لقد لعب النظام الورقة الثانية الأخطر بعد ان أفشل الشعب السوري الورقة الأولى في مخطط نظامه للدخول في فتنة طائفية وهو اليوم اذ يزج بالجيش في درعا انما يريد قطع الطريق على اصطفاف الجيش مع الشعب حتى لا يسمع الشعار الذي أسقط مبارك " الجيش والشعب يد واحدة " ومع خطورة هذا الاجراء ما يزال السوريون يراهنون على وعي هذا الجيش قبل أن تتلطخ أيدي جنوده بداء شعبه دفاعا عن نظام ساقط مهما حاول وتحايل .
رمزيا سقطت العائلة الأسدية ومافيا الفساد السورية والدولة الأمنية التي تحميهما مع تحطيم أول تمثال في درعا وإحراق أول صورة للأب في حمص وللإبن في القامشلي لكن بين الواقع والرمز دوما مساحة يأمل السوريون ألا تطول ولن تطول ، فالنظام الذي يعجز عن حماية الصورة سيعجز عن حماية الأصل .
ومن الرمز الى الواقع تبدو مشكلة الرئيس السوري ونظامه بسيطة ومعقدة في آن ، فهو يمتلك أقوى الأجهزة الأمنية في المنطقة وكلها مسلحة حتى أسنانها ولا تعرف الرحمة ، واليها تضاف القوات الخاصة التي جرى نشرها في حلب خلال اليومين الماضيين بعدما جاءت النصائح الأمنية بضرورة بقاء تلك المدينة على الحياد في الصراع الدائر بين الشعب و حكامه الفاسدين لأنها إن إنضمت للمتظاهرين سقط النظام في أيام .
إن بساطة الحل تكمن في إعتقاد من لم يحكم الا بالحديد والنار أن بقدرته الأستمرار بذات الإسلوب ، وربما كان هذا الإعتقاد صحيحا قبل الجمعة العظيمة وسقوط اكثر من مئة ضحية في يوم واحد ، أما بعده ، وبعد ما رآه القامعون حولهم من دروس وعبر ، فقد صارت الأجهزة هي الخائفة والخوف يغزو قياداتها قبل مخبريها الصغار خصوصا بعدما ما رأوه في تونس من إعتقال وزير الداخلية وكبار ضباطه ومحاسبتهم ، وما شاهدوه في مصر من الهجوم على مقرات أمن الدولة وحل ذلك الجهاز الرهيب ومحاكمة كبار ضباطه جنبا الى جنب مع حبيب العادلي .
أما التعقيد فيأتي حين يكتشف الحاكم المستبد إن ما يعتقد انه من عناصر قوته هو في الواقع عنصر ضعف حين يتبدل المشهد ، ففي الماضي وقبل أن يزيح السوريون جدار الخوف بشجاعة منقطعة النظير كان بإمكان أي شرطي أو مخبر صغير أن يفرق مدينة ، أما اليوم ، فيجتمع الأمن العسكري والأمن السياسي والقوات الخاصة وأمن القوات الجوية لإخضاع درعا وحمص وبانياس ويعجزون .
ومن قوة الشعب تدب القوة في السياسيين ، فتبدأ الإستقالات وتتجرأ أحزاب كانت توصف ب " الكرتونية " على مغادرة الجبهة الوطنية التقدمية التي فصلها الأسد الأب على مقاس طموحاته الديمقراطية الهزيلة ليوحي بتلاحم الشعب خلفه من مختلف التيارات ، وفي أثر هؤلاء تبدأ المراجعات داخل البعث نفسه "قائد الدولة والمجتمع " الذي يفيق على حقيقة يعرفها ويتجاهلها ليكتشف إنه مجرد لافتة لحماية كل تلك الآثام والشرور .
ومع توضح الصورة أمام حاكم لا يثق الا بالولاء المطلق يكتشف الأسد أن الموالين ينفضون عنه كل بطريقته في وقت الأزمات ، وإن من كانوا يرونه دوما على حق بدأ يداخلهم الشك بقوته وبقدرته على التحكم ، وفي هذه الأخيرة كان بشار الأسد على الدوام مشكوكا بقدرته على إتخاذ القرار وعلى تنفيذه حين يتخذه فقد أصدر خلال حكمه العشري مئات المراسيم التي لم ينفذ الا أقل من ربعها ، لماذا ..؟ لأنه نظريا هو الحاكم في نظام رئاسي يعطيه صلاحيات لم يحلم بها نيرون أما عمليا ، فهو أسد من ورق محكوم بأسرة صغيرة جشعة لا تريد أن تترك شيئا لأحد مكونة من خاله محمد مخلوف وولديه رامي المتحكم بالاقتصاد ، وحافظ المتحكم بالأمن .
ويضاف الى هؤلاء أولا العمة ذو الهمة شاليش رئيس المراسم وأخيه رياض عراب الإسكان العسكري ثم أبن الخالة عاطف نجيب وبعض المهملين من الاقارب البعيدين دون نسيان الشقيق ماهر الذي يقود الحرس الجمهوري ، ويشرف على أكثر من فرقة ومهمة أمنية في وقت عزت فيه الثقة بالاقربين فما بالك بالأبعدين ، وفي وقت الأزمات الكبرى بالكاد يثق الانسان المتورط بنفسه فما بالك بحكمة قائد أضاع كل ما اتيح له من فرص – وهي كثيرة " ليصلح ما أفسده أبوه .
ومع محاولة إدخال الجيش في السياسة واستخدامه لقمع المتظاهرين ستتغير المواقف داخل القيادات الاستخبارية التي تدرك ان تمردا ما سيأتي من جهة لا ترضيها التطورات الاخيرة وستنخفض الثقة بالرئيس قائد الجيش والقوات المسلحة الى الصفر وسيبادل الرئيس قياداته شكا بشك مما يزيد في حجم التخبط الموجود سلفا .
وفي هكذا مناخ يصبح السيناريو المرجح لمن لا يريد خرابا عاما للبلاد على النمط الليبي هو انقلاب داخلي يضع آل الأسد ومخلوف خارج السلطة ولا شك ان الرئيس السوري يحدق في وجوه من حوله وهو يتساءل من سيبيعه اولا من رجال استخباراته لينقذ نفسه هل هو علي المملوك الذي لا يخلص لغير حافظ مخلوف ، أم محمد ناصيف الذي وضعه عينا على الشرع ومن مكتب نائب الرئيس توسعت طموحاته ، أم تراه هشام بختيار الذي يمكن أن يخونه أولا إن تعزز حلفه مع آصف شوكت .
والأسئلة من هذا النمط كثيرة وهي متروكة لرئيس خذل شعبه وستخذله ادوات قمعه لتنقذ نفسها أما الشعب السوري فلن يتراجع بعد كل هذه التضحيات و هو سائر بلا تردد الى هدفه الأسمى في الحرية والكرامة وكما قال شيخ الحقوقيين السوريين هيثم المالح فان المرحلة الحالية لابد أن تنتهي بأحد امرين "اما سقوط الشعب او سقوط النظام " وقد سمعنا عن سقوط مئات الأنظمة لكن التاريخ لم يسجل يوما أن شعبا ثار من أجل الحرية وعاد خالي الوفاض .
رمزيا سقطت العائلة الأسدية ومافيا الفساد السورية والدولة الأمنية التي تحميهما مع تحطيم أول تمثال في درعا وإحراق أول صورة للأب في حمص وللإبن في القامشلي لكن بين الواقع والرمز دوما مساحة يأمل السوريون ألا تطول ولن تطول ، فالنظام الذي يعجز عن حماية الصورة سيعجز عن حماية الأصل .
ومن الرمز الى الواقع تبدو مشكلة الرئيس السوري ونظامه بسيطة ومعقدة في آن ، فهو يمتلك أقوى الأجهزة الأمنية في المنطقة وكلها مسلحة حتى أسنانها ولا تعرف الرحمة ، واليها تضاف القوات الخاصة التي جرى نشرها في حلب خلال اليومين الماضيين بعدما جاءت النصائح الأمنية بضرورة بقاء تلك المدينة على الحياد في الصراع الدائر بين الشعب و حكامه الفاسدين لأنها إن إنضمت للمتظاهرين سقط النظام في أيام .
إن بساطة الحل تكمن في إعتقاد من لم يحكم الا بالحديد والنار أن بقدرته الأستمرار بذات الإسلوب ، وربما كان هذا الإعتقاد صحيحا قبل الجمعة العظيمة وسقوط اكثر من مئة ضحية في يوم واحد ، أما بعده ، وبعد ما رآه القامعون حولهم من دروس وعبر ، فقد صارت الأجهزة هي الخائفة والخوف يغزو قياداتها قبل مخبريها الصغار خصوصا بعدما ما رأوه في تونس من إعتقال وزير الداخلية وكبار ضباطه ومحاسبتهم ، وما شاهدوه في مصر من الهجوم على مقرات أمن الدولة وحل ذلك الجهاز الرهيب ومحاكمة كبار ضباطه جنبا الى جنب مع حبيب العادلي .
