وهذا الدعاء لم يقله أبو العلاء المعري حين تخرج بشار الـأسد طبيبا للعيون لكنه سيقول ما هو أبلغ وأفظع ،وهو يرى حوامات القوات الخاصة ودبابات الفرقة الرابعة ، وراجمات الحرس الجمهوري تزرع الخراب في درعا وحمص والرستن ، وتلبيسة وتلكخ ، وبانياس وجسر الشغور لتكمل مهمتها في معرة النعمان حيث ضريح "رهين المحبسين" الذي لم يخرج من داره خلال أربعين عاما إلا مرة واحدة ليتوسط لأهل بلدته عند والي حلب أسد الله بن صالح بن مرداس الذي خرج بجيشه لإخماد عصيان فيها .
وفي الطريق مابين حلب ومعرة النعمان تماما عند النقطة التي تصوب فيها الدبابات مدافعها لصدور من دفعوا ثمنها لتحميهم ، عند تلك النقطة كان ذلك اللقاء بين الشاعر والحاكم والذي أفتتحه ابوالعلاء منشدا :
بعثت شفيعا الى صالح
وذاك من القوم رأي فسد
فيسمع مني سجع الحمام
وأسمع منه زئير الأسد
فقال له المرداسي : بل أنت الذي تسمع منا سجع الحمام ، وأمر بخيامه فرفعت ، وعاد الى حلب ،ولم يدخل المعرة او يقتل أحدا من سكانها رغم عصيانها على سلطته .
سبحان رب التعددية والعقول ومقسمها بالقسط بين الحكام والشعوب ، فحتى في ذلك العصر الدموي كان في سوريا ولاة وحكام يقدرون السلام ويرطنون عند الضرورة بسجع الحمام ، أما اليوم ففيها سفاحون لا هم رجال سلام لتحكي معهم بالحوار والوئام الوطني ، ولا رجال حرب "صامدون ممانعون" كما يدعون ، فتأمن على مستقبل الوطن بين أيديهم بل هم مجرد جهلة قتلة كاذبون لاتعرف هل هم يكذبون أو يقتلون أكثر ، وكأني بفيلسوف المعرة كان ينظر الى الشعب السوري هذه الأيام ويصف محنته بدقة حين قال :
كم أمة لعبت بها جهالها
فتنطست من قبل في تعذيبها
الخوف يلجئها الى تصديقها
والعقل يحملها على تكذيبها
فالحقيقة إنه لا يمكن وصف هذه المرحلة خارج إطار الدم إلا بمرحلة "الأكاذيب الفاضحة " فقد أبتلي السوريون بطغمة تكذب الاحاديث والروايات والعيون ، والكاميرات وأشرطة الفيديو ، وما تلتقطه الأقمار الإصطناعية من السماء أو يصوره البشر على الأرض وتعترض على كل ذلك برواية غبية عن سلفيين ومندسين وطابور خامس يسبق الفرقة الرابعة ليشوه صورتها ومؤامرات دولية واقليمية ومحلية وواقع الحال انه لا يتآمر على سوريا مثل هذه الطغمة الحاكمة المستقتلة والتي ستقتل الالوف في سبيل الحفاظ على منظومة فسادها
ولم يكن عند ابي العلاء المعري نظارة مخابرات سوداء كتلك التي أرتداها حسن تركماني قبل مقابلة أردوغان، أو كتلك التي يرتديها بشار وماهر ، وآصف في صورة ثلاثية شهيرة يكررون نشرها في محاولة لإرهاب شعب ما عاد يخاف ، فقد كانت بصيرة شاعر المعرة أقوى من البصر ، والرجل لم يكن يخجل من عماه بوجود تلك البصيرة النفاذة التي جعلته يشكك منذ ذلك التاريخ بقدرة من يكذبون على أنفسهم وغيرهم على الرؤية الصحيحة ، فالذي لم يبصر العواقب وقت راحته وأنسه لن يمتلك القدرة على رؤيتها في الأزمات مهما كانت النظارة التي يرتديها :
تراقب ضوء الفجر والليل دامس
وما يستر الانسان الا الروامس
فكيف ترى المنهاج والليل مقمر
ولم تره واليوم أزهر شامس
إن السوريين يعرفون أن هؤلاء الذين أضاعوا على الشعب أربعين عاما من فرص التنمية والتقدم وزرعوا البلاد بالفساد والمحسوبية وأحالوها الى مزارع خاصة واستعبدوا كل شئ فيها لا يمكن أن يتحولوا في ليلة وضحاها إلى مصلحين ، فقد خانتهم الرؤيا مع تحولات العالم الكبرى في أوروبا الشرقية بالتسعينات ، وخانتهم مرة أخرى في رؤية وميض النار تحت الرماد في بدايات ربيع دمشق ، وخانتهم ثالثة مع إنطلاقة الربيع العربي قبل خمسة أشهر ، فهؤلاء هم العميان الحقيقيون وليس شيخ المعرة الذي سنستسمحه ونطلب منه الاقرار بخطئه حين قسم البشرنظريا الى صنفين اثنين فقط حين قال :
إثنان أهل الأرض ذو عقل بلا
دين ، و آخر دين لا عقل له
لا يا شيخنا الجليل فلو رأيت هؤلاء الذين تحوم دباباتهم حولك ومروحياتهم فوق ضريحك لأكتشفت صنفا ثالثا من البشر لا دين له ولا عقل ولا أخلاق ، وبين هؤلاء اليوم من يريد إستعارة قولك " هذا ما جناه أبي علي ..." ومشكلة هذا الصنف الثالث إنه لا يستطيع إكمال القول :"... وما جنيت على أحد " فقد جنى "ابن أبيه" وأستكبر وأستبد وفتك وكذب وقتل ورغم كل ما فعل ما يزال يفتقد الرؤيا للخروج من مأزقه الشخصي بعد أن ضاقت الخيارات أمامه ، وتحولت الى خيارين لا ثالث لهما ، فإما حبل "محلي" في ساحة المرجة بدمشق ، أو قفص "دولي " في لاهاي عند أوكامبو .
