- على الرغم من توقيع الأسد اتفاقية فصل القوات في الجولان 1974 التي جمّدت الصراع على الجبهة السورية، فإنه نقل المواجهة مع إسرائيل إلى حرب بالوكالة على الجبهة اللبنانية، وذلك لخدمة شعاراته بمقاومة إسرائيل وتحمّله أعباء القضية الفلسطينية، وفي حين شكّلَ جبهة الصمود والتصدي لمواجهة تفرد السادات بالحل مع إسرائيل في كامب ديفيد 1979، فقد اصطف إلى جانب إيران في حربها على العراق، فاتحًا الطريق أمام تنامي تحالفٍ سوريٍ إيرانيٍ، ترك بعد عقود تأثيرًا كارثيًا من حالة عدم الاستقرار والصراعات في المنطقة العربية شرق المتوسط.
- يُنسب إلى الأسد الأب أنه استطاع تثبيت حالة استقرار سياسي في سورية، بعد صراعات مع القوى السياسية المناوئة للبعث منذ وصوله إلى السلطة، وكذلك حسم الصراعات داخل البعث لصالحه، لكن هذا الاستقرار طالما كان استقرارًا ظاهريًا، تعرّيه المواجهات التي اندلعت في محطات متناوبة من تاريخ سورية في ظل البعث، بالقدر ذاته الذي يعريه فيه تضخم دور القوى الأمنية وأجهزة الضبط الأخرى، للسيطرة على واقع لم يشهد استقرارًا حقيقيًا منذ استقلال سورية، لأسباب داخلية وأخرى تتعلق بالصراعات الدولية على المنطقة.
- لم يكن من السهل القبض على أفكار الأسد أو توقع تصرفاته حيال كل موقف، نظرًا إلى براغماتيته الطاغية فقد كان بارعًا في إخفاء نياته، ولم تك هناك صلة بين ما يقول وما يمارس، لكنه كان حريصًا كل الحرص على بناء موثوقية له لدى الدول الغربية الفاعلة بما يؤسس للدور الذي كان يطمح إليه، بالقدر الذي لم تستهويه فيه سياسة حافة الهاوية، خشية أن يهدم ما بناه في الداخل أولًا وفي الخارج تاليًا، إذا لم تتطابق تقديراته للموقف مع تطورات الأحداث، لكنه مع مطلع الثمانينيات واستتباب سلطته، تفرغ لبناء هالة كاريزمية حول شخصيته، وصلت إلى حد القدسية، بحيث باتت معيارًا لمواقفه ممن يتعاملون معه في الداخل أو الخارج، لا يتساهل فيها أبدًا.
- لقد بنى الأسد سياسته على مجموعة من الأسس، وثَبتَ عليها طوال المرحلة التي حكم فيها سورية، ومنها المراهنة على عامل الوقت، والقدرة على التكيف مع المتغيرات، والقدرة على قراءة التحولات واقتناص الفرص، وإجادة المناورة وعدم التفريط بأوراق الضغط التي راكمها، ولعل الأخطر هو إجازة اللعب في ساحات الآخرين، وابتزازهم بالمساعدات المالية أو المواقف السياسية التي تخدمه.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل