نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

إيران وتجرّع كأس السم

30/10/2024 - هدى الحسيني

كيف صارت إيران الحلقة الأضعف؟

23/10/2024 - مروان قبلان

الأسد والقفز بين القوارب

20/10/2024 - صبا مدور

هل ستطول الحرب الإسرائيلية نظام الأسد؟

20/10/2024 - العقيد عبد الجبار عكيدي


العائلات اليمينية الثلاثة في أوروبا




فعلاً، لم يعد اليمين المتطرّف على سابق عهده. هل هو التعبّد الذكوري لـ"الرجال الأقوياء"؟ لا شكّ أن رئاسة الجبهة الوطنية ستأول الى امرأة – صحيح أنها ابنة المؤسّس... بينيديكتوس السادس عشر يُصلح بين الكنيسة والأصوليين؟ تشكيلات لطالما ارتكزت على القيم المسيحية تدافع عن حقوق المثليين وتُنّصب عليها قادة يجاهرون بمثليتهم الجنسية.... هل هي مراعاة تقليدية لمناهضة السامية وإنكار المحرقة اليهودية؟ أصبحت غالبية الحركات اليمينية المتطرّفة تُبدي دعماً مطلقاً للحكومة الإسرائيلية الحالية، الحصن الأمامي للغرب.



والسبب في ذلك أن إدانة "الغزو الإسلامي" أصبحت الرباط الأساسي الموحِّد لتشكيلات تختلف في الواقع بالرأي حول موضوع العولمة، الدولة الأمة، أوروبا، الحمائية، دولة الرعاية، الخدمات العامة، العلاقات مع الولايات المتحدة... فهل يمكننا إذاً الكلام عن "يمين متطرّف أوروبي جديد"؟ يردّ أفضل المراقبون على هذا السؤال بسؤال آخر –على غرار اليسوعيين كما يُقال: أليس في كلّ من تلك العبارات فخّاً؟
هل تلك التيارات "جديدة"؟ "باستثناء حزب الحريّة (الهولندي) التابع لجيرت وايلدرز، إنها عبارة عن تشكيلات يمينية متطرّفة قديمة (1)" بحسب ما يؤكّد عليه بيارو إينيازي، الأستاذ في العلوم السياسية في جامعة بولونيا الايطالية (2). "وإن السياق الذي تتّبعه تلك التي تحاول الاندماج بالنظام بتحوّلها الى تشكيلات محترمة، تصطدم بتقليدها النيوفاشي الجديد." يرتبط التميّز الفعلي بنماذج خاصة بتلك الفترة: اختفاء العدوّ الشيوعي الذي استُبدل منذ 11 أيلول/سبتمبر بالعدوّ الإسلامي –لا بل المسلم.
إنها أشبه بعودة الى الفيلسوف الألماني أوزفالد سبينغلر الذي شكّل كتابه، انحطاط الغرب (3)، الذي صدر في العامين 1918 و1922، سلاحاً فكرياً للديكتاتوريين الحديثي العهد المعارضين لجمهورية فيمار. بفارق واحد وهو أن النجاح الانتخابي الذي حقّقه مؤخراً الورثة القدامى للقوى السوداء يندرج في سياق انزلاق باتّجاه يمين الساحة السياسية الأوروبية، فما من قوة بديلة تستغلّ الأزمة الناتجة عن هيمنة الرأسمالية المالية المعوملة.
حتى أن صفة "اليمين المتطرّف" تزعج العالم السياسي جان إيف كامو (4)، الباحث الملتحق بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، الذي يفضّل اعتبار تلك التشكيلات "راديكالية، معادية للأجانب وشعبوية". ألا يكيّفون هذه الصفة الأخيرة مع كافة الوصفات؟ يتابع كامو: "لا تناسبني هي أيضاً، إلا في حال حدّدناها على أنها النزعة لاستبدال الديموقراطية التمثيلية بالديموقراطية المباشرة، فـ"الحكمة الشعبية" هي دائماً على حقّ أمام النخب المنحرفة بطبيعة الحال." بعكس ذلك، يؤكّد من يُدعى إيريك وورث، على أنه "سيأتي يوم ستشكروننا فيه (5)" على إصلاحنا نظام التقاعد: فهل 70 في المئة من الفرنسيين الذين يقولون "لا!" هم في النهاية أغبياء؟ يخلص العالم السياسي الى القول: "النخبوية والشعبوية توأمان".
يشبّه كامو بطيبة خاطر هؤلاء القادة الذين ظهروا من العدم بـ"الأجسام الطائرة المجهولة": الهولندي ويليلموس سيمون بيتروس فورتون، الاشتراكي السابق الذي يجاهر بمثليته ومعاداته للإسلام –تحدّث عن القمع، الحقيقي، الذي يتعرّض له اللوطيين في الشرق الأوسط، كما يتحدّث غيره عن التعدّي على حقوق المرأة-، الذي اغتيل في 6 أيار/مايو 2002، قبل ثلاثة عشر يوم على الخرق الذي ستحقّقه لائحته (17 في المئة)؛ السويسري كريستوف بلوتشر واتّحاده الديموقراطي الوسطي (UDC)، الحزب الزراعي القديم الذي سيحصد في العام 2007، إثر تطرّفه، 29 في المئة من الأصوات؛ حزب الفلمنكيين الحقيقيين الغريب، وهو تحوّل معادٍ للمؤسسات وللمهاجرين، لتشكيلة قديمة يخطب قائده تيمو سوينو اليوم في البرلمان الأوروبي...
فهل من الأفضل استخدام المفرد أو الجمع لوصف اليمين المتطرّف في القارة العجوز؟ يتحدّث كلّ من إينيازي وكامو عن "حركة هجينة" تختلف أطرها بين حزب وآخر بحسب خصوصيات الدول وتقاليدها ومسرحها السياسي. بالتالي يصبح وصفه بـ"الأوروبي" متناقضاً، إذ لطالما كانت النزعة الوطنية لليمين المتطرّف تتنافر مع بنية الوحدة التي دعا إليها كلّ من روبرت شومان وجان مونيه منذ أكثر من ستّين سنة.
يمكن للمحقّق الصحافي المزوّد بهذا الجدول التحليلي، أن يجمع من الشرق الى الغرب عناصر كافية لترتيب تصنيف أوروبي براغماتي، يميّز بين ثلاث مكوّنات كبرى:
- مجموعات نيوفاشية هامشية، تجد صعوبة في الانسلاخ عن الحنين الى القمصان السود أو السمر، وحتى الى كتائب الصاعقة الالمانية SS التي كان يحارب أجدادهم ضمنها "البولشيفية اليهودية". أما المجموعات الأكثر رمزية الآيلة الى انطفاء طبيعي: مجموعة ريبوبليكانر Republikaner الألمانية، الكتيبة الإسبانية، الحركة الاشتراكية الإيطالية ذات الشعلة الثلاثية الألوان أو حركة الإنذار الشعبي الأروثوذوكسي (ديانة 98 في المئة من اليونانيين).
- أحزاب مضادة للنظام تبذل جهدها منذ التسعينات، كلّ على طريقته، لكسر "الحظر الصحّي" الذي كان اليمين المعروف بالجمهوري يعزلها خلفه، لكي تجد لنفسها مكاناً تحت الشمس؛
- وأخيراً، ضمن هذا الحيّز الذي هجره "المحترمون"، ظهور أجسام طائرة مجهولة ذُكرت أعلاه –كون السياسة بطبيعتها تكره الفراغ.
إن كان التأثير الانتخابي للتشكيلات التي تنتمي الى الفئة الأولى يبقى محدوداً (تتراوح بين 0,1 و7 في المئة)، فقد جمعت أحزاب تنتمي بالأحرى الى الفئتين الأخرتين نسبة تفوق 10 في المئة من الأصوات في أحد عشر دولة، خلال الانتخابات الأوروبية للعام 2009 أو خلال انتخابات أخرى أجريت مؤخراً: النمسا (12,7 في المئة)، بلجيكا (10,9 في المئة)، بلغاريا (12 في المئة)، الدانمارك (14,8 في المئة)، فرنسا (10 في المئة)، هنغاريا (16,7 في المئة)، إيطاليا (10,2 في المئة)، ليتوانيا (12,2 في المئة)، النروج (22,9 في المئة)، هولندا (17 في المئة) وسويسرا (29 في المئة). هذه اللائحة تستثني تشكيلة كبيرة أخرى هي التحالف الوطني الإيطالي لأنه هو الوحيد الذي أجرى قطيعة نهائية معها.
بالنسبة لإينيازي، "المعيار الأساسي هو معرفة ما إذا كان الحزب ينوي البقاء خارج النظام –على أمل الإطاحة به- أو يريد التموضع فيه لتغييره من الداخل". شرط أن يكون قادراً على ذلك، بتعبير آخر "أن يكفّ اليمين المعتدل عن عزله". ويذكّر البروفيسور كيف عدل في نهاية المطاف كلّ من التجمّع لأجل الجمهورية (RPR) والاتحاد لأجل الديمقوراطية الفرنسية (UDF)، وبصعوبة نوعاً ما –عدا بعض الاستثناءات الصاخبة (6)- عن التحالف مع الجبهة الوطنية. يعتبر إينيازي أن " "التطرّف" لا يكون في غالبية الأحيان سوى ردّة فعل على هذا العزل. وبالعكس، إن الذين يمزجون الماء بخمرهم يفعلون ذلك لأنهم يعرفون بأن اليمين سيقبل بهم."
على بعد حوالى 800 كيلومتر شمالاً، اعتقد يورغ هايدر بأنه سيتمكّن من الفوز بالرهان نفسه الذي وضعه نظيره الإيطالي، لكن دون التخلّي عن شيء من هويته. ساهم سيدّ حزب الحرية النمساوي منذ العام 1986، سفي تشدّد تشكيلته السياسية في وجه حكومة فيينا التي يلومها على كونها أقلّ فعالية في مجال التوظيف ممّا كانت عليه حكومة.... الرايخ الثالث! بتحقيقه نسبة 27 في المئة في العام 2009، لحق حزبه بالاشتراكيين وتخطّى المحافظين –الذين قدّم قائدهم وولفغانغ شلوسل حقائب وزارية الى بعض أعضاء حزب الحريّة النمساوي. انسحب هايدر حينها الى حصنه في كارينثيا. وفي العام 2005، دفعت به "الثورة على الآباء" التي لم يكن من الممكن تفاديها، الى إنشاء التحالف لأجل مستقبل النمسا ذو النزعة النيوفاشية المتطرفة، مجزّئاً بذلك اليمين الى قسمين –ثلث صغير منطوٍ على ذاته وثلثان كبيران ملتحقان بالنظام- قبل أن يلقى حتفه في العام 2008 وهو يقود سيارته من طراز BMW في حالة سكر، بعد خروجه من نادٍ ليلي للمثليين.
لدى ترشّحها كخلف لوالدها، كانت السيدة ماريان لو بين تودّ، على غرار هايدر، خوض مسيرة شبيهة بمسيرة فيني، لكن مع بقائها وفيّة لقيمها – افتراضاً أنه من الممكن نزع صفة "الأبلسة" عن الجبهة الوطنية دون تحويل الحزب القديم بصورة جذرية الى حدّ تغيير اسمه. لكن كيف يمكن مقاومة تمرّد المجموعات التي تحنّ الى جمهورية فيشي والإمبراطورية الاستعمارية التي جرى "التفريط بها"؟ سنحت الفرصة للمرشّح الآخر المترصّد لمنافسته الإشارة الى تناقضاتها: يعتبر السيد برونو غولنيش أن السجال حول "الاحتلال" المسلم الذي يتم تضخيمه بشكل مصطنع، "يظهر، عند الضرورة، حدود الاستراتيجية المعروفة بـ"نزع الأبلسة". إن النظام السياسي الإعلامي عاجز عن الاكتفاء بالضمانات التي يعطونه إياها. فهو يطلب دائماً المزيد (...)، أن نحني الرأس ومن ثم الظهر وصولاً الى الركوع(7)".
أما الإبنة الحائزة على القيادة فقد استنبطت العبر من مصير النمساوي: فبدل اعتبارها، على غراره، طتائب الصاهقة SS "قسم من الجيش الألماني الجدير بالتكريم (8)"، تنوي نهائياً طيّ صفحة الحرب العالمية الثانية والتحريضات العزيزة على قلب والدها، كاعتباره غرف الغاز "تفصيلاً من التاريخ".
الأهمّ هو عدم تردّدها إزاء تحدّثها في الأمور الاجتماعية مع العمّال الذين استعادت الجبهة الوطنية من بينهم عدداً من الناخبين، الذي خيّبهم اليسار والساركوزية على حدّ سواء. على غرار السيد لو بين الذي دافع فجأة في الأول من أيار/مايو 2010، ناسياً أنه كان في ما مضى ليبيرالياً متطرّفاً ومُعجباً برونالد ريغان، عن القدرة الشرائية والضمان الاجتماعي وأنظمة التقاعد –لأجل "تنشيط الاستهلاك وبالتالي استعادة طريق النموّ"، الوحيدة القادرة على السماح بـ"إيجاد عمل للجميع، رجالاً ونساء (9)". كما طالب بالدفاع عن الحدود الاقتصادية، وبإصلاح ضريبي عادل، ودعم الزراعة والشركات أو الصناعات الصغيرة والمتوسّطة الحجم، الخ. وكانت خلاصة الأب التي أعطاها لابنته بشكل برنامج: "منذ حوالي عشرة أعوام، يتطوّر التشارك لمصلحة الرأسمال المالي. (...) أضيفوا الى ذلك إجراءات توقّف الضمان الاجتماعي عن تسديد بعض العلاجات أو الأدوية والإعفاءات في المجال الصحّي وإعادة النظر بأنظمة التقاعد، هي اختيار لوجهة ليبيرالية متطرّفة تتعارض بعمق مع مساعي وتقاليد بلدنا."
بحسب بيارو إينيازي، ما تتميّز به الأحزاب الغير مسؤولة هو أنها تعد في الوقت نفسه بأننا "غداً سنأخذ كلّ شيء مجاناً ولن ندفع الضرائب بعد الآن". بشرط أن "تتوافق الدولة الاجتماعية مع الأفضلية الوطنية" –في أوروبا الجنوبية والشرقية التي يتآكلها البؤس كما في أوروبا الشمالية التي لا تزال متخمة، شرط التستير على الرهانات الفعلية بتغذية حالة من الغموض العام. مثل آخر: كان اليمين المتطرّف يدّعي المراهنة على الدول لأجل مقاومة رأس المال العابر للأوطان، وها أن عصبة الشمال الايطالية وحزب فلامز بيلانغ الهولندي يناديان بانشقاق بادانيا وفلاندريا. فهل سيتم استبدال تمجيد الهوية الوطنية بتكريس الهوية المناطقية؟
ألا أنه يمكن إيجاد قاسم مشترك لها، باستثناء الحالة الفرنسية: الدعم لإسرائيل. في بداية كانون الأول/ديسمبر، مكث حوالي ثلاثين قائد من اليمين المتطرّف –من بينهم الهولندي جيرت وايلدرز (10)، البلجيكي فيليب ديوينتر وخليفة يورغ هايدر، النمساوي هاينز كريستيان ستراتش –في إسرائيل حيث استُضيفوا بالتكريم المخصّص للضيوف المتميّزين. إن الطيور على أشكالها تقع: فنائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية أفيغدور ليبيرمان –المصمّم على تحرير دولة يريدها يهودية، من فلسطينييها- تحدّث بحرارة مع الهولندي جيرت وايلدرز الذي يحلم من جهته بمنع القرآن.
يشكّل تحالف الحرية الأوروبي European Freedom Alliance (EFA) الذي تنتمي إليه هذه البعثة، الفرع الأوروبي للجمعية الأميركية التي تحمل الإسم نفسه. يشيد الراعي أوبري تشيرنيك، الذي يحتل المرتبة الثانية والأربعين على لائحة أثرياء لوس أنجلس(11) (حوالي 750 مليون دولار)، مع "إعلان القدس"، بتحالف للديموقراطيات في وجه هذا "التهديد الشامل الجديد ذو الطابع التوتاليتاري: النزعة الإسلامية".
بعد عودتهم الى أوروبا، شارك العديد من هؤلاء السوّاح من نوع جديد في الجلسات التي انعقدت في باريس حول موضوع الأسلمة، والتي نظّمتها المجموعتين الصغيريتين Riposte Laïque و Bloc Identitaire –مخترعتا "المقبلات بالنقانق ومشروب البينار الكحولي" وشوربات شعبية بلحم الخنزير- بدعم من الموقع الالكتروني الصهيوني والأطلسي المتطرّف Drzz.fr. لم يعد الأمر يقتصر إذاً على الثأر الأبدي للحروب الاستعمارية –الذي كان حجّة لدعم قسم من التشكيلات اليمينية المتطرّفة حرب إسرائيل في العام 1967-، إنما على دعم من يحاربون على الجبهة الأمامية ضدّ "أسلمة الغرب".
قد يعتبر الأمر مضحكاً: فكيف يمكن لخمس وعشرين مليون مسلم فرض الشريعة على خمسمئة مليون مواطن في الاتحاد الأوروبي؟ لكن هذا يعني سؤ تقدير فعالية التلاعب بالعقول بشكل لا يُضاهى، عندما يتجسّد أمام أعيننا وهم "تصادم الحضارات". في حين يشدّد الإسلاميون على أشكال الإذلال والكبت التي يعاني منها العالم العربي المسلم، يستغلّ المحافظون الجدد معاداة الإسلام عبر توجيه إصبع الاتّهام الى مناهضة السامية التي قد تكون عنيفة أحياناً، إنما مهمّشة على الصعيد العقائدي (12).
في 10 كانون الأول/ديسمبر، في ليون، وصفت مارين لو بين، "متناسية" عدم وجود مساجد في الكثير من المدن، الصلوات المسلمة التي تُتلى في الشارع بـ"إحتلال" بدون "مدرّعات" ولا "جنود". أفي الأمر مصادفة؟ وماذا لو كان هذا المزيج المتبّل الجديد يشكّل البرهان الأفضل للهجوم الجديد الذي تشنّه هذه المجموعة الهلامية المتمركزة الى يمين اليمين؟
طبعاً، هنالك القليل جداً من القواسم المشتركة بين فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وعشرينات وثلاثينات القرن العشرين. لكن الخطر، ولو تغيّر مظهره، ليس أقلّ إثارة للقلق: ليس بالاستيلاء المفاجىء على السلطة من قبل ورثة الفاشية، إنما باستعادتهم التدريجية للهيمنة على مجتمعاتنا المدنية. كالغرامشية معكوسة.
في مذكّرات السجن (13)، كتب المنظّر الماركسي المعروف (غرامشي) بأن الدولة تحمي نفسها بفضل "نظام قائم على معاقل (أجهزة الدولة للرقابة، الثقافة، الإعلام، المدارس والأنماط التقليدية) التي تلغي إية إمكانية لاعتماد استراتيجية هجومية، كونه يُفترض الاستحواذ على كلّ واحدة بدورها. لذا فحرب المواقع ضرورية، إي الاستراتيجية الهادفة الى السيطرة على المستويات المختلفة والمتعاقبة للمجتمع المدني"...
• مؤرّخ وصحافي، شارك مع برتران بادي في الإشراف على مؤلّف:

L'Etat du monde 2011: la fin du monde unique (La Découverte, Paris, 2010)."
(1) الاستشهادات مأخوذة من مقابلات أجراها الكاتب، إلا في حال ذكر العكس.
(2) من إصداراته:
La Fattoria degli Italiani. I rischi della seduzione popolista artiti politici in Italia, Rizzoli, Milan, 2009, L’Estrema destra in Europa, Il Mulino, Bologne, 2000.
(3) أعادت Gallimard نشره، باريس، 1948 (مجلّدين).
(4) شارك في وضع معجم اليمين المتطرّف:Dictionnaire de l’extrême droite, Larousse, Paris, 2007.
(5) في مجلس الشيوخ، 23 تشرين الأول/أوكتوبر 2010.
(6) في 16 آذار/مارس 1986، فاز التجمّع لأجل الجمهورية (RPR) والاتحاد لأجل الديموقراطية الفرنسية (UDF)، في الانتخابات التشريعية والمناطقية، واحتكرا رئاسة عشرين من أصل اثنين وعشرين منطقة متروبوليتية –من بينها خمسة مع دعم الجبهة الوطنية التي ستحصل في المقابل على "مراكز مشرّفة" في ستّ مناطق.
(7) مذكّرة صادرة في 12 كانون الأول/ديسمبر 2010.
(8) Le Point, 11 août 2008.
(9) يخصّص قسماً كبيراً من خطابه الى جان دارك: www.frontnational.com
(10) بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، "عارض وايلدرز استرداد الأراضي مقابل السلام مع الفلسطينيين، مقترحاً الإقامة "الطوعية" للفلسطينيين في الأردن (...). "الصراع هنا في الشرق الأوسط لا يتعلّق بالأرض والحدود، إنما بالمواجهة بين الجهاد الإسلامي والحرية الغربية." الناس "يخطئون عندما يعتقدون أنه بتنازلهم عن اليهودية والسامرية (الضفّة الغربية، ؟؟؟؟؟) والقدس الشرقية الى الفلسطينيين، سيضعون حدّاً للصراع بين إسرائيل والعرب" (...) لقد دافع عن المستوطنات اليهودية في الضفّة الغربية كأنها "حصون صغيرة للحرية، تتحدّى قوى إيديولوجية لا تنكر فقط على إسرائيل، إنما على الغرب بمجمله، حقّ العيش بسلام وكرامة وحريّة" ".
(11) « The 50 Wealthiest Angelenos : Aubrey Chernick #42 », Los Angeles Business Journal, 24 mai 2010.
(12) هذا ما برهنه، سنة تلو الأخرى، تقرير البعثة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان (CNCDH, www.cncdh.fr).
(13) Gallimard, Paris, 1996."


دومينيك فيدال*
الاثنين 27 ديسمبر 2010