على النظام، وعدم السماح لهم من قِبل الدول صاحبة النفوذ في سورية “أمريكا – روسيا – تركيا – إيران” لتقاسم المكاسب الممكن تحصيلها من سورية، وفق الأهداف الخاصة لكل منهم، فإن تركيا تمتلك أدوات التأثير ضد النظام وحلفائه، وعلى رأسها الميدانية منها، حيث استهدفت قواتها في ذروة استدارتها باتجاه النظام في 12 كانون الأول/ يناير 2023، موقعاً مشتركاً لقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية و”قسد” في بلدة المياسة التابعة لناحية نبل والتي تقع على محاور التماس لمدينة عفرين شمال حلب أودى بحياة أربعة ضباط بينهم ضابط برتبة لواء، ونفذت الفصائل العسكرية المدعومة من قِبلها أعنف الهجمات ضد مواقع قوات النظام. ناهيك عن الأوراق الاقتصادية والدبلوماسية ضد النظام وداعميه
----------
نداء بوست

 


رشيد محمود حوراني
الثلاثاء 28 فبراير 2023