أما التعقيد فيأتي حين يكتشف الحاكم المستبد إن ما يعتقد انه من عناصر قوته هو في الواقع عنصر ضعف حين يتبدل المشهد ، ففي الماضي وقبل أن يزيح السوريون جدار الخوف بشجاعة منقطعة النظير كان بإمكان أي شرطي أو مخبر صغير أن يفرق مدينة ، أما اليوم ، فيجتمع الأمن العسكري والأمن السياسي والقوات الخاصة وأمن القوات الجوية لإخضاع درعا وحمص وبانياس ويعجزون .
ومن قوة الشعب تدب القوة في السياسيين ، فتبدأ الإستقالات وتتجرأ أحزاب كانت توصف ب " الكرتونية " على مغادرة الجبهة الوطنية التقدمية التي فصلها الأسد الأب على مقاس طموحاته الديمقراطية الهزيلة ليوحي بتلاحم الشعب خلفه من مختلف التيارات ، وفي أثر هؤلاء تبدأ المراجعات داخل البعث نفسه "قائد الدولة والمجتمع " الذي يفيق على حقيقة يعرفها ويتجاهلها ليكتشف إنه مجرد لافتة لحماية كل تلك الآثام والشرور .
ومع توضح الصورة أمام حاكم لا يثق الا بالولاء المطلق يكتشف الأسد أن الموالين ينفضون عنه كل بطريقته في وقت الأزمات ، وإن من كانوا يرونه دوما على حق بدأ يداخلهم الشك بقوته وبقدرته على التحكم ، وفي هذه الأخيرة كان بشار الأسد على الدوام مشكوكا بقدرته على إتخاذ القرار وعلى تنفيذه حين يتخذه فقد أصدر خلال حكمه العشري مئات المراسيم التي لم ينفذ الا أقل من ربعها ، لماذا ..؟ لأنه نظريا هو الحاكم في نظام رئاسي يعطيه صلاحيات لم يحلم بها نيرون أما عمليا ، فهو أسد من ورق محكوم بأسرة صغيرة جشعة لا تريد أن تترك شيئا لأحد مكونة من خاله محمد مخلوف وولديه رامي المتحكم بالاقتصاد ، وحافظ المتحكم بالأمن .
ويضاف الى هؤلاء أولا العمة ذو الهمة شاليش رئيس المراسم وأخيه رياض عراب الإسكان العسكري ثم أبن الخالة عاطف نجيب وبعض المهملين من الاقارب البعيدين دون نسيان الشقيق ماهر الذي يقود الحرس الجمهوري ، ويشرف على أكثر من فرقة ومهمة أمنية في وقت عزت فيه الثقة بالاقربين فما بالك بالأبعدين ، وفي وقت الأزمات الكبرى بالكاد يثق الانسان المتورط بنفسه فما بالك بحكمة قائد أضاع كل ما اتيح له من فرص – وهي كثيرة " ليصلح ما أفسده أبوه .
ومع محاولة إدخال الجيش في السياسة واستخدامه لقمع المتظاهرين ستتغير المواقف داخل القيادات الاستخبارية التي تدرك ان تمردا ما سيأتي من جهة لا ترضيها التطورات الاخيرة وستنخفض الثقة بالرئيس قائد الجيش والقوات المسلحة الى الصفر وسيبادل الرئيس قياداته شكا بشك مما يزيد في حجم التخبط الموجود سلفا .
وفي هكذا مناخ يصبح السيناريو المرجح لمن لا يريد خرابا عاما للبلاد على النمط الليبي هو انقلاب داخلي يضع آل الأسد ومخلوف خارج السلطة ولا شك ان الرئيس السوري يحدق في وجوه من حوله وهو يتساءل من سيبيعه اولا من رجال استخباراته لينقذ نفسه هل هو علي المملوك الذي لا يخلص لغير حافظ مخلوف ، أم محمد ناصيف الذي وضعه عينا على الشرع ومن مكتب نائب الرئيس توسعت طموحاته ، أم تراه هشام بختيار الذي يمكن أن يخونه أولا إن تعزز حلفه مع آصف شوكت .
والأسئلة من هذا النمط كثيرة وهي متروكة لرئيس خذل شعبه وستخذله ادوات قمعه لتنقذ نفسها أما الشعب السوري فلن يتراجع بعد كل هذه التضحيات و هو سائر بلا تردد الى هدفه الأسمى في الحرية والكرامة وكما قال شيخ الحقوقيين السوريين هيثم المالح فان المرحلة الحالية لابد أن تنتهي بأحد امرين "اما سقوط الشعب او سقوط النظام " وقد سمعنا عن سقوط مئات الأنظمة لكن التاريخ لم يسجل يوما أن شعبا ثار من أجل الحرية وعاد خالي الوفاض .