ومنذ ستة أشهر على الأقل بدأت الجماعة التحضير للانتخابات التي جرت على مدى الأيام العشرة الماضية، لاختيار ممثلي المراكز الفرعية داخل البلاد وخارجها، الذين سيشكلون مجلس الشورى المعني برسم وتنفيذ السياسات لمدة أربع سنوات تبدأ مع مطلع العام 2023.
وينتخب كل مركز لجنة استشارية تنتخب ممثليها في المجلس المكون من ثلاثين عضواً تقريباً، بينهم ثلاثة أعضاء ثابتين باعتبارهم مراقبين سابقين.
توازن التيارات والأجنحة
وحسب التقديرات فإن التوازن فرض نفسه على انتخابات المجلس، إذ لم يتمكن أي من التيارين اللذين يتنافسان على قيادة الجماعة في سوريا من حسم الأمور لصالحه، الأمر الذي سيفرض نفسه على عملية اختيار مراقب عام جديد خلفاً لمحمد حكمت وْلْيد.
والأخير انتخب عام 2014 ولن يكون بإمكانه الترشح مجدداً بسبب شغله المنصب لدورتين متتاليتين، حسب ما يقضي النظام الداخلي، لكن احتمال التجديد له تبقى واردة في حال قرر مجلس الشورى الجديد ذلك.
ورغم أن هذا الخيار سيكون استثنائياً إلا أن فرص اللجوء إليه تبدو متزايدة بالنظر إلى حالة الرضا النسبي التي تسود أوساط الجماعة لأداء قيادتها خلال العامين الماضيين على الأقل، بعد أن تمكنت من إدارة الخلافات واحتواء الاستقطاب الذي طغى على التنظيم في السنوات السابقة.
إلا أن اللجوء لخيار التمديد الاستثنائي له مخاطر بالمقابل، حيث يعتقد البعض أنه قد يفجر الخلافات بين تيارات الجماعة، خاصة وأن أنصار هذا التوجه يريدون قطع الطريق على وصول عامر البوسلامة إلى منصب المراقب العام.
والأخير هو مرشح توافقي أيضاً، دخل المنافسة على المنصب عام 2018 لكنه خسر السباق لصالح وليد، مع الإشارة إلى أن كليهما من خارج كتلتي حلب وحماة المتنافسيتين تقليدياً.
وبينما ينحدر وليد من اللاذقية، فإن البوسلامة من ريف دير الزور، لكن السؤال الذي يطرح نفسه على الجميع حالياً هو ما إذا كانت الكتلتان ستسمحان باستمرار خروج المنصب عنهما، الأمر الذي يفرض مناقشة حظوظ أسماء أخرى بالترشح والفوز به.
طبقات وفئات
طبقات وفئات
وحسب مصادر مطلعة من داخل الجماعة، فإن الاسماء المحتملة تنقسم، إلى جانب تياري المحافظين والإصلاح، إلى ثلاث طبقات بحسب السن والأقدمية، مع التأكيد على أفضلية نسبية لمرشحي الطبقة الثانية.
المصادر التي تحدثت ل"المدن"، أكدت أنه في حال لجأت الجماعة إلى خيار الأقدمية فإن الترشيحات لن تخرج عن ثلاثة اسماء هي:
-الحلبي محمد سالم، الذي يحظى بشهرة واسعة بسبب نشاطه الإعلامي، لكن حظوظه تبقى ضعيفة مع ذلك بسبب رفض الكتلة الحموية لترشحه.
-محمد فاروق طيفور، نائب سابق للمراقب العام، ونائب رئيس المجلس الوطني السوري عام 2012، أحد ممثلي الجناح الحموي وإحدى الشخصيات التنظيمية والسياسية القوية في الجماعة، لكن ما يضعف حظوظه أنه شخصية استقطابية دخل في صراعات مع الجناح الحلبي، كما أنه يعاني وضعاً صحياً في الوقت الحالي.
-أما الاسم الثالث المحتمل ترشيحه عن هذه الفئة العمرية فهو عضو الائتلاف أحمد سيد يوسف، وهو إدلبي محسوب على الجناح الحموي، إلا أن عدم الرضا عن أدائه داخل الائتلاف ودخوله في تجاذبات يقلل من فرصه كذلك.
الطبقة المتوسطة
أبرز مرشحيها هو عامر البوسلامة، مواليد البوكمال بريف دير الزور، وإلى جانب تقلده منصب نائب المراقب العام حالياً، فإن تسلمه ملف العلاقات الاسلامية منحه ميزة إضافية ودعماً معقولاً، إلا أنه وباعتباره من المحسوبين على كتلة الحمويين فإن ذلك قد يعرقل فوزه مجدداً.
ملهم دروبي الذي لمع بريقه مع انطلاقة الثورة السورية وتصدره المشهد الاعلامي والسياسي كممثل عن الاخوان، لكن انخراطه في الاستقطابات الداخلية وإصداره تصريحات مثيرة للجدل أدت إلى تراجع مكانته داخل الجماعة التي ستغامر في حال اختارته كمراقب عام، حسب الكثيرين.
حسام الغضبان وهو من ريف دمشق، شغل في السابق رئاسة مكتب الشباب في الجماعة. خاض انتخابات المراقب العام الماضية لكنه خسر بفارق صوت واحد لصالح وليد الذي عينه نائباً أول له، وقد يكون المرشح الأوفر حظاً بالنظر إلى أنه الشخصية الأقل إثارة للجدل والأبعد عن حالة الاستقطاب.
الطبقة الثالثة
تشمل فئة المرشحين الأصغر سناً الذين يقدمون أنفسهم كإصلاحيين وواجهات جديدة للجماعة يجب أن تأخذ فرصتها في انقاذ التنظيم وتخليصه من المشكلات التي علق بها لعقود.
أبرز هذه الاسماء عمر مشوح، وهو من الميادين بريف دير الزور، هو وجه إعلامي بارز في الجماعة، كما أنه شخصية توافقية لكنه لا يحظى بدعم كاف حتى الآن.
حسان الهاشمي وهو حلبي، مثّل الاخوان في الائتلاف وكان رئيس المكتب السياسي للجماعة، لكنه يؤخذ عليه أنه "ضعيف الشخصية" ومحسوب على كتلة الحلبيين ما يقلل من فرصه لدى الكتلة الأخرى.
سمير ابو اللبن وهو حمصي مقيم في النمسا، انخرط بشكل فاعل في شؤون الجماعة منذ عشر سنوات، وعمل إلى جانب المراقب العام الحالي لكنه محسوب على الصقور الأيديولوجيين.
رغم أن هذه هي أبرز الاسماء المرشحة لقيادة إخوان سوريا، إلا أن البعض لا يستبعد حصول مفاجآت في اللحظات الأخيرة تحسم الاستعصاء، كما حصل عام 2014 عندما جرت إعادة المراقب العام الحالي بعد أن أسس مع زملاء آخرين له حزب "وعد" وانتخب رئيساً للحزب الجديد، الأمر الذي يفرض إبقاء كل الاحتمالات واردة.
-------
المدن
-------
المدن