وفي الطريق مابين حلب ومعرة النعمان تماما عند النقطة التي تصوب فيها الدبابات مدافعها لصدور من دفعوا ثمنها لتحميهم ، عند تلك النقطة كان ذلك اللقاء بين الشاعر والحاكم والذي أفتتحه ابوالعلاء منشدا :
بعثت شفيعا الى صالح
وذاك من القوم رأي فسد
فيسمع مني سجع الحمام
وأسمع منه زئير الأسد
فقال له المرداسي : بل أنت الذي تسمع منا سجع الحمام ، وأمر بخيامه فرفعت ، وعاد الى حلب ،ولم يدخل المعرة او يقتل أحدا من سكانها رغم عصيانها على سلطته .
سبحان رب التعددية والعقول ومقسمها بالقسط بين الحكام والشعوب ، فحتى في ذلك العصر الدموي كان في سوريا ولاة وحكام يقدرون السلام ويرطنون عند الضرورة بسجع الحمام ، أما اليوم ففيها سفاحون لا هم رجال سلام لتحكي معهم بالحوار والوئام الوطني ، ولا رجال حرب "صامدون ممانعون" كما يدعون ، فتأمن على مستقبل الوطن بين أيديهم بل هم مجرد جهلة قتلة كاذبون لاتعرف هل هم يكذبون أو يقتلون أكثر ، وكأني بفيلسوف المعرة كان ينظر الى الشعب السوري هذه الأيام ويصف محنته بدقة حين قال :
كم أمة لعبت بها جهالها
فتنطست من قبل في تعذيبها
الخوف يلجئها الى تصديقها
والعقل يحملها على تكذيبها
فالحقيقة إنه لا يمكن وصف هذه المرحلة خارج إطار الدم إلا بمرحلة "الأكاذيب الفاضحة " فقد أبتلي السوريون بطغمة تكذب الاحاديث والروايات والعيون ، والكاميرات وأشرطة الفيديو ، وما تلتقطه الأقمار الإصطناعية من السماء أو يصوره البشر على الأرض وتعترض على كل ذلك برواية غبية عن سلفيين ومندسين وطابور خامس يسبق الفرقة الرابعة ليشوه صورتها ومؤامرات دولية واقليمية ومحلية وواقع الحال انه لا يتآمر على سوريا مثل هذه الطغمة الحاكمة المستقتلة والتي ستقتل الالوف في سبيل الحفاظ على منظومة فسادها
ولم يكن عند ابي العلاء المعري نظارة مخابرات سوداء كتلك التي أرتداها حسن تركماني قبل مقابلة أردوغان، أو كتلك التي يرتديها بشار وماهر ، وآصف في صورة ثلاثية شهيرة يكررون نشرها في محاولة لإرهاب شعب ما عاد يخاف ، فقد كانت بصيرة شاعر المعرة أقوى من البصر ، والرجل لم يكن يخجل من عماه بوجود تلك البصيرة النفاذة التي جعلته يشكك منذ ذلك التاريخ بقدرة من يكذبون على أنفسهم وغيرهم على الرؤية الصحيحة ، فالذي لم يبصر العواقب وقت راحته وأنسه لن يمتلك القدرة على رؤيتها في الأزمات مهما كانت النظارة التي يرتديها :
تراقب ضوء الفجر والليل دامس
وما يستر الانسان الا الروامس
فكيف ترى المنهاج والليل مقمر
ولم تره واليوم أزهر شامس
إن السوريين يعرفون أن هؤلاء الذين أضاعوا على الشعب أربعين عاما من فرص التنمية والتقدم وزرعوا البلاد بالفساد والمحسوبية وأحالوها الى مزارع خاصة واستعبدوا كل شئ فيها لا يمكن أن يتحولوا في ليلة وضحاها إلى مصلحين ، فقد خانتهم الرؤيا مع تحولات العالم الكبرى في أوروبا الشرقية بالتسعينات ، وخانتهم مرة أخرى في رؤية وميض النار تحت الرماد في بدايات ربيع دمشق ، وخانتهم ثالثة مع إنطلاقة الربيع العربي قبل خمسة أشهر ، فهؤلاء هم العميان الحقيقيون وليس شيخ المعرة الذي سنستسمحه ونطلب منه الاقرار بخطئه حين قسم البشرنظريا الى صنفين اثنين فقط حين قال :
إثنان أهل الأرض ذو عقل بلا
دين ، و آخر دين لا عقل له
لا يا شيخنا الجليل فلو رأيت هؤلاء الذين تحوم دباباتهم حولك ومروحياتهم فوق ضريحك لأكتشفت صنفا ثالثا من البشر لا دين له ولا عقل ولا أخلاق ، وبين هؤلاء اليوم من يريد إستعارة قولك " هذا ما جناه أبي علي ..." ومشكلة هذا الصنف الثالث إنه لا يستطيع إكمال القول :"... وما جنيت على أحد " فقد جنى "ابن أبيه" وأستكبر وأستبد وفتك وكذب وقتل ورغم كل ما فعل ما يزال يفتقد الرؤيا للخروج من مأزقه الشخصي بعد أن ضاقت الخيارات أمامه ، وتحولت الى خيارين لا ثالث لهما ، فإما حبل "محلي" في ساحة المرجة بدمشق ، أو قفص "دولي " في لاهاي عند أوكامبو .